الجزيرة:
2025-11-18@12:26:43 GMT

هل هززتَ النَّخلة؟

تاريخ النشر: 18th, November 2025 GMT

هل هززتَ النَّخلة؟

(1)

ما حدث هو أن "لين كونغ" الطبيب في الجيش الصيني، اضطر إلى الزواج من امرأة ريفية لا يحبها، انصياعا لرغبة والده، وفكر أنه ربما عليه أن ينتظر بعض الوقت أملا في أن يتغير الحال، مما يتيح له الانفصال عن زوجته دون أن يُغضب أباه.

لكنّ الأيام تمر دون جدوى، وقد زاد الأمر تعقيدا، أن التقى في مستشفاه العسكري مع ممرضة وقع في حبها، مما دعاه لأن يفكر جديا في أن يطلّق زوجته ويتزوج حبيبته.

إلى هنا والحكاية ليس فيها جديد.

لكنّ الجديد أنه ظل هكذا 18 عاما في حالة انتظار ليحقق رغبته هذه، ربما كان مترددا، ربما الواقع الاجتماعي والقانوني لا يسمح، لكنه في النهاية انتظر هذه الأعوام الطويلة ليفعل ما تمناه.

الصدمة أنه حين وقع الطلاق بالفعل "لم يشعر (لين كونغ) بفرح، بل بفراغ واسع، كأن سنوات الانتظار قد حفرت داخله فراغا لا يُملأ".

وذلك بحسب ما ورد في رواية عنوانها: "الانتظار" اعتمد كاتبها الصيني الأميركي (Ha Lin) على هذه الواقعة الحقيقية، التي جرت أحداثها بالصين، في فترة الستينيات.

الرواية ليست قصة حب فاشلة، بل هي تأمُل فلسفي في طبيعة الزمن البشري، وكيف يتحول الانتظار إلى سجن، وكيف تذوب الرغبة حين تُؤجل طويلا، وكيف يعيش الإنسان حياته بين ما يجب أن يفعله وما يريد أن يفعله.

أنظر حولي فأرى أننا جميعا نكاد نكون مصابين بهذا الداء، نحن في حال انتظار دائم، انتظار أن تُتاح وظيفة أفضل، أن تتحسن الأحوال المادية حتى نستمتع بالحياة، أن نجد الفرصة المناسبة لنفعل ما نرغب به، لكننا، في الأغلب، مترددون، بل إننا ننتظر أكثر مما نعمل، نقوم بالواجب، ونتنازل عن رغبتنا.

لكن السؤال: هل لدينا بالفعل القوة على الفعل؟

رواية "الانتظار" للكاتب الصيني الأميركي (Ha Lin) جرت أحداثها بالصين، في فترة الستينيات (الجزيرة)

(2)

هل تعلم أن بعضنا يمضي حياته كفقير بائس، بينما كَنزه مدفون في مكان ما، وهو لا يكلف نفسه عناء البحث عنه، بل يقضي عمره كله، يندب حياته وأحواله، لأنه لا يستطيع أن يحقق أمانيه، مفضلا انتظار المجهول، عن عناء البحث؟

إعلان

لكل منا كنزه المدفون، وهذا ليس حديث تنمية بشرية، وإنما الواقع.

لم يخلق الله العظيم أحدا منا عبثا.

حاشاه، وإنما خلقه لدور ما، ولهدف ما، ومنحه مواهب مدفونة في نفسه، وتركه يبحث عنها ويجدها، لكن المرء منا أحيانا لا يفعل، ويفضِل الانتظار، ربما تتغير الظروف، معتقدا أنه لا حول له ولا قوة، وأنه مسلوب الإرادة، لا يستطيع اتخاذ قرارات حياته، يظن أنه حتى لو فعل فلن يستطيع أن ينجز هدفه، كافرا بما في نفسه من قدرات.

أليس ذلك جحودا بنعمة الله؟

نعم يمنحك الله نعمة وأنت تنكرها، ولا تستمتع بها، لأنك ابتداء أنكرت وجودها.

