يتصاعد الجدل في إسرائيل حول من يتحمّل المسؤولية الفعلية عن استمرار أزمة السكن وغلاء الشقق، في وقت تتجاوز فيه الأسعار قدرات الإسرائيليين، رغم توفر ما يقارب من 80 ألف شقة غير مبيعة في السوق.

وفي قلب هذه الأزمة، يبرز اتهام مباشر وعلني من البروفيسور أفي سمحون، رئيس "المجلس القومي للاقتصاد"، موجّه إلى البنوك الكبرى، يتهمها فيه بأنها العنصر الذي يعرقل خفض الأسعار ويمنع المنافسة.

وبحسب صحيفة كالكاليست، فقد قرّر "كابينت السكن" تشكيل لجنة خاصة لفحص دور البنوك في تثبيت الأسعار ومنع المطورين من التصرف بحرية في تسعير وحداتهم، في حين اختير سمحون لقيادة اللجنة. لكن قرار التشكيل واجه منذ اللحظة الأولى معارضة شديدة من بنك إسرائيل، الذي يرى في هذا المسار "تدخلا غير مسؤول" في أدوات التمويل المصرفي.

هيمنة خفية تُدير السوق

وفق تقرير كالكاليست، تتضمّن ورقة الموقف التي أعدها سمحون اتهامات واضحة بأن البنوك -على رأسها بنك لئومي وبنك هبوعليم- تمارس سيطرة فعلية على السوق عبر أدوات التمويل، إذ تموّل نحو 57% من مشاريع البناء في إسرائيل، وتفرض قيودا في العقود المبرمة مع المطورين تمنعهم من تخفيض الأسعار حتى لو كانت المشاريع رابحة.

العقود التي تبرمها البنوك مع المطورين تتضمّن بنودا تمنعهم من خفض الأسعار أثناء البناء (شترستوك)

ويقول سمحون: "نعيش في وهم السوق الحر. هناك مئات المطورين، لكن فعليا القرار في يد كيانين مصرفيين يحتكران التمويل ويتحكمان بالتسعير".

إعلان

ويضيف محذرا: "أي مطور يحاول خفض السعر، يخشى أن تتراجع البنوك عن تمويله في مشاريع أخرى، وهو ما يخلق جمودا مقصودا في السوق".

بنك إسرائيل يدافع عن نفسه

في المقابل، أبدى بنك إسرائيل موقفا دفاعيا حادا، محذرا من أن أي تدخل حكومي في آليات التمويل قد يؤدي إلى ارتفاع تكاليف الاقتراض العقاري، وتقليص العرض، وزيادة الضغط على الأسر.

وجاء في بيانه: "التدخل في اتفاقيات التمويل قد يدفع البنوك إلى طلب المزيد من رأس المال الذاتي من المطورين، مما يؤدي إلى تباطؤ البناء وارتفاع الأسعار، بدلا من خفضها".

ورغم هذا الموقف المتشدد، أُعلن عن مشاركة البنك في أعمال اللجنة، في ما بدا وكأنه محاولة لاحتواء المسار دون التنازل عن الهيمنة الفعلية على آليات التمويل.

المطورون محاصرون بعقود مجحفة

ويكشف تقرير كالكاليست أن العقود التي تبرمها البنوك مع المطورين تتضمّن بنودا تمنعهم من خفض الأسعار أثناء البناء، حتى في حال وجود ربح.

وجاءت هذه المعطيات من لقاءات جمعت مدير عام وزارة الإسكان يهودا مورغنشتيرن مع عدد من المطورين الذين أكدوا أنهم لا يملكون حرية التسعير، إذ يشترط البنك الحفاظ على أسعار محددة مسبقا في "تقرير الجدوى"، خشية أن تتأثر مشاريع أخرى ممولة من الجهة نفسها.

وبحسب سمحون: "بنك إسرائيل يطالب الحكومة بتحمّل مسؤولية أسعار السكن، وفي الوقت نفسه يمنعها من المساس بجذر المشكلة: التمويل البنكي الاحتكاري".

توصيات تكسر الصمت

وتتضمن ورقة سمحون 4 توصيات مركزية اعتبرها مراقبون "صدامية" مع البنوك:

إعلان البنوك "تجمعا احتكاريا" في سوق تمويل مشاريع البناء. حظر البنود التي تمنع المطورين من خفض الأسعار. منع البنوك من التدخل في تسعير المشاريع بعد توقيع اتفاق التمويل. إلزام البنوك بالكشف عن مستنداتها الداخلية بشأن العلاقة مع المطورين.

هذه التوصيات، وإن لم تُدرج رسميا في قرار تشكيل اللجنة، تمهد لصدام مفتوح مع البنوك، التي تحاول بحسب محللين حماية أرباحها القياسية في السنوات الأخيرة عبر ضمان استقرار السوق عند مستوى سعري مرتفع.

