اليوم العالمي للصحافة وجهود المشير حفتر لتفكيك الإعلام التحريضي
تاريخ النشر: 3rd, May 2025 GMT
بقلم- حسين المسلاتي
يحل الثالث من مايو اليوم العالمي لحرية الصحافة، في ظل تحديات جسيمة تواجهها الصحافة في ليبيا، وسط بيئة سياسية وأمنية مضطربة، جعلت من العمل الإعلامي ساحة مكشوفة لتغول الخطاب التحريضي والكراهية، وتآكل القيم المهنية التي يفترض أن تحكم هذا القطاع الحيوي.
تأتي هذه المناسبة العالمية، التي تحتفي بحرية الكلمة وحق الشعوب في الوصول إلى الحقيقة، في وقت تشهد فيه ليبيا حالة من الانقسام العميق، ما خلق بيئة مواتية لتفشي خطاب الكراهية عبر وسائل الإعلام التقليدية ومنصات التواصل الاجتماعي، في ظل ضعف مؤسسات الدولة، واستغلال بعض الأطراف لهذا الفراغ لفرض أجنداتها عبر الإعلام.
في هذا السياق، تبرز قنوات مدعومة من جهات سياسية نافذة – وعلى رأسها قناة “التناصح” التي يديرها المفتي المعزول الصادق الغرياني – كمنابر رئيسية لبث التحريض والانقسام، إلى جانب وسائل إعلام أخرى تمولها حكومة الوحدة الوطنية المنتهية الولاية، هذه المنصات لا تكتفي بتأجيج الصراع السياسي، بل تدفع نحو تصعيد الأوضاع الأمنية وتهديد التماسك المجتمعي.
تحركات عسكرية لردع التحريض
في مواجهة هذا الواقع، كان للقائد العام للقوات المسلحة، المشير خليفة حفتر، مواقف واضحة لوقف خطاب الكراهية وتفكيك الإعلام التحريضي، ففي الأول من أبريل 2021، وأثناء مشاركته في الملتقى الوطني الأول للمكونات الاجتماعية بمدينة بنغازي، دعا إلى وضع آلية وطنية لتنظيم الإعلام ووقف القنوات التي تحرض على الفتنة وقتل الليبيين، والتي تعمل ضد الاستقرار والأمن.
ولم يكن هذا الموقف الوحيد، إذ عاد المشير حفتر في كلمته خلال الاحتفال بذكرى الاستقلال يوم 24 ديسمبر 2022 بساحة الكيش، ليؤكد على أهمية تغيير الخطاب الإعلامي والديني، بما يسهم في توحيد الصف الوطني ويعزز اللحمة بين أبناء الشعب الليبي.
اتفاق جنيف وتوصيات دولية
وكان اتفاق وقف إطلاق النار الموقع في جنيف بتاريخ 23 أكتوبر 2020 قد تناول هذه المسألة بوضوح في الفقرة الخامسة، حيث طالب بوقف التصعيد الإعلامي وخطاب الكراهية، ودعا إلى اتخاذ إجراءات قانونية ضد المنصات التي تبث هذا الخطاب، كما أن اللجنة العسكرية المشتركة (5+5) قررت تشكيل لجنة فرعية لمتابعة الخطاب الإعلامي المحرض، والتنسيق مع الجهات المختصة للحد من تأثيره.
وفي سياق الجهود الأممية، نظمت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، يوم 25 فبراير 2025، ندوة نقاشية بتونس استمرت يومين، جمعت أعضاء من اللجنة العسكرية، والمراقبين المحليين، وممثلين عن الترتيبات الأمنية، لبحث سبل مواجهة ظاهرة تفشي الكراهية والمعلومات المضللة عبر الإعلام ووسائل التواصل.
