أكدت الناشطة اليمنية توكل كرمان الحائزة على جائزة نوبل للسلام، أن التنمية ترتكز على كرامة الإنسان والنهوض بحياة الفقراء ومنحهم التعليم الحقيقي وتمكين المرأة لأن تكون شريكا أساسيا في البناء والتنمية.

 

وقالت كرمان في مؤتمر التنمية المستدامة والمستقبل المشترك، في تايوان: "يشرفني أن أقف أمامكم اليوم لأتحدث عن قضية لم تعد مفهومًا نظريًا أو خيارًا سياسيًا، بل ضرورة وجودية عميقة وهي التي ستحدد مصير عالمنا تلك القضية هي التنمية المستدامة".

 

وأضافت: "نحن نعيش لحظة تاريخية فاصلة، لحظة يتقاطع فيها المناخ مع الاقتصاد، والأمن الإنساني مع العدالة الاجتماعية، وتتقاطع فيها كل التحديات لتقول لنا بوضوح إن مستقبل الإنسانية لم يعد أمرًا يمكن تأجيله؛ بل مسؤولية يجب أن نتحملها اليوم، الآن، وفي كل قرار نتخذه".

 

وأوضحت كرمان، أن العقود الماضية علمتنا حقائق قاسية، "عالم تُسيّره الأرباح وحدها هو عالم يهدر موارده، عالم يهمل البيئة هو عالم يهدد بقاءه؛ وعالم يتجاهل العدالة الاجتماعية يفتح أبوابه للطغيان والفقر والصراع والتطرف. ومن هذه الحقيقة ظهرت التنمية المستدامة كإطار شامل يُعيد توجيه بوصلة العالم نحو ما هو ممكن وما هو ضروري".

 

وأشارت إلى أن التنمية المستدامة تعني "التوازن بين ما نحتاجه اليوم وما يجب أن يبقى للأجيال القادمة إنها، في جوهرها، وعد فكرة بسيطة لكن تأثيرها عظيم، وتعني أن نبني اقتصادًا قويًا دون أن ندمّر البيئة، أن نخلق الثروة دون أن نترك الملايين خارج دائرة الكرامة، وأن نستخدم موارد الكوكب دون أن نسرق حق الأجيال القادمة في الماء والهواء والغابات والحياة".

 

وبين أن أحد أخطر التحديات التي تواجه الإنسانية اليوم هو "أننا نستهلك موارد الكوكب وكأنها ملك لنا وحدنا. نأخذ من الأرض أكثر مما تتحمل، ومن الغابات أكثر مما تنمو، ومن البحار أكثر مما تتجدد. نحن جيل يعيش بطريقة إن استمرت ستجعل حياة أطفالنا أصعب بكثير من حياتنا".

 

ولفتت إلى أن "الاحتباس الحراري يضاعف هذه المسؤولية. فهو ناتج عن أفعالنا حرق الوقود الأحفوري، قطع الغابات، وإطلاق كميات هائلة من الغازات الدفيئة. لقد حبسنا الحرارة في الغلاف الجوي ودفعنا الكوكب نحو تغير خطير".

ونوهت كرمان، إلى أن "ارتفاع درجات الحرارة ليس أرقامًا مجردة بل حقائق مدمّرة، من ذوبان الجليد إلى موت الشعاب المرجانية، وانهيار النظم البيئية، وموجات الحر التي تهدد حياة البشر". مضيفة "تعرف تايوان هذه الحقيقة أكثر من غيرها، فهي تقف في الخطوط الأمامية لأزمة المناخ، تعاني من الأعاصير العنيفة، والأمطار الغزيرة، والجفاف الشديد، وفقدان التنوع البيولوجي، وارتفاع مستوى البحر الذي يهدد المجتمعات الساحلية والبنية التحتية.

 

وشددت الناشطة اليمنية، على أهمية "التحول نحو الطاقة المتجددة" بكون ذلك "ليس رفاهية. بل هو درع تايوان والعالم الأقوى في مواجهة الاحتباس الحراري، وأحد أهم أدوات البشرية لإنقاذ مستقبلنا المشترك".

 

وأكدت أن العالم يعيش اليوم في زمن "تهيمن عليه الشركات الكبرى والمصالح الضيقة، حيث يُقاس قدر الأمم بحجم أسواقها أكثر مما يُقاس بكرامة شعوبها".

 

واستدركت كرمان، أن التنمية المستدامة تأتي برسالة أخرى، مفادها أن "الاقتصاد ليس غاية إنه وسيلة لصنع حياة كريمة، وأن الاقتصاد بلا عدالة هو تمييز، وأن الاقتصاد بلا أخلاق هو استغلال، وأن الاقتصاد بلا إنسانية هو تدمير.

