#أغنى_الدول و #أفقر_الشعوب
المهندس: عبد الكريم #أبوزنيمة
كانت الدول العربية الغنية بالموارد الطبيعية والفقيرة شعوبًا ولا زالت محط أطماع الغزاة والحملات العسكرية الاجنبية وفي مقدمتها الاستعمار الغربي نظرًا لما تمتاز به من مواقعها الجيواستراتيجي وجغرافيتها المناخية والزراعية والسياحية وتحكمها بالممرات الدولية المائية والبرية والفضائية، هذا الاستعمار الذي لا زلنا نعاني من آثاره السلبية ومنها تخلفنا عن ركب الحضارة، هذا الاستعمار وإن رحل بقدميه لكنه لا زال حاضرًا بأطماعه وأهدافه وأدواته المحلية مشجعًا وحاثاً إياها على الفساد وأخطره الفساد السياسي الذي أهدر ويهدر الموارد العامّة في أنشطة غير إنتاجية ويتصدى لكل توجهات وبرامج الإصلاح، لذلك نجد الغرب الاستعماري يسخر كل امكانياته وقدراته لحماية هذه الادوات الموالية له ودعمها لوأد اي حركة تحرر عربي.
من المؤسف أن نشاهد هذا الدمار وما خلفته الكوارث الطبيعية في كل من المغرب وليبيا بسبب هشاشة البنى التحتية وافتقارها لأبسط المعايير والمواصفات وتآكلها بالرغم من غنى كلا الدولتين إلا أن شعوبها لا زالت تعيش الفقر والجوع وحياة بدائية، لقد عجزت كلتا الدولتين عن حماية وتقديم الرعاية للمنكوبين مما فاقم عدد الضحايا، وهذا لا يعني ان بقية الشعوب العربية الاخرى بأفضل حال ، فأين هي الثروات؟
لقد خذلت السلطات الحاكمة شعوبها وأضاعت قضيتنا المركزية “فلسطين” والتهم الفساد الثروات، فبالرغم من توقيع معظم الدول العربية للاتفاقيات الدولية لمحاربة الفساد وحماية الحريات وحقوق الانسان ألا أن واقعنا العربي يشير الى عكس ذلك تمامًا، فبدلاً من ايجاد بيئة سياسية ديمقراطية نجد ان السلطات الحاكمة تعيد إنتاج نفسها بأقنعة ووجوه سياسية وحزبية جديدة وبدلا من تغيير الانظمة التي تسمح وتنتج الفاسدين نجد انه يتم عادة التضحية بكباش فداء وبدلاً من نشر الحريات وحماية حقوق الانسان نجد التشدد في القمع وتكميم الافواه والاستمرار في اعتقال النشطاء والصحفيين والمعارضين السياسيين والتضييق على منظمات المجتمع المدني في طول الوطن العربي وعرضه ، وجُل ما يقال عن الاصلاحات في الوطن العربي ما هي الا أوهام وتكريس وتعزيز لمراكز قوى النخب الحاكمة !
اليوم نجد أن الدول الديمقراطية معدومة الموارد الطبيعية هي الأغنى اقتصاديًا، إذاً فهناك ربط مباشر بين الفساد وبين غياب الديمقراطية وحقوق الإنسان، فمن أهم عوامل انتشار الفساد “سرطان الخراب العربي” هو غياب الفصل بين السلطات بشكل يضمن المحاسبة والشفافية. فالسلطة التنفيذية تسيطر على التشريعية المزورة وتهيمن وتتدخل في القضائية ، هنا تحجب وتُغيّب المسائلة ومكافحة الفساد، فالسلطة التشريعية لا تجرؤ على مراقبة ومحاسبة السلطة التنفيذية، والسلطة القضائية غير مستقلة بشكل كافٍ لتحاسب الفاسدين ، والشعوب غائبة ولا تجرؤ على مسائلة السلطات الحاكمة عن الأموال المنهوبة ، من هنا تتبخر وتتطاير الثروات!
إن الثقافات المجتمعية والسلوكيات كالنفاق والتزلف وشراء الذمم قد رسخت نهجًا وقبولاً شعبيًا لأشكال من الفساد كالوساطة والمحسوبية والرشوة ، فبدلا من نضال الشعوب لنيل حقوقها أصبحت تستجديها، هذا السلوك مع ضعف الحركات السياسية ومناصرة وتحالف بعضها مع سلطات الحكم يحول دون الإدراك الجمعي لضرورة التصدي لنهج الفساد العربي وتعيق المشاركة السياسية الحقيقية القادرة على مواجهة ومسائلة السلطات الحاكمة .
من هنا فإنه قد آن الاوان لتوحيد جهود الشعوب العربية للضغط على السلطات الحاكمة بما يضمن ويمكّنها من المشاركة في الحكم وإدارة بلادها لتقرر مصيرها وخياراتها من خلال ترسيخ مفاهيم ومعايير الديمقراطية القائمة على الفصل الحقيقي بين السلطات واحترام سيادة القانون وحرية الإعلام ومؤسسات المجتمع المدني ، وضمان استقلال القضاء وايجاد مؤسسات الرقابة والمحاسبة ، كذلك لا بد من تطوير منظومة الاعلام لتغيير السلوك والقبول الشعبي للفساد وكذلك لا بد من تطوير وتحديث منظومة التربية والتعليم لبناء أجيال على قواعد و مفاهيم علوم المعرفة وتقنيات التكنولوجيا الرقمية والعلوم الانسانية لبناء الوطن العربي المتكامل الموحد، وبخلاف ذلك لن يتغير شيء ما لم يحدث تغيير حقيقي في المنظومة السياسية الحاكمة والثقافة المجتمعية السائدة.