توصيات مهمة ومسؤوليات واضحة
وقد خرجت الندوة بعدة توصيات من أبرزها، تفعيل اللجنة الفرعية المنبثقة عن اللجنة العسكرية المشتركة لمتابعة خطاب الكراهية، والتنسيق مع منصات التواصل الاجتماعي والجهات الوطنية المعنية لمراقبة المحتوى الإعلامي، تحميل المسؤولية القانونية للأفراد والكيانات التي تروج للتحريض والكراهية، ودعم المبادرات المدنية والإعلامية التي تهدف إلى التوعية بأهمية السلم الأهلي.
الحاجة إلى إعلام وطني مسؤول
في ظل هذه المعطيات، يبقى الرهان الأكبر على بناء إعلام وطني مهني ومسؤول، يضع مصلحة الوطن فوق الحسابات الضيقة، ويرتكز على القيم الأخلاقية والمهنية بعيداً عن التحريض، فحرية الصحافة لا تعني الانفلات، بل تعني القدرة على نقل الحقيقة بموضوعية، والوقوف في وجه كل خطاب يمزق النسيج الوطني.
وفي اليوم العالمي لحرية الصحافة، تبرز الحاجة الملحة لإصلاح المنظومة الإعلامية في ليبيا، ليس فقط لضمان حق التعبير، بل لحماية السلم الأهلي وتعزيز ثقافة الحوار.
المصدر: صحيفة الساعة 24
كلمات دلالية: خطاب الکراهیة
إقرأ أيضاً:
برلمانية: تدخل الدولة في التنظيم الذاتي للصحافة يضر بالمغرب "وكفى" من محاكمة الصحافيين بالقانون الجنائي
وجهت النائبة نعيمة الفتحاوي عن حزب العدالة والتنمية، خلال جلسة الأسئلة الشفوية بمجلس النواب، الإثنين، انتقادات للحكومة بشأن تدبيرها لمجال الصحافة والتنظيم الذاتي للمهنة، معتبرة أن ما يجري هو « انقلاب تشريعي » على الفصل 28 من الدستور، الذي ينص على تنظيم المهنة في إطار من الاستقلالية والديمقراطية.
وأكدت الفتحاوي أن ما وصفته بـ »التحكم » و »التغول » الحكومي في شؤون المجلس الوطني للصحافة يعد مساساً خطيراً بحرية التعبير، وخرقًا صريحًا لمبدأ التنظيم الذاتي. وانتقدت بشدة تعيين لجنة مؤقتة لتسيير المجلس، معتبرة أن ذلك يُفقد الصحفيين ثقتهم في مؤسسات التأطير المهني، ويقوض الأسس التي بني عليها هذا التنظيم منذ 2018.
واستنكرت النائبة طريقة تدبير بطائق الصحافة، متسائلة عن الجهة التي تمنحها وتسحبها، وعن غياب الشفافية في هذا الإطار. كما عبرت عن رفضها للطريقة التي يُوزع بها الدعم العمومي للقطاع، مؤكدة أنه « يذهب إلى مؤسسات معروفة »، بينما تُقصى المقاولات الصحفية الجهوية والمحلية، وهو ما اعتبرته « ضربًا صارخًا لمبدأ العدالة المجالية ».
وفي مداخلتها، أشارت الفتحاوي إلى محاكمة عدد من الصحفيين بناءً على مقتضيات القانون الجنائي، وفرض غرامات مالية وصفتها بـ »الضخمة والمهولة »، تجاوزت مليار ونصف سنتيم، مما يزيد من مناخ الترهيب والتضييق على حرية الصحافة، وفق تعبيرها.
وانتقدت النائبة بشدة ما اعتبرته غيابًا للمشاورات الحقيقية مع المهنيين، متسائلة عن مآل الإعداد الجيد للانتخابات المهنية المقبلة، والبناء المؤسسي السليم للمجلس الوطني للصحافة، مضيفة أن « الوضع أصبح مقلقًا، والناس باتوا يخافون من مستقبل حرية التعبير في المغرب ».