جوهانسبرغ – جدل مستمر وتساؤلات لا تزال تبحث عن إجابات وأصداء لم تتوقف، تلك التي خلفتها واقعة وصول طائرة تقل عشرات الفلسطينيين من قطاع غزة إلى كينيا ومنها إلى مدينة جوهانسبرغ في جنوب إفريقيا دون وثائق رسمية، وذلك في رحلة “غامضة”.

تلك الرحلة، بحسب مراقبين، قد تنبئ تفاصيلها التي ستتكشف خلال الأيام وربما الأسابيع المقبلة، عن خيوط مشروع تهجير إسرائيلي غير معلن ويطبخ على نار هادئة.

ورغم استقبال جنوب إفريقيا للفلسطينيين الذين يزيد عددهم عن 150 شخصا، إلا أنها أطلقت تحقيقا رسميا في الواقعة، فيما أعلنت وزارة الخارجية الفلسطينية أن هؤلاء “مغرر بهم”، وادعت مسؤولة إسرائيلية أن تل أبيب حصلت على إذن دولة ثالثة لاستيعابهم، دون تسميتها.

في السياق، حاولت وسائل إعلام عبرية، بعضها مقرب من الحكومة، استغلال تأخر استقبال جنوب إفريقيا للفلسطينيين بتصويرها بأنها تمارس “ازدواجية المعايير”، في محاولة للانتقام منها ردا على الحملة الدولية التي تقودها لمحاكمة إسرائيل وقادتها أمام محكمة العدل الدولية، بتهمة الإبادة الجماعية في قطاع غزة.

والجمعة، قالت سلطات الحدود بجنوب إفريقيا، في بيان، إنه تم السماح بدخول عشرات الفلسطينيين وصلوا إلى مطار “أو. آر. تامبو الدولي” في جوهانسبرغ، يوم الأربعاء الماضي، قادمين من كينيا، بعد رفض دخولهم في البداية لعدم استيفائهم شروط الدخول.

** تحقيق رسمي جنوب إفريقي

ورغم الاستقبال، أعلن رئيس جنوب إفريقيا سيريل رامافوزا، في تصريحات نقلتها وكالة أسوشييتد برس، أن “أجهزة الاستخبارات في البلاد تحقق في الجهة التي تقف وراء طائرة مستأجرة هبطت في جوهانسبرغ، وعلى متنها أكثر من 150 فلسطينيا قادمين من غزة التي مزقتها الحرب، دون أن يحملوا وثائق سفر رسمية”.

ولفت رامافوزا، إلى أن التحقيق يهدف إلى “معرفة كيف تمكن هؤلاء الفلسطينيون من الوصول إلى البلاد عبر محطة توقف في العاصمة الكينية نيروبي”.

وأوضح أن الفلسطينيين الواصلين “تم وضعهم بشكل غامض على متن طائرة مرت عبر نيروبي وجاءت إلى هنا”.

وفي تصريح متلفز آخر، شدد رامافوزا، على أن بلاده لن تجبر هؤلاء الفلسطينيين على العودة، مشددا على أنه “رغم عدم امتلاكهم للوثائق، فإنه يجب استقبالهم لأنهم يأتون من منطقة تمزقها الحرب”.

** الخارجية الفلسطينية: المسافرون مغرر بهم

بدورها، أعربت وزارة الخارجية الفلسطينية، عن شكرها العميق للمواقف المبدئية لقيادة وحكومة وشعب جنوب إفريقيا الداعم للشعب الفلسطيني وقضيته، بما في ذلك استقبالها لعدد من فلسطينيي غزة المغرر بهم.

وفي بيان، قالت الخارجية الفلسطينية، مساء الجمعة: “نعبر عن تقديرنا واحترامنا للقرار السيادي في منح تأشيرات دخول لعدد من أبناء شعبنا من قطاع غزة الذين وصلوا الى مطار جنوب إفريقيا قادمين عبر مطار رامون (جنوبي إسرائيل) مرورا بالعاصمة الكينية نيروبي، رغم وصولهم دون أي إشعار أو تنسيق مسبق مع سلطات البلاد”.

كما حذر البيان الشركات والجهات التي تغرر بأبناء الشعب الفلسطيني، وتحرضهم على الترحيل، والتهجير، أو تلك التي تمارس الاتجار بالبشر، وتستغل الظروف المأساوية والإنسانية الكارثية بأنها “ستتحمل التبعات القانونية لممارساتها غير القانونية وستكون عرضة للملاحقة، والمحاسبة”.

