مفتي الجمهورية: لا تعارض بين الإسلام والعلم.. والدين بدأ دعوته بالأمر بالقراءة
تاريخ النشر: 21st, March 2025 GMT
أكَّد الدكتور نظير عياد، مفتي الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم، أن الإسلام والعلم لا يتعارضان، بل بينهما تكامل وتعاون، مشيرًا إلى أن الشريعة الإسلامية لم تكن في يوم من الأيام عائقًا أمام التطور العلمي، بل كانت حافزًا إلى الاكتشاف والابتكار.
وتناول فضيلته خلال تصريحات تلفزيونية اليوم، الجمعة، قضية طالما أُثيرت في الأوساط الفكرية، وهي: "هل العلاقة بين الإسلام والعلم علاقة تعارض أم علاقة تكامل؟".
وأوضح مفتي الجمهورية، أن البعض قد يظن بوجود فجوة بين الدين والعلم، وكأنهما مجالان متناقضان، في حين أن النظرة المتأملة في النصوص الشرعية والمواقف التاريخية للمسلمين تؤكد أن الإسلام قد وضع العلم في مرتبة عالية، ودعا إليه منذ أول لحظة، حيث كانت أول آية نزلت على النبي صلى الله عليه وسلم هي: "اقرأ" [العلق: 1]، وهو ما يدل على أن الإسلام بدأ دعوته بالأمر بالعلم والمعرفة.
وأشار فضيلته إلى أن الإسلام جعل طلب العلم عبادة، ورفع من شأن العلماء، كما في قوله تعالى: {يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ} [المجادلة: 11]، وقول النبي صلى الله عليه وسلم: "من سلك طريقًا يلتمس فيه علمًا، سهَّل الله له به طريقًا إلى الجنة".
وأضاف أن القرآن الكريم لم يكتفِ بالدعوة إلى العلم، بل وجَّه الإنسان إلى النظر والتأمل في آيات الكون، وجعل من البحث في خلق السماوات والأرض وسيلة لتعميق الإيمان بالله، كما في قوله تعالى: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ} [آل عمران: 190].
وبيَّن مفتي الجمهورية أن علماء المسلمين عبر التاريخ لم يروا تعارضًا بين الإسلام والعلم، بل كانوا روادًا في مختلف العلوم، فالإمام الغزالي في كتابه إحياء علوم الدين فرَّق بين العلوم الدينية والطبيعية، واعتبر أنَّ العلوم الطبيعية إذا قُصد بها الخير فإنها من جملة العبادات، كما أكد ابن رشد أن الفلسفة لا تتعارض مع الشريعة، وقال: "الحكمة والشريعة أختان، لأن الحق لا يضاد الحق بل يوافقه ويشهد له".
واستعرض فضيلته نماذج من علماء المسلمين الذين أسهموا في النهضة العلمية، مثل ابن الهيثم مؤسس علم البصريات وصاحب المنهج التجريبي، والخوارزمي واضع أسس علم الجبر، مؤكدًا أن الإسلام لم يكن عائقًا أمام هذه العلوم، بل كان باعثًا لها.
تسمية الأطفال بـ عبد النبي وعبد الرسول.. ماذا قال عنها مفتي الجمهورية؟
مفتي الجمهورية: الصيام يساعد الإنسان على التحلي بمزيد من الصبر والرضا
مفتي الجمهورية: خلق الحِلْم من أعظم الأخلاق التي دعا إليها الإسلام وحث عليها النبي الكريم
مفتي الجمهورية: شهر رمضان أشبه بكورس تدريبي على العفو وضبط النفس
وفي إجابته عن سؤال حول ما إذا كان هناك تعارض بين الإسلام والاكتشافات العلمية الحديثة، أوضح مفتي الجمهورية أنه يجب التمييز بين الحقيقة العلمية والنظرية العلمية، فالحقيقة العلمية هي ما ثبت بدليل قاطع وتجربة يقينية، وهذه لا يتعارض معها الإسلام، بل نجد إشارات قرآنية توافق كثيرًا منها، مثل ما ورد بشأن مراحل تطور الجنين في قوله تعالى: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ (12) ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ (13) ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ} [المؤمنون: 12 - 14].
أما النظريات العلمية، فهي قابلة للتغيير والتبديل، وبالتالي لا يصح أن يُبنى على تعارضها مع النصوص الدينية حكم قاطع. وأشار إلى أن كثيرًا من مظاهر التعارض المزعومة ترجع إلى تفسيرات خاطئة للنصوص، لا إلى النصوص نفسها، فغالبًا ما يكون الإشكال في الفهم البشري وليس في الدين.
وتطرق فضيلته إلى أسباب شيوع فكرة التعارض بين الإسلام والعلم، مشيرًا إلى أن من أبرزها تأثر بعض المفكرين المسلمين بالصراع التاريخي بين بعض رجال الدين والعلماء في أوروبا.
وكذلك الجهل بحقيقة الإسلام، وغياب الاجتهاد الديني المعاصر في بعض القضايا العلمية الحديثة، مما يترك فراغًا تستغله التيارات المشككة.
