قال أستاذ العلاقات الدولية، حامد عارف، إن سوريا تمر بمرحلة انتقالية هشة تعكسها الأحداث الأمنية المؤسفة التي تحصل بين الفينة والأخرى، مضيفا أن ما يزيد "الطين بلة" هي المأساة الاقتصادية التي يعيشها السوريون والتي خلفها تدمير مقدرات البلاد إثر عقد من النزاع المسلح والعقوبات الدولية المفروضة عليهم حتى الآن، وأن كل هذا وسط استمرار التردد الدولي في تقديم الدعم ورفع العقوبات التي أثقلت كاهل السوريين.

وأضاف عارف أن  الرئيس السوري أحمد الشرع، كان قد أكد في العديد من خطاباته على ضرورة رفع العقوبات عن سوريا، لإزالة التأثير السلبي للعقوبات على الاقتصاد السوري، في الوقت الذي قال فيع وزير خارجيته أسعد الشيباني في كلمة أمام الجمعية العام للأمم المتحدة إن "الإبقاء على العقوبات يزيد المعاناة والأزمة الاقتصادية، ويضعف قدرة البلاد على بناء المؤسسات ومنع النزاعات المستقبلية".

وتابع عارف أن العديد من الدول العربية والصديقة لسوريا جددت هذه الدعوات كتركيا التي دعا مندوبها الدائم لدى الأمم المتحدة السفير أحمد يلدز، إلى رفع العقوبات عن سوريا وتقديم الدعم الدولي لإعادة الإعمار من أجل نجاح عملية الانتقال السياسي، حيث أفاد في جلسة لمجلس الأمن بأن الحكومة السورية حققت تقدما كبيرا منذ الإطاحة بالنظام السابق، وأن هذه بداية لعملية انتقالية يتبناها السوريون.

وتابع عارف أن روسيا بدورها تُعد من أشد من يقف ضد العقوبات المفروضة على سوريا، إذ أكدت مرات عديدة على النتائج السلبية لاستمرار الغرب بفرض هذه العقوبات، حيث كان وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف قد قال: "إن هذه العقوبات لم تضر بشار الأسد وحكومته، بل الشعب السوري، وما زالت تفعل الشيء نفسه"، كما أكد على أننا "نسعى لرفع هذه العقوبات الأحادية الجانب دون أي شروط".

وأوضح أن المبعوث الخاص للرئيس الروسي إلى الشرق الأوسط وأفريقيا ميخائيل بوغدانوف، أفاد في تصريحات سابقة بأن الغرب مستمر في فرض عقوبات على سوريا، مؤكدا على معارضة بلاده الدائمة لهذا الأمر، مشيراً الى أن "القيود المفروضة على سوريا لا تستند إلى القانون الدولي، ولم يتم الموافقة عليها من قبل مجلس الأمن الدولي، وهي أثرت سلبا على جميع القطاعات في سوريا".

وأكمل أن العقوبات المفروضة على سوريا تقيد عمليات البيع والشراء والتعاقد وطلب الخدمات من قبل المؤسسات الحكومية وهيئات الدولة التي تعتمد على نظام المناقصات كوسيلة أساسية، إذ  يزداد الأمر تعقيدًا خصوصًا بالنسبة للقطاعات الحيوية، مثل التكنولوجيا والنفط، التي تواجه صعوبة في الحصول على إمدادات من مصادر موثوقة.

واستطرد: "تتأثر عمليات الدفع والقبض والتحويل والمراسلات المصرفية، حيث تعيق العقوبات الدولية عمل المصرف المركزي السوري والمصارف العامة على رأسها البنك التجاري السوري المدرج ضمن قوائم العقوبات، إذ هذه القيود تعرقل قدرة هذه البنوك على تسهيل المعاملات المالية حتى للقطاع الخاص"، موضحا أنه فيما يتعلق بحظر الوصول إلى أراضي دول أخرى للمشاركة في فعاليات أو إتمام أعمال تجارية أو الاستثمار الخارجي، فهذا يفرض قيودا كبيرة على وزارات ومؤسسات سورية قد تسعى لإطلاق استثمارات في الخارج، مما يعقّد قدرتها على التوسع والانخراط في الأسواق الدولية.