وفي معرض وصفها لتفاصيل الواقعة، أوضحت الخارجية الفلسطينية أنها وجهت التعليمات لسفارتها لدى جنوب إفريقيا، التي استنفرت كادرها وقامت بالتنسيق الوثيق مع السلطات المختصة لمعالجة هذا الوضع الناجم عن هذا الخلل، واحتواء آثاره، بما يحفظ كرامة المواطنين الفلسطينيين وإنسانيتهم، والمساهمة في التخفيف عنهم في ظل ما شهدوه على مدار عامين من حرب الإبادة الإسرائيلية.

وشددت على أن “المتاجرة بمشاريع التهجير هي جريمة استنادا للقانون الدولي والوطني ولن يتم التهاون بها، وسنتابع كافة الحالات التي تعرض فيها أبناء شعبنا للخداع أثناء بحثهم عن ملاذ آمن، في القضاء المحلي والدولي”.

واختتمت الخارجية الفلسطينية بالقول: “نهيب بأبناء شعبنا وخاصة أهلنا في قطاع غزة أخذ الحيطة والحذر وعدم الوقوع فريسة الاتجار بالبشر، وعملاء التهجير، وندعو إلى عدم التعامل بأي شكل من الأشكال مع مثل هذه الشركات والجهات غير الرسمية وغير المسجلة في فلسطين، وذلك لضمان سلامتكم وحقوقكم وحياتكم”.

** “يديعوت أحرونوت”: منظمة بالقدس هي المسؤولة

بدورها، أوضحت صحيفة “يديعوت أحرونوت” (يمين وسط) أن “منظمة تُدعى “المجد” ومقرها في القدس، كانت مسؤولة عن إخراج أكثر من 150 فلسطينيا من القطاع.

وتعمل هذه المؤسسة التي تأسست في 2010، على تهجير الفلسطينيين من القطاع بذريعة “المساعدة”، كما تزعم أنها “تساعد المجتمعات المسلمة في مناطق النزاع”، وفق الصحيفة التي لم تقدم تفاصيل أخرى بشأنها.

كما أن الموقع الإلكتروني للمؤسسة لا يتضمن أرقام هواتف أو عناوين، وقائمة شركائها فارغة رغم أنها تعمل مع 15 هيئة دولية، لكنها مرفقة برسالة: “ستُنشر التفاصيل قريبا”، وفق المصدر نفسه.

ونقلت الصحيفة عن مسؤول عسكري إسرائيلي (لم تسمه) قوله إن “إسرائيل رافقت الحافلات التي نقلت المسافرين من نقطة التقاء في غزة (لم يحددها) إلى معبر كرم أبو سالم (خاضع لسيطرة تل أبيب)، ومن هناك نقلتهم حافلات أخرى إلى مطار رامون (في النقب)، الذي أقلعت منه الطائرة”.

الصحيفة تابعت: “أثارت سرية الرحلة مخاوف منظمات حقوق الإنسان، التي حذرت من أنها قد تكون جزءا من مسعى إسرائيلي لتهجير الفلسطينيين من القطاع”.

ونقلت عن منسق أنشطة الحكومة الإسرائيلية في المناطق الفلسطينية غسان عليان، قوله إن الفلسطينيين غادروا القطاع بعد أن حصلت تل أبيب على إذن من دولة ثالثة لاستيعابهم دون تسميتها.

وكانت إسرائيل، التي تسيطر على أكثر من نصف مساحة قطاع غزة، بحثت سابقا مع دول، بينها جنوب السودان، إمكانية تهجير فلسطينيي القطاع إليها، وفق ما أوردته “أسوشييتد برس” في أغسطس/ آب الماضي.

“يديعوت أحرونوت” أشارت إلى أن نحو 40 ألف فلسطيني غادروا القطاع منذ بدء الإبادة الإسرائيلية في 8 أكتوبر/ تشرين الأول 2023.

ومرار تحدث وزراء بالحكومة الإسرائيلية عن فكرة تهجير الفلسطينيين من قطاع غزة، ضمن حرب الإبادة الجماعية التي شنتها تل أبيب على مدار عامين.

يذكر أن جنوب إفريقيا رفعت نهاية 2023، دعوى قضائية ضد إسرائيل في محكمة العدل الدولية، لارتكابها إبادة جماعية في قطاع غزة.

وفي 10 أكتوبر الماضي، دخل اتفاق وقف إطلاق النار بغزة بينحركة الفصائل الفلسطينية وإسرائيل حيز التنفيذ، منهيا إبادة جماعية خلفت أكثر من 69 ألف قتيل فلسطيني وما يزيد عن 170 ألف جريح، ودمارا هائلا طال 90 بالمئة من البنى التحتية المدنية بخسائر أولية تقدر بحوالي 70 مليار دولار.