المصدر: سواليف
إقرأ أيضاً:
«إعلان بغداد»: مبادرات العراق انطلاقة حيوية لتطوير آليات العمل العربي الجماعي
أكد القادة العرب أن المبادرات العراقية، التي طرحت خلال أعمال القمة العربية الـ34 في بغداد اليوم، تمثل رؤية شاملة لمعالجة التحديات المشتركة وانطلاقة حيوية لتطوير آليات العمل العربي الجماعي في سبيل تحقيق التنمية والاستقرار والرفاه لشعوب الأمة العربية.
وأشاد القادة في «إعلان بغداد»، الصادر في ختام أعمال القمة العربية وخلال القمة العربية التنموية الاقتصادية والاجتماعية الخامسة التي استضافتها العاصمة العراقية بغداد، بتلك المبادرات واعتبروها ركيزة مهمة لإحداث نقلة نوعية في مسيرة العمل العربي المشترك، وتجسيد روح التضامن والتكامل بين الدول العربية.
وثمّن القادة العرب استضافة العراق للقمتين، معربين عن تقديرهم للتقدم المحرز في مسار التنمية الاقتصادية، والدور الفاعل الذي يضطلع به في دعم قضايا الأمة وتعزيز التعاون العربي في مختلف المجالات.
ونوه «إعلان بغداد» بإطلاق العراق عدة مبادرات، وفي مقدمتها إنشاء «الصندوق العربي لدعم جهود التعافي وإعادة الإعمار من آثار الأزمات» حيث أعلنت حكومة جمهورية العراق عن التبرع بمبلغ قدره 40 مليون دولار أميركي لصالح الصندوق، تخصص 20 مليون دولار أميركي منها لدعم الجهود الإنسانية وإعادة الإعمار في قطاع غزة، و20 مليون دولار أميركي لدعم جهود إعادة الإعمار في الجمهورية اللبنانية.
وتضمنت المقترحات العراقية أيضا مبادرة لدعم الشعب السوري تحت عنوان «العهد العربي»، تسعى إلى دعم الانتقال السياسي الشامل في سوريا، وبناء نظام ديمقراطي يضمن الحقوق والحريات، إلى جانب الدعوة لعقد مؤتمر دولي يهدف إلى إعادة إعمار سوريا، وتسهيل عودة النازحين واللاجئين بشكل آمن وكريم.
ورحب «إعلان بغداد» بدعوة العراق للمشاركة في مشروع «طريق التنمية»، بوصفه مشروعًا استراتيجيًا يربط الدول العربية بالأسواق العالمية، ويُسهم في تعزيز التكامل الاقتصادي الإقليمي إلى جانب إطلاق مشروع شامل للإصلاح الاقتصادي العربي خلال العقد المقبل يستهدف بناء فضاء اقتصادي عربي متكامل قادر على المنافسة، ويعزز من الشراكة بين القطاعين العام والخاص، ويراعي أبعاد العدالة الاجتماعية والاستدامة البيئية.
وفي قطاع الأمن الغذائي، طُرحت مبادرة لتعزيز إنتاج الحبوب في المنطقة من خلال سياسات زراعية ومائية مدروسة، ترتكز على البحث العلمي والتخطيط المستدام لضمان استدامة الموارد للأجيال القادمة.
وفي المجال التكنولوجي، قدّمت العراق مبادرات رائدة في الذكاء الاصطناعي، شملت إنشاء مركز عربي متخصص تستضيفه بغداد، وإطلاق مبادرة للبحث العلمي والتقنيات المتقدمة، بما يسهم في تعزيز الأمن الرقمي والتنمية المعرفية وفق ضوابط أخلاقية تراعي خصوصية المجتمعات العربية.
واقترح العراق تشكيل تحالف عربي لحماية الموارد المائية، لمواجهة تحديات شح المياه وتغير المناخ، وضمان حقوق الدول العربية المائية في إطار الأمن القومي العربي.
وفي الشأن البيئي، أعلنت بغداد عن مبادرة عربية لمواجهة التغير المناخي، انطلاقًا من الواقع البيئي العربي، إلى جانب إطلاق مركز لحماية البيئة من مخلفات الحروب، بهدف دعم الدول المتأثرة بالنزاعات المسلحة في إزالة الألغام والمخلفات الحربية.
وفي إطار الأمن والاستقرار، تم طرح مقترح إنشاء مركز عربي لمكافحة الإرهاب ومنع التطرف العنيف يتخذ من بغداد مقرًا له، مع توفير التمويل اللازم لتأسيسه ودعمه، إلى جانب الدعوة إلى إنشاء غرفة تنسيق أمني عربي مشترك، تُعنى بتوحيد الرؤية الأمنية لمواجهة التحديات الإقليمية.
وشملت المبادرات الأمنية أيضًا إنشاء مركزين متخصصين في مكافحة المخدرات والجريمة المنظمة، انطلاقاً من الحاجة الملحة لتعزيز قدرات الدول العربية في مواجهة هذه الظواهر العابرة للحدود.
وتضمنت المبادرات كذلك مقترحًا لتعزيز التعاون مع مجموعة العمل المالي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في مجال مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب والأنشطة المالية غير المشروعة.
وفي المجال الثقافي والاجتماعي، دعت العراق إلى تأسيس مجلس عربي للتواصل الشعبي والثقافي لتعزيز التفاهم بين الشعوب العربية وتوثيق روابط الأخوة.
وشملت المبادرات العراقية إطلاق مقترح عربي لتوفير ملاذات آمنة للمتضررين من الكوارث والنزاعات، وتعزيز أمن السكن في الدول المتأثرة، من خلال إنشاء صندوق لدعم مشاريع الإسكان وإعادة الإعمار في المناطق المنكوبة.