القضاء يطلق يد إدارة ترامب في معاقبة المتعاطفين مع فلسطين
تاريخ النشر: 12th, April 2025 GMT
واشنطن- احتفى حساب البيت الأبيض على منصة إكس بقرار قاضية الهجرة لمحكمة بولاية لويزيانا إمكانية ترحيل محمود خليل من الولايات المتحدة، بسبب مشاركته في قيادة الاحتجاجات على الحرب في غزة والتواطؤ الأميركي فيها العام الماضي في جامعة كولومبيا. وقالت القاضية جيمي كومانز إن الحكومة الأميركية أوفت بعبء الإثبات لترحيل خليل.
ويمثّل القرار، رغم منح القاضية فريق خليل القانوني مهلة حتى 23 أبريل/نيسان لتقديم طلب مبرر لوقف ترحيله، ضربة للمتعاطفين مع القضية الفلسطينية داخل الولايات المتحدة، خاصة كل هؤلاء ممن ليست لديهم الجنسية الأميركية.
ويخشى خبراء قانونيون من أن تطلق نتائج محاكمة خليل -رغم عدم انتهائها- يد إدارة الرئيس دونالد ترامب في معاقبة المتعاطفين مع فلسطين.
BREAKING NEWS: "Mahmoud Khalil can be deported, judge rules" pic.twitter.com/J6gxLjHag6
— The White House (@WhiteHouse) April 11, 2025
قبضت سلطات الهجرة والجمارك على خليل -الذي من المقرر أن يتخرج هذا الربيع، والذي توشك زوجته على إنجاب طفله الأول- من مسكنه المجاور لجامعة كولومبيا الشهر الماضي.
ونُقل إلى مركز احتجاز في لويزيانا. وفي التاسع من أبريل/نيسان الجاري، أمهل قاضي الهجرة إدارة ترامب 24 ساعة لتقديم مبرراتها لترحيل خليل، الذي لم يُوجَّه له أي اتهام جنائي، ولم يُدان بأي نشاط مرتبط بالإرهاب.
إعلانوردت وزارة الخارجية، أمس الأول، بتقديم مذكرة وقعها الوزير ماركو روبيو، تضمنت أن وجود خليل في الولايات المتحدة "من شأنه أن يضر بمصلحة السياسة الخارجية الأميركية"، وهو ما اعتبرته القاضية دليلا كافيا لترحيل خليل.
وقد يكون لهذا التطور الخطير تداعيات خطيرة على مئات الطلاب الدوليين الآخرين الذين استهدفتهم إدارة ترامب وينتمون لعشرات الجامعات التي شهدت حراكا طلابيا ضخما العام الماضي للتنديد بالعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، وعلى الدعم الأميركي والتواطؤ مع إسرائيل.
تسليح قوانين الهجرة
من جهته، قال مارك فان دير هوت (محامي خليل) في بيان له عقب قرار المحكمة أمس الجمعة: "اليوم، رأينا أسوأ مخاوفنا تتحقق"، في إشارة إلى تعرض خليل لـ"انتهاك صارخ لحقه في جلسة الاستماع، وتسليح قانون الهجرة لقمع المعارضة".
وأضاف دير هوت "هذا لم ينته، ومعركتنا مستمرة. إذا كان من الممكن استهداف محمود بهذه الطريقة، لمجرد التحدث علنا عن الفلسطينيين وممارسته حقه المحمي دستوريا في حرية التعبير، يمكن أن يحدث هذا لأي شخص بشأن أي قضية لا تعجب إدارة ترامب. سنواصل العمل بلا كلل حتى يتحرر محمود ويعود إلى منزله لعائلته".
وفي حديث سابق للجزيرة نت، قال محامي الهجرة المتخصص حسام عبد الكريم إنه "في حالة الطالب محمود خليل، يقع عبء الإثبات على عاتق الحكومة الأميركية التي يجب أن تُقنع المحكمة بأن خليل يمثل تهديدا للأمن القومي أو يحمل عداء تجاه الحكومة الأميركي. ويبدو أن المحكمة قبلت سردية إدارة ترامب".
تهديد التعديل الدستوري الأول
ينص الدستور على حق المواطنين والمقيمين بالولايات المتحدة في حرية إبداء الرأي، وهو ما يميز مستوى ونطاق الحريات الأميركية مقارنة بغيرها من دول العالم الديمقراطي.
