ضمن الفعاليات الثقافية لمعرض الدوحة الدولي للكتاب في دورته الرابعة والثلاثين، أقيمت ندوة بعنوان "إشكالية الرواية العربية: رؤية نقدية"، شارك فيها الناقد والأكاديمي السعودي الدكتور عبدالله العقيبي وأدارها السيد عبدالرحمن الدليمي، مدير إدارة الثقافة والفنون بوزارة الثقافة.

وشهدت الندوة، التي حضرها جمع من المثقفين وجمهور المعرض، طرح رؤى معمقة حول مكانة الرواية العربية وتحدياتها المعاصرة، خاصة في علاقتها بالواقع وبالمؤسسة النقدية، فضلا عن الشروط الفنية والجمالية للرواية العربية.

واستعرض الدكتور العقيبي في البداية أهم المحطات التاريخية للرواية العربية منذ ظهورها بقالبها الفني في ثلاثينيات القرن الماضي وصولا إلى العصر الحديث والتطور الهائل في الرواية وأشكالها المختلفة، مشددا على أن العمل الروائي لايمكن أن ينمو ويتطور بالعقلية ذاتها التي تدير القصيدة أو القصة القصيرة؛ فالرواية، بما لها من امتداد زمني وبنيوي، تحتاج إلى عقلية قادرة على الصبر، والتقاط التفاصيل، والغوص في بنية الحياة لا الاكتفاء بتزيينها.

وقال إن الروائي الحقيقي يحتاج إلى أدوات مركبة، وإلى قدرة على التحاور مع الواقع، والانفتاح على الشخصيات لا التحكم بها، مشيرا إلى أن الشخصية الروائية أحيانا تتمرد على الكاتب، وتغير مصيرها، وتفرض منطقا سرديا جديدا، مما يعني أن الكتابة الروائية لا تخضع فقط للتخطيط، بل للحوار الحي مع النص أثناء إنجازه.

وأضاف: "الروائي الجاد يشبه الباحث، يحمل الفكرة ويعيش معها شهورا وربما سنوات. ومن هنا، فإن الأشخاص الذين تمرسوا بعقلية الباحث، واعتادوا مرافقة الفكرة وتحليلها في العمق، هم الأقدر على إنتاج روايات ذات قيمة حقيقية".

كما انتقد العقيبي بعض التوجهات في كتابة الرواية الحديثة، التي تسقط في فخ الأيديولوجيا، أو تنحاز إلى المستهلك، ما يؤدي إلى تراجع المتعة الفنية التي يجب أن تكون جوهر العمل الروائي، لتحل محلها متعة آنية خالية من الجهد الجمالي والمعرفي، لافتا إلى أن هناك كثيرا من الكتاب يخرجون من دائرة الحياة المعاصرة إلى الرواية التاريخية هروبا من السلطة بمفهومها الأكبر.

وقال إن غياب النظام النقدي المتكامل، أو ضعف التفاعل معه، يؤدي إلى إفقار التجربة الروائية، إذ لابد من استيعاب أدوات النقد لا اتباعه حرفيا، بل التفاعل معه بوصفه اقتراحا فنيا يثري النص ويحفزه، مؤكد في الوقت ذاته على ضرورة التوازن بين الموضوع والفن هو ما يجعل من عمله مثالا على الرواية التي تتجاوز الطرح المباشر، وتنفذ إلى جوهر الإنسان.

وأكد أن اختيار الموضوعات الإنسانية كموضوعات للرواية يجعلها أبقى بخلاف الأعمال التي تنتهج أيديولوجيا أو طابعا نخبويا.

وقال في النهاية إن الرهان اليوم يجب أن يكون على القارئ الذي يتحمل عناق الفكرة، لا الذي يبحث عن متعة عابرة أو رأي سريع، فالرواية العظيمة لا تستعجل تأثيرها، بل تتجذر وتبني وعيا لا يمحى بسهولة.

