بين الماضي والحاضر.. الجميل والأجمل!!
تاريخ النشر: 27th, October 2025 GMT
انتشرت عبارة (الزمن الجميل) وصارت لها أصداء ومقاطع وفيديوهات يومية تحظى باهتمام الملايين، الذين يعبرون عن حنينهم، وتمنيهم عودة الأيام الخوالي؛ ليس في مملكتنا الحبيبة فقط، بل في العالم العربي قاطبة وحتى في العوالم الغربية، فيا تُرى لماذا هذا الحنين المصحوب أحياناً بأنين لتلك الأيام، وذاك الزمن الذي نال تسمية الجميل؟ ولماذا صارت ذكرياته تنال إعجاب حتى الأجيال التي لم تعشه!! لا شك أن حاضرنا في مملكتنا الحبيبة جميل وسعيد- ولله الحمد؛ إذ يشهد تقدماً وخدمات حضارية راقية للمواطن والمقيم على حد سواء، وما نشاهده من تطور تقني غير مسبوق خطوات مذهلة هي الأجمل في تاريخ الدول في كل شيء؛ وهذا أمر طبيعي حين يسخر الله للوطن قيادة طموحة مخلصة، وشعبًا قويًا محبًا ينشد العلياء؛ وها هي المملكة تنافس أعظم الدول وأكبرها، وتحقق امتيازات كانت حلماً وأصبحت حقيقة!! والحمد لله؛ ومع كل هذا التقدم والحضارة تظل نفوسنا تحن لزمن مضى، حتى استحق بجدارة أن يطلق عليه (الزمن الجميل)!! الحنين إما لأناس كانوا هم حياتنا وبفقدهم فقدنا حلاوةً لا تعوض!! أو لمرحلة طفولة وشباب تملأنا بالذكريات التي ما أن تراودنا حتى تذرف الدمع مآقينا وتخفق قلوبنا طرباً!! إنها تلك المراجيح الخشبية، التي تنصب قبل الأعياد في حارات تقاربت القلوب فيها قبل البيوت حتى كأنهم عائلة واحدة! أو هوالشوق للتآلف والتآخي داخل البيوت وخارجها الذي كان سمة المجتمع في تلك الأيام، أم هي (سفرة الطعام) تلك التي نحلق حولها رغم كثرتنا مع عدد من الأطباق بسيط يكفينا ويفيض ليذوق جيراننا منه؛ ولم يكن هناك خشية قدوم ضيف؛ فالبيوت مباركة والضيوف يزيدونها بركة؛ حضور بلا موعد، أو تخطيط، واستقبال بفرح وترحيب، كانوا سعداء مع كل الأوضاع!! مبتهجين حامدين شاكرين كانت سمات الرضاء والقناعة تملأ الصدور؛ فالبيوت على صغر مساحتها تتسع لأهل الحارة والأقارب بكل رحابة صدر كانت العلاقات الأسرية أشد وأقوى لا يهزها موقف بسيط، ولا تؤثر فيها نميمة أو مفارقات ومظاهر!! قلوب نقية صلبة مليئة بالحب والإخاء والمروءة؛ في الماضي كانت الأصول يحسب لها ألف حساب وبناءً عليها يقاس الناس؛ فالوالدان والكبار والمعلم لهم قيمة لا يمكن التهاون فيها!! في المجالس لا يجلس الصغار وكبارهم وقوف!! لا يمشي الأبناء متقدمين والدهم أو أمهم!! لا يرفعون أصواتهم عليهم أو بحضرتهم!! لا يقومون من الطعام قبلهم أو قبل ضيوفهم!! لا يسخرون أو يتكلمون ويقهقهون بصوت مرتفع وعدم احترام؛ في وجودهم لا يدخنون أو يجلسون بطريقة غير لائقة!! في الزمن الماضي يعرف الصغار كيف يرحبون ويستقبلون ويؤدون الواجبات ويعتمدون على أنفسهم بكل ثقة؛ أكثر مميزات الزمن الجميل هي الآداب والعلاقات الصادقة القوية في البيوت، والحارات، والقبيلة، والمدينة، كانت البساطة سمة المناسبات وديدن الضيوف والمضيفين؛ أهل الزمن الجميل رجالاً ونساء لا تلهيهم تفاهات أو مشاغل عن واجباتهم الأساسية، كانت الأسرة تمتد من جهة الأب والأم امتداداً يشمل ذوي الصلة من الجهتين!! وكان أهل الحارة كالجسد الواحد!! وكان (الحياء) هو العنوان الكبير في حياة أهل الزمن الجميل! مجالسهم يسودها الإصغاء وتبادل الأحاديث الشيقة ومجالس اليوم يغلبها الصمت ليتحدث كل الجالسين مع جوالاتهم!! الجميع يشتاق لآداب وأصول الزمن الجميل لعلها تعود!! كم نتمنى أن نزين جمال الحاضر بجمال الماضي وأن تسخر التقنية لتكون الحياة والناس معها هم الأجمل ودمتم.
