العقوبات الأمريكية والمزيد من العزلة والمعاناة
تاريخ النشر: 25th, May 2025 GMT
١
اشرنا سابقا كيف ان العقوبات الأمريكية المزمع تطبيقها سوف تزيد المعاناة والمزيد من تدهور الأوضاع المعيشية والاقتصادية والصحية والأمنية، وتفتح الطريق للتدخل الخارجي، كما حدث في العراق. الخ، فقد أعلنت وزارة الخارجية الأمريكية يوم الخميس أنها توصلت إلى استنتاجات تفيد بأن الجيش السوداني قد استخدم أسلحة كيميائية خلال الصراع ضد قوات الدعم السريع.
ومن آثار العقوبات، سوف يتم منع جميع الممتلكات والمصالح المتعلقة بالأشخاص المذكورين أعلاه، والتي تقع في الولايات المتحدة أو تحت حيازة أو سيطرة مواطنين أمريكيين، ويجب الإبلاغ عنها إلى مكتب مراقبة الأصول الأجنبية. علاوة على ذلك، يُحظر أي كيانات تُمتلك بشكل مباشر أو غير مباشر، سواء بشكل فردي أو جماعي، بنسبة 50% أو أكثر من قبل شخص أو أكثر من الأشخاص الممنوعين.
تحظر العقوبات الأمريكية بشكل عام جميع المعاملات التي يقوم بها الأفراد الأمريكيون أو التي تتم داخل الولايات المتحدة أو عبرها، والتي تتعلق بأي ممتلكات أو مصالح تخص أشخاص معينين أو محظورين بطريقة أخرى. يمكن أن تؤدي انتهاكات العقوبات الأمريكية إلى تطبيق عقوبات مدنية أو جنائية على كل من المواطنين الأمريكيين والأجانب. ويحق لمكتب مراقبة الأصول الأجنبية فرض عقوبات مدنية على انتهاكات العقوبات بناءً على مبدأ المسؤولية المطلقة.
٢
تعيدنا العقوبات الأمريكية الي مربع سنوات نظام الانقاذ الذي فتح الباب على مصراعيه لدخول الإرهاب الدولي إلى البلاد بمختلف أشكاله، مما أدى لوضع البلاد في قائمة الدول الراعية للإرهاب، ولم يتم الرفع منها الا بعد ثورة ديسمبر 2018. فقد كان انقلاب ٣٠ يونيو ١٩٨٩ كارثة بحق حلت بالبلاد وشعب السودان، جاء الانقلاب ضد نظام ديمقراطي منتخب، وبعد أن توصلت الحركة السياسية السودانية بعد حوار طويل وشاق مع الحركة الشعبية إلي اتفاق لحل مشكلة الجنوب " اتفاق الميرغني – قرنق" لوقف الحرب والسلام في إطار وحدة البلاد، وعقد المؤتمر الدستوري . لكن الانقلاب قطع الطريق أمام ذلك ، واشعل نيران الحرب الجهادية في الجنوب التي أدت إلى استشهاد حوالي مليون ونزوح 4 مليون مواطن جنوبي ، وكانت النتيجة النهائية كارثة فصل الجنوب. كما تم تكوين مليشيات الدعم السريع، واتسعت الحرب لتشمل جنوب كردفان وجنوب النيل الأزرق ، ودارفور، مما أدي لأكبر مأساة إنسانية وإبادة جماعية أدت في دارفور لمقتل أكثر من ٣٠٠ ألف شخص ونزوح ٢ مليون عام ٢٠٠٣،مما جعل البشير ومن معه مطلوبين للمحكمة الجنائية الدولية . ومارس النظام أقصي درجات المراوغة في الحوار ونقض العهود والمواثيق ، والاتفاقات مع الحركات والأحزاب، التي كانت يمكن أن تفضي لحلول لأزمة البلاد ، مما أعاد إنتاج الحرب والأزمة بطريقة أعنف من السابق اضافة لمصادرة الحريات والقمع ونهب ثروات البلاد، والتفريط في السيادة الوطنية، مما أدي لانفجار ثورة ديسمبر ٢٠١٨ التي أطاحت بالبشير، وقطع انقلاب اللجنة الأمنية للنظام البائد مسارها، اضافة لمجزرة فض الاعتصام، ومجازر ما بعد انقلاب 25 أكتوبر الذي أعاد التمكين للطفيلية الاسلاموية، قاد الصراع علي السلطة والثروة، الذي اتخذ شكل مدة دمج الدعم السريع في الجيش في الاتفاق الإطاري الي الحرب اللعينة الجارية حاليا التي دمرت البلاد والعباد، وقاد للمزيد من العزلة وتدهور الأوضاع الإنسانية التي سوف تصبح أوسع بعد العقوبات الأمريكية.
