آخر تحديث: 11 يونيو 2025 - 12:32 مبقلم: خير الله خيرالله  تعكس الأزمة المتصاعدة بين الحكومة الاتحادية في العراق وإقليم كردستان أزمة حكم ذات طابع عميق يصعب التكهّن بما إذا كان العراق سيخرج منها يوما.تتحكّم أزمة الحكم هذه ببلد من أهمّ بلدان المنطقة من نواح عدّة. من بين هذه النواحي الثروات العراقية من نفط وغاز، فضلا في طبيعة الحال، عن الأراضي الزراعية.

فإلى ما قبل فترة قصيرة، كان العراق غنيا بالمياه والأنهر التي تخترق أراضيه. لكنّ أحوال العراق، في هذا المجال، أخذت تتغيّر في ضوء تمدّد الصحراء وتقلّص الأراضي المروية.يعاني العراق، الذي يرفض معظم السياسيين فيه مواجهة الواقع، من أزمة حكم منذ الاجتياح الأميركي للبلد في العام 2003. في أساس أزمة الحكم التي تتفاعل يوميا سوء تفسير في العمق للتفاهمات الهشّة التي سبقت مرحلة إسقاط نظام صدّام حسين البعثي – العائلي قبل ما يزيد على اثنين وعشرين عاما.تسببت في تلك التفاهمات الهشة إدارة جورج بوش الابن التي لم تستوعب في حينه المغزى من إسقاط نظام صدّام بالطريقة التي تم إسقاطه بها. كانت الإدارة الأميركيّة تعتقد، وقتذاك، أنّ مجرّد إسقاط النظام العراقي سيجعل الديمقراطية تعمّ دول المنطقة مثل النار في الهشيم. لم تدرك أنّ العراق بعد سنوات طويلة من الدكتاتورية التي تلت سقوط النظام الملكي في 14 تموز – يوليو 1958، لم يكن مهيّأ للعودة إلى صف الدول التي تعتمد نظاما سياسيا يقوم على احترام الدستور والقوانين المعمول بها ومبدأ الفصل بين السلطات.

كان الخطأ الأميركي مكلفا، خصوصا أنّ واشنطن لم تأخذ في الاعتبار أن سقوط العراق في يد إيران سيخلق خللا في التوازن على الصعيد الإقليمي. كان مطلوبا التخلّص من نظام متخلّف تسبب رئيسه بسلسلة من الكوارث على الصعيدين الداخلي والإقليمي. كانت الكارثة الأولى كارثة داخلية ناجمة عن جهل صدّام حسين نفسه بكيفية تطوّر الدول والمجتمعات وبالخطر الناجم عن ترييف المدن. كانت الكارثة الثانية الحرب العراقيّة – الإيرانية التي استمرّت ثماني سنوات بين 1980 و1988. كانت تلك الحرب فخّا أوقعه فيه رجال الدين الإيرانيون الذي استولوا، بقيادة الخميني، على السلطة مع سقوط الشاه في شباط – فبراير 1979. جاءت الكارثة الثالثة مع اجتياح دولة مستقلة هي الكويت. ارتكب الرئيس العراقي الراحل جريمة لم يغفرها أحد له في العالمين العربي والغربي…

بغض النظر عن ارتكابات صدّام، يبقى أنّ الأميركيين لم يستوعبوا معنى تقديم العراق على صحن من فضة إلى “الجمهوريّة الإسلاميّة” عبر الميليشيات المذهبية التي كانت تحتضنها. خاضت تلك الميليشيات الحرب التي تواجه فيها العراق مع إيران طوال ثماني سنوات. حاربت الجيش العراقي، الذي كان يضمّ شيعة وسنّة من دون هوادة. قدّمت الولاء الأعمى للولي الفقيه على كلّ ما عدا ذلك، بما في ذلك مصلحة العراق! من أجل التخلّص من صدّام حسين، بأيّ ثمن، تحالفت إدارة بوش الابن مع إيران التي لم يكن لديها من هدف سوى التخلّص من عدو تاريخي اسمه العراق. لعب الجيش الأميركي، بكل أسف اللعبة الإيرانيّة. خرجت “الجمهوريّة الإسلاميّة” الرابح الوحيد من الحملة العسكريّة الأميركية على العراق. دخل قادة الميليشيات المذهبية العراقيّة التي كانت مقيمة في الأراضي الإيرانية إلى بغداد… على ظهر دبابة أميركيّة. مع مرور السنوات، صارت هذه الميليشيات جزءا لا يتجزّأ من السلطة في العراق تحت تسمية “الحشد الشعبي”. بكلام أوضح، نقلت هذه الميليشيات تجربة “الحرس الثوري” في إيران… إلى العراق.

