شبكة انباء العراق:
2025-06-01@08:11:12 GMT

مرارات فوق البحر الاحمر

تاريخ النشر: 28th, August 2023 GMT

بقلم: د. مظهر محمد صالح ..

دخل مكتبي ، رجل أشيب الرأس متوسط القامة ، عرف نفسهُ بأنه أستاذ الاقتصاد الكمي في واحدة من جامعات جنوب العراق ، ثم اخذ مجلسه على اول كرسي في الطرف الايمن من مكتبي ليبادرني القول مبتسماً هل رأيتني من قبل ؟ اجبته ربما ، هنا اطلق الرجل اساريره وعلت الابتسامة ثغره ثانيةً قائلاً :ما اسهل الكلام وما اشق اللحظات والمواقف …! و واصل حديثه ، انه من الصعب عليك ان تتذكرني مالم اكرر ما حدث لنا سوية قبل (اكثر من اربعين عاما ).


هنا توقف الرجل من فوره ملتزماً الصمت ليتركني في دوامة الانفعالات وانا ابحث عن الاستفهام والشوق الى المجهول ، حيث كان من ايسر الامور على نفسي في تلك اللحظات هي الغربة المتسارعة بين بحر الوجد وبحر الامل .ثم استدركت وانا ابحث في يقيني صفحة قديمة ليقلبها هذا الرجل في تاريخي الشخصي المليء بالمتاعب والمحن !! هنا اجبت الدكتور محمد القادم من الجنوب ، لا اتذكر يا استاذ ،فان سوء الحظ قد سلط علينا عدواً اسمه الافكار فغزانا من داخل ذكرياتنا وعبث فيها ايما عبث
خلال العقود العجاف الماضية ،فربما كان الحادث المشترك بيننا فريسة لقهر معُذب ، ولكن لابد من بلوغ الحقيقة.
تبسم الدكتور محمد ثانية وهو من شاطرني البؤس والخوف والهم فوق سماء البحر ، قائلاً لا اسعى الى هذه المقابلة العسيرة ولكن جئت كي اذكرك ما حصل لنا على متن الطائرة الخاصة الرسمية الحديثة الصنع والتي تحمل عنوان : Lockheed JetStar….!!!
هنا انسكب سم القلق ليبتعد عن نفسي ،فاطلقت ضحكة عالية قائلًا له كيف لا اتذكر وانت من جلس الى جانبي في تلك الطائرة التي اريد لها ان تسقط في الشعب المرجانية للبحر الاحمر!!! .
ففي شهر أيار /مايو من العام 1980 حملتنا طائرة رسمية صغيرة حديثة الصنع ،وفي اول طيران لها بعد قدومها من الولايات المتحدة وهي تتسع لمجموعة لايزيد عددها على عشرة اشخاص ، مُتسمةً بطابعها البيروقراطي من حيث طغيان الجلد الابيض الثمين على مقاعدها وسيادة اللون الذهبي على مقابضها المعدنية ومواسير المياه ، ويوحي لك مجلسها وانت داخلها شدة المكتبية الحكومية وطغيانها ، وهي محلقة في السماء مواصلةً رحلتها من بغداد الى دار السلام عاصمة تنزانيا الواقعة قبالة الساحل الشرقي لافريقيا .اذ حملت الطائرة وفدا رسميا فنيا يراسه سياسي كبير صوب هذه الدولة الفقيرة ، لتحظى حكومة الرئيس جوليوس نايريري بقرض من الاموال التي وفرتها ريوع دورة الاصول النفطية التي تراكمت في نهاية سبعينيات القرن الماضي قبل ان تفنى موارد البلاد في حرب هوجاء في الاشهر اللاحقة .
ففي سماء البحر الاحمر اخذت طائرة JetStar بالنزول تدريجياً من مستوياتها العالية وصارت تلامس لمعان الامواج الا قليلاً ، ولم يمر حينها من امامي سوى ذلك الشاب مهندس الطائرة الذي حانت منه شدة نظره الى ارض الطائرة وان مفاصله ترتعد خوفاً صامتًا وهو يذهب مسرعاً بين مقدمة الطائرةً ويعود الى مؤخرتها بذهن مشتت . فالمنظر وسيناريو الاحداث اللحظية بات مرعباً ولم يبرح مخيلتي .اما زميلي محمد الذي جلس الى جانبي فقد حمل منظر البحر فوق راسه وهو ينظر الي بعينٍ متلصصة حذره ، وغدا كلانا يختلس الخوف بالنظر نحو مهندس الطائرة لنتسائل ما الخطب ايها الرجل ؟ فكانت اجابته لاشيء . ولم يفصح وجه ذلك الشاب المهندس عن تعبير محسوس في مفاصل وجهه ، سوى سحنة واحدة تدفع اساريره صوب الخوف بلا حذر.وظل يسرع الذهاب والاياب وهو يتمتم في نفسه ليقتنص فرصة للحزن الداكن بعد ان طغى الخوف على انفاسه.
هبطت الطائرة على مدرج طاريء في مدينة جدة ، واحاطتها في الوقت نفسه عدد من سيارات الاطفاء والاسعاف من كلا الجانبين لتواكب الطائرة بسرعات عالية وهي تترنح على مدرج الهبوط الاضطراري.
مضت ساعات قليلة من الانتظار ولم يكتشف فريق الصيانة التابع لشركة لوكهيد اي عطل ، بعد ان اشروا فجأة ان هناك عطل متعمد بفتح الملفات الفولاذية التي تربط مقدمة الطائرة في بدنها ، وهو فعل مروع اريد منه احداث خلل في توازن الضغط داخل الطائرة نفسه ، ما قد يتيح سقوطها بعد قطعها مسافات محددة.
انتهت اللعبة وواصلنا الطيران صوب العاصمة التنزانية دار السلام ونحن جميعا نغفوا بصمت مطبق ،لنذهب في اليوم التالي مباشرة الى وزارة المالية التنزانية التي كتب على مدخل بوابتها و باللغة السواحلية ( وزارة يا فدا) اي (وزارة الفدية او المال). استدركت في نفسي ما هي الفدية التي ستدفع الى الحكومة التنزانية ؟ هل نحن ام القرض ؟انه المال المجهول الذي افتتحنا به رحلتنا الى شرق افريقيا بالتقلب على ظهر طائرة JetStar فوق البحر الاحمر !!! ام انه يوم لاتكفي فيه الفدية و لاتمضي الا في رحلة هابطة نحو اعماق مياه البحر الاحمر، كي تنعقد المكيدة .
ضمت الطائرة شخصية اقصيت من مناصبها كافة بعد العودة بفترة قليلة كي اتيقن انها المكيدة الخفية . فربما لا تصنف مثل هذه الحوادث بالصدف القدرية طالما ظلت ايادي الخصومة تتهاوى من امامي وهي تدير مكرها بخبث محكم لترمي مراراتها في النهاية كضحايا فوق البحر الاحمر.