إعلان اتهامات مستمرة

ويردّ بنك إسرائيل على هذه الاتهامات بالإشارة إلى أن أسعار الشقق في سوق "اليد الثانية" -غير المرتبط مباشرة بالبنوك- ارتفعت بوتيرة أعلى من أسعار الشقق الجديدة، مما يدل، حسب رأيه، على أن البنوك لا تُعيق انخفاض الأسعار.

الاحتكار المالي يُفرغ السوق من أدواته الطبيعية لضبط الأسعار (غيتي)

لكن سمحون يرفض هذا المنطق، قائلا: "هذا التبرير لم يعد يصمد أمام الواقع. لدينا 80 ألف شقة غير مبيعة، وهذا بحد ذاته كافٍ لتفسير أن المشكلة ليست في الطلب، بل في النظام الذي يمنع انخفاض الأسعار عمدا".

أزمة ثقة وشلل إصلاحي

وتعكس هذه المواجهة بين الحكومة والبنك المركزي انهيارا في الثقة بين الجهات المسؤولة عن التخطيط الاقتصادي، وتكشف أن أزمة السكن في إسرائيل لم تعد نتيجة نقص عرض أو صعوبة تسويق، بل نتاج منظومة مغلقة من المصالح والسيطرة المالية.

وفي ظل هذا الجمود، تبقى الأسر الإسرائيلية رهينة لأسعار لا تعكس العرض الحقيقي، بينما يستمر اللاعبون الكبار -البنوك والممولون- في جني الأرباح من سوق مشلول.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات بنک إسرائیل مع المطورین خفض الأسعار من خفض

إقرأ أيضاً:

زعيمة المعارضة الفنزويلية تتحدى مادورو: ماتشادو تتجه سرا إلى أوسلو لتسلم نوبل للسلام

أكدت زعيمة المعارضة الفنزويلية، ماريا كورينا ماتشادو، التي تعيش مختبئة في بلدها، أنها ستسافر إلى أوسلو لتسلم جائزة نوبل للسلام، حسبما صرح رئيس معهد نوبل لوكالة فرانس برس يوم السبت.

جائزة نوبل للسلام

وقال كريستيان بيرج هاربفيكن: "تواصلتُ مع ماتشادو الليلة الماضية (الجمعة) وأكدت أنها ستكون في أوسلو لحضور حفل جائزة نوبل للسلام".

وأضاف: "نظرًا للوضع الأمني، لا يمكننا الإفصاح عن المزيد حول موعد وصولها أو كيفية وصولها".

وصرح المدعي العام الفنزويلي، طارق ويليام صعب، لوكالة فرانس برس الشهر الماضي أن ماتشادو ستُعتبر "هاربة" إذا سافرت إلى النرويج لتسلم جائزة نوبل للسلام، التي مُنحت لها في 10 أكتوبر.

وسيُقام حفل تسليم جائزة نوبل للسلام رسميًا يوم الأربعاء في أوسلو.

المعارضة في فنزويلا

خفت حدة نشاط المعارضة في فنزويلا منذ اعتقال نحو 2400 شخص خلال الاحتجاجات التي أعقبت إعادة انتخاب الرئيس نيكولاس مادورو في يوليو 2024.

اتهم ماتشادو مادورو بتزوير الانتخابات، وهو ادعاء أيده معظم المجتمع الدولي.

ماتشادو، المختبئة منذ أغسطس 2024، مؤيدة للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وتتفق مع تقييم واشنطن بأن مادورو يتزعم كارتل مخدرات.

رحب الحائز على جائزة نوبل للسلام بتعزيز الوجود العسكري الأمريكي في المنطقة، التي شهدت غارات على قوارب مزعومة لنقل المخدرات.

طباعة شارك زعيمة المعارضة الفنزويلية المعارضة الفنزويلية مادورو ماتشادو نوبل للسلام جائزة نوبل للسلام

مقالات مشابهة

  • «التجارى الدولى» يوقع بروتوكولًا مع «الإسكان الاجتماعى» لزيادة التمويل العقارى إلى 12 مليار جنيه
  • وزير الخارجية السوري: قلقون من سياسات إسرائيل التي تتعارض مع استقرارنا
  • شعبة السيارات تكشف أسباب انخفاض الأسعار وتراجع المبيعات في السوق المصري
  • استغاثة عاجلة من رئيس لجنة الوفد بمشتول السوق لإنقاذ محطة السكة الحديد بعد تكرار الحوادث ووفاة طالب جامعي
  • زعيمة المعارضة الفنزويلية تتحدى مادورو: ماتشادو تتجه سرا إلى أوسلو لتسلم نوبل للسلام
  • جامعة القاهرة تعلن تقدمًا كبيرًا في مشروع الإسكان
  • عضو لجنة مركزية بفتح: الطوفان كشف هشاشة إسرائيل وجعلها كيان مأزوم
  • روسيا تخفض رسوم تصدير الحبوب إلى الصفر مع ضعف الأسعار العالمية
  • نجاح لجنة الواردات بفرض استقرار الصرف يفضح سنوات من عبث المضاربين
  • الرئيس اللبناني يطالب مجلس الأمن بالضغط على إسرائيل لتطبيق وقف إطلاق النار