أنت لا تعرف نفسك حق المعرفة، بل الأدهى أنك لا تريد أن تعرفها، تخشى أن تفاجأ بما لا يرضيك، وفي الحقيقة ثمة مواهب مدفونة فيك، أنت لم تكتشفها بعد، وهي تتكشف أحيانا عند الأزمات، فتتفجر الطاقات وتعرف نفسك وقدراتها، لكن في الأغلب للأسف متأخرا.

بعضنا يمضي حياته كفقير بائس، بينما كَنزه مدفون في مكان ما، وهو لا يكلف نفسه عناء البحث عنه (مواقع التواصل)

(3)

دع تفاؤلك يهزم تشاؤمك.

وفي تفسير التفاؤل دعني أخبرك بأمر بسيط.

كل ما عليك هو العمل، العمل على أحسن وجه ممكن، ثم تقبل النتيجة أيا كانت، فهذا قدر الله، والرضا به هو أعلى درجات السعادة.

الأمر لا يخضع للحسابات المادية.

فإذا كنت -مثلا- في وضع اجتماعي ومادي متوسط فلا يعني تفاؤلك، أنك ستكون أفضل وفق هذه الحسابات، لكنك ستكون أسعد، ذلك أنك أديت واجبك كاملا، هذا شعور لا يفهمه ولا يقدره إلا من يعيشه ويؤمن به.

تماما مثلما إذا هاجمك عدو قوي وقررت -وأنت الضعيف- أن تدافع عن نفسك، فليس بالضرورة أنك ستنتصر، لكنك في الحالتين فائز.

المقاوم ينتصر حتى وإن مات.

والمستسلم ينهزم حتى وإن عاش.

الجنة على الأرض هي في أن تفعل ما بوسعك، وترضى بما يقدِره الله.

وجهنم هي الانتظار.

هكذا ببساطة.

فلا تُلقِ بنفسك إلى التهلكة وتستسلم.

ستنجو فقط حين تتحرك.

حتى في أصعب اللحظات، يكفي أن تفعل ما تستطيع، ولو كان يسيرا (شترستوك)

(4)

كان النهار يميل إلى الغروب حين وصلتْ إلى أطراف الوادي السيدة الطاهرة، السماءُ رمادية تشوبها حمرة المساء، والريح تمرُ على الرمال كأنها تهمس بالوحدة، لا صوت سوى خرير ماء خافت في جوف الأرض، ولا ظل إلا ظلُ نخلة وحيدة شامخة، جذعها عتيق، تتدلى منها بقايا سعف يابس كأنه أطراف ذاكرة قديمة.

الأفق من حولها جبليٌ خافت، حجارةٌ بلون الطين والسكوت، وفي البعيد، ملامح مدينة (بيت لحم) القديمة، بيوتها الصغيرة من الحجارة البيضاء، لكن المكان الذي لجأت إليه السيدة مريم كان أبعد من العمران، لا قريب، ولا عزيز، ولا حتى أي إنسان.

تجلس عند جذع النخلة، وقد اشتد بها المخاض، تتألم وهي وحيدة، حتى إنها تتمنى لو ماتت قبل ذلك، لكن الله يأمرها أن تهز جذع النخلة، فقط هكذا كل ما في الأمر ﴿وهُزِي إِليْكِ بِجِذْعِ النخْلةِ﴾.

كيف تفعل والمرأة التي في حال مخاض تكون في أضعف حالاتها الجسدية؟

إذن ستفعل ما في وسعها، حتى وإن لامست يداها جذع النخلة امتثالا لأمر الرحمن.

المهم أن تفعل شيئا.

المهم ألا تستسلم.

إعلان

المهم ألا تنتظر.

الأمر بسيط: افعل ما في وسعك، وانتظر قدر الله، وارضَ به.

الانتظار قد يتحول إلى سجن، يقتل الرغبة ويبدد الطاقات (شترستوك)

(5)

يا شباب!

هزوا نخلتكم، هزوا جذع النخلة، فقط افعلوا ما عليكم أن تفعلوه، ليس كل أمر بالحسابات المادية، ثمة أمور لا يعرفها الذكاء الطبيعي ولا الاصطناعي.

