مارس 21, 2025آخر تحديث: مارس 21, 2025

محمد الربيعي

بروفسور متمرس ومستشار تربوي

الغباء والجهل… كلمتان تسببان دمار الأمم، ليس فقط في اضعاف بنيانها الحضاري، بل في تفتيت روحها الجماعية. في العراق، تحولا الى سلاح فتاك بيد السياسيين، سلاح لا يطلق رصاصا، بل يزرع الشكوك والاوهام في عقول الناس، ويحولهم الى ادوات طيعة في ايدي الفاسدين.

فهل نملك الشجاعة لمواجهتهما؟ هل نملك القدرة على التمييز بين حقيقة مزيفة وشعار كاذب؟ هل نملك الارادة للتحرر من قيود الجهل والغباء، لنبني بلدا يليق بتضحيات اهله؟

الجهل، ببساطة، هو نقص في المعرفة. يعني أنك لا تعلم شيئا معينا. على سبيل المثال، إذا كنت تجهل كيفية عمل الكهرباء او اتمام معاملة في دائرة حكومية، فذلك ليس عيبا، بل هو جهل. ويمكن التغلب عليه بسهولة عن طريق السؤال والقراءة والتعلم. العراق يزخر بأناس طيبين، إذا سألتهم، سيقدمون لك العون.

لكن الجهل يتجاوز حدود الامور التقنية او الادارية. نرى جهلا واسعا بالحقوق المدنية والقانونية، حيث يجهل الكثيرون حقوقهم في الحصول على الخدمات الاساسية، او في رفع دعاوى قضائية ضد الفساد، او المطالبة بالحقوق. يتجلى الجهل ايضا في انتشار الخرافات والاساطير التي تعيق التفكير العقلي، مثل تصديق الشائعات التي تروج لها وسائل الاعلام المغرضة، او الايمان بافكار متطرفة تدعو الى الطائفية والعنف والكراهية.

اما الغباء فهو افة مختلفة تماما، افة تفتك بالعقول وتدمر المجتمعات.

الغباء ليس مجرد نقص في المعرفة، بل هو اختيار متعمد للخطأ على الرغم من وضوح الصواب. انه ان ترى بأم عينيك كيف ينهب الساسة وقادة البلاد اموالك، كيف تتدهور الخدمات الاساسية، كيف يتفشى الفساد في كل زاوية، ثم تعود وتنتخبهم مرة اخرى، متجاهلا كل الوعود الكاذبة التي سمعتها منهم في الانتخابات السابقة.

الغباء هو ان تصدق الشائعات والاكاذيب التي تروج لها وسائل الاعلام المغرضة، بدلا من البحث عن الحقيقة والتحقق من المعلومات. هو ان تنجرف وراء الخطابات الطائفية والعنصرية التي تزرع الفتنة بين ابناء الوطن الواحد، بدلا من التمسك بالوحدة الوطنية والتعايش السلمي. هو ان تتجاهل معاناة الفقراء والمحتاجين، وتكتفي بالتفرج على مظاهر البذخ والترف التي يعيشها الساسة الفاسدون. والغباء ان ترى كيف ينهب الفاسدون ثروات البلاد، بينما تعيش انت في فقر مدقع، ومع ذلك، لا تتحرك بشكل جماعي لوقف هذا الظلم.

يتقن الساسة في العراق استغلال الجهل والغباء. يرهبون الناس بالطائفية، ويشترون ذممهم بالمال، ويوزعون الوعود الكاذبة. والناس، للاسف، يصدقونهم. لماذا؟ لان كثيرا من الناس لا يفكرون بعقولهم بشكل منطقي.

الحل، ليس مجرد كلمات ترددها الالسن، بل هو ثورة داخلية، انتفاضة عقلية، زلزال يزلزل اركان الجهل والغباء.

الحل يكمن في العلم والمعرفة، في تحويل كل بيت الى مدرسة، وكل شارع الى جامعة، وكل مقهى الى منتدى فكري.

علينا ان نتعلم، ليس فقط من الكتب والمناهج، بل من تجاربنا، من اخطائنا، من قصص نجاح الاخرين.

علينا ان نغرس في ابنائنا حب المعرفة، شغف الاكتشاف، روح التساؤل والشك.

علينا ان نعلمهم كيف يفكرون، لا ماذا يفكرون.

علينا ان نقرا، ليس فقط الصحف والمجلات، بل التاريخ والفلسفة والادب.

علينا ان نفهم العالم من حولنا، ان نحلل الاحداث، ان نميز بين الحقيقة والزيف.

علينا ان نكون قادة التغيير، لا مجرد متفرجين.

علينا الا نصدق اي كلام نسمعه، بل ان نفكر بعقولنا، ان نتحقق من المعلومات، ان نسأل عن المصادر.

