الأَرْبعاء التَّاسع مِن «نيسان».. الأَمَل والمآل
تاريخ النشر: 9th, April 2025 GMT
آخر تحديث: 9 أبريل 2025 - 12:23 مبقلم:رشيد الخيّون أُغلق فندق هيلتون لندن المتروبول (أجوور روود) لاجتماع المعارضة العراقيَّة، لثلاثة أيام من (12 إلى 14 ديسمبر 2002)، حضر المئات، مِن سياسيين، ومَن دخل السّياسة لحظتها، مع المنسق الأفغانيّ الأميركيّ زلماي خليل زادة، أول سفير أميركيّ ببغداد، بعد الغزو، ومتظاهرون خارج الفندق حملوا لافتات الاعتراض، تلاشت هتافاتهم بعد المؤتمر.
كانت الكلمات تلقى، ولا نسمع منها غير العِراق الجديد، والنّظام الدّيمقراطيَّ، ومثالب النّظام المُحتضر. كنا نمزح مع الأصدقاء الكُرد، أنَّ ننتخب، مِن الآن، مسعود البارزاني رئيساً، وبهذا تُحل القضية الكرديَّة، فانبرى أحدهم قائلاً: لا، فأيام وتنقلبون عليه. كنا نمزح على هامش الاجتماعات، بينما تَمرُّ بنا مواكب المختلفين والمؤتلفين مِن عمائم وأفندية، وكاكه مسعود أحدهم، وكان زلماي يطوف، بصحبة أحمد الجلبي (ت: 2015)، على غرفهم، لإصلاح ما بين الفرقاء، فاستعدادات الغزو قد تمت، لحمل المؤتمرين إلى بغداد. لم يُطرح مشروعٌ مفصل للعمران، غير إسقاط النّظام ومحاكمة أركانه، وكأنها تهيئة للانتقام، فكانت ساحة الطّرف الأغر بلندن تضم تظاهرة أسبوعيّة لهذا المطلب، اخترقها النّظام ببغداد، فشخصيات داخل المعارضة، مِن النّاشطين، غابوا في اليوم الأول بعد السُّقوط، وبعد فرهود وثائق المخابرات، ظهرت قصصهم، ومنهم مَن افتضح قبل ذلك، بعضهم اِتخذ التَّعامل مع النّظام سراً، بسبب اليأس مِن تغييره، لضمان راتبٍ جارٍ، فلا هو يدري ولا المعارضة تدري أنَّ دور بغداد سيأتي بعد كابول. لكنَّ معارضة الأمس، وسُلطة اليوم، تناسوا الفضل الأميركيّ، فما أنْ فُتحت بوابات بغداد، أدعوا أنّهم فاتحوها، وساعات ويُبث نبأ قتل ابن المرجعية عبد المجيد الخوئيّ بالنّجف، بسكاكين عمائم الميدان الصَّاعدة، وكانت فاتحة المقاتل. أفرحتنا صبيحة الأربعاء (9/4/ 2003)، وأوحشتنا، فأمام الكاميرات لم يسقط النّظام كالمعتاد، ببيانات وأناشيد، وتلاوة: «وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ»، فلهذه الآية صلة بأسماع العراقيّين، في الانقلابات، الصَّحيحة والمفبركة. ذاب صبيحة الأربعاء النّظام الصّلب كفص ملحٍ، طُبعت صور أركانه على كارتات لعبة «الورق»، وزعها الأميركان، بما يوحي أنَّ اللَّعبةَ قد بدأت. مَن ولد صبيحة الأربعاء، بلغ اليوم الثّانية والعشرين، سمع بجبروت السّابقين وعاش نظام (الفوضى الخلاقة)، بالقتل والنّهب. بعد هذه السّنوات لم تبق كلمة مِن خطابات الهيلتون، فقد بدأ توزيع الغنائم، واستبدلت الطَّوائف بالوطن، وشُرع الانتماء إلى الخارج، فانقلبت الخيانة فضيلة والوطنيّة رذيلة. أخذ حزب «البعث» السُّلطة الأربعاء (17 يوليو 1968)، ولم يعلن عن هويته لأيام، حتَّى بانت مِن تنصيب أحمد حسن البكر رئيساً (1968-1979)، فُسر ذلك تحسباً مِن ذاكرة العراقيين عن اِنقلاب (8/2/1963)، وكانت إحدى أقسى المحطات في تاريخ العراق، لكنّ العجب ليس في عودة «البعث»، إنما لسقوطه في الأربعاء نفسه، فبعد اِقتحام الدَّبابتين الأميركيتين لساحة الفردوس ببغداد، هوى التّمثال، وانتهى كلّ شيء. فلم تلتقط كاميرات الشَّاشات صورة لأحد أركانه، وبلمحة البصر، اختفت الجداريات والتَّماثيل، ودبت أفواج النَّاهبين لآثار الأولين مِن المتحف، فتداول جنود أميركان حكاية «علي بابا والحرامي»، وهي تعرض أمامهم حيّةً، فسنوات الحصار أفقدت ضحاياها التّوازن الأخلاقي، ولم تنفع الحملة «الإيمانيّة الكبرى» بترقيع الفتوق. كانت الصّورة أمامنا، في أروقة الهيلتون، مفعمة بالآمال، ولم نحسب للمآلات حساباً، بسماع خطابات العمائم والأفندية، الذين كادوا يتلاشون ببلدان الاغتراب، بين التجارات الزَّهيدة والمهن الرخيصة، وإذا بالغزو يمنحهم الجاه والمال، وتسري الحياة في عروقهم. كان نهب العقارات، وتشكيل الفصائل المسلحة، أول الإنجازات، والإصرار على هدم الدّولة، فلكلِّ فصيل دولته. هذا، وشتان بين آمالنا ومآلاتنا.لم نسمع ما قاله مسكين الدَّارميّ (ت: 89هج) في معادن الرّجال: «ولا تحمد المرءَ قبل البلاء/ ولا يسبق السّيل منك المطرْ/ وإني لأعرف سيما الرِّجال/ كما يعرف القائفون الأثرْ» (التوحيديّ، الصّداقة والصَّديق)، والدَّارميّ شاعر عراقيّ، صاحب البيت الذّائع: «قُل للمليحةِ في الخِمارِ الأسودِ / ماذا أردْتِ بناسكٍ مُتعبّدِ».
المصدر: شبكة اخبار العراق
كلمات دلالية: الن ظام
إقرأ أيضاً:
مقتل 10 رجال إطفاء بتركيا وشخصين في قبرص جراء حرائق غابات
لقي 10 رجال إطفاء أتراك حتفهم وأصيب 14 آخرون أثناء محاولتهم احتواء حريق غابات في إقليم إسكي شهر بوسط البلاد، كما لقي شخصان حتفهما وأجلي المئات إثر حريق غابات هائل اندلع في جنوب قبرص.
وقال وزير الزراعة والغابات التركي إبراهيم يومقلي أمس الأربعاء للصحفيين إن 24 من رجال الإطفاء حوصروا في الحريق عندما غيرت الرياح اتجاهها فجأة وقذفت ألسنة اللهب نحوهم، مضيفا أنهم نقلوا فورا إلى المستشفى، لكن 10 منهم لقوا حتفهم، في حين لا يزال 14 آخرون يتلقون العلاج.
ويكافح رجال الإطفاء وفرق الإنقاذ منذ أول أمس الثلاثاء لاحتواء حريق غابات في منطقة سيد غازي في إسكي شهر.
وقال رجل الإطفاء إرجان تيميل "كانوا يحاولون إخماد الحريق أعلى التل فيما كنا نحاول السيطرة عليه عند السفح"، مضيفا "حاولوا الفرار من الحريق، ركضا إلى أعلى التل، لكنهم لم يتمكنوا من ذلك".
وقال يومقلي إن 7 حرائق غابات كانت لا تزال مشتعلة في 5 أقاليم بوسط تركيا وغربها حتى أمس الأربعاء.
وكتب وزير العدل يلماز تونج في منشور على "إكس" أن المدعين العامين فتحوا تحقيقا في الحادث.
حريق ليماسولوواجه رجال الإطفاء حريقا واسعا بمنطقة جبلية شمالي مدينة ليماسول في قبرص ظهر أمس الأربعاء أذكته رياح قوية ودرجات حرارة مرتفعة.
وخلال الليل عُثر على شخصين ميتين في سيارة محترقة، في حين واصلت السلطات جهودها لإجلاء المحاصرين في قرية لوفو على بعد نحو 26 كيلومترا من ليماسول.
وقال الرئيس القبرصي نيكوس كريستودوليدس للصحفيين من موقع الحادث في وقت سابق "الوضع صعب للغاية، ومساحة الحريق هائلة، وقد نُشرت جميع القوات".
ووصلت درجات الحرارة في الجزيرة إلى 43 درجة مئوية أمس الأربعاء، مما استدعى إصدار تحذير من الطقس.
ومن المتوقع أن تسوء الأحوال الجوية اليوم الخميس في ظل درجات حرارة قد تصل إلى 44 درجة مئوية، ليصبح اليوم هو الأكثر حرارة في السنة حتى الآن.
إعلانوتعاني قبرص من جفاف مستمر منذ فترة طويلة، مما أدى إلى انخفاض حاد في موارد المياه الشحيحة.
وقال المتحدث باسم الحكومة القبرصية كونستانتينوس ليتيمبيوتيس إن قبرص طلبت المساعدة من آلية الحماية المدنية التابعة للاتحاد الأوروبي، ومن المتوقع أن ترسل إسبانيا طائرتين اليوم الخميس، كما تعهد الأردن بتقديم المساعدة.