بوابة الوفد:
2025-12-10@00:04:41 GMT

المشهد الانتخابى وهندسة القوائم! «٢»

تاريخ النشر: 23rd, October 2025 GMT

مع إعلان الهيئة الوطنية للانتخابات رسميًا عن الجدول الزمنى لانتخابات مجلس النواب، انطلق ماراثون أهم معركة سياسية فى وقت شديد الصعوبة يعانى فيه الشعب من أزمة اقتصادية طاحنة لاختيار ممثلين عن الشعب ليس لهم علاقة بدوائرهم، ويكون الستار قد فُتح رسميًا أمام ما يفترض أنه أهم معركة سياسية فى البلاد... تأتى هذه الانتخابات فى وقت هو الأصعب اقتصاديًا على المواطن المصرى منذ سنوات طويلة، ويختلف تماماً عن الانتخابات البرلمانية السابقة، فالغلاء ينهش جيوب الناس، الأسعار ترتفع بشكل يومى، الجنيه يفقد قيمته، والقدرة الشرائية تتآكل بلا رحمة، الأسر تعانى من ضغوط معيشية خانقة، والهم اليومى أصبح تأمين الطعام والدواء، لا التفكير فى البرامج الانتخابية ولا الشعارات السياسية، فكيف يمكن الحديث عن «ماراثون انتخابى» فى بلد يعيش أزمته الاقتصادية بكل تفاصيلها؟، وكيف يُطلب من المواطن أن يتفاعل سياسيًا وهو لا يستطيع أصلا أن يوازن بين دخله وإنفاقه؟

فى الشارع والأسواق، يتحدث الناس عن سعر السكر والزيت والخبز، لا عن المرشحين ولا عن البرلمان القادم، وفى البيوت، لا حديث عن السياسة، بل عن الفواتير التى تتضاعف، والأجور التى لم تعد تكفى حتى منتصف الشهر، تتحدث عن واقع مرير فى الوقت الذى نسمع فيه عن أرقام بملايين كثمن صورة فى قائمة محسومة مقدماً، لقد أصبحت الانتخابات بالنسبة لكثيرين حدثًا بعيدًا عن الواقع المعيشى، وكأنها تُقام فى عالم موازٍ لا علاقة له بما يجرى فى الشارع، وبينما يُنفق البعض الملايين على الدعاية الانتخابية، هناك ملايين من المواطنين لا يجدون ثمن احتياجاتهم اليومية، إنها مفارقة قاسية تكشف عمق الفجوة بين السياسة والناس.

. انتخابات تقام فى زمن لا يحتمل الشعارات، بل يحتاج إلى حلول حقيقية، وإلى ممثلين يعرفون أن صوت الشعب اليوم ليس ورقة فى صندوق، بل صرخة وجع تبحث عمن يسمعها، ولكن أى معركة تلك التى تُدار بينما الشعب يختنق من الأزمة الاقتصادية، والأسعار تلتهم دخله، والهموم اليومية أثقل من أن تُحتمل؟، خاصة بعد الزيادة الأخيرة للوقود غير المبررة تليها ارتفاعات غير مسبوقة فى السلع الغذائية والمواصلات، بينما تنطلق الحملات الانتخابية على شاشات التلفاز لقوائم تدعى الوطنية وصفحات التواصل الاجتماعى، يتساءل المواطن البسيط: من هؤلاء المرشحون؟ من يمثل من؟ وكيف يمكن لمن لا يعرف معاناة الناس فى دوائرهم، ولم يطرق بابًا فيها، أن يتحدث باسمهم تحت قبة البرلمان؟، والمفارقة الصارخة أن معظم الأسماء المتداولة فى السباق الانتخابى هى ذاتها التى فقدت ثقة الناس منذ دورات سابقة، وجوه لا يعرفها المواطن إلا فى موسم الانتخابات فقط، تأتى محمّلة بالشعارات الرنانة، وتغيب بعد الفوز وكأنها لم تكن، فأى تمثيل هذا؟ وأى ديمقراطية تُقام على أنقاض اللامبالاة الشعبية؟.