واعتبر بعض الفقهاء القانونيين أن تحرك إدارة ترامب ضد عديد من الطلاب النشطاء ممن شاركوا في تظاهرات وعبروا عن آراء مخالفة لمواقف الحكومة الأميركية يهدد الديمقراطية الأميركية.
إعلانوفي حديث مع الجزيرة نت، قالت البروفيسورة سوزان أكرم -أستاذة القانون الدولي لحقوق الإنسان بجامعة بوسطن بولاية ماساتشوستس- إن "حرية التعبير في صميم هذه القضية. إدارة ترامب تقول إن إقامة السيد خليل في الولايات المتحدة تقوض السياسة الخارجية للولايات المتحدة التي تشمل مكافحة معاداة السامية. وبما أن جريمة محمود خليل الوحيدة هي التحدث والاحتجاج على الهجمات الإسرائيلية على الفلسطينيين في غزة، فإن الإدارة تعاقبه على وجه التحديد بسبب خطابه وآرائه، وتحاول ترحيله لهذه الأسباب".
وتجادل إدارة ترامب اعتمادا على قانون فدرالي غامض يعود لعام 1952 يسمى قانون الهجرة والجنسية، وينص على أن المهاجرين يتم ترحيلهم "إذا كان لدى وزير الخارجية أسباب معقولة للاعتقاد بأن وجود الأجنبي أو أنشطته في الولايات المتحدة ستكون له عواقب سلبية خطيرة محتملة على السياسة الخارجية للولايات المتحدة".
وكتب روبيو أنه يجب ترحيل خليل بسبب دوره المزعوم في "الاحتجاجات المعادية للسامية والأنشطة التخريبية التي تعزز بيئة معادية للطلاب اليهود في الولايات المتحدة".
من جهته، قال أمول سينها، المدير التنفيذي لاتحاد الحريات المدنية في ولاية نيوجيرسي، أمام عدد من الصحفيين خارج مقر المحكمة عقب صدور الحكم على خليل "تم احتجاز السيد خليل بشكل غير قانوني انتقاما لمناصرته ودعمه الحقوق الفلسطينية". وأضاف سينها أن "هذا القرار بقابلية الترحيل هو خروج خطير عن الحريات الأساسية في حجر الأساس لأمتنا والتي تحمي حرية التعبير بموجب التعديل الأول. سنواصل الدعوة إلى الإفراج الشرعي عن السيد خليل، ونحن واثقون من أنه سينتصر".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات فی الولایات المتحدة إدارة ترامب
إقرأ أيضاً:
هل ستخوض الولايات المتحدة حربًا ضد إيران؟ اسألوا سارية العلم!
ترجمة: بدر بن خميس الظفري -
هل ستخوض الولايات المتحدة حربًا ضد إيران؟ لنسأل دونالد ترامب، ذلك «الكرة السحرية البشرية» التي تجيب على الأسئلة بشكل عشوائي.
في بعض الأحيان، تشير العلامات إلى «نعم». ففي اجتماع بالمكتب البيضاوي بعد ظهر الأربعاء، قال الرئيس: «قد نضطر إلى القتال... نحن نسعى إلى نصر كامل وشامل»، وكأن الهجوم الأمريكي بات وشيكًا.
وفي أوقات أخرى: «لا تعوّل على ذلك». ففي الجلسة ذاتها، أشار ترامب إلى أنه يفكر في دعوة القادة الإيرانيين إلى البيت الأبيض للتفاوض: «سنرى. ربما أفعل ذلك».
أما في معظم الأحيان؟ فالإجابة غامضة، جرب مرة أخرى.
سألته مراسلة (سي. إن. إن) كايتلان كولينز «هل يعني ذلك أنك لم تتخذ قرارًا بعد بشأن ما ستفعله؟». رد ترامب قائلًا: «لدي أفكار بشأن ما يجب فعله»، وأضاف وفقًا لمبدئه المعروف بـ «مفهوم الخطة»، «لكنني أحب اتخاذ القرار النهائي قبل لحظة واحدة فقط من موعده».
مرتبك؟ من الطبيعي أن تكون كذلك.
قد يشعر الأمريكيون بالقلق عندما يعلمون أن رئيسهم يتخذ قرار الحرب والسلام بناءً على نزوة لحظية. لكن تصريحاته العلنية خلال الأسبوع الماضي تشير إلى أنه يعتمد بدرجة كبيرة على مستشاره الجديد للأمن القومي، الجنرال «نزوة».