وأكد مفتي الجمهورية أن تحقيق التكامل بين الإسلام والعلم في الواقع المعاصر يتطلب عدة خطوات، أبرزها: إحياء ثقافة العلم في المجتمعات الإسلامية، وتعزيز البحث العلمي في إطار القيم الإسلامية، وتشجيع الاجتهاد في القضايا العلمية المستجدة، مثل: الذكاء الاصطناعي وأخلاقيات الهندسة الوراثية، إلى جانب بناء جسور الحوار والتعاون بين العلماء الشرعيين والعلماء الطبيعيين، حتى لا تكون هناك فجوة بين الفقه والعلم، بل تكامل وتعاون يخدم الإنسان والمجتمع.
وختم فضيلته حديثه بالتأكيد على أن المسلم الحقيقي هو الذي يجمع بين العلم والإيمان، فلا يرى في العلم تهديدًا لدينه، ولا في الدين عائقًا أمام تقدمه الفكري، داعيًا الله تعالى أن يجعلنا من أهل العلم النافع، وأن يعيد للأمة الإسلامية مكانتها العلمية والحضارية.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: الدكتور نظير عياد مفتي الجمهورية الإفتاء الإسلام والعلم المزيد مفتی الجمهوریة خ ل ق ن ا ال أن الإسلام إلى أن
إقرأ أيضاً:
حرب الاستنزاف المكلفة.. إيران تخسر قادتها ونخبها العلمية وإسرائيل تنزف مالياً واقتصادياً
تواصل إسرائيل وإيران استعراض قدرتهما على الصمود، رغم الخسائر المتصاعدة على الجانبين منذ اندلاع المواجهات في 13 يونيو، ففي الوقت الذي أعلنت فيه طهران، اليوم الجمعة، أن مخزونها القتالي كافٍ لعدة سنوات، لمّح الجيش الإسرائيلي إلى أن الصراع قد يمتد لفترة طويلة، ما يعزز التوقعات بتحول الحرب إلى معركة استنزاف شاملة، لكن خلف التصريحات، تكشف الأرقام واقعاً مختلفاً… كلفة يومية مرهقة، وبُنى تحتية متضررة، وخسائر بشرية وعسكرية غير مسبوقة.
إسرائيل: ملايين الدولارات تحترق في السماء
تشير التقديرات إلى أن تكلفة الحرب اليومية لإسرائيل تتجاوز 200 مليون دولار، يذهب معظمها إلى تشغيل أنظمة الدفاع الجوي المتطورة التي تواجه وابلاً من الصواريخ والمسيرات الإيرانية.
فقد أطلقت إيران أكثر من 450 صاروخًا باليستيًا خلال الأيام الماضية، دفعت إسرائيل إلى استنفار أنظمة مثل “مقلاع داوود” و”أرو 3″، بكلفة تصل إلى 4 ملايين دولار لكل اعتراض.
نظام مقلاع داوود يكلف حوالي 700 ألف دولار لاعتراض واحد باستخدام صاروخين. نظام أرو 3 المضاد للصواريخ الباليستية يتطلب 4 ملايين دولار لكل صاروخ دفاعي. حتى النسخة القديمة أرو 2 تكلّف 3 ملايين دولار للاعتراض الواحد.وتضاعفت التكلفة مع إبقاء عشرات الطائرات الحربية من طراز إف-35 في الجو لفترات طويلة، على مسافات تتجاوز 1000 كيلومتر من الأراضي الإسرائيلية، وتبلغ تكلفة الطيران لكل طائرة حوالي 10 آلاف دولار في الساعة، دون احتساب الذخيرة والوقود.
دمار واسع في الداخل الإسرائيلي
وإلى جانب النفقات الدفاعية، تكبدت إسرائيل خسائر مادية هائلة، مع تضرر البنى التحتية في مدن كبرى مثل تل أبيب وحيفا وبئر السبع، وتُقدّر كلفة إصلاح الأضرار حتى الآن بـ400 مليون دولار، بحسب “وول ستريت جورنال”.
ورغم قدرة الاقتصاد الإسرائيلي على تحمل صراعات قصيرة، حذرت كارنيت فلوغ، المحافظة السابقة لمصرف إسرائيل المركزي، من أن “المدة الزمنية للحرب ستكون العامل الحاسم في حجم الأثر الاقتصادي”.
وتوقعت فلوغ أن تبلغ كلفة الحرب في حال استمرارها شهراً كاملاً نحو 12 مليار دولار.
إيران: صواريخ باهظة ودماء كثيرة
في الجانب الإيراني، تبدو الخسائر مركّبة، فبجانب التكاليف المادية المرتفعة لإطلاق مئات الصواريخ والمسيرات، تكبّدت طهران خسائر بشرية فادحة.
أطلقت إيران وفق تقديرات إسرائيلية ما يزيد عن 450 صاروخًا باليستيًا وأكثر من 200 مسيّرة، تتراوح تكلفة الواحد منها بين مئات الآلاف إلى مليون دولار، لا سيما الصواريخ الحديثة مثل “عماد” و”خيبر” و”فاتح-1″**.
