فصل الصيف هو فصل الفواكه بامتياز لأن فيه تتعدد الفواكه وتتنوع، أما الشتاء فلا فاكهة فيه تُذكر إلا ربما البرتقال.
ولأن فاكهة الصيف متعددة ومتنوعة، فإن فيها الغالى وفيها الرخيص الذى يبقى فى متناول أيدى البسطاء من الناس.. أو هكذا كان الأمر طوال سنوات مضت.. فلما جاء صيف هذه السنة بدا وكأن التنوع الذى كان قائمًا على مستوى الأسعار لم يعد له وجود تقريبًا، واكتشف المصريون أن ما كان فى متناول اليد صار بعيدًا عنها بمسافات.
لا أريد أن أضرب أمثلة لأن القارئ لن يصدق أن هذه أسعار للفواكه فى البلد، فالطبيعى أن تكون الأسعار مرتفعة عما كانت عليه من قبل، ولكن غير الطبيعى أن يكون الارتفاع فيها إلى هذا الحد الذى يبدو بغير مبرر معقول.
وهذا ما يجعلنا نتساءل عن مصير فكرة أسواق اليوم الواحد التى دعا إليها الرئيس ذات يوم، والتى جرى افتتاح بعضها فى محافظات متفرقة، ثم لم نسمع عنها شيئًا بعد ذلك، مع أنها طوق نجاه لآحاد الناس من حلقات تداول السلعة وصولًا إلى المستهلك.
لا أجد جهة يمكن أن نخاطبها فى هذا الشأن سوى جهاز حماية المستهلك، فهو المختص بهذا الشأن، وفى غيابه يشعر المستهلك بأنه لا صاحب له، وبأنه فريسة بين أيدى تجار التجزئة يفعلون به ما يحبون.. كل ما أتمناه أن يعاين الجهاز أسعار الفواكه فى الأسواق، وأن يأخذ واحدة منها فقط ويسأل عن سعرها لدى المنتج قياسًا على سعرها لدى البائع، وعندها سيرى كيف أن السعر لدى المنتج قد جرى ضربه فى ثلاثة على الأقل!.
أسواق اليوم الواحد تحل هذه المشكلة لأنها تأخذ من المنتج للبائع مباشرةً، ولأنها تختصر سلسلة طويلة من الوسطاء بين هذين الطرفين، ولأن كل وسيط ممن ينقلون السلعة من منتجها إلى مستهلكها يأبى إلا أن يحصل على نسبة أرباحه عاليةً من جيب المستهلك!.. أسواق اليوم الواحد تختصر طريقًا طويلًا تقطعه السلعة من المنتج إلى المستهلك، وتُقام ليوم واحد كما هو واضح من اسمها، وتبيع دون نسب أرباح متعددة يحصل عليها الوسطاء، وهى فكرة موجودة فى دول كثيرة وناجحة وليست بدعًا ولا اختراعًا من عندنا.. أما إخضاع الأسواق لرقابة مشددة على الأسعار، فهذه قضية بديهية لا مجال للجدل حولها.
على جهاز المستهلك أن يتابع تنفيذ فكرة أسواق اليوم الواحد، وأن يعلن عن مواقع وجود مثل هذه الأسواق حتى لا يشعر المواطن رقيق الحال بأن فاكهة الصيف مُحرمة عليه.
سليمان جودة – المصري اليوم
المصدر: موقع النيلين
كلمات دلالية: أسواق الیوم الواحد
إقرأ أيضاً:
«الترند»مؤشّر الأسعار الجاذب.. وإغراء لمحبي الشهرة
العين: منى البدوي
«الترند» كما يُسميها متابعو مضامين مواقع التواصل والمقصود بها الشيء الرائج والمنتشر أو الحدث الأكثر شهرة، بات سبباً لرفع أسعار المنتجات الغذائية أو الاستهلاكية التي يندرج إعلانها ضمن قائمة «الترند»، فما إن يحظى منتج بصعوده إلى قمة «الترند»، حتى يهب بعضهم لشرائه، وإن كان بأسعار مرتفعه لحدود غير معقولة لا تتناسب مع القيمة الحقيقية للمنتج.
