تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

تيقَّنت بعد قراءتي لكتاب  المفكر الكبير عباس محمود العقاد “عبقرية محمد”، أن هذا المفكر العملاق ازداد حبا لرسول الله صلى الله عليه وسلم سيدنا محمد  بعد كتابته لهذا المؤلف الهام، ليس لأن قرأ بفهم فى سيرة النبي الكريم أو فكر بعمق او لأن مشاعره راقية وحسه بديع، ولكن  حبه لشخصية خير خلق الله أجمعين كان حبا من مفكر دارس وباحث مدقق،  وسجل ذلك فى كثير فى فصول كتابه إعجابا وتقديرا، فمثلا عندما أراد أن يتكلم عنه كرجل عظيم،لَهِج بمداد حب وبكلمات صادقة ورؤية صائبة فقال:

‫ عاش في العصور الماضية كثير من العظماء الذين تواترت الأنباء بأوصافهم السماعية، وأوصافهم المرسومة في الصور والتماثيل، غير أننا لا نعرف أحدا من هؤلاء العظماء تمت صورته السماعية أو المنقولة كما تمت صورة محمد عليه السلام من رواية أصحابه ومعاصريه، فنحن نعرفه بالوصف خيرا من معرفتنا لبعض المخلدين بصورهم وتماثيلهم التي نقلت عنهم  الحكاية والمطابقة، لأن هذه الصور والتماثيل قد تحكي للناظرين ملامح أصحابها ومعارفهم الظاهرة، وقد تحكي للمتفرسين شيئا من طبائعهم التي تنم عليها سيماهم، إلا أنها لا تحفظهم لنا كما حفظت الروايات المتواترة أوصاف النبي في كل حالة من حالاته، وكل لمحة من لمحاته: في سيماه وفي هندامه، وفي شرابه وطعامه، وصلاته وصيامه، وحله ومقامه، وسكوته وكلامه، لأن الذين وصفوه وأحبوه وأحبوا أن يقتدوا به فتحرجوا في وصفه كما يتحرج المرء في الاقتداء بصفات النجاة والأخذ بأسباب  السلامة، فكانت أمانة الوصف هنا مزيجا من العطف والتدين، وضربا من اتباع السنن وقضاء الفروض.

..!

وللحق كل من قرأ سيرة النبي الكريم بَدْءًا  من "سيرة ابن هشام" وهو وَاحِدٌ  من أهم الكتب التراثية التى  نقلت سيرة النبى محمد صلى الله عليه وسلم، وحتى ما كُتِبَ 

  من مؤلفات عن سيرة النبي الكريم حتى الآن إِلَّا ويجد نفسه يزداد حُبًّا  وَتَعْظِيمًا له

 وفى نفسه يزداد شرفا...

ومن الكتب التى تناولت جانب الحب لحضرة النبي الكريم وأشارت إليه هو  كتاب "حاكموا الحب"   للدكتور على جمعة مفتي الجمهورية الأسبق وعضو هيئة كبار العلماء وقد كتب فى مقدمته:

إن كثيرًا من دلائل الحب التي جرت في أيام النبي محمد صلى الله عليه وسلم سواء بينه وبين زوجاته أو بينه وبين أبنائه أو بينه وبين أصحابه أو بين أصحابه بعضهم مع بعض يصعب على كثير منا في هذا العصر تفسيرها أو تأويلها فضلًا عن اليقين في وقوعها، حتى أنكرها كثير من الناس ورفضوها، وذلك لأننا صرنا نعيش في عصر انتزعت منه قيم الحب الأصيلة التي كانت تحكم أحداث عصر النبوة، ولن نستطيع أبدًا أن نستوعب مثل هذه الحوادث والدلائل إلا إذا لبسنا نظارة الحب  حتى نرى ونتذوق ونستمتع، حينئذ فقط يمكن فهم الأسباب والدوافع والحالة الشعورية والوجدانية التي عاشها الإنسان في هذا المكان وفي هذا الزمان، نعم كان الصحابة يعيشون حالة حب دائمة، وكان رسول الله  طاقة حب ورحمة وحنان ورأفة وَرِقَّة تسري روحها في كل شيء حتى الجماد.