المصدر: شبكة انباء العراق

كلمات دلالية: احتجاجات الانتخابات البرلمانية الجيش الروسي الصدر الكرملين اوكرانيا ايران تشرين تشكيل الحكومة رئيس الوزراء المكلف روسيا غضب الشارع مصطفى الكاظمي مظاهرات وقفات البحر الاحمر

إقرأ أيضاً:

كيف علّق يمنيون على تدمير الطائرة الوحيدة في صنعاء؟

أثار القصف الجوي الإسرائيلي الذي استهدف مطار صنعاء الدولي موجة واسعة من الجدل والاستنكار على منصات التواصل الاجتماعي، خاصة بعدما طال الهجوم الطائرة المدنية الوحيدة المتبقية لدى حكومة جماعة الحوثي في العاصمة صنعاء.

ونشر خالد الشايف، مدير عام مطار صنعاء الدولي، مقطع فيديو يوثق احتراق الطائرة إثر استهدافها من قبل سلاح الجو الإسرائيلي أمس الأربعاء.

كما نشر لاحقا مقطعا آخر قال إنه يظهر عملية إخلاء الطائرة التابعة للخطوط الجوية اليمنية قبل لحظات من استهدافها.

مشاهد لاخلاء طائرة الخطوط الجوية اليمنية قبل استهدفها من قبل العدو الصهيوني بالحظات . pic.twitter.com/yhkLt2l1Dj

— Khaled alshaief خالد الشايف (@KAlshaief) May 29, 2025

من جانبها، أصدرت الخطوط الجوية اليمنية بيانا استنكاريا، وصفت فيه الحادث بأنه "جريمة جديدة تُضاف إلى سجل الاحتلال الصهيوني المخزي والدامي".

وأوضحت الشركة أن الطائرة المستهدفة تعرضت لهجوم مباشر وجبان "قبل لحظات فقط من بدء صعود الركاب من حجاج بيت الله الحرام إلى متنها، ضمن رحلة تفويج مجدولة، حاصلة على كافة التصاريح اللازمة للهبوط والتشغيل والإقلاع من جميع الجهات المعنية".

بيان تنديد

في جريمة جديدة تُضاف إلى سجل الإحتلال الصهيوني المخزي والدامي، تعرّضت صباح اليوم طائرة أخرى لإستهداف مباشر وجبان، وذلك قبل لحظات فقط من بدء صعود الركاب من حجاج بيت الله الحرام إلى متنها، ضمن رحلة تفويج مجدولة، حاصلة على كافة التصاريح اللازمة من جميع الجهات المعنية.

