الأزمة التي اندلعت بين الحليفين القديمين ترامب ونتنياهو، ستكون "الشعرة التي تقصم ظهر البعير"، أي الضربة التي ستوجع نتنياهو الذي يُواجه أزمة خانقة، لا يخرج منها.
كم حاول نتنياهو أن يخفي أزمته الخانقة له حتى السقوط، وذلك بإشعال الحرب الثانية في غزة، وقد ادّعى هذه المرّة أن هدفها الوحيد القضاء على حماس، والبدء بتهجير سكان غزة جميعا، فضلا عن التوسّع في الاعتداءات على لبنان وسوريا، وصولا إلى الحديث عن تغيير خريطة "الشرق الأوسط".
من استمع إلى نتنياهو، وهو يتهدّد غزة بتوسيع الحرب حتى احتلالها كاملة، ومن يُتابع إمعانه في القتل الجماعي للأهالي، ومن تابع اعتداءاته على كل من لبنان وسوريا، فضلا عن خطبه، كان سيتوهّم بأن نتنياهو يتصرف من مواقع القدرة والقوّة،لم يبقَ لدى نتنياهو غير خيار واحد، هو الهروب للحرب والاعتداءات، ومحاولة جرّ ترامب لتحمّل الخسائر المترتبة عن تغطيته، والانجرار وراءه وليس من مواقع الضعف والعزلة، والأزمة الداخلية والخارجية (حتى على المستوى الأوروبي- الأمريكي).
كان نتنياهو منذ قرّر أن يشنّ الحرب الثانية على قطاع غزة، هاربا من الأزمة حتى السقوط، فكيف لا يكون في مأزق حقيقي، وضعف حقيقي، مع تصاعد التظاهرات الداخلية ضدّه، وقد علت أصوات ضدّه، من القضاء والجيش والاحتياط، والطيران والنقابات، وقيادات الدولة العميقة، ومن قيادات سابقة.. وكيف لا يكون ضعيفا، وهو يخوض حربا لا أمل له في كسبها، ولا تحظى بإجماع داخلي، ولم تؤيّده دولة واحدة في العالم. وقد تبيّن أن حتى أمريكا ترامب، وهي تغطيه، لها تحفظاتها التي تحوّلت الآن إلى أزمة صارخة في العلاقات.
كل هذه الأزمة، وكل هذا الضعف، كانا يفرضان على نتنياهو الانحناء لتدبّر الالتفاف عليهما، ولكن تحالفه مع سموتريتش وبن غفير أخذ يتحكّم في قراراته، إلى جانب تحكم خوفه إلى حد الرعب، من السجن الذي ينتظره إذا سقطت حكومته. لهذا لم يبقَ لدى نتنياهو غير خيار واحد، هو الهروب للحرب والاعتداءات، ومحاولة جرّ ترامب لتحمّل الخسائر المترتبة عن تغطيته، والانجرار وراءه.
ما هو أشدّ نكاية عليه، فالخطوة الثانية التي تتعلق بصفقة أكبر يسعى لها المبعوث الأمريكي ويتكوف، لأن حماس جعلت الإفراج عن عيدان ألكسندر خطوة مرتبطة بالصفقة المطلوبة
على أن ترامب له سياسات عربية، تتعارض مع السكوت المدمّر عما يرتكب نتنياهو من جرائم، بحق الشعب الفلسطيني في غزة ولا وفي الضفة الغربية ثانيا. وقد ثبت أن الوضع العربي له بعض الثقل في التأثير في سياسات ترامب، بالرغم مما يوصف به هذا الوضع من ضعف وعجز ولا فاعلية.
ولهذا اضطر ترامب من أجل إنجاح زيارته السعودية-الخليجية، أن يحاول الضغط على نتنياهو، لوقف الحرب وإطلاق الأسرى، مع تلميح، غير مؤكد، حول إعلان "دولة فلسطينية"، الأمر الذي أدخل أزمة نتنياهو إلى مواجهة "الشعرة التي تقصم ظهر البعير"، في الصفقة التي تمت لإطلاق عيدان ألكسندر، حامل الجنسية الأمريكية أيضا. وقد شكّل تنفيذها مساء 12 أيار/ مايو 2025 إهانة وإذلالا لنتنياهو، يحتاجان إلى "جِلد تمساحي" حتى يتحملهما.