 ‫ وأشار  إلى  بردة الإمام البوصيري والتى مدح فيها  النبى الكريم بقوله:

‫‏فَإِنَّ فَضْلَ رَسُولِ اللهِ لَيْـسَ لَـــهُ‏

‫‏حَدٌّ فَيُعْرِبُ عَنْـهُ نَاطِـقٌ بِـفَـمِ‏

‫‏وَكَيْفَ يُدْرِكُ فِي الدُّنْيَا حَقِيقَتَهُ‏

‫‏قَوْمٌ نِيَامٌ تَسَلَّوْا عَنْهُ بِالْحُلُـمِ‏

‫ وهذان البيتان يشتملان على حقائق عدة منها:

ـ إن رسول الله صلى الله عليه وسلم شخص عظيم له حقيقة يغفل عنها كثير من المؤمنين به، فضلا عن من لم يعرفه أصلًا أو لم يؤمن به...

 ـ إن هذه الحقيقة وإن كانت ظاهرة للعيان فإنه ينكرها قساة القلوب ذوو البصائر الصدئة...

 ـ إن الإنسان إذا قارب الاطلاع على حقيقة رسول الله  صلى الله عليه وسلم  ولو بصورة جزئية فإنه ينبهر بنورها، ويعشق جمالها، ويهاب جلالها، ويذوب في حبها، ويعيش فيها وتعيش فيه.

‫ وهذا  ما حدث بالضبط منذ أكثر من مئة عام مع  الكاتب العظيم  "ليو تولستوي"  أحد أعظم الأدباء العالميين، والذى اشتهر برواياته الملحمية مثل "الحرب والسلام" و"آنا كارينينا" وغيرها والتي تُعتبر من روائع الأدب العالمي، فقد أحب هذا الكاتب المبدع  النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وكتب  عن بساطته وقيمه الأخلاقية...و فى كتابه  "حِكَم النَّبي مُحَمَّد" والذي صدر فى بداية القرن العشرين عام ١٩١٠ كتب فى مقدم كتابه :

"لا ريب أن النبي محمد كان من أعظم المصلحين الذين خدموا الهيئة الاجتماعية خدمة جليلة، ويكفيه فخرًا أنه هدى أمته إلى نور الحق وجعلها تؤمن بالله وبالرسالة السماوية"....

الأسبوع القادم بإذن الله أكمل القراءة فى الكتاب الرائع "عبقرية محمد للمفكر الكبير عباس محمود العقاد 

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: الرسول صلى الله علیه وسلم النبی الکریم کثیر من

إقرأ أيضاً:

عُمان.. حين يكون الحب أمانة والمواطنة مسؤولية

 

 

 

محمد بن علي البادي

حين تنشد الحناجر نشيد "يا ربنا احفظ لنا جلالة السلطان"، فإنها لا تردد كلمات فقط؛ بل تُجدد عهد الولاء، وتبث من أعماقها نبض الحب لعُمان، ولقائدها الحكيم، حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم -حفظه الله ورعاه؛ فهذا النشيد الوطني ليس مجرد رمز للدولة؛ بل هو مرآة صادقة تعكس ما تختزنه قلوب العمانيين من حبٍ لوطنهم، ووفاءٍ لقيادتهم.

لقد خُلق العُماني وفيًّا، جُبل على الإخلاص، وتوارث الولاء جيلًا بعد جيل، كما يُورَّث المجد والكرامة. فمنذ الأزل، وعُمان تعرف الوفاء عرفًا، وترضع أبناءها حب الأرض والقائد مع الحليب. لم يكن الولاء يومًا شعارًا يُرفع؛ بل خُلُقًا يُمارس، وسلوكًا يعيش في تفاصيل الحياة اليومية. في المحن قبل الرخاء، وفي الغياب قبل الحضور، يثبت العُماني أنه لا يساوم على عُمان، ولا ينكص عن حُبّ سلطانها، أيًا كان الزمان وأيًا كانت التحديات.

