قال اللواء الدكتور رضا فرحات، أستاذ العلوم السياسية، إن استيلاء الاحتلال الإسرائيلي على مدينة رفح الفلسطينية بعد مجزرة دموية استشهد خلالاها العشرات من الفلسطينيين، يمثل تحولا استراتيجيا خطيرا يهدد الأمن القومي المصري ويضع المنطقة بأكملها أمام سيناريوهات غير مسبوقة مشيرا إلى أن هذه الخطوة ليست مجرد تصعيد عسكري، بل تعكس رغبة الاحتلال في إعادة رسم الخارطة الجيوسياسية للحدود، وهو أمر لا يمكن لمصر القبول به بأي حال من الأحوال.

وأشار أستاذ العلوم السياسية في تصريحات خاصة لـ «الأسبوع»، إلى أن سيطرة الاحتلال على رفح الفلسطينية تثير مخاوف عديدة، أبرزها احتمالية موجات نزوح غير منظمة، خاصة مع وجود محاولات إسرائيلية مستمرة لدفع الفلسطينيين باتجاه الحدود المصرية، وهو أمر ترفضه القاهرة تماما.

وتابع: «كما أن هذا التوسع العسكري الإسرائيلي قد يعقد الوضع الإنساني، خاصة في ظل الحصار المفروض على غزة، يزيد الضغوط على مصر باعتبارها المعبر الوحيد للمساعدات الإنسانية».

ولفت إلى أن الدور المصري في الوساطة بين الفصائل الفلسطينية وإسرائيل يواجه تحديا حقيقيا بعد السيطرة الإسرائيلية على رفح، مضيفا: «فبينما تسعى القاهرة لاحتواء التصعيد، قد تحاول إسرائيل فرض واقع أمني جديد على الأرض، مما يضعف فرص نجاح أي مبادرات تهدف إلى التهدئة».

وأشار إلى أن الدولة المصرية كانت واضحة منذ البداية في رفضها التام لأي محاولات لتهجير الفلسطينيين وهو موقف ثابت أكدته القيادة السياسية في مناسبات متعددة وتعمل القاهرة على إدارة الأزمة عبر القنوات الدبلوماسية، مع التأكيد على أن أي تجاوز للخطوط الحمراء سيواجه بحزم.

وأكد «فرحات» أن مصر تدير الأزمة بحكمة تجمع بين الحزم العسكري والجهود الدبلوماسية، لضمان عدم خروج الأمور عن السيطرة، موضحا أن الجيش المصري اتخذ سلسلة من الإجراءات الاستباقية لمواجهة أي تطورات غير متوقعة، بدءا من نشر قوات إضافية قرب الحدود مع غزة، مرورا بتشديد الرقابة على المعابر والمنافذ، وصولا إلى تعزيز التعاون الاستخباراتي مع الحلفاء الإقليميين والدوليين لرصد أي تهديدات محتملة، تحسبا لأي تطورات قد تؤثر على استقرار المنطقة ولن تسمح الدولة المصرية بأي تهديد مباشر لأمنها.

وعلى الصعيد السياسي، أكد «فرحات» لـ «الأسبوع»، أن مصر تتحرك دبلوماسيا بشكل مكثف، حيث أرسلت رسائل واضحة إلى جميع الأطراف الدولية مفادها أن أي تغيير في المعادلة الحدودية يعد تجاوزا للخطوط الحمراء، ولن يتم التعامل معه بالصمت كما تسعى القاهرة إلى حشد موقف عربي ودولي موحد لرفض المخططات الإسرائيلية الرامية إلى تهجير الفلسطينيين أو تغيير طبيعة الصراع لافتا إلى أن الاستعدادات المصرية في سيناء ليست فقط إجراءات وقائية، بل هي رسالة واضحة لكل من يحاول اختبار قدرة مصر على حماية أمنها القومي وأن الجيش المصري، الذي نجح في تطهير سيناء من الإرهاب، يمتلك القدرة الكاملة على مواجهة أي تحديات مستقبلية، وهو على أتم الاستعداد لأي سيناريو محتمل.

وأشار أستاذ العلوم السياسية إلى أن مصر تدرك خطورة المرحلة الراهنة، وتتعامل مع الموقف بحكمة، لكن دون أي تهاون في حماية حدودها ومصالحها الاستراتيجية فالقاهرة ليست طرفا صامتا في هذه الأزمة، بل تتحرك بحزم عسكريا ودبلوماسيا لمنع أي تداعيات قد تخرج بالأوضاع عن السيطرة، مع التأكيد على دعم مصر الثابت للقضية الفلسطينية وحق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة.