قبل بدء الحملة العسكريّة الأميركية على العراق في آذار – مارس 2003، وهي حملة توجت في شهر نيسان – أبريل من تلك السنة بالسيطرة على بغداد وفرار صدّام من القصر الرئاسي في اتجاه مسقط رأسه في تكريت، انعقد في لندن مؤتمر للمعارضة العراقيّة. كان ذلك في كانون الأوّل – ديسمبر 2002. صدر عن المؤتمر، الذي كان برعاية أميركية – إيرانيّة، بيان فريد من نوعه يستأهل التوقف عنده. كشف البيان محاولة لاسترضاء الأكراد عن طريق تضمين البيان الختامي عبارة تؤكد أن العراق المقبل “دولة فيدراليّة”. في المقابل، حصلت “الجمهوريّة الإسلاميّة” على الجائزة الكبرى بتضمين البيان عبارة “الأكثريّة الشيعيّة في العراق.” كان ذلك البيان الأول من نوعه في تاريخ العراق الذي يتحدّث عن “الأكثريّة الشيعية”. فرضت إيران تلك العبارة في مقابل تسهيل وجود تمثيل شيعي في مؤتمر لندن.

بعد اثنين وعشرين عاما على قيام نظام جديد في العراق، تبيّن أن ليس في الإمكان التوفيق بين “الفيدراليّة” من جهة ونظام تتحكّم به “الأكثريّة الشيعيّة” من جهة أخرى. كلّ ما في الأمر أنّ الغموض البنّاء في العراق لم يصنع نظاما قابلا للحياة بمقدار ما أنّه يؤسس لأزمات متلاحقة سيكون صعبا على البلد الخروج منها يوما. سيكون ذلك صعبا في ضوء إصرار الحكومة المركزية برئاسة محمّد شياع السوداني، وهي حكومة تتأثّر بما تريده إيران و”الحشد الشعبي” التابع لها، على التعاطي بسلبية مع الطموحات الكرديّة. ليس سرّا أنه يوجد ميل كردي إلى الاستقلال عبر تطوير مفهوم الفيدرالية. حاول الأكراد ذلك في الاستفتاء على الاستقلال في العام 2017. ليس سرّا أيضا أن الظروف الإقليمية والدوليّة حالت، في الماضي، دون تحقيق الأكراد لهدفهم الذي يلقى هذه المرّة دعما أميركيا واضحا. فإلى أي حدّ يمكن لمثل هذا الدعم الأميركي أن يذهب؟ ذلك هو السؤال المهم الذي سيفرض نفسه في المرحلة المقبلة التي سيتبلور فيها حجم الدور الإيراني على صعيد المنطقة التي تضمّ العراق. تظهر “الجمهوريّة الإسلاميّة” رغبة في المحافظة على نفوذها في العراق غير مدركة أنّ أزمة الحكم التي يعاني منها البلد ستأخذه إلى طريق مسدود. إنّه طريق مسدود بالفعل في غياب من يرفض الاعتراف بأن أزمة الحكم هذه تتجاوز العلاقات المتوترة مع الأكراد!

المصدر: شبكة اخبار العراق

كلمات دلالية: الجمهوری ة الإسلامی ة أزمة الحکم فی العراق ة التی

إقرأ أيضاً:

أفضل وجبة خفيفة لتعزيز وظائف الدماغ والذاكرة وتقليل التوتر

كشفت دراسات حديثة عن وجبة خفيفة بسيطة قد تكون مفتاحًا لتعزيز وظائف الدماغ والذاكرة، وهي البيض المسلوق.