 

وكالات

المصدر: صحيفة المرصد الليبية

كلمات دلالية: الخارجیة الفلسطینیة الفلسطینیین من جنوب إفریقیا قطاع غزة أکثر من تل أبیب

إقرأ أيضاً:

الغارديان” البريطانية تكشف عن مشروع أميركي خطير لتقسيم قطاع غزة

الجديد برس| كشفت صحيفة “الغارديان” عن وجود مشروع أميركي خطير يستهدف تقسيم قطاع غزة. ونقلت الصحيفة عن مصادر مطلعة أن الولايات المتحدة تخطط لتقسيم غزة على المدى الطويل إلى “منطقة خضراء” تحت السيطرة العسكرية الإسرائيلية والدولية، حيث تبدأ فيها عمليات إعادة الإعمار، و”منطقة حمراء” تُترك أنقاضًا. وتشير وثائق التخطيط العسكري الأميركي، إلى أن قوات أجنبية ستنتشر في البداية إلى جانب الجنود الإسرائيليين في مناطق شرق غزة، وسيترك القطاع مقسّمًا بواسطة “الخط الأصفر” الذي تسيطر عليه “إسرائيل” حاليًا. وقال مسؤول أميركي، طلب عدم الكشف عن هويته: “من الناحية المثالية، نريد أن نجعل كل شيء موحّدًا، أليس كذلك؟ لكن هذا طموح”. وأضاف: “سيستغرق الأمر بعض الوقت. لن يكون الأمر سهلاً”. وتضع الخطط العسكرية الأميركية علامات استفهام حول التزام واشنطن بتحويل وقف إطلاق النار المُعلن في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي إلى تسوية سياسية دائمة مع سيطرة فلسطينية على غزة، كما وعد الرئيس الأميركي دونالد ترمب. وتقول الصحيفة إن خطط مستقبل غزة تشهد تحوّلات مُتسارعة تعكس نهجًا فوضويًا ومرتجلًا لحلّ أحد أكثر صراعات العالم تعقيدًا واستعصاءً، ولتوفير المساعدات، بما في ذلك الغذاء والمأوى، لمليوني فلسطيني. وذكر المسؤول الأميركي أنه بعد أسابيع من ترويج واشنطن لإعادة إعمار غزة من خلال إقامة مخيمات مُسيّجة لمجموعات صغيرة من الفلسطينيين تُعرف بـ”المجتمعات الآمنة البديلة”، تم التخلي عن هذه الخطط هذا الأسبوع. وقال المسؤول: “هذه لمحة سريعة عن مفهوم طُرح في وقتٍ مُحدد. لقد تجاوزوا ذلك بالفعل”. وكان نموذج “المجتمعات الآمنة البديلة” قد أثار تخوفات كبيرة لدى المنظمات الإنسانية، والتي أعلنت أمس الجمعة أنها لم تُبلّغ بعد بتغيير الخطط. وأكدت “الغارديان” أنه بدون خطة قابلة للتنفيذ لنشر قوة دولية لحفظ السلام، وانسحاب القوات الإسرائيلية، وإعادة الإعمار على نطاق واسع، فإن غزة معرّضة لخطر الانزلاق إلى حالة من الغموض بعد عامين من العدوان الإسرائيلي المدمر. وحذّر وسطاء من أن يدخل قطاع غزة في وضع “ليس حربًا، ولكنه ليس سلامًا”، في ظل استمرار الهجمات الإسرائيلية المنتظمة، واحتلال راسخ، وانعدام حكم ذاتي فلسطيني، وإعادة إعمار محدودة للمنازل والمجتمعات الفلسطينية. ويُشكّل إنشاء قوة دولية أساس خطة ترامب المكوّنة من 20 نقطة، وتأمل واشنطن أن يُقرّ مجلس الأمن مطلع الأسبوع المقبل مشروع قرار يمنح القوة تفويضًا رسميًا، وتتوقع أن تتبعه تفاصيل دقيقة عن التزامات القوات. ونقلت الصحيفة عن المسؤول الأميركي قوله: “الخطوة الأولى هي الحصول على القرار”. وأضاف: “لن تُقدّم الدول التزامات حازمة حتى تطّلع فعليًا على الصياغة التي تمّ إقرارها”. ووفقًا للوثائق، يستبعد ترامب نشر أي جنود أميركيين في غزة، فيما وضعت القيادة العسكرية الأميركية المركزية الإقليمية خططًا لوضع قوات أوروبية، تضم مئات الجنود البريطانيين