جريدة الرؤية العمانية:
2025-05-28@19:03:43 GMT

لماذا ترك العرب غزة وحدها؟

تاريخ النشر: 12th, April 2025 GMT

لماذا ترك العرب غزة وحدها؟

 

 

د. إبراهيم بن سالم السيابي

في وقت تُسمَع فيه أصداء القصف وتنتشر أخبار المجازر اليومية، تتواصل حرب الإبادة التي تشنها إسرائيل على غزة بلا هوادة منذ أكثر من 15 شهرًا، حصيلة الحرب تتجاوز حتى الآن أكثر من 50 ألف شهيد، جلهم من الأطفال والنساء والشيوخ من كبار السن، وتدمير أكثر من 80% من المباني في القطاع، بما فيها المستشفيات والمدارس والجامعات والبنية التحتية لجعل القطاع غير قابل للسكن، في مشهد يعكس مُعاناة غير مسبوقة وفرض حصار خانق على أكثر من مليوني إنسان يعيشون في العراء بلاء مأكل ومشرب عجزت المنظمات الإنسانية عن وصفه.

ومع كل ذلك، يواصل أهل غزة مقاومة الاحتلال متمسكين بأرضهم في مشهد يشبه بالمعجزة، لكن السؤال الذي يطرح نفسه بقوة: أين الموقف العربي؟ لماذا تركت غزة وحدها تتطاير أشلاء أبنائها بين الركام وتراق دمائهم في الشوارع والطرقات وتقف فيه على حافة الإبادة والفناء؟

وهناك عوامل قد تكون هي أسباب تخلي العرب عن غزة:

الأزمات المالية في العالم العربي: تعاني معظم الدول العربية من أزمات مالية خانقة من تراجع في الإيرادات، وزيادة العجز المالي، وربما الحاجة الماسة إلى المساعدات الغربية، خاصة الأمريكية، جعلت بعض الحكومات العربية تتجنب اتخاذ مواقف حاسمة تجاه غزة، خوفًا من فقدان هذه المساعدات أو التأثير على علاقاتها مع الغرب ومع صناع القرار في مؤسسات الإقراض الدولية. الخوف من نجاح تجربة حماس الإسلامية: بعد سيطرة حركة حماس على غزة، أصبحت تمثل نموذجًا إسلاميًا قد يُثير القلق لدى بعض الأنظمة العربية، فنجاح حماس في غزة يُعتبر تهديدًا للأيديولوجيات الحاكمة في بعض الدول، ما جعل بعض الأنظمة تفضل عدم التدخل؛ بل يذهب البعض إلى أن هناك توجيه غير معلن بالقضاء على حركة حماس، خوفًا من أن تنتقل التجربة إلى بلدانهم. الأزمات الداخلية في بعض الدول العربية: العديد من الدول العربية غارقة في صراعات داخلية، مثل سوريا، اليمن، ليبيا، العراق، والسودان. هذه الأزمات استهلكت الكثير من الموارد والوقت، ما جعل قضية غزة تُغيب عن أولويات هذه الدول. التطبيع مع إسرائيل: بعد اتفاقات التطبيع الأخيرة بين بعض الدول العربية وإسرائيل، أصبحت العلاقات مع تل أبيب أولوية لبعض الحكومات العربية، هذه الدول ترى أن التقارب مع إسرائيل يعود عليها بفوائد اقتصادية وأمنية، وبالتالي فإن دعم غزة أصبح مكلفًا سياسيًا وغير مربح اقتصاديًا. التشرذم العربي والانقسام في المواقف: الانقسامات السياسية بين الدول العربية جعلت موقف العرب من غزة ضعيفًا ومبعثرًا، فكل دولة تسعى لحماية مصالحها الخاصة أو لتحقيق مكاسب سياسية، ما أدى إلى غياب التوافق الفعلي لدعم أهل غزة. المصالح الاقتصادية مع الغرب: العلاقات التجارية مع الغرب أصبحت حجر الزاوية في سياسات بعض الدول العربية، وهذا يجعلها تتجنب أي تحرك قد يؤدي إلى توتر علاقاتها مع الدول الكبرى الداعمة لإسرائيل، مما يجعل الوقوف إلى جانب غزة يتعارض مع مصالحها الاقتصادية. هواجس من الفكر المتطرف: بعض الأنظمة العربية تخشى من انتشار الفكر المتطرف في المنطقة. وترى في دعم غزة دعمًا لحركة حماس، التي تعتبرها بعض الدول "إرهابية". وهذا الخوف من دعم الإرهاب جعل العديد من الدول العربية تتجنب مساندة غزة لكي لا يقال عنها بأنها تساند حركة حماس الإرهابية. الانقسام الفلسطيني الداخلي: الانقسام بين حركتي فتح وحماس يُضعف القضية الفلسطينية في أعين بعض الحكومات العربية، هذا الانقسام يجعل دعم غزة يبدو غير مجدٍ لبعضهم، لأنهم يرون أن الدعم قد يكون لطرف دون الآخر، ما يعمق الأزمة. الاضطرابات السياسية في العالم العربي: الحروب الأهلية والاضطرابات السياسية في اليمن وسوريا وليبيا والسودان ولبنان جعلت القضايا الأخرى تتراجع عن الأولويات؛ فغزة في ظل هذه الاضطرابات، أصبحت بعيدة عن اهتمام العديد من الدول العربية في وقت حساس.  رؤية القضية الفلسطينية كقضية عفا عليها الزمن: بعض العرب يرون أن القضية الفلسطينية لم تعد ذات أولوية في ظل الصراعات المستمرة والانقسام الداخلي الفلسطيني، هذا الشعور دفع بعض الدول العربية إلى تقليص دعمها لغزة، معتبرين أن عليهم التركيز على رفاهية شعوبهم أولًا.