فبعد أن شنت إسرائيل غارات جوية على إيران، سارع ترامب إلى التصريح: «الولايات المتحدة لم تشارك في الهجوم على إيران». وبعد يومين، بدأ ينسب الفضل لنفسه في الهجوم، قائلاً إن بلاده تسيطر كليًا على الأجواء الإيرانية، ومشيرًا إلى أن «الأسلحة الأمريكية» هي من حققت النجاح الإسرائيلي. وبحلول الأربعاء، بدأ يوحي بأنه هو من أعطى الأمر بالهجوم: «قلت: لننطلق»!
وخلال فترة لا تتجاوز 24 ساعة، غيّر ترامب موقفه من إيران مرتين. صباح الإثنين، قال في قمة مجموعة السبع في كندا إن اتفاقًا نوويًا مع إيران «ممكن». وبعد ثماني ساعات، حذر سكان طهران البالغ عددهم 9.7 مليون نسمة من ضرورة «الإخلاء الفوري». وعندما سُئل في اليوم التالي إن كان هذا يعني أن الحرب باتت وشيكة، قال: «لا، إطلاقًا. أريد فقط للناس أن يكونوا بأمان».
أي أسئلة أخرى؟
لو حاولنا تتبع تسلسل تصريحات ترامب المضطربة، فسنجد ما يلي:
في الأيام الأولى بعد الهجوم، كتب أن لدى إيران «فرصة ثانية» للتفاوض، مضيفًا أن إيران وإسرائيل «ستتوصلان إلى اتفاق»، وأن هناك «مكالمات واجتماعات كثيرة جارية الآن».
ولكن بعد بضعة أيام، أنكر بغضب تصريح الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بشأن وجود عرض لوقف إطلاق النار، قائلاً: «إيمانويل دائمًا يخطئ»، مضيفًا: «لم أتواصل مع إيران من أجل مفاوضات سلام بأي شكل من الأشكال».
ومع تقدم الأسبوع، ازداد خطاب ترامب عدوانية، وبدأ يهدد بأن بلاده تعرف «مكان اختباء ما يسمى بالمرشد الأعلى»، وأن «صبرنا بدأ ينفد». ثم أتبع ذلك بتغريدة كتبها بأحرف كبيرة: «استسلام غير مشروط!» ظهر الثلاثاء.
لكن في صباح الأربعاء، عاد إلى نبرة التهدئة، قائلاً: «لا شيء فات أوانه»، و»لا شيء قد انتهى». وأوضح للصحفيين أنه قدم لإيران «الإنذار النهائي»، ولكنه عندما سُئل عما يتضمنه ذلك، قال: «آه، لا أريد أن أقول».
واختصر تفكيره في مهاجمة إيران بجملة: «قد أفعلها، وقد لا أفعلها. أعني، لا أحد يعرف ما سأفعله». حتى ترامب نفسه، على ما يبدو، لا يعلم. وفي ظهر الخميس، أرسلت سكرتيرته الصحفية لتقول إنه سيتخذ قراره «خلال الأسبوعين القادمين».
حتى في الشؤون الداخلية، لا شيء ثابت. الأسبوع الماضي، أمرت إدارة ترامب وكالة الهجرة والجمارك بالتراجع عن حملات مداهمة المهاجرين في القطاعات الزراعية والسياحية، وذلك بعد اعتراض رجال الأعمال. وبدلاً من ذلك، أمر ترامب الوكالة باستهداف المهاجرين في «المدن الكبرى مثل لوس أنجلوس وشيكاغو ونيويورك»، والتي وصفها بأنها «معاقل الديمقراطيين».
لكن بعد غضب مؤثري حركة «لنجعل أمريكا عظيمة من جديد» من تراجع خطط ترحيل عمال المزارع والمطاعم، تراجعت الإدارة عن القرار بعد ثلاثة أيام فقط.
كل ذلك يمكن تسميته بأسلوب «فلنرفعه على سارية العلم» في اتخاذ القرارات التنفيذية. وربما لهذا السبب أقام ترامب ساريتين بارتفاع 88 قدمًا في أراضي البيت الأبيض هذا الأسبوع. وقال: «هذه أفضل السواري المصنوعة، فهي طويلة ومدببة ومقاومة للصدأ والحبل بداخلها، ومن أعلى جودة».
وبينما كان العالم يترقب يوم الأربعاء ما إذا كان ترامب سيجر البلاد إلى الحرب، دعا الصحفيين إلى الحديقة الجنوبية لمشاهدته وهو يراقب رفع السارية بواسطة رافعة، لمدة 45 دقيقة.
