المال العام.. المرشح الخفي في الانتخابات العراقية
تاريخ النشر: 23rd, July 2025 GMT
23 يوليو، 2025
بغداد/المسلة: تتزايد الإشارات في الأفق السياسي العراقي إلى اقتراب موسمٍ انتخابي لا يخلو من القلق، حيث يُعاد طرح سؤال النزاهة في صندوق الاقتراع كلما اقتربت ساعة الحسم.
وتطفو إلى السطح من جديد مسألة استغلال النفوذ الرسمي لمآرب انتخابية، وهي التهمة التي تتكرر كظلٍّ ثقيل فوق كل استحقاق، بما يجعل القانون الانتخابي في العراق، لا مجرد وثيقة إجرائية، بل جدار حماية أخلاقي للعبة الديمقراطية.
وتتجلى ملامح هذا القلق في فصول مبكرة من الحملات غير المعلنة، حين تُستخدم موارد الدولة كأنها ملحقٌ انتخابي، وتُحشد الإمكانات اللوجستية والإعلامية والإدارية، في خدمة مرشح يرتدي قناع الوظيفة العامة.
ويظهر أن هذه الممارسات، ورغم وضوح نص المادة 41 من قانون الانتخابات، لا تزال تلقى مناخًا يسمح بمرورها، ما لم تُقابل بتحرك قانوني جاد.
وتتراوح العقوبات بين الحبس والغرامة، وصولاً إلى احتمال الإقصاء من السباق الانتخابي نفسه، وهو ما يمنح المادة القانونية سلاحًا سياسيًا بامتياز.
ومع ذلك، فإن أثر القانون يتوقف غالبًا على من يملك إرادة تطبيقه، لا على حروفه وحدها. ولعلّ هشاشة التوازن بين السلطتين التنفيذية والرقابية، تتيح مجالاً لمناورات انتخابية تمضي بلا مساءلة، ما لم تُواجَه بشكوى مدنية أو تحقيق إعلامي فاضح.
وتنطوي هذه الجريمة على أبعاد أبعد من كونها مخالفة إدارية، إذ تهزّ ثقة الناخب بمنظومة الحكم، وتعيد إنتاج علاقة الريبة بين المواطن وصندوق الاقتراع.
وحين يُوظف المال العام لصالح فرد، يُفرَّغ القانون من مضمونه، ويتحوّل التنافس الانتخابي إلى مباراة غير متكافئة، تُملى نتائجها سلفًا، لا بقرار شعبي، بل بصفقات النفوذ خلف الأبواب المغلقة.
وتبقى حماية المسار الانتخابي رهينة بقدرة الدولة على إغلاق نوافذ التلاعب، عبر تمكين المؤسسات الرقابية والقضائية، وخلق وعي جمعي يرفض تحويل المنصب إلى منصة انتخابية.
وترى تحليلات إنها ليست فقط مسؤولية القضاة، بل مسؤولية ناخب يرى أن صوته لا يُشترى بالخدمات المؤقتة، بل يُصان بقانون دائم.
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
About Post AuthorSee author's posts
المصدر: المسلة
إقرأ أيضاً:
مهندس التهريب الخفي.. الطالبي واجهة حوثية لمشروع إيراني عابر للحدود
في أعقاب ضبط شحنة الأسلحة الإيرانية النوعية التي أعلنت المقاومة الوطنية عن اعتراضها مؤخرًا، انكشفت خيوط شبكة تهريب معقدة تقودها طهران، تتجاوز في أساليبها وتعقيدها ما كان يُعتقد سابقًا. لكن الأخطر أن هذه الشبكة يقودها رجل واحد تحول إلى ما يشبه "الصندوق الأسود" لعمليات إيران السرية في اليمن: محمد أحمد الطالبي، المعروف بـ"أبو جعفر الطالبي".
بعيدًا عن الأضواء، يقود "الطالبي" واحدة من أخطر شبكات تهريب الأسلحة في المنطقة. ينتمي هذا القيادي الحوثي إلى الدائرة اللوجستية العليا داخل الميليشيا، وهو مدرج على لوائح الإرهاب الدولية منذ عام 2020. غير أن اسمه عاد بقوة إلى الواجهة بعد الكشف عن تفاصيل الشحنة الأخيرة، التي وصفت بأنها "الحلقة الثالثة عشرة" ضمن سلسلة عمليات تهريب تولى الطالبي الإشراف المباشر عليها.
ووفق المعلومات والمصادر فأن المهام الأساسية للطالبي تمكن في: إدارة خطوط تهريب السلاح من إيران عبر الصومال وسواحل اليمن، وتنسيق العمليات تحت غطاء شركات وهمية (كـ"الهاديا للتجارة")، كما أن للرجل صلات وثيقة بوحدة "أمير المؤمنين" التابعة لفيلق القدس الإيراني.