 

وجددت التأكيد على الحاجة إلى اقتصاد أخلاقي يقوم على الابتكار الذي يرفع الإنسان لا الذي يسحقه، وعلى التكنولوجيا التي تخدم البشرية لا الأنظمة الاستبدادية، وعلى الشركات مسؤولة أمام المجتمع والبيئة، وعلى الاستثمارات تحترم حقوق العمال"، لتعيد "التنمية المستدامة تعريف النجاح الاقتصادي ليس بما نراكمه، بل بما تقدمه للعالم".

 

وقالت كرمان: "التنمية تعني أن يعيش كل إنسان بكرامة، أن يتمكن الفقير من النهوض لا أن يبقى محاصرًا، أن يكون التعليم حقيقيًا وعالي الجودة لا شكليًا، أن تكون المرأة شريكة كاملة لا ضحية عنف وتمييز، أن يُحمى الأطفال من الحرب والجهل والجوع، أن يحصل الجميع على الرعاية الصحية متاحة وإنسانية وقادرة على إنقاذ الحياة، أن يكون الماء النظيف والغذاء الآمن حقًا لا امتيازًا، أن يكون السكن لائقًا وغير مزدحم أو غير آمن، أن تكون الوظائف عادلة، والأجور منصفة، والعمال محميين، وأن تنعم كل المجتمعات بهواء نظيف وبيئة صحية وقدرة على مواجهة الأزمات المناخية".

 

وأردفت: "التنمية الحقيقية لا تُقاس بالناتج المحلي، بل تُقاس بكمية الكرامة والأمان والفرص والأمل في حياة الناس اليومية. ولذا فإن التنمية المستدامة تعلمنا أن لا عدالة بلا مساواة. وأن لا تقدم بلا حقوق. وأن لا استقرار بلا إنهاء الفقر. ولا سلام بلا محاسبة الظالمين".

 

وأشارت إلى أنه "لا يمكن بناء اقتصاد في بلدٍ يحترق، ولا عدالة في بلدٍ منهوب، ولا بيئة نظيفة في أرضٍ تحكم بالاستبداد والارهاب والقمع"، مضيفة: "انظروا حولنا، غزة حيث دُمّرت المدارس والمستشفيات والجامعات ومحيت البنى التحتية. اليمن، الذي التهمته الحرب والانقلاب رغم إمكاناته العظيمة.  السودان، حيث تمحو الصراعات والمؤامرات والحرب أجيالًا كاملة، أوكرانيا، حيث يلتهم الصراع كل فرص التنمية وتنذر بتقويض الدولة وتهجير الشعب. لا يمكن الحديث عن التنمية المستدامة دون إيقاف الطغيان، وإنهاء الاحتلال، ووقف الحروب، ومحاكمة مجرمي الحرب، وبناء نظام دولي يضع الإنسان فوق المصالح".

 

ولفتت إلى أن الديمقراطية شرط أساسي للتنمية المستدامة. بكونها "ليست رفاهية، بل أساس الازدهار والأمن والإبداع".

 

وتحدثت عن تابوان، بكونها "الأرض التي أثبتت أن الحرية يمكن أن تزدهر حتى في أقسى العواصف، وأن الديمقراطية يمكن أن تكون حصنًا قويًا أمام أي تهديد".

 

وأضافت: "تقف تايوان اليوم في قلب معادلة عالمية حساسة. تواجه تحديات كبرى، لكنها تقدم في الوقت ذاته نموذجًا ملهمًا للعالم في مجالات كثيرة".

 

وبحسب كرمان، فإن "أعظم ثروة تمتلكها تايوان ليست التكنولوجيا ولا الاقتصاد بل الإنسان الحر. ولهذا، فإن حماية الديمقراطية التايوانية أمر أساسي لحماية مستقبل أجيالها في ظل الضغوط والتهديدات التي تسعى لفرض واقع جديد وتقويض إرادة الناس".

 

وأكدت أن التوترات الإقليمية المتصاعدة تجعل من تايوان اختبارًا حقيقيًا للمجتمع الدولي، هل سيقف العالم مع السلام والقانون الدولي أم سيدير ظهره؟" مضيفة: "من الواضح أن أمن تايوان جزء أساسي من الأمن العالمي، وأي تهديد لها هو تهديد للاستقرار الإقليمي والدولي".

 

ولفتت إلى أن تايوان قطعت شوطًا كبيرًا في التميز التكنولوجي، من صناعة أشباه الموصلات إلى الابتكار الرقمي حتى أصبحت نبضًا حيويًا للاقتصاد العالمي، مستدركة أن "هذا التقدم يحتاج إلى حماية من الهجمات السيبرانية والحروب الرقمية ومحاولات التأثير السياسي عبر القوة وفرض الأمر الواقع".

 


المصدر: الموقع بوست

كلمات دلالية: توكل كرمان تايوان التنمية اليمن الحرب في اليمن التنمیة المستدامة الاقتصاد بل أکثر مما أن تکون إلى أن

إقرأ أيضاً:

برلماني: الدولة تستهدف استكمال تحقيق التنمية المستدامة بصناعة الوعي

ثمن النائب عامر الشوربجي، عضو مجلس النواب، جهود الدولة في بناء الوعي ، والتي تستهدف بشكل مباشر استكمال تحقيق التنمية المستدامة وتعزيز جهود الدولة فى قطاعات، الصحة، التعليم، وصناعة الوعى.
 