وأشار إلى أنه لا شيء يجسد هذا الظلم الذي يعيشه السوريون اليوم أكثر من استمرار العقوبات المفروضة عليهم، والتي كان الهدف منها في الأصل معاقبة النظام الحاكم سابقًا بسبب قمعه للشعب، لكنها تحوّلت مع الوقت إلى عبء جديد يثقل كاهل هذا الشعب ذاته، وعلى رأس هذه العقوبات يتم تداول اسم "قانون قيصر"، حيث بدأ تطبيق قانون قيصر بهدف حماية المدنيين السوريين عبر فرض عقوبات على الحكومة السورية عام 2019، بما فيها الرئيس بشار الأسد آنذاك، بسبب ما وُصف بـ"جرائم حرب"،  وكان من المقرر أن تنتهي مدته في ديسمبر 2024، إلا أن إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن قامت بتمديده لخمسة أعوام أخرى، رغم سقوط النظام السابق.

وأشار إلى أنه بالرغم من وجود بعض التعديلات الطفيفة على العقوبات مثل السماح مؤخرًا بمعاملات محدودة تتعلق بالنفط والغاز والكهرباء، فإن الجوهر الأساسي للعقوبات لا يزال على حاله، مما يعقّد عمل القطاعات الحيوية مثل الزراعة والصحة والطاقة ويجمد تحريك عجلة الاقتصاد وتحقيق أي انتعاش ملحوظ، مضيفا أن العقوبات خلقت وضعا مأساويا، حيث يعاني أكثر من 90% من الشعب السوري من الفقر، ويحتاج نحو 16.5 مليون شخص إلى مساعدات إنسانية عاجلة،  ناهيك عن البنية التحتية المدمرة بفعل المواجهات الطويلة، وإعادة تأهيلها يحتاج الى رفع العقوبات للبدء بعمليات توريد المواد الأولية والتجهيزات الأساسية لذلك.


وأشار إلى أن واشنطن تماطل في رفع العقوبات عن سوريا وتفرض شروطاً تعجيزية، من أجل إخضاع سوريا تماما، وضمان هيمنة أبدية لإسرائيل على الجولان، واستمرار الضغط ربما الى أن تقبل سوريا التطبيع مع إسرائيل، لكن في نفس الوقت تقوم بعملية رفع جزئي تدريجي لبعض العقوبات لإبقاء سوريا في المسافة الفاصلة ما بين الحياة والموت.


ولفت إلى أن موسكو تعي تماماً غايات واشنطن لذلك تقوم دوماً بتأجيج مسألة رفع العقوبات عن سوريا في المحافل الدولية بالاشتراك مع تركيا والدول العربية، لإقناع الأوروبيين في نفس الوقت المنساقين وراء السياسة الأمريكية بخطورة استمرار فرض العقوبات على الشعب السوري والكارثة الإنسانية المرتقبة جراء ذلك، موضحا أن الإدارة السورية الجديدة بدأت تعي هذا الأمر لذلك قامت بفتح قنوات اتصال وتعزيز العلاقة مع روسيا التي أكدت مرارا بأنها تقف الى جانب الشعب السوري، وأن العلاقة بين البلدين تاريخية وعميقة وممتدة الى ما قبل ولادة نظام الأسد البائد، حيث إن تحركاتها اليوم بدعم السوريين بالوقود والقمح وطباعة العملة المحلية لهو بادرة جيدة على الحكومة السورية الجديدة واستغلالها بما يحقق مصلحة السوريين.

طباعة شارك أستاذ العلاقات الدولية سوريا المسلح والعقوبات الدولية الرئيس السوري أحمد الشرع

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: أستاذ العلاقات الدولية سوريا الرئيس السوري أحمد الشرع رفع العقوبات عن سوریا هذه العقوبات الشعب السوری على سوریا إلى أن

إقرأ أيضاً:

وزير الخارجية السوري يبحث مع السفير الصيني بدمشق المستجدات الإقليمية والدولية

دمشق-سانا

التقى وزير الخارجية والمغتربين السيد أسعد حسن الشيباني، اليوم، سفير جمهورية الصين الشعبية لدى الجمهورية العربية السورية السيد شي هونغوي.