المصدر: العرب القطرية

كلمات دلالية: أخبار مقالات الكتاب فيديوهات الأكثر مشاهدة

إقرأ أيضاً:

لبنان تستعيد زخمها الثقافي مع انطلاق الدورة 66 لمعرض بيروت للكتاب

قالت سلوى السنيورة، رئيسة معرض بيروت الدولي للكتاب، إن المعرض هذا العام يأتي في لحظة استثنائية بعد توقف الحرب في لبنان، ويُعدّ تعبيرًا حيًّا عن روح النهوض والإصلاح التي يشهدها البلد، مؤكدة أن بيروت، التي حملت لقب "العاصمة العالمية للكتاب" عام 2009، تستعيد اليوم دورها الثقافي الرائد عبر إقامة هذا الحدث البارز رغم التحديات.

اليونيفيل قلقة من استهداف قواتها قرب كفر شوبا جنوب لبنانلبنان.. قرار عاجل من وزير الدفاع بشأن محافظات بيروت والبقاع وبعلبك الهرملمن لبنان.. ملك أحمد زاهر تخطف أنظار جمهورها برفقة والدهانواف سلام يؤكد ضرورة الانسحاب الإسرائيلي الكامل من لبنان

وأضافت السنيورة في مداخلة ببرنامج "صباح جديد"، المذاع على قناة "القاهرة الإخبارية"، ويقدمه الإعلاميين فادي غالي وشيرين غسان وشروق وجدي، أن الدورة الـ66 من المعرض، التي تأجلت بسبب الأوضاع الأمنية في نهاية 2024، تقام الآن بمبادرة من النادي الثقافي العربي، وتُعدّ تظاهرة ثقافية كبرى بمشاركة 134 دار نشر من لبنان والعالم العربي، بالإضافة إلى حضور دولي مميز من فرنسا، مصر، الإمارات، وقطر، فضلًا عن عدد من المعاهد الثقافية والبعثات الدولية.

وأوضحت أن المعرض لا يقتصر على عرض الإصدارات الجديدة فقط، بل يشمل برنامجًا ثقافيًا غنيًا يضم 66 ندوة فكرية وأدبية، تتناول قضايا الساعة في الفكر والأدب والمسرح والموسيقى والسياسة والتاريخ، وذلك بموازاة عدد من الفعاليات الفنية والمعارض التخصصية.

وأكدت السنيورة أن المعرض يشمل أيضًا أنشطة مخصصة للأطفال وفعاليات متنوعة تُناسب مختلف الفئات العمرية، ما يجعله حدثًا ثقافيًا شاملًا.

وعن الإقبال المتوقع، عبّرت عن تفاؤلها بعودة الجمهور اللبناني من مختلف المناطق إلى المعرض، رغم التحديات الاقتصادية والأمنية، مؤكدة أن الشغف بالكتاب لا يزال حاضرًا في وجدان اللبنانيين.

وفي ختام اللقاء، توجهت بالشكر لكل الدول العربية المشاركة والداعمة، متمنية أن تكون هذه الدورة خطوة جديدة في مسار النهضة الثقافية اللبنانية والعربية.

طباعة شارك بيروت لبنان معرض بيروت الدولي معرض بيروت

مقالات مشابهة

  • «النهر المحترق».. ديوان شعرى يشارك فى معرض فنزويلا الدولي للكتاب
  • سلام في افتتاح معرض بيروت للكتاب: للتطبيق الكامل لاتفاق الطائف
  • معرض الدوحة الدولي للكتاب يناقش إشكاليات كتابة التاريخ الفلسطيني
  • دور النشر القطرية.. منصات ثقافية تضيء أروقة معرض الدوحة الدولي للكتاب
  • فنانون يجسدون شعار من النقش إلى الكتابة في معرض الدوحة الدولي للكتاب
  • لبنان تستعيد زخمها الثقافي مع انطلاق الدورة 66 لمعرض بيروت للكتاب
  • هيئة الأدب والنشر والترجمة تختتم مشاركة الرياض في معرض بوينس آيرس الدولي للكتاب
  • الشؤون الإسلامية.. 5000 نسخة من المصحف الشريف لزوار معرض الدوحة للكتاب
  • ركن “الشؤون الإسلامية” يهدي قرابة 5000 نسخة من المصحف الشريف لزوار معرض الدوحة الدولي للكتاب