المصدر: صحيفة البلاد
كلمات دلالية: الزمن الجمیل
إقرأ أيضاً:
محمد سلام.. "حكاية فنان" خذله الأصدقاء وأنصفته الأيام
لم يكن ظهور محمد سلام في احتفالية «وطن السلام» مجرد عودة فنية، بل كان مشهدًا إنسانيًا يختصر رحلة فنانٍ واجه العزلة بصبر، وغاب بصمتٍ ثم عاد في لحظةٍ أنصفته فيها الأيام قبل الناس. دقائق قليلة فوق خشبة المسرح كانت كافية لتعيد إليه الضوء، وتمنحه ما يشبه الاعتذار الهادئ من الزمن.
تصدّر اسم الفنان محمد سلام مواقع التواصل الاجتماعي عقب مشاركته في احتفالية «وطن السلام» بدار الأوبرا في مدينة الثقافة والفنون بالعاصمة الإدارية الجديدة، بحضور الرئيس عبد الفتاح السيسي ونخبة من نجوم الفن في مصر والوطن العربي.
قدّم سلام عرضًا مسرحيًا مؤثرًا عن سيناء، نال به إعجاب الحضور، ليتحوّل ظهوره المحدود إلى لحظة احتفاءٍ واسعة عبّر خلالها الجمهور عن محبته وامتنانه لعودة فنانٍ غاب طويلاً.
احتفاء يعيد البريق
تدفقت رسائل الدعم على صفحات التواصل عقب الحفل، وجاءت التعليقات مشبعة بالمحبة والتقدير:
«تحيا مصر بأبنائها الشرفاء»، «أحسن رد اعتبار من الرئيس»، «ربنا جبر بخاطره»، و«محترم يستحق كل التقدير».
كانت تلك العبارات كأنها تصفيق ممتدّ من جمهورٍ لم ينس صاحبه، فاستعادوه بكلماتٍ تفيض صدقًا بعد عامين من الغياب.
غياب له حكاية
ابتعد محمد سلام عن الأضواء منذ أكتوبر 2025، حين أعلن انسحابه من أحد عروض موسم الرياض تضامنًا مع القضية الفلسطينية، عبر مقطع فيديو قال فيه إنه لا يستطيع المشاركة في عرضٍ كوميدي بينما تعاني غزة.
موقفه الإنساني نال احترام الجمهور، لكنه أثار خلافًا داخل الوسط الفني، بعدما شعر بعض زملائه أن قراره المفاجئ أربك التزاماتهم الفنية. كان أبرزهم الفنان بيومي فؤاد، الذي عبّر لاحقًا عن انزعاجه من طريقة الاعتذار، مشيرًا إلى أنه حاول إقناع سلام بالعدول عن قراره، لكن الأخير تمسّك بموقفه قائلاً: «مش هقدر وأنا شايف اللي بيحصل في غزة».
تلك الواقعة وما تبعها من سوء فهم جعلت سلام يبتعد عن التجمعات الفنية ويختار الصمت، بعدما أحسّ بتراجع بعض العلاقات التي كان يظنها أمتن. فاختار العزلة على الظهور، رافضًا أن يكون جزءًا من ضوضاء لا تشبهه.
يوم العودة.. وصدفة لا تُنسى
في 25 أكتوبر 2025، وبعد عامين كاملين من ذلك القرار، عاد محمد سلام إلى المسرح في اليوم ذاته الذي أعلن فيه انسحابه سابقًا، لكن في مشهدٍ مختلف تمامًا. وقف هذه المرة أمام رئيس الجمهورية في احتفالية عنوانها السلام، مقدّمًا عملاً عن سيناء، وكأن القدر كتب له أن يعود في اليوم نفسه الذي غادر فيه الأضواء، حاملاً المبدأ نفسه بروحٍ أكثر نضجًا.
من هو محمد سلام؟
وُلد محمد سلام في القاهرة عام 1983، وتخرج في كلية التجارة بجامعة القاهرة، حيث بدأ مشواره الفني على مسرح الجامعة قبل أن ينضم إلى مركز الإبداع الفني.
كانت انطلاقته السينمائية في فيلم «الرهينة» عام 2006، ثم حقق حضورًا لافتًا في مسرحية «قهوة سادة» عام 2009، لتتوالى بعد ذلك أعماله في الدراما والسينما، أبرزها: «الكبير أوي»، «هبة رجل الغراب»، «كابتن مصر»، و**«شربات لوز»**. وكان آخر ظهورٍ له في الجزء الثامن من مسلسل «الكبير» الذي عُرض في رمضان 2024 / إبريل.
محمد سلام الذي خذله بعض الأصدقاء، وجد في جمهوره من يُعيد له مكانته، وفي وطنه من يحتفي بوفائه. لم يصرخ في وجه الغياب، بل صبر حتى جاء يومٌ عاد فيه بنفس الابتسامة القديمة، وأكثر قوةً وصدقًا.