اقرأ أيضاًفرحات: خطاب الرئيس يعكس إيمانا بقدرة المصريين على مواجهة التحديات

اللواء رضا فرحات: كلمة الرئيس السيسي بالقمة العربية عكست بوضوح موقف مصر الثابت تجاه القضية الفلسطينية

«اللواء رضا فرحات»: الشعب المصري كله يدعم الرئيس رفضا للتهجير.. والمشككون هدفهم تفتيت الدولة

المصدر: الأسبوع

كلمات دلالية: إسرائيل الاحتلال الإسرائيلي غزة اللواء رضا فرحات الفصائل الفلسطينية تهجير الفلسطينيين إلى أن

إقرأ أيضاً:

رسائل سياسية واقتصادية في زيارة فيدان إلى القاهرة

القاهرةـ في إطار الحراك المتسارع الذي تشهده العلاقات بين مصر وتركيا، وصل وزير الخارجية التركي هاكان فيدان إلى العاصمة المصرية القاهرة في زيارة رسمية، التقى خلالها الرئيس عبد الفتاح السيسي وعددا من المسؤولين المصريين، في خطوة تعكس استمرار مسار التقارب السياسي والاقتصادي بين البلدين.

والتقي السيسي الوزير التركي بحضور وزير الخارجية والهجرة وشؤون المصريين في الخارج بدر عبد العاطي، مؤكدا التزامه بمواصلة دفع العلاقات الثنائية نحو مستويات أوسع من التعاون والتكامل.

وأوضح المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية السفير محمد الشناوي أن اللقاء شهد تأكيدا متبادلا على تعزيز التعاون الاقتصادي والعمل على رفع حجم التبادل التجاري إلى 15 مليار دولار، وذلك وفق ما تم الاتفاق عليه خلال زيارة السيسي إلى أنقرة في سبتمبر/أيلول 2024.

كما تناولت المباحثات عددا من الملفات الإقليمية، في مقدمتها تطورات الأوضاع في قطاع غزة، بالإضافة إلى الوضع في ليبيا وسوريا والسودان، مع التشديد على أهمية التوصل إلى وقف إطلاق النار وضمان وصول المساعدات الإنسانية إلى المناطق المنكوبة.

لقاء السيسي مع وزير الخارجية التركي تناول قضايا اقتصادية وسياسية (الصحافة المصرية)علاقات دبلوماسية

وعلى هامش الزيارة، عقد وزير الخارجية المصري جلسة مباحثات ثنائية مع نظيره التركي بمدينة العلمين، أعقبتها جلسة موسعة ضمت وفدي البلدين لبحث آفاق التعاون المشترك.

وأكد الجانبان على رمزية العام الجاري الذي يصادف مرور 100 عام على إقامة العلاقات الدبلوماسية بين مصر وتركيا، مشددين على عمق الروابط التاريخية والحضارية بين الشعبين.

كما عبر الوزير المصري عن تطلع القاهرة لزيادة الاستثمارات التركية المباشرة، وتحقيق الهدف المعلن برفع حجم التبادل التجاري إلى 15 مليار دولار، مقدرا دعم أنقرة لترشيح الدكتور خالد العناني لمنصب المدير العام لمنظمة اليونسكو.

مباحثات ثنائية مشتركة بين الوفد التركي ونظيره المصري (الصحافة المصرية)توقيت الزيارة

وفي قراءة لهذه الزيارة، اعتبر الدكتور كرم سعيد، الباحث المتخصص في الشأن التركي، أن توقيتها يحمل دلالات بارزة، إذ تتزامن مع مرور قرن على العلاقات الدبلوماسية بين القاهرة وأنقرة، إلى جانب ما تشهده المنطقة من تطورات حساسة.

إعلان

وأوضح سعيد في تصريح خاص لـ"الجزيرة نت" أن الزيارة تأتي على خلفية قرار الحكومة الإسرائيلية برئاسة بنيامين نتنياهو -المطلوب للمحكمة الجنائية الدولية بتهمة ارتكاب جرائم حرب في غزة- بالمضي في مشروع احتلال كامل لقطاع غزة، بدعم أميركي وغربي غير مسبوق.

وأشار سعيد إلى أن أحد أبرز محاور الزيارة تمثل في تنسيق الموقفين المصري والتركي حيال عمليات الإبادة التي يتعرض لها القطاع، والسعي لتشكيل ضغط مشترك على إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب لوقف الدعم المطلق لإسرائيل، وحثها على التدخل لوقف المجازر.