و أوضح “ الشوربجي” فى تصريح لـ “ صدى البلد” أن الاهتمام بالأسرة المصرية يسهم في إعداد أجيال جديدة لديها من الوعى ما يؤهلها لحفظ وحماية الهوية الوطنية للدولة المصرية، إلى جانب ترسيخ قيم الانتماء والولاء للدولة المصرية، والحفاظ على مقدرات الوطن . 

برلماني: الدولة تهتم بـ بناء الإنسان للمشاركة بفاعلية فى عملية التنمية الشاملة674 نشاطًا ثقافيًا في أكتوبر.. مكتبة مصر العامة تدعم الوعي وبناء الإنساننائب بالشيوخ: الرئيس السيسي يرسخ مفهوم بناء الإنسان بتمكين الشباببرلمانية: الرئيس السيسي يؤمن بقدرات الشباب .. ويقود مشروعًا وطنيًا لبناء الإنسان المصريقيادي حزبي: المؤتمر العالمي للصحة والسكان يعزز جهود الدولة بملف بناء الإنسانوزير الصحة: التنمية السكانية مدخل لبناء الإنسان كأهم ثروة وطنيةوزير الثقافة: الطفولة هي الركيزة الأساسية لبناء الإنسان المصري الواعي والمبدع

يشار إلى أن شاركت المهندسة مرجريت صاروفيم، نائبة وزيرة التضامن الاجتماعي، في فعاليات الجلسة الحوارية «طول العمر الصحي عبر الأجيال.. السياسات والابتكارات والنمو الشامل»، والتي شهدها الدكتور خالد عبد الغفار نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الصحة والسكان، والدكتور حسام أبو مرعى وزير صحة لاتفيا.

جاء ذلك ضمن أعمال النسخة الثالثة من المؤتمر العالمي للسكان والصحة والتنمية البشرية (PHDC’25)، برعاية الرئيس عبد الفتاح السيسي، تحت شعار «تمكين الأفراد، تعزيز التقدم، إتاحة الفرص»، في العاصمة الإدارية الجديدة.

أدارت الجلسة الدكتورة سميرة التويجري، المدير العالمي للسكان والتنمية بالبنك الدولي، بمشاركة الدكتورة عبلة الألفي نائبة وزير الصحة والسكان، وإيريك أوشلان مدير مكتب منظمة العمل الدولية بالقاهرة، والدكتورة هالة يوسف ممثل صندوق الأمم المتحدة للسكان، والدكتور حاتم إسماعيل، والدكتورة ريتو سادنا من منظمة الصحة العالمية.  

دعم الطفولة المبكرة..حجر الأساس لبناء الإنسان

وأكدت نائبة وزيرة التضامن الاجتماعي أن ملف كبار السن يمثل أحد أهم ملفات اقتصاد الرعاية، مشيرة إلى أن وزارة التضامن الاجتماعي تعمل على تعزيز مفهوم الشيخوخة الصحية والدمج المجتمعي، إلى جانب دعم الطفولة المبكرة؛ باعتبارها حجر الأساس لبناء الإنسان، حيث أن الاستثمار في الإنسان في جميع مراحله العمرية؛ هو الطريق نحو مجتمع أكثر تماسكًا وقدرة على تحقيق التنمية الشاملة، بما يضمن مستقبلًا أفضل لكل الأجيال .

طباعة شارك نائبة وزيرة التضامن الاجتماعي التضامن الاجتماعي رئيس مجلس الوزراء مجلس النواب التنمية الهوية الوطنية خالد عبد الغفار

مقالات مشابهة

  • توكل كرمان تدعو من تايوان إلى نموذج عالمي أكثر عدالة وتؤكد العالم أمام لحظة حاسمة تتطلب تحولًا عاجلًا نحو التنمية المستدامة
  • ندوة تستعرض التنمية المستدامة والتراث الطبيعي والثقافي في مقشن
  • قياس التقدم لتحقيق البعد البيئي لأهداف التنمية المستدامة
  • «البيئة» تشارك في ماراثون التنمية المستدامة
  • استعراض مسيرة التنمية المستدامة والتراث الطبيعي والثقافي في مقشن
  • المؤسسة الوطنية للنفط توقّع مذكرة تفاهم مع شركة SLB لدعم مشاريع التنمية المستدامة
  • مؤسسة النفط و«SLB» تتعاونان في مشاريع التنمية المستدامة
  • نواب يشيدون بجهود الدولة في بناء الإنسان: تعكس اهتمام القيادة السياسية بتحقيق التنمية الشاملة.. وترسيخ الهوية الوطنية والصحة والتعليم أولوية
  • برلماني: الدولة تستهدف استكمال تحقيق التنمية المستدامة بصناعة الوعي