قواتٌ إسلامية لنزع سلاح المقاومة!
تاريخ النشر: 16th, November 2025 GMT
تكثّف الولايات المتحدة الأمريكية، هذه الأيام، جهودَها لتمرير مشروع قرار في مجلس الأمن الدولي، يتعلّق بإنشاء “قوات دولية لإرساء الاستقرار” في غزَّة، لكنّ أمريكا تريدها حصرًا قواتٍ عربية وإسلامية!
ما تسرّب إلى حدّ الساعة في الإعلام الأمريكي والدولي عن مشروع القرار الأمريكي، يؤكّد أنّ إدارة ترامب– بمشاركة الاحتلال- قد صاغته بدقّة ليكون في صالح حليفها الصهيوني وحده؛ فهو ينصّ على إرسال قوَّاتٍ تابعة لدول عربية وإسلامية “صديقة” إلى غزّة لنزع سلاح المقاومة وتدمير بنيتها التحتية العسكرية، خلال عامين، بدلا من أن تكون قوةَ حفظ سلام دولية للفصل بين طرفي النزاع كما حدث في مناطق ساخنة كثيرة في العالم.
ما تريده الولاياتُ المتحدة وحليفُها الصهيوني تحديدا هو أن ترسل دولٌ عربية وإسلامية غير معادية للاحتلال نحو 20 ألف جندي للإشراف على عملية نزع سلاح حماس وتدمير الأنفاق، أي محاربة المقاومة الفلسطينية وتعريض جنودها لخطر الموت لإنجاز هذه المهمة، بدل الجنود الصهاينة، الذين حاولوا ذلك طيلة سنتين كاملتين من الحرب (7 أكتوبر 2023- 10 أكتوبر 2025) ولم يجنوا سوى آلاف القتلى وعشرات الآلاف من الجرحى والمعاقين والمصدومين نفسيًّا…
لا جدال في حقّ الفلسطينيين في مقاومة الاحتلال، فهو حقٌّ مكفولٌ لهم بموجب ميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي، كما تكفله الدياناتُ والشرائعُ جميعا، لذلك نأمل ألا يتورَّط أيُّ بلدٍ عربي أو إسلامي ويرسل جنوده لمحاربة الفلسطينيين وتجريدهم من السلاح ومنعهم من حقِّهم الشرعي والقانوني في مقاومة الاحتلال، بهدف إرضاء ترامب والاستجابة لضغوطه، ومن يفعل ذلك فهو يعرِّض حياة جنوده للخطر من أجل تثبيت الاحتلال الصهيوني لفلسطين وتأبيده، ويخون بذلك القضية الفلسطينية ويعين الاحتلال على تصفيتها وعلى تهويد القدس الشريف وهدم المسجد الأقصى وبناء الهيكل المزعوم مكانه، وسيلعنه التاريخ كما لعن أبا رغال وابن العلقمي وسعد حدّاد وأنطوان لحد وخونة الأمة جميعا، كما سيلعنه شعبُه لأنّه بعث أبناءه إلى الموت، ليس لتحرير فلسطين ومقدّسات الأمة أو نصرة شعبها المضطهَد، بل لمحاولة إجبار هذا الشعب المقاوِم على إلقاء سلاحه والخنوع للاحتلال وقبول ضياع أرضه إلى الأبد والعيش فيها كالهنود الحمر !