— Yemenia-Yemen Airways (@yemenairway) May 28, 2025

إعلان

وتفاعل رواد مواقع التواصل مع الخبر، ليطرح العديد منهم التساؤلات حول الجهة المسؤولة عن دمار الطائرة المتبقية.

إذ تساءل بعضهم: لماذا لم تُنقل الطائرات إلى مطار عدن رغم العلم المسبق بأن مطار صنعاء قد يكون عرضة للاستهداف الإسرائيلي؟.

لماذا لم يتم نقل الطائرات الى مطار عدن وهم يعلمون ان العدو الاسرائيلي سيقصف مطار صنعاء

— moshn9302 (@moshn9302) May 29, 2025

لم يوافق التحالف على اعطاء تصاريح اقلاعها هذا نقلا عن مختصين فى اليمنيه

— : المستشار: عبدالله الكيلاني (@hady_shrf) May 29, 2025

ورد ناشطون بأن استهداف الطيران المدني، لاسيما في أوقات السلم أو المناسبات الدينية مثل موسم الحج، يُعد جريمة مدانة بكل المقاييس ولا يمكن تبريرها.

وفي تعليقات مؤثرة، كتب أحد المتضررين "كل مرة نحاول نتمسك بأمل بسيط، يجي عدوان جبان يقصفه حرفيا! هذه ليست مجرد طائرة… هذا باب كان يمكن أن يعيدنا لأهلنا، لأرضنا، لأحلامنا المعلقة منذ سنوات".

وأضاف "كنت أنتظر هذه الرحلة، وكان هذا آخر أمل لي بالعودة. الاستهداف ليس استهدافا لطائرة فحسب، بل هو استهداف للأمل، ولحقنا الطبيعي في التنقل والرجوع للوطن. نطالب برفع الصوت محليا ودوليا، فهذا عدوان على شعب كامل".

آخر طائرة للخطوط الجوية اليمنية تم قصفها قبل قليل ، وبهكذا يتقفل مطار صنعاء رسمياً

كان طيران اليمنية يشتغل بشكل رسمي لمدة ثمان سنوات لكل اليمنيين ، حتى أختطف الحوث ،يين ٤ طائرات وأعلنوا أن هذا نصيبهم وجمدوا أرصدة طيران اليمنية .

سيتجرع اليمنيين الآن الويل والتعب وسينال المرضى… pic.twitter.com/TfdZRIHjnW

— سارة عبدالجليل (@JlylSart) May 28, 2025

في المقابل، حمّل آخرون قيادة شركة الخطوط الجوية اليمنية ومديريها المسؤولية عن تدمير الطائرات، مشيرين إلى أن سلطات المطار كانت قد أُبلغت مسبقا بموعد القصف، ومع ذلك لم يتم نقل الطائرات إلى مطارات بديلة، مما عرض ممتلكات الشركة للتدمير في مطار صنعاء، وفق رأيهم.

إعلان

وكتبت إحدى المعلقات "أنتم المسؤولون، سمحتم للطائرة بالذهاب إلى مطار صنعاء وأنتم تعلمون أنه مستهدف، وشاهدتم قصف الطائرات فيه مسبقا. لماذا لم تعيدوها إلى عدن أو سيئون؟".

وطالب المتضررون والمنظمات المحلية والدولية بمحاسبة إسرائيل على هذه الجريمة وإيجاد حلول تحمي المدنيين وحقهم في التنقل الآمن.

إدارة طيران اليمنية هو من يتحمل تكلفة الطيران

— جميل علي القشائي (@Alqshaeegmil) May 28, 2025

مقالات مشابهة

  • ⛔ لاحظ التعابير التي استخدمها فيصل محمد صالح في هذا اللقاء
  • محمد الحوثي يكشف تفاصيل عبور حاملة طائرات بريطانية البحر الاحمر
  • لقطات لطائرة الخطوط السعودية بعد تعرضها لحادث تصادم أرضي
  • ترامب يتحدث عن كلفة تعديل الطائرة التي حصل عليها من قطر
  • خبير إستراتيجي: لأول مرة تقف مصر بدون حليف أمام المخاطر التي تواجهها
  • محمد محيي الدين والوضاءة التي كانت عبر مناديله العديدة
  • “بشر الوالي بعودة مدينة الفولة” .. عضو السيادي الفريق أول كباشي يؤكد حرص الحكومة على تذليل التحديات التي تواجه غرب كردفان
  • مزعجون في الأرض والسماء !
  • وكيل وزارة التموين بالبحر الأحمر يتابع العمل داخل محطات الوقود ومصنع البوتاجاز بالغردقة
  • كيف علّق يمنيون على تدمير الطائرة الوحيدة في صنعاء؟