بعد 150 عاماً من التنقيب.. اكتشاف قرية من العصر الحجري في فرنسا
تاريخ النشر: 28th, August 2023 GMT
كُشفت آثار مساكن دائمة هذا الصيف في الموقع الأثري من العصر الحجري في منطقة مستنقعات سان غون بشمال شرق فرنسا، تعطي صورة على قدر استثنائي من التكامل عن التنظيم الاجتماعي في تلك الحقبة من التاريخ، وذلك بعد 150 عاما على اكتشاف أولى الأدوات الحجرية في الموقع الأثري.
وأوضح الباحث في المركز الوطني للبحث العلمي CNRS ريمي مارتينو، الذي كان قد حدد موقع القرية مع فريقه، «إنها آخر قطعة من الأحجية كانت تنقصنا».
وقال إن هذا الاكتشاف يشكل محطة هامة لفهم «التنظيم الاقتصادي والاجتماعي والجغرافي في العصر الحجري»، مشيرا إلى «عدم وجود مثيل» لهذه المجموعة المتكاملة في أوروبا.
وأوضح «كان الموقع منظما وفق هيكلية كاملة، نجد فيه أسس مجتمعنا».
ورصد علماء الآثار في منطقة مستنقعات سان غون حتى الآن 15 منجم صوّان كبيرا موزّعة على مساحة 450 هكتارا، و135 مدفنا جماعيّا تحت الأرض. كما عثر الباحثون منذ اكتشاف أولى أدوات الصوّان قبل قرن ونصف، على خمسة شواهد مقابر صخرية ضخمة وعشر كتل حجريّة لصقل الفؤوس وحقول مزروعة عن طريق حرق الأراضي.
وجرى اكتشاف هذه القرية الأثرية التي تعود إلى العصر الحجري الحديث (بين 3500 و3000 قبل الميلاد) في وسط الصيف، حين رصدت حفرة لإقامة سور يعود إلى تلك الحقبة من التاريخ على مسافة عشرة كيلومترات إلى جنوبه. وكان السور يلتفّ حول تلّة محيطا بمساحة تقدر في الوقت الحاضر بهكتار، بحسب التقديرات التي أنجزت أخيراً في المنطقة المستخدمة اليوم للزراعة. وبعد ذلك، تم كشف مبنى أوّل على شكل قبّة داخل السور وحفرة كبيرة للنفايات قطرها 20 مترا، إضافة إلى آبار في الخارج. وكان سكان القرية مزارعين ومربي مواشٍ استقروا على مقربة من منبع ماء، فوق طبقة من المياه الجوفية.
1758 «هاري بوتر»... في ألمانيا منذ 16 ساعة «جريمة كراهية» توقع 3 قتلى في فلوريدا منذ 16 ساعة
وجرت هذه الاكتشافات المتتالية في سياق برنامج أبحاث أطلقه المركز الوطني للبحث العلمي قبل عشرين عاما. وشارك خمسون شخصاً بالإجمال في الحملة الأخيرة، بينهم باحثون في مختلف القطاعات من فرنسا والخارج، يساعدهم عشرون «منقّبا» معظمهم طلاب في علم الآثار.
المصدر: الراي
كلمات دلالية: العصر الحجری
إقرأ أيضاً:
عودة القاهرة إلى الخطوط الأمامية: قراءة في دبلوماسية الموقع والتاريخ
عصام عباس
من يتابع المشهد في الشرق الأوسط هذه الايام، يدرك أن القاهرة عادت لتتحرك بثقة في محيطها، محاولةً استعادة الدور الذي طالما تميزت به كقوة إقليمية صاحبة تأثير وقرار. فبعد سنوات من الانكفاء الداخلي، تبدو مصر وكأنها تعيد ترتيب أوراقها ورسم حدود نفوذها في سباق سياسي شديد التنافس.
تراجع مؤقت… وأسباب واضحة
لم يكن تراجع الدور المصري خلال السنوات الماضية وليد الصدفة، بل نتيجة طبيعية لظروف داخلية وإقليمية معقدة.
