اللهجات العمانية.. البحث عن الخصوصية
تاريخ النشر: 20th, October 2025 GMT
اللهجات العمانية لهجات متنوعة، ومتعددة، وهي على رغم تشابهها على عمومها، غير أن بعضها ذو خصوصية مكانية، فلا تكاد قرية من قرى سلطنة عمان إلا ولها لهجتها الخاصة، والتي تميزها عن غيرها، قد يكون ذلك في طريقة النطق، وقد تكون في تفردها وخصوصيتها، ولذلك يتعذر على أي جهة أن تعيّن لهجة منطقة، أو ولاية، أو محافظة كلهجة رسمية لعموم البلاد، رغم أن البعض يحاول أن يروّج لبعض اللهجات على حساب اللهجات الأخرى، ولكن ذلك لا يستقيم لا عقلا، ولا منطقا مع هذا المشهد المتنوّع، والذي يضفي على كل بيئة خصوصيتها، وفرادتها، وهذا أحد أسباب التنوع الثقافي العام، وهو أيضا أحد تعذّر دراسة اللهجة العمانية ككتلة واحدة، دون أن نقع في أخطاء أسلوبية، وكتابية، وعلى مستوى المعنى، والاستخدام، والتعامل مع الكلمات في كل بيئة على حدة.
ورغم ذلك فتنوع اللهجات هو دليل على تنوع منابع الثقافات، وعلى التعايش اللغوي بين الأفراد، دون أن يحُدث ذلك فرقا على مستوى الفهم، كما أن ذلك يعطي للشاعر مثلا مساحة كبيرة للبوح، والتعامل مع المفردات، ولعل اتجاه بعض الشعراء والمطربين إلى تبنّي الكتابة أو الغناء بلهجة منطقة معينة، يجعل عملية التلقي أكثر قبولا، وحساسية، ويعطي المتلقي شعورا بهذا الجمال، والتعددية التي تزخر بها سلطنة عمان، وتصدّرها للأفراد على أنها ثقافة الواقع، وأدب الاختلاف اللغوي، واللهجوي.
كما تلجأ بعض الأعمال الدرامية إلى استخدام لهجات معينة، وأحيانا «انتقاء» كلمات محلية «قحة»، قد لا تكون مناسبة في عمل درامي موجّه لجميع الشرائح، والفئات العمرية، وأعتقد أنه بالإمكان تجاوز مثل هذه الكلمات، التي يتخذها الممثل لإضفاء نوع من المرح على المشهد، إلى كلمات متداولة، وذات عمومية واسعة، حيث لا تخلو كل اللهجات العمانية من عناصر مشتركة، وذات بُعد محلي في ذات الوقت، وهو ما يجعل من اللهجة العمانية على عمومها ذات مساحات سمعية، وبصرية واسعة.
إن الشاعر دائما ما يكون هو صاحب الكلمة العليا في استخدام اللهجة المحلية التي يتحدث بها، وهي قادرة على استيعاب كل المشاهد، والمواقف، والأحاسيس التي يريد تصويرها، وقد يكون ذلك سبب في نشر كلمات جديدة على السمع لدى الآخرين، ولا يحتاج الشاعر العماني إلى اللجوء إلى لهجات غير عمانية كي يرصّع بها قصيدته، فهذا نوع من «الفقر الثقافي» للشاعر، الذي لا يجهد نفسه بالبحث عن الكلمات المرادفة، أو المقابلة لكلمة استساغها، أو سمعها من برنامج، أو قرأها لشاعر من بلد آخر، وعلقت في ذهنه، وأراد استخدامها في نصه، وأهمل بالتالي كلمة مهمة نابعة من خصوصية بيئته، ولهجته، كانت أجدر، وأكثر دقة في وصف الحالة الشعورية للشاعر، ولكنه تجاهلها بسبب كسله، وقلة اطلاعه، وعدم معرفته بمفردات لهجته.
لقد كانت اللهجات العمانية، وستظل مصدر قوة للأدب الشعبي، وهي ناقل بليغ، ودقيق للمشاعر، والحالات التي يحتاج الشاعر أو الأديب التعبير عنها، ولذلك على كل شاعر أن يثق في لهجته الأصيلة، ويعبّ منها، ويفقهها، ويستخدمها قدر الإمكان، حتى لا يضيع وسط لهجات الغير، ويمحو شخصيته، وعناصر خصوصيته.
المصدر: لجريدة عمان
إقرأ أيضاً:
وفاة الشاعر والإذاعي فوزي خضر صاحب برنامج "كتاب عربي علم العالم"
توفي اليوم الشاعر والإذاعي الدكتور فوزي خضر، صاحب البرنامج الإذاعي المعروف "كتاب عربي وعلم العالم"، بعد مسيرة طويلة أثرى خلالها الثقافة العربية بأعماله.
ومن المقرر تشييع جثمان الراحل في مدينة الإسكندرية عقب صلاة العصر.
ويُعد الدكتور فوزي خضر واحدًا من أبرز المبدعين، حيث حصل على منحة تفرغ من وزارة الثقافة، وقدم 75 مؤلفًا نُشرت في مصر والسعودية والكويت والأردن.
كما امتلك خبرات مهنية متعددة شملت العمل مدرسًا وصحفيًا وأخصائي مخطوطات بمكتبة الإسكندرية ومستشارًا بالهيئة العامة لقصور الثقافة وأستاذًا جامعيًا.
وذلك إلى جانب فوزه بعدد من الجوائز منها جائزة الدولة التشجيعية في الشعر والجائزة الأولى في التأليف الإذاعي عن برنامجه "كتاب عربي علم العالم"، وغيرها من التكريمات.