لم يصرِّح زعيمُ أيِّ بلدٍ أوربي أو غربي برغبته في إرسال جنوده لمحاربة المقاومة، خوفًا من ردِّ فعل شعبه
إلى حدِّ الساعة، ترفض عدةُ دول عربية وإسلامية، وفي مقدمتها الأردن وأذربيجان، التورّط في هذا العار وإرسال جنودها إلى غزة للقيام بهذه المهمة القذرة نيابة عن الاحتلال، ونأمل أن تثبت على موقفها ولا تضعف بمرور الأيام تحت ضغط ترامب وحاشيته، وأن ترفض أيضا بقيةُ الدول العربية والإسلامية الانضمام إلى هذه القوة التي تريدها أمريكا قوة إسلامية خالصة لإذلال الفلسطينيين والعرب والمسلمين معا وإيقاع الفتنة بينهم، في حين إنّها لا تريد إرسال جندي أمريكي واحد لمواجهة المقاومة، كما لم يصرِّح زعيمُ أيِّ بلدٍ أوربي أو غربي برغبته في إرسال جنوده لمحاربة المقاومة، خوفًا من ردِّ فعل شعبه؛ فالشعوبُ الغربية الآن ناقمة على الاحتلال بسبب جرائمه المتكرِّرة في غزة وليس من الحكمة تحدّيها من أجله، فلمَ تتحدى دولٌ عربية وإسلامية شعوبها وترسل أبناءها للموت من أجل المجرمين الصهاينة الذين ارتكبوا أبشع المجازر في حقّ الفلسطينيين وقتلوا عشرات الآلاف من أطفالهم ونسائهم ودمّروا مظاهر الحياة في بلدهم حتى أصبح قادتُه مطلوبين للمحكمة الجنائية الدولية بصفتهم مجرمي حرب؟!
نطرح هذا السؤال الملحّ، لأنّ هناك دولًا محسوبة على العروبة والإسلام أعلنت استعدادها لإرسال جنودها إلى غزة، بعد أن يصدر قرارُ مجلس الأمن الدولي، ونحن هنا لا نخشى على المقاومة وسلاحها من هذه القوّات؛ فما عجز عنه الاحتلالُ طيلة عامين من الحرب، وهو الذي يملك أحد أقوى الجيوش في العالم، تسليحا وتدريبا، ويحظى بدعم أمريكي مطلق، لن تستطيع قواتٌ أخرى إنجازه، وستُهزم وتنسحب مذمومة مدحورة في آخر المطاف..
لكنّ الانجرار إلى هذه الفتنة النَّتنة، سيزيد المقاومة إنهاكًا وهي التي تضرّرت من الحرب مع الاحتلال، كما يؤخّر عملية إعادة الإعمار ويطيل معاناة الفلسطينيين ويحوِّل حياتهم إلى جحيم. هذا فقط ما يؤرِّقنا. لكن في جميع الأحوال سيفشل في الأخير المخطط الأمريكي لنزع سلاح المقاومة مهما كانت الأطراف التي تدعمه كما فشل من قبل الميناءُ الأمريكي العائم في مياه غزة، وانهارت “مؤسسة غزة الإنسانية”، وتبخّر مشروع تهجير سكان القطاع لبناء “ريفييرا الشرق الأوسط”.
الشروق الجزائرية
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات قضايا وآراء كاريكاتير بورتريه المقاومة حماس الدول العربية حماس الدول العربية المقاومة نزع السلاح مقالات مقالات مقالات سياسة صحافة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد سياسة اقتصاد سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة عربیة وإسلامیة
إقرأ أيضاً:
الأسرى بين القهر والتفاوض
د. سعيد الكثيري
يتجلى الفارق الأخلاقي والإنساني بين المقاومة والاحتلال في أوضح صوره عند الحديث عن الأسرى؛ فالمقاومة، إذ تحتجز الأسرى الصهاينة، تفعل ذلك لتحقيق أهداف تفاوضية مشروعة، ملتزمةً بتعاليم الإسلام التي تحفظ النفس الإنسانية وتصون كرامة الأسير، فلا تعذيب ولا انتهاك لحدود الإنسانية.
وفي المقابل، ينتهج الاحتلال سياسة تقوم على التعذيب والقهر والإذلال بحق الأسرى الفلسطينيين، غير مبالٍ بحقوق الإنسان ولا بالمعايير القانونية الدولية. وقد وثّقت وأدانت منظمات حقوقية عالمية انتهاكاته التي تستهدف حياة وكرامة الأسرى داخل زنازين فقدت أي صلة بالقانون أو الحد الأدنى من الإنسانية.
وهكذا، يتعمّق الفارق بين طرف يتعامل مع الأسرى بمنطق التفاوض وواجبات الأخلاق، كما تفعل المقاومة، وطرف آخر يجعل من السجون أدوات انتقام وإذلال كما يفعل الاحتلال.
وتبقى غزة شموخ وعزة.