وتشير تقارير استخباراتية إلى أن الطالبي تلقى تدريبات متقدمة في قاعدة "جاسك" البحرية الإيرانية، وهي إحدى القواعد المتخصصة في إعداد الكوادر الموجهة لحروب "الوكالة"، خاصة تلك المتعلقة بالملاحة البحرية.
العملية الأخيرة لم تكن معزولة، بل جزء من نمط تهريب متطور كشفته المقاومة الوطنية خلال مؤتمرها الصحفي. فوفقًا للعميد صادق دويد، فإن الشبكة تعتمد على وسائل تمويه مركبة، تبدأ من رفع أعلام مزيفة (لبنانية، صومالية)، مرورًا بشحنات مزدوجة الطبقات، حيث توضع الأسلحة في القاع، مغطاة ببضائع مدنية كالسكر والأدوية.
المسارات المعتادة التي تشرف عليها شبكة الطالبي تنطلق من إيران البعض يسير في خط سير يتمثل نحو جزر القمر وثم إلى الصومال وأخيرًا صوب اليمن عبر زوارق سريعة. في حين هناك خط تهريب أخر يتمثل في التوجه صوب سلطنة عمان، وثم بحر العرب والسير صوف موانئ الحديدة تحت غطاء شركات تجارية.
>> جهاز تجسس إسرائيلي وتعاون كيميائي مع إيران.. التصنيع العسكري الحوثي أكذوبة
وأشارت المصادر إلى أن الشحنات التي تديرها شبكة القيادي الحوثي تمر عبر شركات وهمية مثل: الهدى للاستيراد والتصدير (مقرها صوماليلاند). مؤسسة الخير للإغاثة التي تستغل غطاء العمل الإنساني.
خطورة شبكة الطالبي لا يقتصر على ما تهربه، بل في نوعية الأسلحة والتقنيات المستخدمة لتجاوز الرقابة. فالشحنة الأخيرة تضمنت: صواريخ "غدير" البحرية القادرة على تهديد الملاحة الدولية وإغلاق مضيق باب المندب، وصواريخ "قدر 380" و"صقر 358"، وهي أنواع عالية الدقة والاستهداف الجوي. وطائرات انتحارية "معراج 532"، قادرة على تنفيذ هجمات جماعية متزامنة، ومعدات تجسس إلكترونية إسرائيلية الصنع، مهربة عبر وسطاء، تُستخدم لاعتراض الاتصالات وتشويش الأنظمة.
وما يُعزز خطورة الشبكة، وفق تحقيقات المقاومة الوطنية، أن الطالبي يشرف على ورش داخل اليمن لتركيب هذه الأسلحة بمكونات إيرانية. في صعدة، تم العثور على منشآت لتجميع طائرات "معراج" الانتحارية، ما يعني أن بعض عمليات التصنيع باتت تتم داخل البلاد.
الشحنة التي جرى ضبطها ليست موجهة لجبهات القتال فقط، بل تهدف – كما أكد متحدث المقاومة الوطنية العميد صادق دويد في المؤتمر الصحفي الأخير – إلى ضرب الاقتصاد العالمي، عبر تهديد الممرات البحرية وشن هجمات نوعية بطائرات انتحارية. ويبدو أن إيران لم تكتف بتسليح الحوثيين بأسلحة تقليدية، بل تسعى لنقل قدرات تكنولوجية متقدمة، وربما إنشاء قاعدة صاروخية في جنوب البحر الأحمر.
خبراء عسكريون حذروا من أن السماح ببقاء شبكة الطالبي دون ردع سيُفضي إلى تصعيد حوثي واسع، وإيضا تزويد الحوثيين بصواريخ طويلة المدى مثل "خيبر-1" وهو ما سيؤدي إلى توسيع نطاق تهديد الملاحة من باب المندب حتى قناة السويس.
رغم إنكار طهران تورطها في الشحنة الأخيرة، إلا أن وثائق الشحن وصور المضبوطات تُظهر أرقامًا تعود إلى ميناء بندر عباس الإيراني، الأمر الذي يضع إيران أمام مسؤولية قانونية مباشرة بانتهاك القرار 2231 لمجلس الأمن.
وفق تقديرات عسكرية يمنية وغربية، فإن تفكيك شبكة الطالبي يتطلب ضرب البنية البحرية من خلال اعتراض السفن قبل وصولها اليمن، وتجفيف التمويل عن طريق تتبع الحوالات البنكية والشركات التي تشكل واجهات التهريب. إضافة إلى استهداف مباشر للقيادات: تنفيذ عمليات استخباراتية تستهدف عناصر الشبكة على الأرض.
وقال العميد صادق دويد: "الطالبي ليس مجرد مهرب.. إنه قنطرة إيران لتحويل اليمن إلى منصة إطلاق صواريخ ضد العالم".
ما قاله دويد لم يكن خطابًا سياسيًا، بل تحذيرًا مبنيًا على وقائع ووثائق وذخائر كانت في طريقها إلى الحوثيين. وقد تكون هذه الشحنة مجرد مقدمة لتصعيد أكبر، ما لم يتحرك العالم لوقف هذا الشريان القاتل.