لقد تحوّل البرلمان، فى نظر الشارع، إلى مؤسسة بعيدة عن نبض الناس، تكرر الخطاب الرسمى وتنسى من أرسلها، بينما لا يجد المواطن من يرفع صوته داخل المجلس دفاعًا عن لقمة عيشه أو عن حقه فى حياة كريمة.

الانتخابات اليوم تبدو وكأنها سباق على المقاعد لا على خدمة الناس، أموال تُنفق بسخاء على الدعاية، ولافتات تملأ الشوارع، بينما هناك من لا يجد ثمن وجبة لأطفاله، أين العدالة فى مشهد كهذا؟ كيف يتحدث البعض عن «تمثيل الشعب» وهم لا يعرفون حجم وجعه الحقيقى؟..الشعب يريد من يسمع صوته، لا من يستخدمه. يريد من يعيش مشكلاته، لا من يطل عليه من برج عاجى ثم يختفى أربع سنوات فى صمت مريب، والمأساة الكبرى أن الناس فقدت الإيمان بالعملية السياسية ذاتها، كثيرون باتوا يرون الانتخابات مجرد «مشهد شكلى»، لا يغير فى واقعهم شيئًا. فهل يمكن أن تقوم ديمقراطية حقيقية فى غياب الثقة؟ وإذا كانت الانتخابات تُجرى فقط لتجميل الصورة أمام الخارج، فلن تُصلح ما فى الداخل، الديمقراطية ليست لافتات ولا بيانات رسمية، بل احترام لإرادة الناس وتمثيل حقيقى لهم، لا صفقات ولا ولاء، الانتخابات الحقيقية تبدأ من الناس، لا من فوقهم، تبدأ حين يشعر المواطن أن صوته يصنع فرقًا، وأن النائب الذى ينتخبه سيحمله همّه لا استعراضاته، أما إذا استمرت الأمور على ما هى عليه، فسيظل البرلمان بلا روح، والديمقراطية بلا معنى، والناس بلا أمل، فلا أثر لحراك انتخابى حقيقى، ولا تفاعل شعبى يُشبه ما يُفترض أنه «أهم استحقاق سياسى» فى البلاد، الصمت يخيّم على الدوائر، والناس تمضى فى همومها اليومية، بينما اللافتات تتحدث عن معركة لا يشعر بها أحد، وغياب كامل للنشاط الميدانى، ففى السابق، كانت فترة الانتخابات تشهد حراكًا واضحًا فى الشوارع والقرى والمراكز، وندوات ومؤتمرات ولقاءات بين المرشحين وأهالى دوائرهم. أما اليوم، فالمشهد باهت إلى حدّ الملل، نواب ومرشحون غائبون عن دوائرهم، لا يُرَون بين الناس، وكأن التواصل مع المواطن بات أمرًا غير ضرورى. وكأن النتيجة قد حُسمت سلفًا، والمنافسة لا تتعدى كونها إجراءً شكليًا لإكمال الصورة، اللامبالاة الشعبية هذه المرة ليست كسلاً، بل نتيجة مباشرة لفقدان الثقة. المواطن العادى لم يعد يرى فى الانتخابات وسيلة للتغيير، بل مجرد مشهد يتكرر كل دورة دون أن يتغير شىء فى واقعه، فما الذى يدفعه للاهتمام بمرشحين لا يعرفهم، أو بخطابات ووعود سمع مثلها من قبل ولم يتحقق منها شىء؟، الناس مشغولة بلقمة العيش، بفاتورة الكهرباء، بارتفاع الأسعار، بأزمات المواصلات، بمدارس لا تتسع لأبنائهم، ومياه لا تصل بانتظام. وسط كل ذلك، يأتى الحديث عن الانتخابات كترف سياسى بعيد عن الواقع، إنها مفارقة قاسية تكشف عمق الفجوة بين السياسة والناس، انتخابات تُقام فى زمن لا يحتمل الشعارات، بل يحتاج إلى حلول حقيقية، وإلى ممثلين يعرفون أن صوت الشعب اليوم ليس ورقة فى صندوق، بل صرخة وجع تبحث عمن يسمعها.

