الحوثيون يغلقون أبواب الإنقاذ.. أزمة مياه حادة تخنق سكان الحداء في ذمار
تاريخ النشر: 4th, August 2025 GMT
في قلب الجبال المترامية بمديرية الحداء التابعة لمحافظة ذمار، حيث لا تصل المشاريع ولا تستجيب السلطات، يعيش سكان منطقتي بيت أبو عاطف وبني جلعة مأساة إنسانية مكتملة الأركان، تتقاطع فيها مشقة العيش مع الخطر الصحي، وتغيب عنها أبسط مقومات الحياة الكريمة، وفي مقدمتها مياه الشرب النقية.
رغم التحذيرات المتكررة من انتشار الأوبئة والأمراض المنقولة عبر المياه، لا تزال مئات الأسر في تلك القرى النائية تعتمد على غيول مكشوفة لتأمين حاجتها اليومية من المياه، وسط صمت مطبق من جماعة الحوثي التي تسيطر على المحافظة، وتُحكم قبضتها على كل المؤسسات والمنظمات المحلية والدولية العاملة في المجال الإنساني.
وثّق مقطع مرئي متداول على منصات التواصل الاجتماعي، مشهدًا مأساويًا لعدد من الأطفال وهم يقطعون مسافات طويلة في مسارات وعرة محاطة بالصخور والانهيارات، على ظهور الحمير، لجلب مياه الشرب من غيل مكشوف في أحد الجبال، في صورة تلخص المعاناة المركبة التي يعيشها هؤلاء السكان.
ويُظهر المقطع الأطفال وهم يملأون أوعيتهم من مياه راكدة ملوثة، تتجمع فيها فضلات الحيوانات، وتختلط بمخلفات التربة، ما يفضح الخطر الصحي المحدق بالسكان، خاصة الأطفال والنساء الذين يمثلون الشريحة الأضعف والأكثر تعرضًا للأمراض في مثل هذه الظروف.
مصدر محلي من سكان المنطقة، تحدث لـ"نيوزيمن" بشرط عدم الكشف عن هويته، أكد أن الكارثة لا تقتصر فقط على شح المياه وصعوبة الوصول إليها، بل تتضاعف بفعل التلوث البيئي الخطير الذي يعاني منه الغيل المستخدم كمصدر وحيد للمياه.
وأشار إلى أن الأمراض المرتبطة بالمياه – خصوصًا الإسهالات المائية الحادة والطفيلية – أصبحت مشهدًا متكررًا في بيوت المنطقة، مؤكدًا أن الأسر لا تكاد تنجو من موجة حتى تدخل في أخرى، في ظل انعدام أي رعاية صحية أو تدخلات وقائية، أو حتى حملة توعية واحدة.
في وقت يصرخ فيه السكان طلبًا لمشروع مياه، تقف مليشيا الحوثي حجر عثرة أمام أي استجابة دولية أو محلية. فبحسب المصدر، سبق للمنطقة أن تلقت وعودًا من منظمات إنسانية بحفر بئر مياه صحية، أو توفير منظومة طاقة شمسية، لكن السلطات الحوثية في صنعاء وذمار تدخلت لوقف تلك المبادرات، إما عبر عراقيل إدارية أو بإثارة الخلافات المجتمعية داخل القرى بهدف تقويض أي جهد ذاتي جماعي.
وأشار المصدر إلى أن الحوثيين يُفشلون أي تحرك مجتمعي لإيجاد حلول مؤقتة، معتبرًا أن الجماعة تسعى لإبقاء السكان تحت ضغط المعاناة، لضمان خضوعهم وولائهم، مضيفًا أن هناك شواهد متعددة على توجيه موارد المنظمات نحو مناطق نفوذ الجماعة وقياداتها، وحرمان القرى النائية من أي تدخل إنساني حقيقي.
هذه المأساة في الحداء ليست سوى نموذج مكرر لحال قرى ومناطق كثيرة في الريف اليمني الخاضع لسيطرة الحوثيين، حيث انعدام المياه النظيفة، وتفشي الأمراض، وانهيار البنى التحتية، وغياب الدولة، كل ذلك في ظل استحواذ الحوثيين على موارد الدولة والمنظمات، وتوجيهها لخدمة مصالح ضيقة.
وبينما تُقدَّر كلفة حفر بئر واحدة بعشرات الآلاف من الدولارات فقط، فإن الكلفة الإنسانية لغيابها في بيت أبو عاطف وبني جلعة قد تصل إلى حياة طفل، أو مرض دائم، أو أسرة تنهكها مواسم الألم المتكررة.