علينا ان نكون نقادا، لا مجرد مقلدين.

علينا ان نختار قادتنا بعناية، ليس بناء على وعودهم الكاذبة، بل بناء على افعالهم وانجازاتهم.

علينا ان نختار اناسا نزيهين وشرفاء، اناسا يحبون وطنهم، اناسا يعملون لمصلحة العراق، لا لمصالحهم الشخصية او مصالح جهات خارجية.

علينا ان نكون نحن التغيير الذي نريد ان نراه في العالم.

علينا ان نكون نحن الامل الذي ينير دروبنا المظلمة.

علينا ان نكون نحن العراق الجديد، العراق الذي يليق بتضحيات اهله، العراق الذي يستحق ان يعيش فيه ابناؤه بكرامة وحرية وعدالة.

 

المصدر: وكالة الصحافة المستقلة

كلمات دلالية: علینا ان نکون

إقرأ أيضاً:

أنشيلوتي: أبواب ريال مدريد مفتوحة أمام ألونسو

مدريد (أ ف ب) 

 

أخبار ذات صلة فليك: برشلونة يترك «خيبة الأمل» من أجل ريال مدريد! سحابة سامة تجبر 160 ألف شخص البقاء في منازلهم بإسبانيا

أكد الإيطالي كارلو أنشيلوتي أن «كل الأبواب مفتوحة» أمام شابي ألونسو لخلافته المحتملة في الجهاز الفني لريال مدريد حامل لقب الدوري الإسباني لكرة القدم.
ومن المتوقع أن يغادر أنشيلوتي ريال مدريد في نهاية الموسم الحالي، وسط تقارير إعلامية إسبانية تشير إلى أن مواطنها لاعب وسط «لوس بلانكوس» السابق، ألونسو، سيتولى المهمة الموسم المقبل.
وكان ألونسو (43 عاماً) أعلن أنه سيغادر باير ليفركوزن في نهاية الموسم الجاري.
وقال أنشيلوتي في مؤتمر صحفي «قرأت أنه سيغادر باير ليفركوزن، حيث قدم عملاً رائعاً».
وأضاف «كل الأبواب مفتوحة أمامه لأنه أظهر أنه أحد أفضل المدربين في العالم».
ويمتلك أنشيلوتي سنة إضافية في عقده مع ريال مدريد، لكنه أوضح أنه سيكشف عن مستقبله بعد نهاية الموسم في ظل تقارير تربطه بتدريب المنتخب البرازيلي.
وكان ألونسو قاد ليفركوزن إلى تحقيق ثنائية الدوري والكأس دون هزيمة في موسم 2023-2024، بينما فاز ريال مدريد تحت قيادة أنشيلوتي بلقبي الدوري الإسباني ودوري أبطال أوروبا.
ولا يزال ريال الذي فقد لقبه في مسابقة دوري الأبطال، يقاتل على لقب الدوري، وسيحل ضيفاً على غريمه برشلونة الأحد في كلاسيكو حاسم.
وقال أنشيلوتي إن فريقه قادر على تحقيق الفوز على الكاتالونيين للمرة الأولى في أربع مواجهات هذا الموسم.
وأضاف «نحن متحمسون ومتحفزون ولدينا الكثير لنلعب من أجله في هذه المباراة، ونثق في قدرتنا على الفوز».
وتابع المدرب المخضرم «كانت المباريات الأخيرة أمام برشلونة صعبة ومعقدة، لكن المباراة الأخيرة (في نهائي الكأس) منحتنا الثقة في إمكانية الانتصار غداً».
وكان برشلونة حقق انتصارات سهلة على ريال مدريد في الدوري وكأس السوبر، قبل أن يهزمه 3-2 بعد التمديد في نهائي كأس إسبانيا في أبريل الماضي.

مقالات مشابهة

  • استمتع بمشاهدة الوثائقيات.. تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك نايل سات 2025
  • خور عبد الله: بين الجغرافيا والسيادة والخذلان السياسي
  • ماذا بعد سقوط الهيبة الأمريكية؟
  • أنشيلوتي: أبواب ريال مدريد مفتوحة أمام ألونسو
  • طنِّش تعِش!
  • الخارجية: القنصلية العامة للسودان بدبي ستظل مفتوحة
  • محمد موسى: منصات التواصل الاجتماعي تحوّلت إلى ملاه ليلية مفتوحة
  • سـوق مطـرح.. ذاكـرة تُسـرق علـى مـرأى المدينـة
  • جنرال إسرائيلي: التهديدات من جهة سوريا تغيرت وبالتالي علينا أن نتغير
  • أهالي المدينة يستقبلون وفد الحجاج الإسبان بـ طلع البدر علينا .. فيديو