 

رئيس لجنة المرأة بالقليوبية وسكرتير عام اتحاد المرأة الوفدية 

[email protected]

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: إعلان الهيئة الوطنية للانتخابات ه مجلس النواب الشعب من أزمة الجنيه يفقد

إقرأ أيضاً:

حقيقة ما يجري في حضرموت.. صراع نفوذ لا علاقة له بمصلحة أبناء المحافظة

 

 

ما تشهده محافظة حضرموت اليوم ليس مجرد اضطرابات محلية أو مطالب حقوقية، بل هو امتداد لصراع إقليمي تقوده السعودية والإمارات عبر أدوات محلية من المرتزقة، هدفه الأساسي الاستحواذ على المحافظة الأكثر استراتيجية في اليمن. هذا الصراع المعقد لا ينفصل عن المشهد العام للعدوان على اليمن، بل يُعتبر واجهته الشرقية التي تسعى فيها دول التحالف لفرض أمر واقع يخدم أجنداتها الخاصة بعيدًا عن مصالح اليمنيين.
السعودية، التي تتمركز في سيئون، لم تخفِ أطماعها في مناطق الوادي والصحراء، خصوصًا في منفذ الوديعة الحيوي وحقول النفط في المسيلة. تعمل على تكريس حضورها الأمني والعسكري وتدير المشهد عبر أدوات أمنية محلية مدعومة بشكل مباشر. في المقابل، تفرض الإمارات سيطرتها على الساحل، وخصوصًا ميناء الضبة، من خلال تشكيلات “النخبة الحضرمية”، التي تُدار من خارج القرار اليمني وتتحرك وفق أوامر إماراتية بحتة.
في ظل هذا التنافس المكشوف، يُستخدم المرتزقة المحليون كواجهة لتسويق مشاريع الانقسام والتفكيك تحت عناوين مضللة مثل “التمكين الحضرمي” و”الإدارة الذاتية”. غير أن هذه المشاريع، في حقيقتها، لا تهدف إلى تمكين حضرموت أو أبنائها، بل إلى تمكين القوى الخارجية من ثروات المحافظة ومواقعها الجيوسياسية الحساسة، لتكون نقطة ارتكاز إقليمية بعيدة عن سلطة الدولة اليمنية.
المشهد لا ينفصل عن محاولات إضعاف المركز، وخلق كيانات تدين بالولاء الكامل للرياض أو أبو ظبي. الخطير في الأمر أن هذه المساعي تجري وسط غياب تام لأي مشروع وطني جامع، فيما أبناء حضرموت يدفعون الثمن من أمنهم واستقرارهم، ويجدون أنفسهم في مرمى صراعات لا ناقة لهم فيها ولا جمل.
من المؤسف أن تتحول محافظة حضرموت، بتاريخها وثقلها، إلى ساحة لتصفية الحسابات بين أطراف دولية، مستغلة بعض الأدوات المحلية ممن ارتضوا لأنفسهم دور التابع مقابل المال والسلطة. وأمام هذا المشهد المعقد، تبرز الحاجة الملحّة إلى وعي شعبي واسع، يُدرك حقيقة المؤامرة، ويعيد الاعتبار للهوية الوطنية الجامعة التي وحدها الكفيلة بحماية حضرموت من الوقوع فريسة للأطماع الإقليمية.
إن ما يجري في حضرموت ليس فقط صراع نفوذ بين السعودية والإمارات، بل هو أيضًا انعكاس لتشابك مصالح قوى محلية على رأسها حزب “الإخوان المسلمين” (تجمع الإصلاح)، الذي استغل وجوده الطويل في مؤسسات الدولة بالوادي للتمكين السياسي والعسكري والاقتصادي لنفسه، عبر تحالفات مؤقتة مع قوى الخارج، بحسب ما تقتضيه مصالحه.
