تنسج الحرفية كذية بنت عبدالله القرينية أعمالها بخيوط الشغف، لتحيك حكاية هوية عُمانية تتجدّد مع كل قطعة تصنعها بيديها، فقد بدأت الحرفة إرثا عن والدتها وجدّتها، حيث بدأت بتعلم أساسيات النسيج التقليدي من بيئتها المنزلية، لتحولها لاحقاً إلى مشروع عصري يحمل اسم "إبداعات النسيج"، يدمج بين الأصالة والحداثة، بعد أن التحقت بمراكز تدريبية وتعلمت تقنيات جديدة طورت فيها مهاراتها من خلال البحث والتجربة، موضحةً أن حرفة النسيج هي فن قديم يعتمد فيه على خيوط وأدوات بسيطة مثل النول، ويتم تحويلها بلمسة يد إلى قطع تراثية أو فنية، فهي شغل يد وصبر وفكر، تعبر عن هويتنا العمانية وتاريخها.

أكدت القرينية أن حرفة النسيج اليدوي تمثل شغفا وهوية بالنسبة لها، وليست مجرد صناعة تقليدية بل فنّ يحمل في كل غرزة قصة من تراث سلطنة عُمان، مشيرة إلى أن انطلاقتها بدأت في عام 2014 بعد التحاقها بمركز تدريب وإنتاج النسيج والسجاد اليدوي في منطقة الحجيرة بولاية السويق، حيث استمرت فيه لمدة ست سنوات لاكتساب مزيد من الخبرات في تقنيات إنتاج البُسط اليدوية الحديثة ذات الأحجام الكبيرة والتصاميم المستوحاة من المعالم الأثرية العُمانية، كجزء من الحفاظ على الهوية والثقافة.

وأوضحت القرينية أنها أسست مشروعها الخاص تحت اسم "إبداعات النسيج" في عام 2022، وافتتحت مشغلا لإنتاج قطع نسيجية تحمل طابعا تراثيا ممزوجا بروح عصرية، مؤكدةً أنها تعتبر الحرفة جزءًا منها ومن هويتها، وهي سبب استمرارها رغم الكثير من التحديات التي واجهتها، مشيدة بدور هيئة تنمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في دعمها ومتابعتها، ما ساهم في انطلاقتها بثقة وثبات.

وعن الفرق بين النسيج اليدوي التقليدي والمطوّر، أشارت القرينية إلى أن الأول يعتمد على أدوات بسيطة مثل النول الأرضي وينتج قطعًا تراثية مثل السيح، السيور أو ما يطلق عليها بالأحزمة، الميداليات، الصدر والمحجبة، وغالبًا ما تُستخدم هذه القطع للزينة في المناسبات التقليدية مثل "زينة للجمال" أو المجالس، أما النسيج المطوّر، فتُستخدم فيه أنوال حديثة ويُدمج مع عناصر التصميم العصري مثل رسومات لمعالم أثرية أو مناظر طبيعية من عُمان، كما يتم فيها إدخال التطريز والخطوط الفنية الحديثة لتلبي الذوق العصري، مع الحفاظ على رموز التراث وروحه، موضحةً أنها بدأت باستخدام الأنوال المتطورة وبعض الأدوات المساعدة في شد الخيوط وترتيبها، وهو ما ساعد في تحسين دقة العمل وتسريع الإنتاج دون التأثير على جودة المنتج، بل جعلها مميزة وجميلة أكثر.

أكدت القرينية أن أبرز التحديات التي واجهتها هي صعوبة الحصول على خامات ذات جودة عالية، والحاجة المستمرة للتوعية بقيمة القطعة اليدوية التي تحتاج إلى وقت وجهد كبيرين، مشيرة إلى أن بعض القطع قد تستغرق من يومين إلى أسبوع أو أكثر، بحسب تفاصيل التصميم ونوعية الخيوط المستخدمة، وتفضّل القرينية استخدام خامات الصوف والقطن نظرًا لجودتها العالية ولمستها الناعمة، لكنها تعتمد على خامات مستوردة من الخارج عبر جهات متخصصة، وذلك بسبب تفاوت جودة الخامات المحلية وعدم ملاءمتها أحيانًا لبعض التصاميم المطوّرة.

وفيما يتعلق بالتسويق، أوضحت القرينية أنها تستخدم منصة إنستجرام لنشر صور ومواد مرئية توثّق مراحل العمل، ما ساهم في الوصول إلى جمهور أوسع من مختلف المحافظات، وحتى من خارج سلطنة عمان، مؤكدة أن بعض المتابعين تواصلوا لطلب منتجات خاصة أو للمشاركة في ورش العمل، وأن أغلب زبائنها من محبي التراث والقطع الفنية الفريدة، خصوصًا الذين يبحثون عن الهدايا اليدوية والديكورات التراثية، مشيرةً إلى أن الطلب يتزايد عند تقديم المنتجات بشكل جاذب وتعريف الجمهور بخلفياتها الثقافية.