ابحثوا عن الكنز الذي وضعه الله في أنفسكم، وأنتم تجاهلتموه.

ثقوا في أنفسكم وفي قدراتكم.

في كلٍ منا كنز، حتى المريض، حتى الأعرج، حتى الأعمى، حتى العجوز لديه ما لديه.

لقد عشتُ في الدنيا ورأيتُ ذلك بعيني وليس كلاما عاطفيا.

افعلوا ثم ارضوا بما يقسمه الله.

ستقولون: إن السيدة مريم إنما كانت مؤيدة من ربها!

كلنا مؤيد من ربه إن أطاع.

هزوا النخلة يا شباب.

لا تنتظروا وهزوا النخلة.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: دراسات شفافية غوث حريات جذع النخلة أن تفعل

إقرأ أيضاً:

مادورو يبدي استعداده للتحدث مع ترامب ويحذره من “أكبر خطأ في حياته”

الثورة نت/وكالات أبدى الرئيس الفنزويلي، نيكولاس مادورو، “استعداده للتحدث وجها لوجه مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي أثار احتمال عقد محادثات مع نظيره. وقال مادورو، ردا على رسالة أمريكية خلال برنامجه الأسبوعي على التلفزيون الفنزويلي العام مساء الاثنين “في الولايات المتحدة، كل من يريد التحدث مع فنزويلا سنتحدث معه وجها لوجه. دون أي مشكلة”. وأضاف: “ما لا يمكننا أن نسمح به هو أن يتعرض الشعب في فنزويلا لضربات جوية ومجازر”، داعيا مجددا إلى الحوار وقال: “نعم للسلام! لا للحرب!… لذلك، أيا ما كان يرغب في الحوار سيجدنا دائما”. وتحدث مادورو أيضا عن “قطاعات نفوذ في الولايات المتحدة تريد من الرئيس ترامب أن يرتكب أكبر خطأ في حياته ويتدخل عسكريا في فنزويلا”، قائلا: “ستكون هذه هي النهاية السياسية لقيادته وهم يضغطون عليه”. وكان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب صرح، الاثنين، أنه لا يستبعد أي إجراء بشأن فنزويلا، مشيرا إلى حجم الهجرة غير الشرعية من فنزويلا. وقال ترامب للصحفيين في البيت الأبيض، حول ما إذا كان يستبعد وجود قوات أمريكية في فنزويلا: “لا أستبعد أي شيء. علينا التعامل مع فنزويلا. لقد أرسلوا مئات الآلاف من الأشخاص من السجون إلى بلدنا”. وأكد ترامب استعداده للتحدث مع الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو وسط تقارير إعلامية عن ضربات أمريكية محتملة ضد فنزويلا، قائلا: “نعم، على الأرجح سأتحدث معه؛ أنا أتحدث مع الجميع”.

مقالات مشابهة

  • أكبر عَلَمين في «جذع النخلة» رسالة أخوّة قبل قمة العراق والإمارات
  • أنهى حياته شنقا .. مصرع شاب في قرية الدقهلية
  • مادورو يبدي استعداده للتحدث مع ترامب ويحذره من “أكبر خطأ في حياته”
  • «الأبيض» ينشد هزَّ «جذع النخلة» بحثاً عن بطاقة «الملحق العالمي»
  • من نجريج إلى ليفربول.. محمد صلاح يروي أصعب لحظات حياته الاحترافية
  • محافظ المنيا يطلق حزمة إجراءات لتحسين الحركة المرورية ودعم الاستثمار بالكورنيش
  • صبي يفقد حياته بصعقة كهربائية سببتها أمطار بغداد
  • التحول الرقمي يقود طفرة في القطاع الصحي.. وفودافون: نجاح رقمنة 320 وحدة وخفض زمن الانتظار وتحسين جودة الرعاية
  • مسلسل «ورد وشوكولاتة» الحلقة 6.. زينة تفضح زواجها من محمد فراج وتدمر حياته