من الطربوش إلى الروبوت.. عندما ينادي الذكاء الاصطناعي في أسواق المغرب
تاريخ النشر: 31st, October 2025 GMT
في زحمة الأسواق الشعبية المغربية، حيث تختلط أصوات الباعة بروائح العطور والتوابل، ربما لا يخطر ببال أحد أن الذكاء الاصطناعي أصبح هناك جزءًا من الحياة اليومية. ولم يعد حكرًا على المهندسين في وادي السيليكون أو الشركات المتعددة الجنسيات، بل صار أداة جديدة في يد بائع الزيت والعطور، وبائعة الخبز البلدي، وتاجر الإلكترونيات في "درب غلف" في الدار البيضاء أو "سوق الحد" في أكادير.
وراء هذا المشهد الشعبي، تتحرك ثورة تقنية صامتة.
فوفقًا لتقرير البنك الدولي، من المتوقع أن تُضيف تطبيقات الذكاء الاصطناعي أكثر من 15 تريليون دولار إلى الاقتصاد العالمي بحلول عام 2030. أما في العالم العربي، فتقدّر شركة "بي دبليو سي" (PwC) مساهمة الذكاء الاصطناعي في الاقتصاد الإقليمي بنحو 320 مليار دولار خلال السنوات المقبلة، منها 15 مليار دولار في منطقة شمال أفريقيا وحدها.
لكن بعيدًا عن الأرقام، يعيش المغرب تجربة أكثر إنسانية— ذكاء اصطناعي "بنكهة الزنقة".
وليد.. بائع العطور الذي يكتب مثل المحترفينفي درب السلطان بالدار البيضاء، يقف وليد، شاب في الثلاثينيات يبيع الزيوت والعطور الطبيعية. لم يُكمل دراسته، لكنه اكتشف بالصدفة أداة تُدعى "كوبي إيه آي" (Copy.ai)، وهي منصة قائمة على الذكاء الاصطناعي مخصّصة لإنشاء نصوص تسويقية، ومحتوى لوسائل التواصل، أو حتى مسودات لمقالات ومدونات، وتساعده على كتابة منشوراته الدعائية على فيسبوك باللهجة المغربية.
يقول وليد مبتسمًا: "أنا ماشي فهّام فهاد التكنولوجيا، ولكن كيعجبني كيفاش كتعاونّي نكتب بحال المحترفين".
وليد لا يعرف أن هذه الأداة مدعومة بالذكاء الاصطناعي، لكنه يستخدمها يوميًا. بالنسبة له، هي مجرد وسيلة لتقريب منتجه من الزبائن بلغة يفهمونها.
من الجنوب، في مدينة العيون، تحوّلت فاطمة من بائعة في السوق البلدي إلى "مصممة عروض" من دون أن تدري.
تستخدم منصة "غاما آب" (Gamma.app) لإعداد شرائح تعرض فيها وصفاتها الحسّانية الأصيلة بطريقة جذابة. لا تعرف معنى "واجهة المستخدم" (UX) أو "تصميم واجهات"، لكنها تبهر زبائنها بعروض تبدو كأنها من إنتاج وكالة تسويق رقمية.
في درب غلف، أحد أشهر أسواق الإلكترونيات في المغرب، يعتمد سفيان على المنتج الأشهر في مجال الذكاء الاصطناعي وهو شات جي بي تي (ChatGPT) في عمله اليومي. يسأله عن الفروقات التقنية بين الكابلات والمنافذ، ويطلب منه ترجمة المواصفات من الصينية إلى الدارجة المغربية.
إعلان“هذا الروبوت هو اللي فهّمني الفرق بين "ديسبلاي بورت" (DisplayPort) و"إتش دي إم آي" (HDMI)، يقول ضاحكًا.
ما يفعله سفيان ليس استثناءً، فحسب دراسة لمركز "أكسفورد إنسايتس" (Oxford Insights) لعام 2024، يحتل المغرب مرتبة متقدمة عربيًا في مؤشر جاهزية الحكومات للذكاء الاصطناعي. كما أظهرت بيانات "ستاتيستا" (Statista) أن نحو 60% من الشباب المغربي استخدموا أدوات ذكاء اصطناعي في حياتهم اليومية— من الدراسة إلى التجارة الصغيرة.
ذكاء "الحيلة" المغربيةهذه القصص وغيرها من المشاهدات في هذه الأماكن الشعبية، تكشف عن نوعٍ آخر من الابتكار: ابتكار من الأزقة لا من الأبراج والمكاتب والمختبرات.
ذكاء اصطناعي يتكيّف مع اللهجة، ومع الواقع، ومع "الحيلة" المغربية التي تحول الهاتف إلى مكتب مصغّر، والروبوت إلى شريك في الرزق.