٣
كل ذلك يتطلب أوسع نهوض جماهيري لوقف الحرب واسترداد الثورة، وإسقاط الانقلاب العسكري، وقيام الحكم المدني الديمقراطي، والتمسك بوحدة السودان وسيادته الوطنية في وجه المخطط لتكوين الحكومة الموازية، التي تهدد وحدة البلاد وتطيل أمد الحرب.
alsirbabo@yahoo.co.uk
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: العقوبات الأمریکیة
إقرأ أيضاً:
إعادة بناء.. أول تعليق من سوريا بعد رفع العقوبات الأمريكية
أعربت وزارة الخارجية السورية، اليوم السبت، عن ترحيبها بقرار الحكومة الأمريكية القاضي برفع العقوبات عن سوريا
وجاء في بيان للخارجية السورية: "ترحب الجمهورية العربية السورية بالقرار الصادر عن الحكومة الأمريكية، القاضي برفع العقوبات التي فرضت على سوريا وشعبها لسنوات طويلة، والذي ينص على إصدار إعفاء من العقوبات الإلزامية بموجب قانون قيصر، وتعميم ترخيص عام رقم 25 بشأن سوريا (25) (CL)، وتعتبره خطوة إيجابية في الاتجاه الصحيح للتخفيف من المعاناة الإنسانية والاقتصادية في البلاد".
وأضاف البيان: "تؤكد وزارة الخارجية والمغتربين أن سوريا تمد يدها لكل من يرغب في التعاون. على أساس الاحترام المتبادل وعدم التدخل في الشؤون الداخلية، وتؤمن بأن الحوار والدبلوماسية هما السبيل الأمثل لبناء علاقات متوازنة تحقق مصالح الشعوب وتعزز الأمن والاستقرار في المنطقة".
وتابع البيان: "كما تعرب سوريا عن تقديرها لجميع الدول والمؤسسات والشعوب التي وقفت إلى جانبها، وتؤكد أن المرحلة المقبلة ستكون مرحلة إعادة بناء ما دمره النظام البائد، واستعادة مكانة سوريا الطبيعية في الإقليم والعالم".
من جانبه، أعلن وزير الخارجية الأمريكي، ماركو روبيو، مساء أمس الجمعة أن قرار الولايات المتحدة بتعليق العقوبات المفروضة على سوريا يمثّل نقطة انطلاق نحو بناء علاقات جديدة بين البلدين، في خطوة هي الأولى من نوعها منذ اندلاع النزاع السوري قبل أكثر من عقد.
وجاء في بيان أصدرته وزارة الخارجية الأمريكية أن هذه الخطوة تأتي "تماشيًا مع رؤية الرئيس دونالد ترامب لإعادة تشكيل العلاقات مع سوريا"، مؤكدًا أن واشنطن تمنح الحكومة السورية الحالية "فرصة للمساهمة في السلام والاستقرار، سواء داخل البلاد أو في علاقاتها مع محيطها الإقليمي".
وأوضح روبيو في بيانه أن التخفيف الفوري للعقوبات لن يكون دون مقابل، حيث أكد أن الرئيس ترامب يتوقع "خطوات سريعة وملموسة" من الحكومة السورية الجديدة في مجالات السياسة التي تعتبرها الولايات المتحدة ذات أولوية، دون أن يحددها بشكل دقيق. وأضاف أن الإدارة الأمريكية "ستقيّم مدى التقدم بناءً على الأفعال لا الأقوال"، ما يشير إلى وجود شروط ضمنية لاستمرار الانفتاح الأمريكي.
بالتوازي، أعلنت وزارة الخزانة الأمريكية أنها أصدرت الترخيص العام رقم 25، الذي يسمح بتخفيف فوري للعقوبات المفروضة على سوريا، ويشمل الرئيس السوري أحمد الشرع، ووزير الداخلية أنس خطاب، إضافة إلى عدد من المؤسسات الحكومية والشركات.
وأوضحت الوزارة أن القرار يستند إلى "تعهد الحكومة السورية الجديدة بعدم إيواء التنظيمات الإرهابية، وضمان أمن الأقليات الدينية والعرقية"، مشددة على أن الولايات المتحدة ستواصل مراقبة الوضع الميداني في سوريا عن كثب.
وأكد وزير الخزانة سكوت بيسينت أن هذا القرار يشكّل "بداية فعلية لتنفيذ التوجيهات الرئاسية" ويهدف إلى تشجيع الاستثمارات الجديدة في سوريا، لا سيما في البنى التحتية والقطاع المالي، بما يعزز مساعي الاستقرار والتنمية.