قد يكون «الترند» طبيعياً إذا ما احتسبت قيمته وفقاً لمعادلة العرض والطلب، إلا أنه من غير المنطقي أن يواصل متابعو «التريندات» شراء منتجات بأسعار مرتفعة جداً يكتشفون بعد انتهاء «الهبّة» هبوطها الكاسح الذي يصل في بعض المنتجات إلى دراهم معدودة.
وفي ظل وجود «التريندات» وما تتضمنه من دعوة لتجربة منتج معين يوصف بمصطلحات مبالغ فيها أحياناً، واستغلالاً لرغبة الشريحة الواسعة، خاصة الأطفال والمراهقين بتجربة المنتج لتصوير «التجربة الخاصة» وعرضها على مواقع التواصل، بات الأمر يُسبب إرهاقاً لجيوب أولياء الأمور، خاصة أن أغلبيتهم ترضخ لرغبة الأبناء بحجة المساواة مع أقرانهم.
قال الدكتور محمد العادلي، رئيس قسم التسويق والعمليات ونظم المعلومات بجامعة أبوظبي: يطلع الأفراد على مضمون «الترند» في مواقع التواصل، يتبادل الأفراد الكلمة المنطوقة وغالباً ما تكون في بدايته، وتتولد لديهم الحاجة للتجربة وتترجم عملياً بشراء المنتج، ما ينتج عنه ارتفاع الطلب الذي يصاحبه ارتفاع السعر، وفقاً لمعادلة العرض والطلب.
محمد العادليوأضاف: «سبب هبوط ثمن السلعة، بعد تجربتها من الأغلبية، أنه بعد التجربة واكتشاف أن السلعة لا تلبي حاجة المستهلك الذي قام بالشراء، ولا توقعاته، فيمتنع عن تكرار عملية الشراء ومن ثم تتراجع المبيعات، ما يصاحبه انخفاض في الأسعار، للتخلص من الكميات المتبقية لدى التاجر أو منفذ البيع».
وأشار إلى أن بعض المنتجات «الترند» تدفع مبالغ للذي يصوّرها ويتحدث عنها بعبارات إيجابية مُختارة، لتوليد رغبة الشراء لدى الشريحة المهتمة بالمجتمع أو الأكثر إقبالاً على شراء المنتج، مهما يكن السعر وهو ما يصاحبه أحياناً وصف المنتج بعبارات مُبالغ فيها وأحياناً لا تكون بالمنتج وهو ما يدفع الأفراد بعد التجربة إلى التراجع عن الشراء.
ونصح المسوّقين بعدم المبالغة في عرض مزايا المنتج، تجنباً للتعرض للخسارة، حيث إن هذه المبالغة تزيد توقعات المستهلكين وقد لا يوفى بها عند الاستهلاك.
إرهاق مادي لولي الأمرقالت أبو طه (موظفة)، إن الأمر بات مرهقاً مادياً، خاصة أن السلعة أو المنتج الذي يتحول إلى «ترند» يصبح سعره مبالغاً فيه، إلا أن رفضه للأبناء يجعلني أشعر بنوع من تأنيب الضمير، خاصة أنهم يطالبون بشرائه أسوة بأقرانهم أو زملائهم، الأمر الذي يجعلني أرضخ لمطالبهم، على الرغم من أنني أعلم أن ما أشتريه بمئة درهم مثلاً، لا تتجاوز قيمته الفعلية 10 دراهم.
عبير أبو طهوأضافت: «من المواقف التي صادفتها في رحلة أبنائي مع «الترند» أنني اشتريت منتجاً غذائياً ب 65 درهماً، وبعد انتهاء «الترند» فوجئت بعرضه بدرهمين فقط، وهو ما جعلني أشعر بالاستياء، خاصة أن أغلبية تلك المنتجات لا تنطبق عليها المواصفات المتناولة».
السلوك الخطأوذكرت رولا العمري (موظفة)، أن «الترند» واحد من إفرازات مواقع التواصل، التي تولد سلوكات شرائية خطأ ليس لدى المراهقين وحسب، وإنما للأغلبية وهو ما نلاحظه بالأحاديث المتبادلة بين الأهل والأصدقاء في المجالس ومواقع العمل، حيث إن بعضهم يتوجهون لشراء منتجات بمجرد أن الأغلبية ستقتنيها وليس للحاجة إليها وهو ما يجعل أسعارها ترتفع أحياناً إلى 10 أضعاف.