ربما لا يملك هؤلاء الباعة شهادات عليا، لكنهم يملكون ما هو أثمن، إنه الذكاء الفطري الذي يلتقط الفرص من الهواء، ويحوّل الخوارزميات إلى أدواتٍ للعيش.
وهكذا، في أسواق المغرب، يتقاطع "الطربوش" مع "الروبوت" لتكتب هذه الأزقة فصلها الخاص من قصة الذكاء الاصطناعي.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: غوث حريات دراسات الذکاء الاصطناعی
إقرأ أيضاً:
مارك زوكربيرج: الاستثمار المكثف في الذكاء الاصطناعي بدأ يؤتي ثماره
أكد الرئيس التنفيذي لشركة ميتا، مارك زوكربيرج، أن الاستثمارات الضخمة التي تضخها الشركة في مجال الذكاء الاصطناعي، بدأت تؤتي ثمارها وأن الشركة ترى بالفعل عوائد ملموسة من هذه الخطط.
ودافع زوكربيرج عن الإنفاق الضخم لشركة ميتا هذا العام، وأبرزه استثمارها البالغ 14.3 مليار دولار في Scale AI كجزء من خطة لإصلاح وحدة الذكاء الاصطناعي، المعروفة الآن باسم Superintelligence Labs. وفق "سي إن بي سي".
وقال زوكربيرج: "نرى بالفعل العائدات في أعمالنا الأساسية، وهذا يمنحنا ثقة كبيرة في أننا نسير في الاتجاه الصحيح نحو مستقبل تقوده تقنيات الذكاء الاصطناعي."
ولكي تمتلك مجموعة ميتا المُشكّلة حديثاً قوة حوسبة كافية لمتابعة نماذج الذكاء الاصطناعي المتطورة، قامت الشركة ببناء مراكز بيانات ضخمة وتوقيع اتفاقيات حوسبة سحابية مع شركات مثل Oracle وGoogle وCoreWeave.
صرح زوكربيرج بأن الشركة تشهد "نمطاً" ويبدو أن ميتا ستحتاج إلى قوة أكبر مما كان مقدراً في البداية. وأضاف أنه مع مرور الوقت، ستُؤتي هذه الاستثمارات المتنامية في الذكاء الاصطناعي ثمارها بشكل كبير.
وأضاف زوكربيرج : "من المرجح جداً أن يكون الاستثمار الأكبر هنا أمراً مربحاً على المدى البعيد".
وأوضح زوكربيرج أنه إذا أنفقت ميتا أكثر من اللازم على موارد الحوسبة المتعلقة بالذكاء الاصطناعي، فيمكن للشركة إعادة توظيف هذه السعة وتحسين أنظمة التوصيات الأساسية "في مجموعة تطبيقاتنا وإعلاناتنا بطريقة مربحة".وإلى جانب منافسيها، رفعت ميتا توقعاتها للنفقات الرأسمالية.
أخبار ذات صلةوأوضحت الشركة أن النفقات الرأسمالية هذا العام ستتراوح الآن بين 70 و72 مليار دولار، مقارنةً بالتوقعات السابقة التي تراوحت بين 66 و72 مليار دولار.
أكد زوكربيرغ: "نشهد عوائد في أعمالنا الأساسية، مما يمنحنا ثقة كبيرة بضرورة استثمار المزيد، ونريد التأكد من أننا لا نبالغ في استثماراتنا".
أعلنت ميتا عن نتائج قوية للربع الثالث من العام، بعد أن حذرت من أن نفقاتها ستزداد بشكل كبير في عام 2026 مقارنة بهذا العام.
تخوض شركة ميتا بلاتفورمز سباقا محموما في مجال الذكاء الاصطناعي، وقالت إن نفقاتها ستزداد بوتيرة أسرع كثيرا في العام المقبل، مدفوعة بارتفاع تكاليف البنية التحتية وتعويضات الموظفين، بعد أن قامت بتوظيف خبراء في الذكاء الاصطناعي بمستويات رواتب مرتفعة للغاية.
وجاء في بيان للشركة: "ستكون تكاليف تعويضات الموظفين ثاني أكبر مساهم في نمو النفقات، إذ سنحتسب رواتب عام كامل للموظفين الذين تم توظيفهم خلال عام 2025، خصوصا في مجالات الذكاء الاصطناعي، وسنواصل إضافة كوادر تقنية في المجالات ذات الأولوية".
يقع مقر الشركة في مينلو بارك بولاية كاليفورنيا، وسجلت الشركة أرباحا بلغت 71ر2 مليار دولار، أي ما يعادل 05ر1 دولار للسهم الواحد خلال الفترة من يوليو إلى سبتمبر. وارتفعت إيرادات ميتا بنسبة 26% لتصل إلى 42ر51 مليار دولار، مقابل 59ر40 مليار دولار في الفترة نفسها من العام الماضي.
لمياء الصديق (أبوظبي)