أما ما هو أشدّ نكاية عليه، فالخطوة الثانية التي تتعلق بصفقة أكبر يسعى لها المبعوث الأمريكي ويتكوف، لأن حماس جعلت الإفراج عن عيدان ألكسندر خطوة مرتبطة بالصفقة المطلوبة، لتشمل وقف الحرب، والانسحاب من القطاع، والتبادل الشامل للأسرى، ولغالبية الأسرى الفلسطينيين من حملة المؤبّدات.
بكلمة، يا للخيار الأصعب الذي ينتظر نتنياهو، ونهايته التي حان وقتها.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات قضايا وآراء كاريكاتير بورتريه ترامب نتنياهو غزة اسرى غزة نتنياهو ترامب مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة صحافة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة مقالات سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة
إقرأ أيضاً:
متخصص في الشأن الإسرائيلي: نتنياهو لن يقبل بوقف الحرب دون استعادة الأسرى الإسرائيليين لدى حماس
قال محمد الليثي، الباحث المتخصص في الشأن الإسرائيلي، إن تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشأن "خوض معارك من أجل بقاء إسرائيل" تعكس محاولة واضحة لإنقاذ نتنياهو، مشيرًا إلى أن ترامب يسعى لتقديم رئيس الوزراء الإسرائيلي كبطل في مواجهة التحديات، سواء في غزة أو إيران، لتأمين مستقبله السياسي.
وأضاف الليثي، في مداخلة هاتفية على قناة "إكسترا لايف"، أن ترامب حاول سابقًا إخراج نتنياهو من مأزق الحرب في غزة، لكنه اصطدم بتعقيدات أبرزها احتجاز حركة حماس لعدد من الأسرى الإسرائيليين، ما حال دون إعلان إسرائيل الانتصار الكامل كما كان يتمنى نتنياهو والتيار اليميني المتطرف المسيطر على حكومته.
وأوضح أن الداخل الإسرائيلي لم يمنح نتنياهو نقاطًا كثيرة عقب المواجهة مع إيران، إذ وُجهت له انتقادات واسعة بسبب توقيت وشكل العملية العسكرية، وكذلك بسبب القصور في حماية الداخل الإسرائيلي من الصواريخ الإيرانية، على الرغم من ادعاء التفوق التكنولوجي الدفاعي.
وأشار الليثي إلى أن الضربة الإسرائيلية والأمريكية للمفاعلات النووية الإيرانية لم تسفر عن تدمير كامل للبرنامج النووي، بل اقتصر تأثيرها على تأجيله فقط، لافتًا إلى أن عدداً من المحللين الإسرائيليين شككوا في فاعلية هذه الضربات، خاصة بعد أن أعلن ترامب نفسه استهداف ثلاث منشآت فقط بقنابل خارقة.
وفيما يخص الوضع في قطاع غزة، اعتبر الليثي أن القطاع أصبح منسيًا على المستوى الدولي، رغم ما يشهده من تصعيد، في ظل تركيز العالم على المواجهة الإيرانية-الإسرائيلية، مضيفًا أن الحكومة الإسرائيلية اليمينية الحالية تنفذ خطة متطرفة تتجاهل الجوانب الإنسانية، بينما يتراجع الاهتمام العالمي مقارنة بما حدث عند سقوط صواريخ إيرانية على الداخل الإسرائيلي.
وبشأن مستقبل نتنياهو، رأى الليثي أن رئيس الحكومة الإسرائيلية يحاول كسب الوقت لحماية مستقبله السياسي، خاصة مع الضغوط القضائية التي يواجهها، لافتًا إلى أن تصريحات ترامب الأخيرة بشأن قضايا الفساد تندرج في إطار محاولة دعمه.
وعن احتمالات التوصل إلى صفقة بشأن غزة، قال الليثي إن نتنياهو لن يقبل بوقف الحرب دون استعادة الأسرى الإسرائيليين لدى حماس، وهو ما ترفضه الحركة، مما يطيل أمد الأزمة، مضيفًا: "نتنياهو لا يتحرك بمفرده، بل تُحركه أطراف داخل اليمين المتطرف، ولن يذهب لأي اتفاق دون أن يظهر بمظهر المنتصر".
وختم بالقول إن هناك رهانًا على الجهود الدولية، وعلى رأسها الجهود المصرية، لإنهاء التصعيد والتوصل إلى حلول تحفظ الأرواح وتعيد الاستقرار.