وجرى خلال اللقاء بحث المستجدات الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، إضافةً إلى مناقشة العلاقات الثنائية بين البلدين وسبل تعزيزها في مختلف المجالات.

وأكد السفير الصيني حرص بلاده على دعم سيادة الجمهورية العربية السورية ووحدة أراضيها، ورفض أي تدخل في شؤونها الداخلية، مشدّداً على أهمية استمرار التنسيق والتشاور بين الجانبين لما فيه مصلحة الشعبين الصديقين.

ويأتي هذا اللقاء بعد اجتماع للجانبين في العاصمة دمشق في الـ29 من تموز الماضي، أكد فيه السفير الصيني حرص بلاده على دعم سيادة سوريا ووحدة أراضيها، ورفضها للاعتداءات الإسرائيلية على الأراضي السورية.

السفير الصيني بدمشق وزير الخارجية السوري 2025-08-10BOUTHINA BOUTHINAسابق تمديد المشاركة في مسابقة تصميم الهوية الصناعية السورية حتى الـ21 من الشهر الجاري انظر ايضاً الوزير المنجد يبحث مع السفير الصيني بدمشق سبل التدريب وتبادل الخبرات في المشاريع الاجتماعية

دمشق-سانا بحث وزير الشؤون الاجتماعية والعمل لؤي المنجد مع سفير جمهورية الصين الشعبية

آخر الأخبار 2025-08-10وزير الخارجية السوري يبحث مع السفير الصيني بدمشق المستجدات الإقليمية والدولية 2025-08-10تمديد المشاركة في مسابقة تصميم الهوية الصناعية السورية حتى الـ21 من الشهر الجاري 2025-08-10توزيع سلال إغاثية للعائدين من النزوح في الحويز بمنطقة الغاب 2025-08-10مشفى السقيلبية بحماة يطلق حملة تبرع بالدم لدعم مرضى التلاسيميا والكلى 2025-08-10انطلاق مؤتمر تطوير التعليم بحلب بمشاركة خبراء ومشاريع رقمية مبتكرة 2025-08-10الأردن يدين بشدّة مخطط إسرائيل إعادة احتلال قطاع غزة 2025-08-10وزارة الاقتصاد السورية توقف استيراد الفروج المجمد 2025-08-10مؤسسة الكهرباء السورية: استقرار جزئي بتوليد المنظومة بعد تعرضها لتعتيم جراء أعطال فنية 2025-08-10شبكة سي إن إن: خطة نتنياهو إعادة احتلال غزة جولة في معركته من أجل البقاء السياسي 2025-08-10توحيد اتجاه السير في شارعَي القاهرة وابن عساكر بدمشق

صور من سورية منوعات منصة إنستغرام تطلق خاصية جديدة تتيح مشاركة المكان 2025-08-10 عودة أربعة روّاد فضاء بعد 5 أشهر في المحطة الدولية 2025-08-10
مواقع صديقة أسعار العملات رسائل سانا هيئة التحرير اتصل بنا للإعلان على موقعنا
Powered by sana | Designed by team to develop the softwarethemetf © Copyright 2025, All Rights Reserved

مقالات مشابهة

  • أحمد موسى يهاجم مظاهرة السوريين أمام السفارة المصرية في دمشق
  • وزير الخارجية السوري يشكر الملك وولي العهد على استضافة نقاشات حول مستقبل سوريا
  • الوضع الأمني وإعادة الإعمار في سوريا على طاولة البحث بين دمشق وعمّان وواشنطن
  • خبير علاقات دولية: نتنياهو يغتال حرية التعبير عن طريق قتل الصحفيين
  • وزير الطوارئ السوري يبحث مع القائم بأعمال السفارة اليونانية التعاون عند وقوع أي كارثة
  • وزير النقل السوري يتفقد مديريات الوزارة في دمشق ويبحث تطوير بيئة العمل
  • وزير الطاقة السوري يزور بغداد لبحث لنقل النفط عبر دمشق للبحر المتوسط
  • وزير الخارجية السوري يبحث مع السفير الصيني بدمشق المستجدات الإقليمية والدولية
  • صناعة دمشق وريفها ومجلس الأعمال السوري الأمريكي يبحثان تعزيز التعاون
  • الحرارة تنهك الريف السوري… المحاصيل تذبل وأوجه الحياة تفقد توازنها