لكن الثمن الأكبر دفعته إيران على مستوى القيادات العسكرية والعلمية:
مقتل أكثر من 600 شخص، وإصابة 2800 آخرين، بينهم أكثر من 30 قائدًا عسكريًا رفيعًا، أبرزهم: رئيس الأركان محمد حسين باقري قائد الحرس الثوري حسين سلامي قائد مقر “خاتم الأنبياء” علي شادماني اغتيال أكثر من 10 علماء نوويين، في ما وصفته طهران بـ”ضربات استراتيجية مؤلمة”.ووسط الصدمة الإيرانية، أكدت وزارة الصحة، اليوم الجمعة، أن 2000 مصاب غادروا المستشفيات بعد العلاج، بينما تبقى 800 حالة تحت المراقبة.
نهاية مفتوحة: لا رابح حتى الآن
في ظل استمرار الضربات المتبادلة وتصعيد الخطاب العسكري، يبدو أن الكلفة تتجاوز الحسابات المالية، لتلامس البنية السياسية والاستراتيجية للطرفين.
ومع غياب أي مؤشرات حقيقية على وقف إطلاق النار، تلوح في الأفق حرب استنزاف قد تعيد تشكيل ميزان القوى في الشرق الأوسط، وتُحدث تغييرات جذرية في الحسابات الاقتصادية والعسكرية للمنطقة بأسرها.
إيران: مسيرات حاشدة في “جمعة الغضب” تنديدًا بالهجمات الإسرائيلية وتصعيد ميداني متواصل
شهدت العاصمة الإيرانية طهران وعددًا من المدن، اليوم الجمعة، مسيرات شعبية حاشدة تحت شعار “جمعة الغضب والنصر”، احتجاجًا على الضربات العسكرية الإسرائيلية التي طالت مواقع في البلاد خلال الأيام الماضية.
وأفادت وكالة “مهر” للأنباء أن المسيرات انطلقت عقب صلاة الجمعة في مختلف أنحاء إيران، وسط مشاركة جماهيرية لافتة، حيث رُفعت شعارات منددة بـ”العدوان الإسرائيلي” وداعية إلى الرد الحازم.
وشهدت مدن عدة مثل مشهد، وبوشهر، وبيرجند، ودير مظاهرات مماثلة، وسط أجواء مشحونة بالتوتر الشعبي والغضب السياسي من تصاعد الهجمات، وفق ما نقلته أيضًا وكالة “إرنا” الرسمية.
في الأثناء، دخلت الحرب الإيرانية الإسرائيلية يومها الثامن، في ظل ترقب دولي متزايد للموقف الأميركي، خاصة بعد إعلان الرئيس دونالد ترامب أنه لم يتخذ بعد قرارًا نهائيًا بشأن التدخل المباشر في دعم إسرائيل، مفضّلًا، بحسب تصريحه، “اتخاذ القرارات في اللحظات الأخيرة”.
ميدانيًا، أعلن الحرس الثوري الإيراني تنفيذ موجة جديدة من الهجمات الصاروخية والمسيّرة على مواقع عسكرية داخل إسرائيل، استهدفت إحداها منطقة بئر السبع جنوبي البلاد، ما أسفر عن عشرات الإصابات وأضرار جسيمة في المباني.
واعترف الجيش الإسرائيلي بأن الهجوم الإيراني استخدم صاروخًا متعدد الرؤوس الحربية، واصفًا الأمر بـ”التحدي الجديد والخطير” لمنظومات الدفاع الجوي الإسرائيلية.
يأتي هذا التصعيد المتبادل وسط تحذيرات دولية من اتساع رقعة النزاع، وقلق متزايد من تحوّله إلى حرب إقليمية شاملة يصعب احتواؤها.
إسرائيل تكشف عن منظومة “باراك” الدفاعية الجديدة وتستخدمها لأول مرة لاعتراض طائرة مسيّرة (فيديو)
أعلن الجيش الإسرائيلي عن أول استخدام عملي لمنظومة الدفاع الجوي الجديدة “باراك” (البرق)، وذلك في عملية اعتراض ناجحة لطائرة مسيّرة اخترقت الأجواء الإسرائيلية، وفق بيان رسمي صدر الجمعة.
ورافق الإعلان مقطع فيديو وثّق لحظة اعتراض الطائرة، في ما وصفه الجيش بأنه دليل على جاهزية المنظومة الجديدة التي طُورت محلياً لتعزيز قدرات الدفاع الجوي في مواجهة التهديدات المتزايدة.
وأوضح البيان أن الطائرة المسيّرة تم رصدها واعتراضها في وقت سابق من اليوم، باستخدام منظومة “باراك” التي صُممت للتعامل مع مجموعة متنوعة من التهديدات الجوية، بما في ذلك الطائرات دون طيار والصواريخ.
وأكد الجيش الإسرائيلي استمرار سلاح الجو في تنفيذ عملياته الدفاعية الرامية إلى حماية المجال الجوي الإسرائيلي والحفاظ على ما وصفه بـ”التفوق الجوي” في المنطقة.