معايير اختيار المجرم للضحية (2)
تاريخ النشر: 19th, October 2025 GMT
لقد أكدت الدراسة التي أجرتها الدكتورة داليا عبد العزيز، أستاذ القانون الجنائي بعنوان "معايير اختيار المجرم للضحية: دراسة في علم الإجرام وعلم الضحايا" على ارتباط علم الضحايا غالبًا بالمحفزات المحيطة بالجاني، وأهمها شخصية الضحية.
على سبيل المثال: المجرم الذي يحاول إشباع غريزته فيتتبع النساء اللاتي يصادفهن في الشارع، وينتهي به الأمر بالتركيز على إحداهن واستدراجها لاغتصابها، هنا لا يكفي لقاء صدفة في وقوع الجريمة وإنما تسهم عوامل تتعلق بالضحية في ذلك، فقد يكون ذلك راجعًا إلى سيرها في طريق غير آمن بمفردها، أو ارتدائها ملابس تبرز مفاتنها، أو مدى استجابتها لدعوة المجرم.
أيضا، هناك مجرم تخطر له فكرة الجريمة بعد لقائه بالضحية المحتملة، ومثال على ذلك: السيدة المسنة التي لم تتمكن من عبور الشارع إلى منزلها المقابل بسبب سرعة السيارات وازدحام الشارع، فساعدها أحد المارة الذي تصادف وجوده، وأعجبت بشجاعته فعرضت عليه أن تقدم له فنجان قهوة في منزلها امتناناً لكرمه، ووافق، وبمجرد دخوله أدرك أنها على قدر من الثراء، وعلم أنها تسكن بمفردها، فسولت له نفسه فكرة قتلها وسرقة المقتنيات الثمينة، وهذا المثال يُظهر أن العوامل الرئيسة التي أدت إلى وقوع الجريمة هي الظروف المتعلقة بالضحية ذاتها فهي مسنة ثرية تعيش بمفردها، بالإضافة إلى سلوكها المتمثل في دعوة غريب لا تعرفه إلى منزلها، فالصدفة هنا اقتصرت على جمع المجرم والضحية المحتملة في مكان واحد في حين أسهم أسلوب حياة الضحية وسلوكها في وقوعها ضحية للجريمة.
على الجانب الآخر هناك أشخاص تجعلهم الصدفة البحتة ضحايا، مثلما يحدث في الجرائم غير العمدية مثل حوادث المرور، وقد تكون الجريمة عمدية لكن تلعب الصدفة دورا أساسيا بالنسبة للضحايا مثل الجرائم الإرهابية التي يهدف مرتكبها إلى خلق حالة من الذعر بين الناس لتحقيق هدفه، وعلى الرغم من أن الإيذاء متعمد إلا أن الضحايا هنا عشوائيون، فالإرهابي يلقي قنبلة في حافلة أو ساحة عامة، والنتيجة إصابة ضحايا أبرياء تصادف وجودهم في هذا المكان، وهذا بالطبع يختلف عن الجرائم الإرهابية المستهدفة اغتيال شخصيات محددة.
المصدر: الأسبوع
إقرأ أيضاً:
الرقابة المالية: نعمل على تحديث معايير المحاسبة لتتواكب مع التحولات العالمية
شارك الدكتور محمد فريد، رئيس الهيئة العامة للرقابة المالية، في اجتماع رفيع المستوى في العاصمة الأمريكية واشنطن، مع المجلس الأطلسي، أحد أبرز مراكز الفكر بالولايات المتحدة، لاستعراض جهود التحول الرقمي ودعم ريادة الأعمال والشركات الناشئة في مصر، وذلك في إطار فعاليات اجتماعات صندوق النقد والبنك الدوليين.
جاء هذا اللقاء، بحضور الدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، ضمن جهود الهيئة الرامية إلى استكمال تعزيز الحوار مع المؤسسات الدولية ومراكز الفكر الاقتصادي والاستثماري، واستعراض التطورات التشريعية والتنظيمية التي تشهدها الأسواق المالية غير المصرفية في مصر، بما يسهم في دعم الابتكار وتحسين مناخ الاستثمار، وهي الجهود التي تتماشى مع الاستراتيجية الوطنية للإصلاح الاقتصادي، بما سيعود بالنفع على مُختلف شرائح المستثمرين ويحقق الشمول المالي المنشود.
وخلال اللقاء، قدم الدكتور فريد عرضًا شاملًا حول النهج التنظيمي الجديد الذي تتبناه الهيئة في دعم تأسيس وترخيص الشركات الناشئة، موضحًا أن الهيئة تواصل العمل على تطوير بيئة متكاملة تتيح تسهيل إجراءات الترخيص، وتقليص المدد الزمنية، بما يمكّن رواد الأعمال من الانطلاق بمشروعاتهم في بيئة تتسم بالشفافية وسرعة الاستجابة. وأشار إلى أن التجربة المصرية في هذا المجال أثبتت نجاحًا ملموسًا في جذب استثمارات محلية ودولية، وأن الهيئة تسعى باستمرار إلى توفير إطار رقابي مرن يتلاءم مع طبيعة الابتكار والنمو السريع للشركات الناشئة.
كما ناقش رئيس الهيئة تطوير معايير التقييم المالي للشركات الناشئة، لافتًا إلى أن غياب أطر تقييم دقيقة كان يشكل تحديًا أمام المستثمرين في تحديد القيم العادلة لتلك الشركات.
