عُمان.. الشريك الحضاري الموثوق
تاريخ النشر: 23rd, April 2025 GMT
لم تكن زيارة حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم -حفظه الله ورعاه- إلى العاصمة الروسية موسكو حدثا دبلوماسيا عابرا، بل إعلان متزن عن حضور سياسي واقتصادي وفكري لعُمان في واحدة من أكثر اللحظات الجيوسياسية حساسية في التاريخ الحديث. وإذا كان السلطان هيثم -أيّده الله- قد وقّع في عام 1986 على أول بروتوكول للعلاقات الدبلوماسية بين سلطنة عُمان والاتحاد السوفييتي، فيما يمكن أن يُنظر إليه اليوم كعتبة أولى في مسار طويل، فإنه -حفظه الله- قد دشّن بهذه الزيارة تحولا نوعيا في علاقات نضجت على مدى أربعة عقود
وأسّس لمسار جديد من التعاون السياسي والاقتصادي والمعرفي، يخدم المصالح الاستراتيجية العُمانية والروسية على حد سواء، كما عبّر جلالته في كلمته من قاعة الكرملين.
لذلك يمكن القول إن زيارة جلالة السلطان المعظم قد أسهمت في بلورة لحظة «جيوبوليتيكية» فريدة، تلتقي فيها عُمان بكل موانئها المفتوحة على بحار العالم ومحيطاته، مع اليابسة الأوراسية التي تبدو موسكو في قلبها النابض، رغم كل التحديات التاريخية التي أحاطت بها.
وإذا كان كل من السلطان هيثم والرئيس بوتين قد أكدا في كلمتيهما على أهمية فتح شراكات اقتصادية في مجالات مثل الطاقة والزراعة والمواد الغذائية، فإن الموانئ العمانية تبرز كخيار جاذب للمستثمر الروسي، لا فقط لموقعها الجغرافي المتميز، بل أيضا لما توفره من استقرار سياسي وبيئة قانونية موثوقة.
لكن بوتين، الذي احتفى هو وبلاده بالسلطان هيثم، لا ينظر إلى عُمان بوصفها شريكا اقتصاديا أو محطة لوجستية ضمن سلاسل التوريد العالمية، بل بوصفها شريكا حضاريا قادما من الجنوب الجغرافي، لكنه يحمل وعيا معرفيا يعرف الشمال جيدا، ويدرك سيرورة تشكل الحضارات في فضائها وتاريخها.
أما السلطان هيثم -حفظه الله ورعاه- فرغم تركيزه البالغ على الجوانب الاقتصادية وتشجيع الاستثمارات الأجنبية، فإنه يقرأ بعمق مسار التحولات الكبرى التي يشهدها العالم، ويُدرك -أيّده الله- أن الدول اليوم لا تُقاس فقط بحجم إنتاجها أو قوتها العسكرية، بل بقدرتها على أن تقف في نقطة ينجذب إليها الجميع ويُحترم فيها الجميع، بعيدا عن تأجيج الصراعات أو توظيفها. وذلك لا يتحقق إلا بتراكم الفعل السياسي النابع من وعي تاريخي، وهو ما تملكه عُمان التي ظلّت، عبر تاريخها، بعيدة عن منطق المحاور، وحاضرة بمنطق الدولة التي لا تنتهك حقوق الدول ولا إنسانية الشعوب، والتي تملك إرادة سياسية صلبة قائمة على القيم، ونقاء في التعامل، وبراعة في بناء جسور السلام.
وبهذا المعنى، لا يمكن قراءة هذه الزيارة -وقد حققت ما حققته من نجاحات- باعتبارها مجرد محطة في مسار بناء شراكات جديدة، بل باعتبارها مفترق طرق، تؤكد فيه عُمان أنها، بكل ما تملكه من عمق وتجربة، قادرة على أن تكون رقما صعبا في لحظة تعاد فيها كتابة مسارات العالم، لا عبر الضجيج، بل عبر الفعل الهادئ الذي يعيد للسياسة معناها الأصيل وهو أن تكون فعلا مسؤولا في التاريخ، لا مجرد رد فعل في لحظة تتشظى فيها مراكز القوى، وتنهار فيها الحضارات عسكريا وأخلاقيا.
ولعل السلطان هيثم -أيّده الله- وهو يعبر الساحة الحمراء التي مرّ بها القياصرة والثوار والأباطرة، لم يكن يعيد فقط وصل ما انقطع بين ضفتي أوراسيا والعالم العربي، بل كان يضع حجر الأساس لمسار حضاري جديد، لا يقوم على أنظمة تحكمها الغرائز ولا على تحالفات تُملى بالقوة، بل على عقل إمبراطوري هادئ، يدرك أن الجغرافيا وحدها لا تصنع التاريخ، بل تصنعه الإرادة التي تختار أين تقف ومتى تسير.