فمنذ انتفاضة ٢٠١١ وما تبعها من اضطرابات سياسية واقتصادية، انشغلت الدولة المصرية بإعادة بناء الداخل وتأمين استقرارها، وهو ما انعكس على حضورها في الملفات الإقليمية. الأزمة الاقتصادية المستمرة بدورها كبّلت حركة السياسة الخارجية وفرضت على القاهرة أولويات جديدة.
وفي المقابل، صعدت قوى إقليمية جديدة إلى الواجهة، مستغلة الفراغ الذي تركه التراجع المصري، ونجحت في التحرك بحرية في ملفات كانت مصر اللاعب الرئيسي فيها لعقود. هذه التطورات تسببت في تغير المشهد الإقليمي، ووجدت القاهرة نفسها مطالبة بإعادة التموضع.
العودة إلى الواجهة
مؤخرا، يبدو أن مصر قررت استعادة موقعها القيادي والريادي في الإقليم.
ففي ملف القضية الفلسطينية، استطاعت القاهرة أن تستعيد دور الوسيط المركزي بديلا عن الدوحة، معتمدة على حدودها المباشرة مع غزة وعلى تاريخ طويل من السلام يربطها بإسرائيل. فقد قادت جولات تفاوضية مكثفة بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية، وكان اجتماع شرم الشيخ الأخير مثالاً واضحاً على هذا الحضور المصري المؤثر في هذا الملف الشائك.
ليس فقط الرغبة في لعب دور الوسيط هو ما دفع مصر الي التصدي لهذا الملف المعقد ، ولكن ايضا لمواجهة المطالب الإسرائيلية والأمريكية التي دعت إلى تهجير سكان غزة نحو سيناء، فقد أعلنت القاهرة موقفها الحاسم بالرفض المطلق، مؤكدة أن أمنها القومي خطا احمرا وليس قابل للتفاوض. هذا الموقف، يحمل بعدا أمنيا داخليا، إذ تسعى مصر لمنع أي فراغ أو اختراق قد تستغله الجماعات المتطرفة على حدودها الشرقية.
ملفات الأمن والحدود والمياه
التحركات المصرية لا تتوقف عند حدود غزة. فالقاهرة تدرك أن استقرار جوارها المباشر في ليبيا والسودان ضرورة لأمنها الداخلي. لذا، تنخرط بفاعلية في مسارات الوساطة والتهدئة في البلدين، في محاولة لاحتواء الفوضى ومنع تدفق اللاجئين أو تمدد الميليشيات المسلحة إلى أراضيها.
أما ملف سد النهضة الإثيوبي، فيبقى العنوان الأبرز لأمن مصر الاستراتيجي. فالقاهرة تعتبر مياه النيل مسألة وجود، وتخوض مفاوضات مضنية مع أديس أبابا لتأمين حقوقها التاريخية، مدركة أن الصراع على المياه قد يتحول إلى اختبار حقيقي لمدى تأثيرها في القارة الأفريقية.
ما وراء الحراك المصري
لا شك أن هذا الحراك يعكس إدراك القيادة المصرية أن استعادة الريادة الإقليمية ليس امرا ثانويا، بل ركيزة لوجود ومستقبل مصر. فالقوة الإقليمية تمنح القاهرة نفوذا تفاوضيا على الساحة الدولية، وتعيد إليها صورتها التاريخية كركيزة للاستقرار في الشرق الأوسط وأفريقيا.
اختم بالقول ان القاهرة تتحرك بخطوات محسوبة لإعادة تثبيت مكانتها في معادلة الشرق الأوسط.
هذا التحرك ليس بخافيا على عين المنافس أو الخصم وبالتالي قد لا تكون استعادة النفوذ أمرا سهلا في ظل الديناميكيات الاقليمية والتحديات الاقتصادية، لكن المؤكد أن مصر عادت لتقول كلمتها، وأن شرم الشيخ لم تعد مجرد منتجع سياحي، بل ساحة دبلوماسية تعيد رسم توازنات المنطقة في مواجهة العواصم الطموحة، وفي مقدمتها الدوحة واديس ابابا.