واليوم، تحت ظل السلطان هيثم بن طارق -أعزه الله-، يواصل العمانيون المسير بكل ثقة. قائدٌ حكيم، نهل من مدرسة النهضة المباركة، وسار على درب البناة الأوائل، مستندًا إلى رؤية واضحة، وعزيمة لا تلين، وإيمانٍ راسخ بشعبه. فعُمان معه لا تكتفي بالبقاء؛ بل تسعى إلى الارتقاء، كما جاء في النشيد: "فارتقي هام السماء واملئي الكون الضياء".

وهنا تتجلّى الصورةُ أكثر وضوحًا: فالعُماني، مهما بلغت به ظروف الحياة، لا يساوم على وطنه. هو ثابت الولاء، راسخ الانتماء، يحمل عُمان في قلبه حيثما حلّ وارتحل؛ سواء خرج لطلب العلم، أو بحثًا عن لقمة العيش، أو للعلاج والتداوي. يظل يشتاق لترابها، ويحنّ لهوائها، ويذكرها في دعائه وسجوده.

هذا المخزون الهائل من الحب والإخلاص، يجب أن يُقابل من الجهات المعنية في الدولة بما يوازيه من رعاية واحتواء. فكل مواطن مخلص هو طاقة كامنة، يمكن أن يُصبح إنسانًا منتجًا، فاعلًا، صالحًا لكل زمان ومكان، مؤهلًا لكل مهنة وحرفة.

إنَّ المواطن العُماني ليس مجرد رقم في سجلات الدولة؛ بل هو أمانة عظيمة في أعناق المسؤولين، استودعهم الله إياها، وحثّ عليها جلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم -حفظه الله- في كل محفل ومناسبة، مؤكدًا أن الإنسان هو محور التنمية، وغايتها العليا، وأن رعايته ليست تفضّلًا؛ بل واجب مقدّس يسبق السياسات والخطط.

وحضرة صاحب الجلالة السلطان المعظم -أعزه الله- هو الأب الحكيم لهذا الشعب الوفي، ولا ينفك يُعبّر عن استشعاره لهموم مواطنيه، وحرصه على أن يكون كل فرد منهم في موضع الكرامة، والعطاء، والمشاركة الفاعلة في مسيرة البناء الوطني.

وعلى إثر ذلك، باتت قضية الباحثين عن عمل حديثَ كل مجلس، وهمًّا مشتركًا في القلوب. ولم تعد محصورة في أروقة النقاشات الرسمية؛ بل تسللت إلى المجالس العامة، والمساجد، وحتى مناسبات الأفراح والأحزان. الكل يتحدث، الكل يوجعُه هذا الواقع؛ فالمعاناة واحدة؛ سواءً كان الباحث عن عمل خريجًا جديدًا أنهى مشواره الأكاديمي بآمالٍ عريضة، أو موظفًا سابقًا قَدّر الله له أن يُسرّح من وظيفته نتيجة ظروف خارجة عن إرادته، أو عن إرادة الجهة التي كانت تشغله.

إنها مأساة حقيقية، لا تقلّ في وجعها عن آلام المرض أو فَقْد الأحبة، لأنها تمسّ كرامة الإنسان، وتطرق أبواب الأمل في قلبه. وما من وطنٍ يرتقي إلا حين يجعل من إنسانه أولويته، ويمنحه الفرصة ليكون شريكًا في البناء، لا عالةً تنتظر المجهول.

لذلك، فإن الجميع اليوم يناشد بالرأفة بهؤلاء الباحثين عن عمل، ويدعو بقلوب صادقة إلى أن تتكاتف الجهود من الجهات الحكومية، والقطاع الخاص؛ بل وحتى أصحاب رؤوس الأموال وأهل الخير. فمن كان له مدخل أو قدرة على فتح باب لهؤلاء الشباب؛ فليُبادر دون تردد، وليمد لهم يد العون والمساندة، سواء عبر توفير فرص التوظيف، أو من خلال دعم أصحاب المبادرات الصغيرة والمشاريع الناشئة، الذين لديهم الاستعداد لتحمّل مسؤولية العمل والإنتاج إن توفرت لهم الأدوات والفرصة.