لقد حمل السلطان إلى موسكو أكثر من اتفاقيات، حمل معها توازنا نادرا في زمن فاقد للاتزان، وحين غادر، ترك في جدران الكرملين صدى لصوت مختلف.. صوت دولة تعرف كيف تصنع لنفسها مكانا حين تضيع الموازين، لا بالولاء لمحور، ولا بالتحدي الأرعن، بل بالحكمة التي تدرك أن من يُحسن العبور بين حضارتين، هو وحده من يملك أن يبني طريقا سالكا نحو المستقبل.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: السلطان هیثم
إقرأ أيضاً:
المسلماني في مالي: الأمن الحضاري للعالم الإسلامي يبدأ من تمبكتو
كتب- عمرو صالح:
قال الكاتب أحمد المسلماني رئيس الهيئة الوطنية للإعلام، إن دولة مالي لم تبدأ مع الاستقلال عام 1960، ولكنها حضارة عريقة وتاريخ كبير، وحين كانت أوروبا تعاني قسوة العصور الوسطي وتحاول جاهدة الخروج منها، كانت تمبكتو عاصمة حضارية كبري في عالم القرن الرابع عشر، حيث عصر ملوك الذهب، كما كان الإمبراطور مانسا موسي عنوانًا لعصر من الثراء والعطاء.
وأضاف "المسلماني" في الكلمة التي ألقاها أمام خريجي الجامعات المصرية من دولة مالي، بحضور عدد من الوزراء في العاصمة باماكو، اليوم، أن "مالي ملتقي ثقافات وحضارات، ولقد كان التواصل بيننا حاضرًا على الدوام من نهر النيل إلى نهر النيجر، إنكم كما تعرفون عنا نحن أيضا نعرف عنكم ونقرأ لكم.. نحن نتابع ثقافة وإبداع بلادكم التي تتمتع بثراء الأعراق والثقافات، ونعرف الكثير عن تاريخ العلماء والأولياء وإبداعات الفنون المالية، ونشاركم الإيمان بالأمن والسلام ومكافحة أعداء الحياة".
يذكر أن رئيس الهيئة الوطنية للإعلام يشارك في الجولة الإفريقية التي يقوم بها وزير الخارجية الدكتور بدر عبدالعاطي، والتي تشمل تشاد ونيجيريا وبوركينا فاسو والنيجر ومالي والسنغال.
اقرأ أيضًا:
الأعلى للإعلام يوافق على 21 ترخيصًا جديدًا لمواقع إلكترونية وتطبيقات
37 فرصة عمل برواتب تصل إلى 500 دينار - التخصصات والتقديم
لمعرفة حالة الطقس الآن اضغط هنا
لمعرفة أسعار العملات لحظة بلحظة اضغط هنا
أحمد المسلماني الهيئة الوطنية للإعلام مالي أوروبا خريجي الجامعات المصرية دولة مالي باماكوتابع صفحتنا على أخبار جوجل
تابع صفحتنا على فيسبوك
تابع صفحتنا على يوتيوب
فيديو قد يعجبك:
الأخبار المتعلقةإعلان
أخبار
المزيدالثانوية العامة
المزيدإعلان
المسلماني في مالي: الأمن الحضاري للعالم الإسلامي يبدأ من تمبكتو
روابط سريعة
أخبار اقتصاد رياضة لايف ستايل أخبار البنوك فنون سيارات إسلامياتعن مصراوي
اتصل بنا احجز اعلانك سياسة الخصوصيةمواقعنا الأخرى
©جميع الحقوق محفوظة لدى شركة جيميناي ميديا
القاهرة - مصر
41 29 الرطوبة: 18% الرياح: شمال شرق المزيد أخبار أخبار الرئيسية أخبار مصر أخبار العرب والعالم حوادث المحافظات أخبار التعليم مقالات فيديوهات إخبارية أخبار BBC وظائف اقتصاد أسعار الذهب الثانوية العامة فيديوهات تعليمية رياضة رياضة الرئيسية مواعيد ونتائج المباريات رياضة محلية كرة نسائية مصراوي ستوري رياضة عربية وعالمية فانتازي لايف ستايل لايف ستايل الرئيسية علاقات الموضة و الجمال مطبخ مصراوي نصائح طبية الحمل والأمومة الرجل سفر وسياحة أخبار البنوك فنون وثقافة فنون الرئيسية فيديوهات فنية موسيقى مسرح وتليفزيون سينما زووم أجنبي حكايات الناس ملفات Cross Media مؤشر مصراوي منوعات عقارات فيديوهات صور وفيديوهات الرئيسية مصراوي TV صور وألبومات فيديوهات إخبارية صور وفيديوهات سيارات صور وفيديوهات فنية صور وفيديوهات رياضية صور وفيديوهات منوعات صور وفيديوهات إسلامية صور وفيديوهات وصفات سيارات سيارات رئيسية أخبار السيارات ألبوم صور فيديوهات سيارات سباقات نصائح علوم وتكنولوجيا تبرعات إسلاميات إسلاميات رئيسية ليطمئن قلبك فتاوى مقالات السيرة النبوية القرآن الكريم أخرى قصص وعبر فيديوهات إسلامية مواقيت الصلاة أرشيف مصراوي إتصل بنا سياسة الخصوصية إحجز إعلانك