جهاز مستقبل مصر.. فكرة سبقت السوق والزمن
تاريخ النشر: 21st, October 2025 GMT
منذ فترة ليست قصيرة- آثرت الابتعاد عن التسوق بعد أن تحول إلى مصدر دائم لحرقة الدم.. الأسعار تتقافز بلا منطق، والجودة تتراجع رغم أنها تعانق عنان السماء فى التكلفة.. وكنت أرى الأسواق ما هى إلا فوضى، وكنت كلما خرجت منها أحمل انقباضاً فى الصدر وحرقة دم مميتة.. حتى نصحنى أحد الأصدقاء مؤخراً بالابتعاد عن تلك الأسواق التى لا ضمير لها، وزيارة منافذ (جهاز مستقبل مصر) فظننت أنه يكرر حديثاً مكرراً لا علاقة له بالواقع.
وسألت عن عناوين الفروع القريبة منى- حتى توصلت لأحد الفروع، وما إن دخلته- حتى وجدت نفسى فى مكان مريح نفسياً ومختلف عما يحدث فى الأسواق فى هذه الأيام.. سلع وفيرة وجودة عالية وسعر ربما يكون أقل كثيراً، لم أشترِ فقط احتياجاتى، بل خرجت وأنا أحمل قناعة جديدة بأن هناك من يحاول بصدق تصحيح مسار ما، وأن فكرة (مستقبل مصر) ليست مجرد مشروع اقتصادى، بل رؤية تعيد للإنسان ثقته فى الدولة وفى قيمة ما ينتج بأيدى أبنائها.. ربما نحتاج إلى مزيد من الجودة ومزيد من الانخفاض فى قائمة الأسعار، وكلى ثقة بأن هذا المشروع سوف يحدث طفرة إيجابية كبرى مع بعض التطوير وزيادة أعداد المنافذ والنظر بشكل دائم فى الجودة والسعر.
ففى ظل التغيرات السريعة، التى تشتد فيها المنافسة على الموارد والأسواق، يبرز جهاز مستقبل مصر كنموذج حضارى بدايته مبشرة تعكس أن هناك عقلاً متوهجاً فى الرؤية والتخطيط والتنفيذ.
بالبحث الجاد- علمت أن هذه المنظومة هى ليس مجرد مشروع زراعى أو إدارة للتوريد، بل عقل استراتيجى يرسم ملامح الأمن الغذائى المصرى، ويصنع توازناً نادراً بين متطلبات السوق واحتياجات المواطن.. فمنذ أن انطلقت فكرته، أدرك القائمون على (مستقبل مصر) أن بناء منظومة غذائية مستقرة لا يتحقق بالمصادفة أو بالقرارات العاجلة، بل بالعلم والعمل والاستشراف الدقيق للمستقبل.. لقد وضع هذا الجهاز أسساً جديدة لمفهوم الإنتاج والتوزيع والتخزين، ليصبح أحد أهم أعمدة الأمن القومى، وسلاحاً اقتصادياً يحمى مصر من تقلبات الأسواق العالمية وضغوط الاستيراد وأسعار الدولار.
إن الفلسفة التى يقوم عليها (مستقبل مصر) ليست مجرد زيادة فى الإنتاج، بل تحقيق كفاءة وطنية شاملة، تبدأ من استصلاح الأراضى بزراعات استراتيجية، مروراً بتطوير أنظمة الرى الحديثة، وانتهاء بتأمين السلع وضمان وصولها إلى المواطن بأسعار عادلة.. فلقد استطاع الجهاز أن يربط بين الأرض والسوق، بين الفلاح والمستهلك، فى شبكة دقيقة من التخطيط المحكم الذى يمنع الاحتكار ويكبح جماح الأسعار دون المساس بحقوق المنتجين أو إضعاف حركة السوق.
ووراء هذا النجاح الكبير يوجد قائد داعم ومساند ومؤمن بالعقول المتوهجة التى تحمل الفكرة بإيمان نادر، وتقاتل من أجل أن تبقى مصر فى مأمن من فوضى الأسعار ونقص السلع.. قائد آمن بأن الفكر الناضج لا يثمر إلا فى بيئة تحتضن العقول المخلصة، فقدم الدعم، وفتح الأفق أمام المبدعين ليحولوا الرؤية إلى واقع، والواقع إلى إنجاز ملموس.. هذا الإيمان بالكوادر الوطنية المخلصة كان حجر الأساس فى استمرار نجاح الجهاز وتوسعه دون ضجيج، حتى أصبح اليوم أحد أنجح المشروعات الاستراتيجية فى تاريخ الدولة المصرية الحديثة.