والفرنسيين والألمان. وتشمل هذه القوات حوالي 1500 جندي مشاة من المملكة المتحدة لديهم خبرة في مجال إبطال القنابل ومسعفين عسكريين، ونحو 1000 جندي فرنسي لتغطية “تطهير” الطرق والأمن. كما تسعى الولايات المتحدة لإدخال قوات من ألمانيا وهولندا ودول الشمال الأوروبي، للتعامل مع المستشفيات الميدانية والخدمات اللوجستية والاستخبارات. واعتبر أحد المصادر هذه الخطط بأنها “وهمية”، وقال للصحيفة إنه بعد مهام طويلة في العراق وأفغانستان، فإن القليل جدًا من القادة الأوروبيين لديهم استعداد للمخاطرة بحياة جنودهم في غزة. وتقول الصحيفة إن الوثائق وسمت بعلامة “غير سرية”، ما يشير إلى أن الولايات المتحدة لم تعتبر الخطط العسكرية بالغة الحساسية، ويبدو أنها اصطدمت بالواقع في غضون أيام. كما لفت مسؤول أميركي إلى أن الأرقام الواردة في الوثائق تضمّنت العديد من المغالطات، وأن واشنطن لم تتوقع أن تُشكّل القوات الأوروبية نواة القوة الدولية، مضيفًا أن التخطيط لغزة يسير بخطى سريعة. ووضعت الوثائق الأردن كمساهم محتمل بمئات من جنود المشاة الخفيفة وما يصل إلى 3000 ضابط شرطة، في حين استبعد الأردن إرسال قوات إلى غزة. وينص مفهوم عمل أميركي للقوة الدولية على أن القوات ستخدم في “المنطقة الخضراء فقط”. وتتصور الولايات المتحدة أن يبدأ الانتشار على نطاق صغير في منطقة محدودة ببضع مئات من الجنود، ثم يتوسّع ببطء إلى قوة كاملة تبلغ 20 ألف جندي في جميع أنحاء المنطقة. لكن القوة لن تعمل على الجانب الغربي من “الخط الأصفر”. وقالت “الغاريان” إن وثيقة أخرى اطلعت عليها تتضمّن خططًا لاستقدام جنود أجانب لإدارة المعابر في القطاع، وهي مهمة يُرجَّح أن تُثير قلق الدول المحتملة المساهمة بالقوات. وجاء في الخطة أن الجيش الإسرائيلي سوف “يدرس شروط الانسحاب” في مرحلة لاحقة، عندما يستقر الأمن الدولي، دون تحديد أي جدول زمني. وقال المسؤول الأميركي للصحيفة إن إعادة توحيد غزة جزء من عملية “الدفع بها نحو الاستقرار والسلام الدائم والانتقال إلى الحكم المدني”، لكنه اعتبر تحديد موعد لذلك أمرا مستحيلا. ويرى المخططون العسكريون الأميركيون أن إعادة الإعمار داخل “المنطقة الخضراء” جزء من مسار غامض لإعادة توحيد غزة من خلال إقناع المدنيين الفلسطينيين بالتحرك عبر خط السيطرة الإسرائيلية. وتقول الغارديان إن مجرد تحديد “منطقة خضراء” في غزة يُخاطر بمقارنتها بالعراق وأفغانستان، حيث أصبحت العبارة مرادفة لإخفاقات الجيش الأميركي.

مقالات مشابهة

  • مصر ترفض تهجير الفلسطينيين وتكشف موقفها من محاولات تقسيم غزة
  • الغارديان” البريطانية تكشف عن مشروع أميركي خطير لتقسيم قطاع غزة
  • وزير الخارجية لجريدة لاريبوبليكا الإيطالية: مصر ترفض أي محاولة لتقسيم قطاع غزة أو تهجير الفلسطينيين
  • من غزة إلى جوهانسبرغ.. تفاصيل رحلة غامضة خُدع فيها غزيون
  • رئيس جنوب إفريقيا يفتح تحقيقاً بعد وصول 150 فلسطينياً من غزة بطريقة غامضة
  • تفاصيل جديدة بشأن مسافري غزة الذين وصلوا جنوب إفريقيا
  • دون ختم وعبر طريق سري.. تفاصيل رحلة غزة- جوهانسبرغ "الغامضة"
  • الأمم المتحدة: تهجير الفلسطينيين يرقى لجريمة حرب
  • انتهاء أزمة "طائرة الفلسطينيين" في جنوب إفريقيا