ففي حين يزعم الإصلاح رفضه للوصاية الإماراتية، إلا أنه في المقابل فتح المجال للسعودية لتثبيت نفوذها في وادي حضرموت، عبر دعم قوات موالية له تتقاسم الأدوار مع الرياض، وهو ما جعل من الإصلاح طرفًا ثالثًا في معادلة السيطرة على حضرموت، لا يقل خطورة عن أدوات السعودية والإمارات الأخرى.
هذه الازدواجية في المواقف، واستخدام ورقة السيادة حينًا، وورقة الدين حينًا آخر، ساهمت في خلط الأوراق وإطالة أمد الصراع، ما جعل حضرموت تدفع فاتورة تناقضات ومزايدات لا علاقة لها بمصالح أهلها، بل بمصالح تنظيمات تتقن التغلغل في ظل الأزمات وتغليب الأجندة الحزبية على الهم الوطني.
لذا، فإن أي مشروع وطني لإنقاذ حضرموت، لا يمكن أن ينجح دون مواجهة هذه الازدواجية، وكشف الدور التخريبي الذي تلعبه جماعة الإخوان ضمن لعبة المحاور، التي حوّلت المحافظة إلى ساحة صراع مفتوح بين أدوات إقليمية بأقنعة محلية.
واليوم، وبعد سنوات من التمكين والسيطرة الناعمة التي مارسها حزب الإخوان المسلمين في وادي حضرموت، جاء دور الانقضاض عليه، ليس من قبل الشعب الحضرمي الذي عانى من ازدواجية قراراته، بل من حلفائه الإقليميين أنفسهم. فالسعودية التي كانت حاضنته السياسية والعسكرية بدأت تسحب البساط من تحت أقدامه، ممهدة الطريق أمام أدوات جديدة أكثر ولاءً لمشروعها المباشر، في حين تراقب الإمارات المشهد من زاويتها الخاصة، مستعدة لاقتناص الفرصة لتوسيع نفوذها في الساحل والوادي.
لم يعد الإصلاح بالنسبة لهؤلاء سوى ورقة تم استخدامها طويلاً، وحان وقت تمزيقها. والمفارقة أن ما زرعه الحزب من تداخل في ملفات الأمن والجيش والإدارة، عاد يرتد عليه، ليجد نفسه محاصرًا من كل اتجاه: من خصومه السياسيين، من أدوات الخارج، بل وحتى من قواعده الشعبية التي سئمت الخطابات المزدوجة وانعدام المشروع الحقيقي.
هذا الانقضاض ليس سوى نتيجة طبيعية لسياسات قائمة على الانتهازية والتحالفات المؤقتة، وهو ما يؤكد أن حضرموت لا تحتاج إلى مزيد من التبعية أو الصفقات السياسية، بل إلى مشروع وطني خالص، ينقذها من عبث الخارج وتقلبات من تحالفوا معه.

مقالات مشابهة

  • بين نظامَين
  • أسرة البوسعيد وبناء المشهد الثقافي العُماني
  • معلومات الوزراء يرصد تطورات المشهد الاقتصادي العالمي خلال عام 2025
  • اعملوا انتخابات جديدة.. ترامب يطالب الشعب الأوكراني بـ تغيير زيلينسكي
  • حقيقة ما يجري في حضرموت.. صراع نفوذ لا علاقة له بمصلحة أبناء المحافظة
  • الشرع يزور المعرض العسكري السوري ويكرم قادة معركة التحرير
  • بعض المؤشرات الانتخابية يُستلزم دراستها!!
  • بث مباشر البحرين تحت 23 وقطر تحت 23.. مواجهة قوية في كأس الخليج 2025 اليوم
  • الرأي العام بين المتاهة الرقمية وهندسة العقول
  • نظام جديد بين القوائم.. ما سر التدوير في حراسة الزمالك؟