ومن هنا، مضت الهيئة نحو وضع معايير مصرية واضحة للتقييم المالي تأخذ في الاعتبار خصوصية الشركات التكنولوجية وريادة الأعمال، وتعتمد على أساليب تتناسب مع طبيعة نماذج الأعمال الرقمية والأصول غير الملموسة، مما يعزز ثقة المستثمرين ويتيح تقييمات أكثر عدالة وموضوعية، موضحًا أن التقييم يهتم بتحليل نقاط القوة والضعف بالشركات محل التقييم، واستعراض الفرص والتحديات التي قد تواجه الشركة خلال فترات التوقع، وكذلك مدى التزامها بمبادئ الحوكمة، وقدرتها على الوفاء بالتزاماتها.
وفي هذا السياق، أشار الدكتور فريد إلى أن الهيئة انتهت أيضًا من إعداد أول معايير مصرية لتقييم الأصول غير الملموسة، مثل الملكية الفكرية، والبرمجيات، والعلامات التجارية، والبيانات الرقمية، مؤكدًا أن هذه الخطوة تُعد سابقة في المنطقة العربية، وستمثل نقلة نوعية في التعامل مع الشركات العاملة في الاقتصاد الرقمي، إذ تُسهم في احتساب القيمة الاقتصادية الحقيقية لتلك الأصول ضمن القوائم المالية للشركات، وتُساعد في تحسين قرارات التمويل والاستثمار.
كما استعرض رئيس الهيئة جهود تحديث معايير المحاسبة المصرية لتتواكب مع التحولات التي تشهدها الأسواق العالمية، مشددًا على أن التطوير الجاري يهدف إلى زيادة مواءمة المعايير المحلية مع المعايير الدولية (IFRS)، مع مراعاة خصوصية البيئة الاقتصادية المصرية. وأكد أن هذا التحديث يسهم في تعزيز الشفافية والإفصاح المالي، بما يتيح للمستثمرين المحليين والأجانب رؤية أوضح للأداء المالي للشركات المدرجة وغير المدرجة.
وفي إطار دعم البدائل التمويلية الجديدة، استعرض الدكتور فريد جهود الهيئة في تنظيم أنشطة التمويل التشاركي (Crowdfunding)، موضحًا أن هذا النمط من التمويل يمثل أحد المحركات الرئيسة لدعم الابتكار وريادة الأعمال، خصوصًا في القطاعات الصغيرة والمتوسطة. وأشار إلى أن الهيئة أصدرت ضوابط متكاملة تضمن حماية المستثمرين من جهة، وتتيح للشركات المبتكرة الوصول إلى التمويل بسهولة من جهة أخرى، بما يحقق توازنًا بين النمو والرقابة.
كما تطرق رئيس الهيئة إلى التطورات الأخيرة في تنظيم المنصات العقارية الرقمية والتمويل العقاري التشاركي، مؤكدًا أن الهيئة تعمل على وضع قواعد تنظيمية لتمكين الاستثمار العقاري الجماعي عبر المنصات الإلكترونية، بما يتيح للمستثمرين الأفراد والمؤسسات المشاركة في مشروعات عقارية بشفافية وكفاءة أعلى. وأوضح أن هذا التوجه يعزز من مرونة السوق، ويخلق فرصًا جديدة للاستثمار في قطاع يشهد طلبًا متزايدًا على الحلول التمويلية المبتكرة.
كما عرض الدكتور فريد آخر المستجدات المتعلقة بالشركات ذات غرض الاستحواذ(SPACs) وتطوير قواعد قيدها في السوق المصري، مؤكدًا أن هذه الآلية تمثل أداة حديثة لجذب رؤوس الأموال الموجهة للشركات الواعدة، وتسهيل دخولها إلى أسواق المال عبر مسار استثماري منظم يحقق التوازن بين حماية المستثمرين ودعم نمو الشركات. وأوضح أن الهيئة تعمل على تحديث القواعد لضمان مرونة أكبر في تطبيقها، بما يتماشى مع أفضل الممارسات الدولية.
وتناول الدكتور فريد أيضًا آليات اعرف عميلك إلكترونيًا (e-KYC)، والتي تُعد من أبرز التطورات التنظيمية في مجال الشمول المالي والتحول الرقمي. وأوضح أن الهيئة تبنت نظامًا إلكترونيًا متكاملًا للتعرف على هوية العملاء عن بُعد، بما يضمن الدقة والأمان والامتثال للمعايير الدولية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب. وأكد أن هذه الخطوة فتحت الباب أمام تسهيل انضمام شرائح جديدة من الأفراد والمؤسسات إلى المنظومة المالية غير المصرفية، وساهمت في توسيع قاعدة المستثمرين، خاصة في الأنشطة المتعلقة بالتمويل متناهي الصغر والتمويل الجماعي.
وأكد الدكتور محمد فريد في ختام مشاركته أن اللقاءات مع المؤسسات الدولية تأتي في إطار حرص الهيئة على تعميق التعاون الفني وتبادل الخبرات التنظيمية، وأن النقاشات التي دارت في واشنطن تمثل خطوة إضافية نحو توطيد مكانة السوق المصري كبيئة مالية مبتكرة ومتطورة. وشدد على أن الهيئة ماضية في تطوير منظومتها الرقابية والتشريعية لتكون أكثر قدرة على دعم النمو المستدام، واحتضان الشركات المبدعة، وجذب الاستثمارات المحلية والدولية بما يخدم الاقتصاد المصري.