لقد أصبح جهاز مستقبل مصر نموذجاً للفكر العملى الذى يترجم الرؤية إلى واقع.. فهو لا يتعامل مع الزراعة كمجرد نشاط اقتصادى، بل كمشروع حضارى يستعيد روح الاعتماد على الذات، ويرسخ قيمة العمل الإنتاجى فى وجدان المجتمع- وبينما تتبدل الأسواق وتتأرجح الأسعار فى كثير من دول العالم، ظلت مصر قادرة على توفير احتياجاتها الأساسية بفضل هذا المشروع العملاق الذى كبح جماح السوق وأعاد الاتزان إلى معادلة العرض والطلب.
إن أعظم ما يميز (مستقبل مصر) أنه يعمل دون ضجيج.. فى صمت منظم، وبخطى ثابتة يزرع ويحصد، يخطط ويدير كأنه يقول إن التنمية لا تحتاج إلى صخب إعلامى بل إلى إرادة صادقة وعقل مستنير.
ولذلك تحول هذا الجهاز إلى مرجع فى كيفية إدارة المشاريع الكبرى دون فقدان البوصلة، فكل خطوة فيه محسوبة، وكل إنجاز نابع من فكر علمى ومتابعة دقيقة.. قد يختلف الناس فى السياسة، لكنهم لا يختلفون فى الإشادة بنجاح واضح الملامح، لمسوه فى الأسواق وفى موائدهم اليومية.. ربما سيمنح (مستقبل مصر) الطمأنينة للمواطن ويؤكد أن الدولة تعمل من أجل استقراره الحقيقى، لا بوعود مؤقتة، بل بأفعال تمتد من الأرض إلى المائدة.. وهكذا يظل جهاز مستقبل مصر أحد أعمدة الرؤية المصرية الحديثة، يجسد فلسفة التخطيط الهادئ والتنفيذ الصادق، ويثبت أن التنمية لا تقاس بالكلمات، بل بما تجود به الأرض من خيرات، وبما تحدثه السياسات من استقرار.
من وجه نظرى أرى أن هذه التجربة ستكون فريدة وسوف تثبت أن الفكر عندما يتحول إلى مؤسسة، يصنع المستقبل حقاً.. لقد كان وراء هذا المشروع العملاق رئيس امتلك رؤية تتجاوز الحاضر إلى آفاق المستقبل، فآمن بأن بناء الدول لا يتم بالقرارات السريعة، بل بالتفكير العلمى والعمل المستدام.. فلقد رأى الرئيس فى (جهاز مستقبل مصر) أكثر من مجرد مشروع زراعى، رآه منظومة حياة تعيد للدولة سيادتها على غذائها، وتكرس لفلسفة الاعتماد على الذات كركيزة للأمن القومى.. ببصيرته التى تقرأ ما وراء الأزمات، وجه بدعم الفكرة منذ لحظتها الأولى، ففتح الطريق أمام العقول المخلصة لتعمل بحرية، وأمام الأرض لتنتج بعطاء.. ومن هذا الدعم ولدت ملحمة وطنية من العمل والإنجاز، أكدت أن القيادة الواعية حين تؤمن بالفكر، وتمنحه الثقة، فإنها تزرع المستقبل وتؤمِّن الحاضر فى آن واحد.
وللحديث بقية إن شاء الله تعالى ..
[email protected]
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: رادار ة ليست قصيرة ك الأسواق التى لا جهاز مستقبل مصر
إقرأ أيضاً:
روسيا تلوح بالتخلى عنه.. وتسريبات «الماضى» تعيد تشكيل مستقبل سوريا
نشرت صحيفة معاريف العبرية تقريراً موسعاً حول ما وصفته بأخطر أزمة يمر بها الرئيس السورى المخلوع بشار الأسد منذ سقوط نظامه قبل عام واحد فقط، حيث تشير تقديرات سياسية وأمنية عربية وغربية إلى أن سلسلة التسريبات الأخيرة التى ظهرت بصوت وصورة الأسد ومستشارته السابقة لونا الشبل التى قتلت فى حادث سيارة قد تكون مقدمة لسيناريو أوسع يستهدف تسليمه إلى السلطات فى سوريا الجديدة تمهيداً لمحاكمته على الجرائم التى يزعم أنه ارتكبها داخل البلاد.