وخلال ذلك، سأل الصحفيون عن إيران والصين وكندا وخلافه مع كاليفورنيا، لكنه كان يعود دائمًا للحديث عن ساريتيه.
قال عن السارية: «هذه من أجمل ما سترون»، و»في دورال (مدينة في كاليفورنيا)، وضعتها بالقرب من المبنى. دائماً تبدو أفضل وهي قريبة»، و»لدي سارية مماثلة في مارالاغو (مدينة في فلوريد)»، و «هذا أحدث وأعظم ما لدينا».
في ظل هذه الفوضى، يبدو أن البلاد والعالم يسيران نحو الهاوية. إسرائيل وإيران تتبادلان الضربات الصاروخية، وروسيا تقصف كييف بشكل لم يسبق له مثيل، وفي مينيسوتا، أقدم متطرف يميني على قتل قائدة ديمقراطية في المجلس النيابي وزوجها، وأصاب نائبًا آخر وزوجته، وكان يحتفظ بقائمة اغتيالات تشمل شخصيات سياسية ليبرالية.
وما يزيد الطين بلة، أن ترامب لا يزيد الأمور إلا فوضى. فرغم إدانته للهجوم في مينيسوتا، قال إنه لن يتصل بحاكم الولاية لأنه «مختل تمامًا» و»شخص فاشل» و»عديم الكفاءة».
كما ترك قمة مجموعة السبع فجأة، قائلاً إنه يريد العودة إلى واشنطن بسبب «عدم إيمانه بالهواتف»، وذلك بعد أيام فقط من إطلاق شركته لهاتف «ترامب موبايل».
وأسهم في شهر مليء بالفوضى، فقد حشد الحرس الوطني والمارينز لقمع احتجاجات لوس أنجلوس، وأحدث شجارا مع إيلون ماسك، وأقام استعراضا عسكريّا يوم عيد ميلاده، وأصدر أوامر بتوقيف نواب ديمقراطيين بالقوة، وهناك ارتباك في الشأن الاقتصادي، حيث انخفضت تصاريح البناء والمبيعات، وارتفع التضخم، بينما فشل في إجبار رئيس الاحتياطي الفيدرالي على خفض الفائدة.
حتى أن حلفاءه بدأوا بالتذمر، فستيف بانون تساءل «ما الذي يجري؟» واتهم «الدولة العميقة». فيما سخر تاكر كارلسون من السيناتور تيد كروز، واتهم حلفاء ترامب بـ «دفعه نحو الحرب». فيما دافعت مارجوري تايلور غرين عن تاكر، وقالت لترامب: «هذا ليس جنونًا».
ومع ذلك، واصل ترامب الادعاء بأن أنصاره «يحبونه اليوم أكثر من يوم الانتخابات»، وعندما سُئل عن تصريح مدير الاستخبارات الوطنية تولسي غابارد بأن «إيران لا تطور سلاحًا نوويًا»، قال: «لا يهمني ما قالته».
وعرض ترامب رسالة من مايك هاكابي قال فيها: «أعتقد أن السماء ستنبئك ما يجب فعله بشأن إيران». بينما وصفت متحدثة الخارجية الأمريكية ترامب بأنه «اليد الهادية الوحيدة» و «أفضل صانع صفقات في العالم».
لكن هذه «اليد الهادية» بدأت تفقد السيطرة في مجلس الشيوخ، حيث أبدى الجمهوريون اعتراضات على مشروع خفض الضرائب والإنفاق، مشيرين إلى أنه «سيواجه صعوبات كبيرة» وقد «يفشل». لذا، لجأ حلفاؤه في المجلس إلى تحويل الأنظار، فعقدوا جلسة تحقيق في لجنة القضاء لمهاجمة إدارة بايدن بوصفها «بلا قيادة». لكن الجلسة كانت مكرسة لبحث مزاعم «تدهور القدرات العقلية» للرئيس السابق بايدن.
وخلال ذلك، وقف ترامب في الحديقة الجنوبية للبيت الأبيض بجانب سواريه، يتحدث عن جمالها وأناقتها... والحرب تطرق الأبواب.
دانا ميلبانك كاتب مقالات رأي في صحيفة واشنطن بوست، يغطّي البيت الأبيض والكونغرس. وهو مؤلف لخمسة كتب سياسية، أحدثها «حمقى فوق التل».