أوضح الدكتور “كلينت ستيل”، أخصائي الدماغ والجهاز العصبي المهتم بصحة العقل على المدى الطويل، أن تناول البيض بانتظام – حوالي 4 إلى 6 بيضات أسبوعيًا – يمكن أن يحسن الصحة الذهنية بشكل ملحوظ.

ما هي أعراض نزول حصى الكلى؟ .. 10 علامات احذر منها5 أطعمة تعالج الالتهاب الداخلي وتبطئ الشيخوخة

ففي حين يسعى الكثيرون لتحسين قدراتهم الذهنية بطرق مختلفة، قد يغفل البعض عن أن اختيار وجبة خفيفة مناسبة يمكن أن يحدث فرقًا حقيقيًا.

البيض المسلوق، على سبيل المثال، يحتوي على عناصر غذائية أساسية تُسهم في تحسين التركيز والانتباه، مثل “التيروزين” – وهو حمض أميني معروف بدوره في تعزيز الأداء الذهني وتقليل التوتر.

وليس هذا فحسب، بل تشير الأبحاث إلى أن البيض قد يكون له تأثير إيجابي على الحالة المزاجية أيضًا، ففي دراسة موسعة استمرت 6 سنوات ونشرت عام 2023 في مجلة BMC Psychiatry، تبين أن تناول البيض يقلل من خطر ظهور أعراض الاكتئاب لدى كبار السن.


 

فوائد البيض للدماغ

تحتوي البيضة الواحدة على نحو 78 سعرة حرارية، إلى جانب 6 جرامات من البروتين و5 جرامات من الدهون الصحية. كما أنها غنية بالكولين، وهو مركب أساسي يدخل في تكوين “الأسيتيل كولين”، أحد النواقل العصبية الضرورية للذاكرة ووظائف الدماغ.

بالإضافة إلى ذلك، يعد البيض مصدرًا ممتازًا لفيتامينات B6، B9 (حمض الفوليك)، وB12، والتي تلعب دورًا مهمًا في حماية الدماغ من التدهور المعرفي وتعزيز صحة الجهاز العصبي، نقص حمض الفوليك على وجه التحديد قد يرتبط باضطرابات في المزاج وزيادة خطر التراجع الذهني.

ومن الفوائد الأخرى، أن البيض يحتوي على أحماض أوميجا 3 الدهنية، المعروفة بدورها في دعم التواصل العصبي وتقليل الالتهابات المرتبطة بتدهور الذاكرة.

ينصح الدكتور ستيل بعدم الاكتفاء بتناول بياض البيض فقط، حيث إن الجزء الأكبر من العناصر الغذائية المفيدة يتركز في الصفار، ويؤكد أن البيض يُعد من أكثر الأطعمة المغذية والمتوفرة بأسعار معقولة التي يمكن أن تساهم في تعزيز صحة الدماغ، سواء تم تناوله في وجبة الإفطار أو كوجبة خفيفة خلال اليوم.

المصدر: timesofindia

طباعة شارك البيض البيض المسلوق وظائف الدماغ تحسين التركيز

مقالات مشابهة

  • انتخابات فاشلة مزورة لتدوير نفس الوجوه التي دمرت البلاد والعباد
  • دمشق ترفض احتفاظ الأكراد بأسلحتهم
  • حين يجعلك التوتر تُفرِط في تناول الطعام!
  • تداعيات هزيمة إيران النووية على شبكة أذرعها في المنطقة من العراق إلى اليمن (تحليل)
  • أفضل وجبة خفيفة لتعزيز وظائف الدماغ والذاكرة وتقليل التوتر
  • مستشار حكومي:إيران وتركيا وراء شحة المياه في العراق
  • إيران توجه أبنها البار (محمد السوداني) بإخراج القوات الأمريكية من العراق
  • فرنسا تدعو لتوحيد سوريا عبر حلول سلمية وضمان حقوق الأكراد
  • أرقام تهوي وثقة تتبخر.. الاقتصاد العراقي يواجه اختبار الركود الأكبر منذ 2003
  • تصاعد التوتر بين تركيا وإسرائيل في سوريا