في الختام، إنَّ غزة تواصل مقاومتها، ورغم كل المحن، ليبقى صوتها مدويًا في أرجاء العالم، مع بقاء السؤال العميق في ضمير كل عربي حر: أين العرب من غزة؟ وما يحدث في غزة اليوم هو وصمة عار على جبين الأمة العربية، وإذا كانت الهزيمة في حرب 1948 قد وُصِفت حينها بالنكبة، فماذا نسمي ما يحدث في غزة الآن؟ هل هي فضيحة؟ أو هل هي تواطؤ؟ وفي فضاء مفتوح، يبقى السؤال المحوري: لماذا ترك العرب غزة وحدها؟ هل هي الانقسامات والضغوط السياسية والاقتصادية أم هو باختصار الضعف وقلة الحيلة؟ أم أن هناك أسبابًا أخرى لا نعلمها؟

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

مؤتمر في الجامعة العربية يحظر 20 شركة تنتهك أحكام المقاطعة العربية للاحتلال

أعلن المؤتمر الـ 97 لضباط اتصال المكاتب الإقليمية للمقاطعة العربية لإسرائيل، حظر 20 شركة تنتهك قواعد وأحكام المقاطعة العربية في مجالات الاستثمار بالمستوطنات ودعم اقتصاد وجيش الاحتلال الإسرائيلي.

ودعا المشاركون بالمؤتمر الذي عقد في مقر الأمانة العامة لجامعة الدول العربية بالقاهرة، توجيه إخطارات لشركات أخرى.

كما طالب المؤتمر تلك الشركات بسحب استثماراتها والتراجع عن تعاونها مع النظام الاستعماري الاستيطاني، وذلك طبقًا لأحكام المقاطعة المعتمدة.

كما أكد المشاركون في المؤتمر، الذي استمر يومين على أهمية تعزيز عمل أجهزة المقاطعة العربية ومتابعة جهودها وأنشطتها في تطبيق أحكام المقاطعة العربية، بالتنسيق والتواصل مع المكتب الرئيسي للمقاطعة، بهدف متابعة تنفيذ القرارات والتوصيات ورصد أية انتهاكات لأحكام ومبادئ المقاطعة.



وشددوا على أهمية العمل على تعزيز التعاون والتنسيق بين الأمانة العامة للجامعة العربية ومنظمة التعاون الإسلامي باتجاه تطوير آليات المقاطعة الإسلامية وتكاملها مع المقاطعة العربية والدولية.


وعبر المشاركون عن تقديرهم لجهود حركة المقاطعة الدولية لإسرائيل (BDS)، وكذلك لجهود حركات التضامن في كافة الدول في إطار التزامها بالمواثيق وقواعد القانون الدولي ومبادئ ومقاصد هيئة الأمم المتحدة، إلى جانب التمسك بالقيم الإنسانية والروحية والأخلاقية دفاعاً عن العدل والسلام الذي تنشده شعوب العالم، وما تحققه هذه الحركة العالمية من انتشار واسع، وما تحرزه من إنجازات وتأثير في مواجهة الاحتلال والاستعمار الاستيطاني و"الأبارتهايد" الإسرائيلي، فضلا عن دعم النضال العادل للشعب الفلسطيني وتمكينه من ممارسة حقه في تقرير المصير، وتجسيد دولته المستقلة.

كما ثمن المشاركون دور جميع الهيئات والمؤسسات والدول والشعوب الصديقة الداعمة لحركة المقاطعة الدولية، مجددا الدعوة لدول العالم والشعوب المحبة للعدل والحرية والسلام إلى مقاطعة الاحتلال ومستوطناته الاستعمارية للتصدي لممارساته العدوانية.

وكان المؤتمر قد انعقد بمشاركة وفود دول المكاتب الإقليمية العربية، بالإضافة إلى ممثل عن منظمة التعاون الإسلامي، وذلك في إطار تأكيد القمم العربية والمجالس الوزارية العربية المتلاحقة على أهمية المتابعة والاستمرار في دعوة جميع الدول والمؤسسات والشركات والأفراد، إلى وقف كافة أشكال التعامل مع المستوطنات الإسرائيلية المقامة على الأراضي الفلسطينية والعربية المحتلة، بما في ذلك حظر استيراد منتجاتها أو الاستثمار فيها بشكل مباشر أو غير مباشر لمخالفتها للقانون الدولي.

مقالات مشابهة

  • لماذا تستعرض إسرائيل حجم المساعدات العسكرية الأمريكية المقدرة بـ 940 سفينة؟
  • انطلاق أعمال إعداد الإستراتيجية العربية للأمن السيبراني بمجلس وزراء الأمن السيبراني العرب
  • رجي: الجليد انكسر مع الدول العربية.. والشعب لم يعد يريد الثلاثية الخشبية
  • تنفيذ مطبّات تهدئة بشارع جامعة الدول العربية بالجيزة
  • سلطنة عُمان تشارك في اجتماع الخبراء العرب والصينيين حول الذكاء الاصطناعي في المكتبات بالصين
  • لماذا أصبحت المرأة العربية أكثر عرضة للإصابة والموت بالسرطان؟
  • مؤتمر في الجامعة العربية يحظر 20 شركة تنتهك أحكام المقاطعة العربية للاحتلال
  • لجنة بمجلس وزراء الأمن السيبراني العرب تبحث خططها
  • لجنة حوكمة وسياسات الأمن السيبراني بمجلس وزراء الأمن السيبراني العرب تناقش عدداً من المبادرات العربية في الأمن السيبراني
  • لماذا جعلوا ترامب إماماً ؟