كما لفت الباحث إلى أن الملف الليبي كان حاضرا بقوة، حيث بحث الجانبان سبل تعزيز التفاهمات بشأن تسوية الأزمة السياسية، مع التشديد على الحفاظ على وحدة الأراضي الليبية وإشراك الأطراف المحلية الشرعية في بناء نظام سياسي يضمن استقرار البلاد.

مباحثات وزير الخارجية التركي تناولت الوضع في غزة والسودان وليبيا (الصحافة المصرية)علاقات اقتصادية

وعلى صعيد العلاقات الاقتصادية، أشار سعيد إلى أن التبادل التجاري بين البلدين يقترب حاليا من 8.8 مليارات دولار، مع وجود إرادة سياسية لرفعه إلى 15 مليار دولار خلال الفترة المقبلة، لافتا إلى أن الاستثمارات التركية في مصر بلغت نحو 3.5 مليارات دولار.

وبين أن تركيا تدرك أهمية القاهرة كنقطة انطلاق إستراتيجية للوصول إلى الأسواق الأفريقية، في حين ترى مصر في أنقرة شريكا إقليميا مؤثرا يمكن التنسيق معه لتحقيق مصالح مشتركة على المستويين الثنائي والإقليمي.

وأكد الباحث أن المباحثات شملت أيضا ملفات أمنية، حيث شدد الجانب التركي على أهمية استمرار التعاون الأمني، بما في ذلك بحث تسليم المطلوبين قضائيا إلى القاهرة، مما يعكس رغبة متبادلة في تجاوز القضايا العالقة.

رؤية مشتركة

من جانبه، أكد الدكتور إكرام بدر الدين، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، أن اللقاء بين السيسي ووزير الخارجية التركي يعكس ثقلا سياسيا وإقليميا كبيرا للبلدين، خاصة في ظل التطورات المتسارعة في المنطقة، وعلى رأسها موافقة الكنيست الإسرائيلي على خطة احتلال غزة، وما قد يترتب عليها من تداعيات خطيرة على القضية الفلسطينية واستقرار الإقليم.

وأوضح بدر الدين في تصريح للجزيرة نت أن المباحثات جرت على مستويين رئيسيين: الأول يتعلق بتعزيز العلاقات الثنائية في إطار مجلس التعاون الإستراتيجي المصري التركي، مع التركيز على دعم الشراكة الاقتصادية وزيادة الاستثمارات المشتركة.

أما المستوى الثاني فشمل الملفات الإقليمية، وعلى رأسها الوضع في غزة، حيث أكد الجانبان رفضهما القاطع لاحتلال القطاع، والدعوى إلى وقف فوري لإطلاق النار، وضمان دخول المساعدات الإنسانية بلا عوائق، والإفراج عن الأسرى، ورفض أي خطط للتهجير القسري للفلسطينيين باعتبارها جريمة حرب وانتهاكا للقانون الدولي.

ولفت إلى أن المباحثات تطرقت أيضا إلى الأوضاع في ليبيا وسوريا والسودان، حيث أعاد الرئيس المصري التأكيد على موقف بلاده الداعي إلى الحفاظ على وحدة أراضي الدول واستقلال مؤسساتها الوطنية، وهو الموقف الذي لقي دعما وتفهما من الجانب التركي.

إعلان

مقالات مشابهة

  • ترامب: توقفت عن تأييد خطط إسرائيل لمهاجمة واحتلال مدينة غزة وحركة الفصائل الفلسطينية لن تفرج عن الرهائن في الوضع الحالي
  • أستاذ علوم سياسية: خطة إعادة احتلال غزة مناورة لفرض واقع جديد
  • محافظ شمال سيناء: توفير جميع الامكانيات الطبية لعلاج الفلسطينيين
  • اللجنة المصرية للتضامن الأفروآسيوي: قرار احتلال غزة يستهدف تصفية القضية الفلسطينية
  • رسائل سياسية واقتصادية في زيارة فيدان إلى القاهرة
  • الجيش المصري يصيب عصبا حساسا في إسرائيل.. تصريحات مسؤول ترعب الإسرائيليين
  • أستاذ علوم سياسية: 4 سيناريوهات تنتظر غزة.. والدور العربي حاسم في كل منها
  • حماة الوطن يرفض إعلان إسرائيل احتلال غزة.. ويدعم الموقف المصري
  • المؤتمر: قرار إسرائيل باحتلال غزة انتهاك للقانون الدولي.. ومصر لن تسمح بتصفية القضية الفلسطينية
  • السيسي وفيدان يرفضان قرار إسرائيل احتلال غزة وتهجير الفلسطينيين