إنها مسؤولية وطنية وأمانة أخلاقية قبل أن تكون واجبًا وظيفيًا أو اقتصاديًا. فكل يد تُمد لشاب يبحث عن عمل، هي يد تبني لبنة في جدار الوطن، وكل فرصة تُمنح لإنسان قادر، هي خطوة نحو مجتمع أقوى، وأكثر استقرارًا وتلاحمًا.

وكذلك، لا بُد من التذكير بمسؤولية الوزارات والمؤسسات التعليمية، من المرحلة الابتدائية وحتى الجامعية، في الوقوف إلى جانب أولياء الأمور، والتخفيف عن كاهلهم، خصوصًا من لا يستطيعون توفير احتياجات أبنائهم الدراسية؛ فالميدان التربوي لا يجب أن يكون حِكرًا على القادرين؛ بل حاضنًا للجميع دون استثناء.

ومن هنا، نُهيب بتلك المؤسسات أن تُراجع سياساتها ومتطلباتها، وأن تُقلل ما أمكن من الأعباء والشروط التي ترهق الأسر، وأن تُفعّل الشراكات مع الجمعيات الخيرية، ومؤسسات المجتمع المدني، والأفراد المقتدرين، لمدّ يد العون لمن لا حيلة له، ممن يعجز حتى عن تأمين أبسط المستلزمات الدراسية.

العلم حق، وليس امتيازًا، والعدالة التعليمية أساس راسخ لبناء أجيال صالحة، لا تُقصى بسبب ضيق ذات اليد؛ بل تُحتضن وتُمنح الفرصة، لتكون عونًا لوطنها، لا عبئًا عليه.

إنَّ عُمان لم تكن يومًا أرضًا فقط؛ بل كانت دومًا روحًا تنبض في القلوب، وقيادةً ترعى شعبها، وشعبًا وفيًا لا يساوم على ولائه. واليوم، ونحن نُجدد عهد الحب والوفاء لوطننا الغالي، ولقائدنا المفدى حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم -حفظه الله ورعاه- فإننا نرفع أصواتنا لا بالشكوى؛ بل بالأمل، وبالرجاء أن تتضافر الجهود، وتلتفت القلوب والعقول إلى أبناء الوطن الذين ينتظرون فرصة، ويستحقون دعمًا، ليكونوا كما أرادهم وطنهم: منتجين، فاعلين، ومصدر عز وفخر.

اللهم احفظ عُمان وأهلها، ووفق جلالة السلطان في قيادته وسدده في قراراته، وألهم كل مسؤول في هذا الوطن أن يجعل من الأمانة طريقه، ومن الإنصاف منهجه، ومن خدمة الناس غايته، فبذلك تُبنى الأوطان وتُحفظ الأجيال، ويزدهر المستقبل كما نحلم به جميعًا.

عُمان في القلب... وستبقى ما حيينا.

مقالات مشابهة

  • في الجنوب.. هذا ما فعلته مُسيرة إسرائيلية
  • تدشين فعاليات ذكرى المولد النبوي في أكاديمية القرآن الكريم للطالبات بالأمانة
  • عُمان.. حين يكون الحب أمانة والمواطنة مسؤولية
  • حكم قول سيدنا على النبي في الأذان والتشهد خلال الصلاة.. الإفتاء تجيب
  • تدشين فعاليات المولد النبوي في مديريات محافظة البيضاء 
  • هذا ما كان يفعله النبي في الحر الشديد.. تعرف عليه
  • لماذا أوصى النبي بالجلوس بعد الفجر حتى الشروق .. لجلب 7 أرزاق
  • رمضان السيد: الأهلي تأثر كثيرًا بغياب إمام عاشور.. ومحمد شريف خارج الخدمة
  • اللجنة التحضيرية النسائية للمولد النبوي الشريف في الأمانة تدشن فعالياتها
  • قطاع الأوقاف والإرشاد و العلوم الشرعية والعلماء في الحديدة يحيون ذكرى المولد النبوي