وبحسب ما نقلته وسائل إعلام عربية تعمل عدة أجهزة استخبارات غربية وأمريكية وأوروبية بالتعاون مع شخصيات روسية على صياغة واقع سياسى جديد يتعلق بمستقبل الأسد إذ أكدت التقارير أن موسكو وعدت بدراسة طلب صريح من الرئيس السورى الحالى أحمد الشرع لتسليم الأسد ومسئولين سابقين فى النظام يقيمون حالياً فى روسيا ومطلوبين للاستجواب أمام السلطات السورية الجديدة.
وأشارت الصحيفة إلى أن الطلب الرسمى المقدم للروس ترافق مع نقاشات واسعة داخل الدوائر السياسية حول ما إذا كانت موسكو ستستجيب أم ستواصل حماية الأسد كما فعلت خلال السنوات الماضية خاصة أن الشرع المعروف بلقبه الجولانى يتمتع بدعم أمريكى سعودى واضح منذ توليه الحكم.
وفى المقابل شددت معاريف على استحالة التحقق من مصداقية التسريبات أو التأكد من الجهة التى تقف وراءها رغم أن مصادر متعددة بعضها ينتمى للمعارضة السورية أكدت أنها اطلعت على المقاطع الكاملة التى جرى بثها مباشرة والتى تظهر الأسد والشبل وشخصاً ثالثاً وقد حظيت هذه الفيديوهات باهتمام خاص بعد بثها حصرياً عبر قناتى العربية والحدث السعودية ما أثار تكهنات واسعة باحتمال نشر المزيد من المواد خلال الفترة المقبلة.
وبحسب التقرير خطفت التسريبات الضوء بشكل غير مسبوق بسبب مضمونها الحساس وظهور الأسد وهو يتحدث عن الرئيس الروسى فلاديمير بوتين ويذكر بشكل ساخر استخدامه للبوتوكس وهو ما اعتبرته مصادر دبلوماسية عربية فى موسكو محاولة متعمدة لاستفزاز روسيا ودفع بوتين نحو خيار التخلى عن الأسد وتسليمه إلى السلطات السورية الحالية.
وتهمس مصادر دولية مختلفة وفق معاريف بان هذه التسريبات ليست عفوية بل منظمة ومدبرة وستأخذ بعداً سياسياً أوسع خلال الأسابيع المقبلة خاصة فى ظل النقاشات التى تجرى داخل حكومة دمشق الجديدة حول ضرورة استدعاء مسئولين كبار من نظام الأسد القديم ممن يقيمون فى روسيا أو دول أخرى للاستماع إلى شهاداتهم فى إطار عملية قانونية محتملة تتعلق بملفات القمع والانتهاكات.
وتضيف الصحيفة أن زيارة الرئيس أحمد الشرع الأخيرة إلى الولايات المتحدة تزامنت مع تقديم طلب رسمى من دمشق لواشنطن يهدف إلى المساعدة فى تعقب كبار المسئولين السابقين المتهمين بالتورط فى أعمال قمع وجرائم ونقلهم إلى سوريا الجديدة. ويرى مراقبون أن واشنطن قد تلعب دوراً محورياً فى هذا الملف إذا قرر البيت الأبيض فتح أرشيف السنوات الماضية ودعم جهود الشرع فى ملاحقة رموز النظام السابق.
كما تطرقت الصحيفة إلى ردود أفعال داخل الأوساط العراقية بعد عاصفة سياسية غير متوقعة تمثلت فى إدراج الحكومة العراقية جماعة الحوثيين وحزب الله على قائمة المنظمات الإرهابية ثم تراجعها عن القرار بعد ساعات وهو ما اعتبره مراقبون مؤشراً على حجم التوترات الإقليمية ومدى ارتباط الملفات بعضها ببعض بما فى ذلك ملف سوريا المستقبل.
وختمت معاريف تقريرها بالتأكيد على أن مصير الأسد بات اليوم أقرب من أى وقت مضى إلى نقطة تحول جذرية فاما ان تواصل موسكو حمايته مقابل أثمان سياسية معقدة ومرتفعة وأما أن تختار التخلى عنه وفتح صفحة جديدة مع دمشق الجديدة وهو خيار قد يغير شكل التحالفات فى الشرق الأوسط خلال الفترة المقبلة.