وقد شاركت كذية القرينية في عدد من المعارض التراثية داخل سلطنة عمان وفي دول الخليج، معتبرة أن تلك المشاركات أسهمت في رفع الوعي بالحرفة وزيادة الإقبال على منتجاتها، خاصة من قبل الفئات الشابة، وقد قدّمت حلقات تدريبية بالتعاون مع هيئة تنمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، في المعاهد أو المدارس، ووجدت إقبالًا جيدًا من الفتيات اللواتي أحببن تجربة النسيج واستمتعن بما يصنعن بأيديهن.

وترى القرينية أن من أهم المهارات اللازمة لممارسة هذه الحرفة الصبر، وحب التفاصيل، والمهارة اليدوية، إلى جانب الذوق الفني والاستعداد المستمر للتعلم والتجربة، معبرةً عن تفاؤلها بمستقبل هذه الحرفة، لأن النسيج اليدوي العُماني قادر على المنافسة عالميًا بشرط الحفاظ على جودته وتقديمه بطريقة معاصرة تحاكي الذوق العالمي وتوثّق قصته.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: إلى أن

إقرأ أيضاً:

أول ردّ من مياه الدقهلية على أزمة انقطاع الخدمة في دكرنس

ردّ المهندس ناصر الصيوي رئيس قطاع مياه الشرب بالدقهلية، على شكاوى المواطنين من انقطاع المياه في قرية عرب شراويد بمركز دركنس في محافظة الدقهلية، قائلا: "القرية تنتمي إلى وحدة محلية ينتمي إليها 68 تابعا، وهذا التجمع يتم تغذيته من محطة ميت فارس".

وزير الإسكان ومحافظ الدقهلية يفتتحان مركز خدمة عملاء مياه الشرب بمدينة نبروهوزير الإسكان والمحافظ يتابعان مشروعات مياه الشرب والصرف الصحي بالدقهلية

وأضاف في مداخلة هاتفية مع الإعلاميين محمود السعيد ولما جبريل، ببرنامج "ستوديو إكسترا"، عبر قناة "إكسترا نيوز": "مع الزيادة السكانية لم يعد الإنتاج مناسبا، وعليه أدرجت الدولة توسعات المحطة في خطة عام 2025-2026، وسيتم إنهاء الأمر خلال الشهر الجاري.

وتابع: "شركة مياه الدقهلية لديها حلول دائمة وأخرى مؤقتة حتى تخفف حدة الأزمة لدى المواطن، وبالتالي، تم اعتماد توسعات، وفي نفس الوقت حاولنا تخفيف حدة المشكلات".

 تغذية إضافية للأهالي

وأكد: "إمداد الأهالي بالمياه لم ينقطع، ولكن الخط القديم كان موصل، ولما اتعمل خط جديد ليهم اتفصل من حوالي 3 سنين تقريبا، ولما الأزمة تطورت، كانت المياه موجودة في الشتاء، ولكن مع ذروة الصيف وزيادة الاستهلاك بدأت تظهر المشكلة، وعندما ظهرت المشكلة في هذا الصيف بدأنا في اتخاذ الخطوات وأعدنا توصيل الرافع لعمل تغذية إضافية للأهالي كحل مؤقت لحين تنفيذ التوسعات هذا العام، فقد بدأت الخطة في 1 يوليو 2025، وسيتم اعتماد أمر الإسناد خلال هذا الشهر، وفور الاعتماد سيبدأ التنفيذ مباشرة".

طباعة شارك مياه الشرب مياه الشرب بالدقهلية عرب شراويد دركنس الدقهلية

مقالات مشابهة

  • متى بدأت السياسية الإسرائيلية في عزل الفلسطينيين داخل غيتوهات؟
  • بدأت بالنخبة ووصلت إلى العالمية.. ما هي لعبة البادل؟
  • «المشغولات اليدوية».. معروضات تعكس أصالة التراث في «ليوا للرطب»
  • نزوى .. توازن فريد بين الهوية العُمانية والتحول السياحي العصري
  • بدأت بفحوصات بسيطة وتطورت لـ«الموضوع محتاج صبر».. ملامح من أزمة أنغام الصحية
  • أول ردّ من مياه الدقهلية على أزمة انقطاع الخدمة في دكرنس
  • «أرض من ذهب» تزين واجهات أسوان.. جداريات فنية تحكى التاريخ وتُجسد الهوية
  • زينة مكي بإطلالة رياضية عصرية مستوحاة من أجواء الفروسية
  • هالة القوصي: شرق 12 يناقش صراع الأجيال بلمسة فانتازية