في بلدٍ يعاني من أسوأ الأزمات الإنسانية عالميًا، تتحول المياه من حق أساسي إلى عبء قاتل، وسط غياب كامل لأي رؤية إنقاذية من سلطات الأمر الواقع، التي بدلاً من أن تضبط المعايير، تغرق في فساد المعايير، حتى في أهم عناصر البقاء: الماء.
المصدر: نيوزيمن
إقرأ أيضاً:
التوحد الافتراضي.. أزمة صحية جديدة تهدد الأطفال بسبب الشاشات
يحذر الأطباء وخبراء الصحة النفسية من تنامي ظاهرة جديدة تُعرف باسم "التوحد الافتراضي"، وهي حالة آخذة في الانتشار بين الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين سنتين وتسع سنوات، وتشير الدراسات الحديثة إلى أن السبب الرئيسي لهذه الظاهرة لا يعود إلى العوامل الوراثية، بل إلى الإفراط في استخدام الشاشات الإلكترونية، في ظل تراجع التفاعل الاجتماعي الواقعي، وذلك وفقًا لما نشره موقع تايمز ناو.
التوحد الافتراضي هو حالة نمائية مؤقتة تتسم بسلوكيات شبيهة باضطراب طيف التوحد، وتظهر لدى الأطفال نتيجة التعرض المفرط للشاشات في مراحل النمو المبكرة، بدلاً من التواصل واللعب والتفاعل مع العالم الحقيقي، يقضي كثير من الأطفال وقتاً طويلاً أمام الهواتف الذكية، الحواسيب، والتلفاز، مما يضعف تطورهم اللغوي والاجتماعي والانفعالي.
أبرز الأعراض والمؤشراتتتمثل أبرز العلامات التي قد تشير إلى إصابة الطفل بالتوحد الافتراضي في :
تأخر في تطور الكلام أو مفردات لغوية محدودة
تجنب التواصل البصري
قصر فترات التركيز والانتباه
ضعف في التفاعل الاجتماعي أو الانسحاب من اللعب الجماعي
نوبات غضب متكررة وصعوبة في تنظيم المشاعر
عدم الاستجابة للأوامر أو صعوبة في فهم التعليمات
ويشير الأطباء إلى أن هذه الأعراض غالباً ما تظهر في البيئات التي يغيب فيها التفاعل الوجهي والمشاركة الاجتماعية النشطة.
الفرق بين التوحد الافتراضي واضطراب طيف التوحدرغم التشابه في بعض الأعراض، إلا أن الفرق الجوهري بين الحالتين يكمن في الأسباب والنتائج.
فاضطراب طيف التوحد (ASD) هو اضطراب نمائي عصبي مزمن، غالباً ما يكون ذا منشأ وراثي أو عصبي، ويُشخص بناءً على معايير طبية محددة، ويتطلب دعماً متخصصاً طويل الأمد.
أما التوحد الافتراضي، فيُعتبر حالة مكتسبة ومؤقتة، تنشأ بسبب سلوكيات بيئية مثل الاستخدام المفرط للأجهزة الذكية، ويمكن علاجها عبر تقليل وقت الشاشة وزيادة التفاعل الاجتماعي الواقعي.
هل يمكن علاج التوحد الافتراضي؟الخبر السار هو أن التوحد الافتراضي ليس حالة دائمة. يؤكد الخبراء أن معظم الأطفال المصابين يمكنهم إظهار تحسن كبير عند إجراء تغييرات بيئية وسلوكية، تشمل:
تقليل وقت استخدام الشاشات إلى الحد الأدنى المناسب للفئة العمرية
تعزيز اللعب التفاعلي والأنشطة البدنية مع الأقران
تشجيع المحادثات والقراءة والأنشطة الإبداعية
قضاء وقت أكبر مع الأسرة بعيداً عن الأجهزة الرقمية
دعوة للتحركيحذر الأطباء من أن التهاون مع هذه الظاهرة قد يؤدي إلى أضرار طويلة الأمد على صحة الأطفال النفسية والاجتماعية، ويطالبون بضرورة توعية الأهالي بخطورة التعرض المطول للشاشات في سنوات الطفولة المبكرة، وضرورة تعزيز أساليب التربية التي تركز على التفاعل الإنساني والعلاقات الواقعية.