رولا العمريولفتت إلى ضرورة توعية الأفراد لعدم تعرضهم للاستغلال بفعل التوليد الوهمي للحاجة وخلق الرغبة في التقليد الأعمى من المسوق، تجنباً لتولّد سلوكات خطأ أخرى تتمثل في عدم مراعاة الأبناء لإمكانات أولياء الأمور المادية أو إجبارهم على دفع مبالغ قد تُحدث خللاً في الميزانية الشهرية.
دور الأسرة التوعويوقال أحمد سعيد، (موظف)، إن ارتفاع ثمن السلعة التي يزيد الإقبال عليها أمر طبيعي، وهو ما سعى له المسوِّق الذي صمّم فيديو يجعل المنتج ضمن قائمة «الترند»، بعد بثه في تطبيقات مواقع التواصل، وتداول أفراد المجتمع له.
أحمد سعيدوأضاف: «يبقى الفرد نفسه هو المسيطر على سلوكه الشرائي، الذي تؤدي دوراً كبيراً فيه، ثقافة الفرد الاستهلاكية والبيئة الاجتماعية أو الأسرية التي نشأ فيها، حيث إنه ليس من المنطق أن أشتري منتجاً لمجرد رغبتي في التصوير والنشر في مواقع التواصل، ليعلم الجميع أنني قد حزته. مشيراً إلى دور الأسرة في التوعية والتوجيه والإرشاد».
الرغبة في التجربة فرح الشلبيوقالت فرح الشلبي، (موظفة): على الرغم من أنني اكتشفت أن أغلبية المنتجات التي أشتريها بعد تحولها إلى «ترند» لا تستحق التجربة ودفع مبلغ مبالغ فيه لاقتنائها، فإنني ما زلت أكرر التجربة، لأنني كغيري من البشر لديّ رغبة في التجربة. وما يولّد الرغبة في شراء السلعة أو المنتج مهما يكن سعر المنتج هو المبالغة في الوصف.
التقليد والظهور الاجتماعيوقالت حور السلمان، (طالبة): مما لا شك فيه أن «الترند» محور حديث أغلبية أبناء جيلنا، إلا أن الانسياق خلفها بدوافع التقليد الأعمى أو الظهور الاجتماعي أو الرغبة في التجربة يجب أن يضبطها الفرد نفسه، حيث إنه من غير المنطقي أن أتوجه لشراء منتج لا يتوافق مع ذوقي أو لا يعدّ حاجة ملحّة لي.
حور سميروأضافت أن من الأسباب التي تدفع بعضهم لشراء منتجات لمجرد أنها «ترند»، عدم رغبتهم في أن يكونوا خارج السرب، وهو ما أرفضه تماماً، خاصة أن بعض السلع لا تتناسب مع ثقافتي الاجتماعية التي نشأت عليها في الملبس أو تعدّ هجينة في مجتمعي وهو ما يجعلني أتجاهله.
تفعيل دور العقلوقالت زينة زياد، (طالبة): في ظل وجود زخم «الترندات» في تطبيقات، مواقع التواصل، أحرص على تفعيل دور العقل والابتعاد عن الانسياق خلف الشيء لمجرد أنه راج تداوله، حيث أشتري ما يعجبني فقط وما يتناسب مع احتياجاتي، خاصة من الملابس والأحذية «التريند». أما المواد الغذائية فلا أنكر أن الرغبة في التجربة تكون موجودة إلا أن المبالغة في السعر يجعلني أشعر بأنني أقع تحت طائلة الاستغلال، ومن ثم أمتنع عن الشراء إلى أن يتراجع ثمنها.
زينة زيادوأشارت إلى أن بعضهم يشترون منتجات «ترند» ليس بهدف الاستهلاك وإنما للتصوير والعرض على حساباتهم في مواقع التواصل، رغبة في البروز الاجتماعي أو التقليد ومن دون علم منهم بأنهم خسروا مبالغ غالباً ما تكون مرتفعة لشراء منتجات قيمتها الحقيقية تكون منخفضة، والرابح الوحيد في نهاية المطاف هو المسوّق.