محادثات الرياض.. جولة جديدة للسلام برعاية عُمانية
تاريخ النشر: 20th, September 2023 GMT
جمال بن ماجد الكندي
تستضيف العاصمة السعودية الرياض وفدًا من جماعة أنصار الله اليمنية لإحياء عملية السلام في المنطقة، ووضع النقاط على الحروف النهائية لإنهاء حرب استمرت تسع سنوات.
وتأتي هذه المباحثات برعاية عُمانية، وهي النسخة الثانية بعد جولة صنعاء الشهيرة التي حضرها وفد سعودي، وكانت كذلك بوساطة عُمانية.
من خلال هذه النقاط التي ذكرناها يتضح لنا أنها بنود يُراد منها الخروج من هذه الحرب الطاحنة وفق معادلة "رابح رابح" بعد إدراك الجميع أن هذه الحرب لن تقدِّم رابحًا واحدًا قويًا بالمقاييس السياسية والعسكرية لأحد الفريقين. والأجندة التي يحملها أنصار الله ويحاربون من أجلها مع حلفائهم في الداخل اليمني، تُغرِّد خارج السرب الغربي، وتتقاطع مع السياسات الخارجية الإيرانية، وتتوافق مع قوى المقاومة والممانعة في المنطقة.
فهل ستحقق جولة الرياض ما أخفقت في تحقيقه الجولات السابقة في إنهاء هذه الحرب؟!
سنحاول في هذه المقالة توضيح ذلك بالمعطيات القديمة والجديدة التي دخلت في الأزمة اليمنية.
ثمّة معادلة أدركها حلفاء أمريكا في المنطقة، وهي كلما كانت أمريكا قادرة ومستعدة للمواجهة والحرب مع إيران، يُصبح التصعيد في اليمن وعدم قبول أنصار الله في المشهد السياسي اليمني هو العنوان البارز، والتصعيد والمواجهة معها يمثل الأولوية بدلًا من التفاوض، بمعنى أن لغة التصعيد والسلاح هي التي تتقدم على لغة التفاوض، بالمقابل كلما كانت أمريكا غير قادرة على التصعيد والمواجهة في المنطقة، وفاقدةً للقدرة على مجابهة إيران عسكريًا، يتغير الحال وتصبح لغة الحوار هي السائدة والمقبولة.
ومن خلال الوقائع العسكرية في الحرب اليمنية ندرك أن القدرة الأمريكية على خوض حرب شاملة مع إيران في المنطقة غير واردة في العقل السياسي العسكري الأمريكي، ومن هذه الوقائع ضرب مواقع نفطية عام 2019، والتي كانت البداية في التفكير الجدي لأخذ الطرف الثاني من المعادلة والإدراك بعدم القدرة والاستطاعة على خوض حرب شاملة في المنطقة مع من كان السبب في تطوير هذه الصواريخ والمسيّرات التي ضربت المنشأة النفطية، وهم الإيرانيون حسب الرواية الأمريكية.
ضرب هذه المنشأة من قبل أنصار الله غَيَّر المعادلة، وأصبح التفاهم والحل السياسي هو المطلب لكلا الفريقين، وطبعًا برعاية عُمانية ومحاولة تبني معادلة "رابح رابح" التي يحاول العُمانيون تقريبها لأطراف النزاع؛ بهدف تأمين الثروات النفطية، وأيضًا فك الحصار عن مطار صنعاء وميناء الحُديْدة، وبعدها تبني حل سياسي شامل بدلًا عن الحل العسكري.
هذا الحل السياسي أصبح مطلبًا دوليًا، بعدما أدرك الجميع أن سنوات الحرب في اليمن فشلت عسكريًا، وأصبح إشراك المكون اليمني المخالف لتوجهات القوى التي حاربته طوال هذه السنوات، أمرًا واقعًا لا مفر منه، والتفاوض مع "أنصار الله" يعني وجود سيناريو مثل سيناريو لبنان، فصيل داخل دولة له قوة سياسية وعسكرية معادٍ لإسرائيل وأمريكا في المنطقة وحليف لإيران. من هنا تتغير المعادلة اليمنية التي كانت قبل 2011 ذات توجه واحد وحليفةً قويةً لجارتها السعودية، بإشراك أنصار الله في إدارة البلد.
من خلال هذه المُعطيات يُدرك المُتابِع للأزمة اليمنية عدم وجود الرغبة والقدرة الأمريكية لمواجهة إيران عسكريًا في الوقت الراهن، وإعطاء الفرصة لتغيير نظامها عبر الثورات الداخلية؛ سلاح أمريكا المفضل الذي أثبت فشله حتى الآن في إيران، فكان لا بُد من اتخاذ القرار الاستراتيجي وهي عودة العلاقات الدبلوماسية بين السعودية وإيران، وكان ذلك برعاية صينية عُمانية تحت العنوان الاقتصادي، من أجل ضمان أمن المنطقة، وأن هذا الأمن لا يتحقق إلّا بالمصالحة مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية.
عودة العلاقات الدبلوماسية السعودية الإيرانية ساهمت في تهدئة الأوضاع في اليمن وتسعى لإنهاء هذه الأزمة حاليًا؛ إذ خرجت جولة صنعاء بين وفد من أنصار الله، ووفد عسكري سعودي برعاية عُمانية، بعدة بنود، من بينها: فك الحصار عن مطار صنعاء، وميناء الحديدة. جولة صنعاء لم تكن مُرضية للطرف اليمني بسبب عدم الرضا الأمريكي عن الاتفاق السعودي الإيراني والذي أثّر على جولة صنعاء، لكن اليوم الولايات المتحدة مشغولة بالحرب الروسية الأوكرانية وله مشاكل اقتصادية وسياسية مع الصين، ولا يستطيع تغيير ما أفرزته حرب اليمن، من بروز تيار سياسي عسكري مُغايِر للإرادة الأمريكية في المنطقة، خاصةً مع وجود حليف قوي لأنصار الله في المنطقة.
جولة الرياض الحالية لها معطيات خاصة، علاوة على التفاصيل التي ذكرناها وتتمثل في المباركة الأمريكية لعملية السلام- إن صح التعبير- وتبنيها الحل السياسي في اليمن، بعد أن كانت هي المحرك لهذه الحرب، وحثها أطراف النزاع على قبول الحل السياسي بعد فشل لغة السلاح، وهذا يُعطينا أملًا في نجاح هذه المفاوضات تحت الرعاية العُمانية.
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
تفاؤل إزاء محادثات فلوريدا بشأن الحرب الأوكرانية الروسية
قال الرئيس الأميركي دونالد ترامب إن المحادثات بشأن أوكرانيا تسير بشكل جيد وإن هناك فرصة جيدة للتوصل إلى اتفاق بشأن إنهاء الحرب، وأضاف أنه يريد وقف الحرب وأن أوكرانيا وروسيا تريدان ذلك أيضا.
وأكد ترامب أن ذلك ينبغي أن يتحقق، وأن أوكرانيا تواجه بعض المشاكل بشأن الفساد وهو ما يعد عاملا غير مساعد، وفق تعبيره.
ومن جهته، قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إن رئيس الوفد البلاد في المحادثات روستيم عميروف قدم له إحاطة أولية حول المحادثات التي جرت مع الجانب الأميركي.
وأضاف أن الحوار شهد نهجا بناء وطرحا صريحا لكل القضايا المتعلقة بسيادة أوكرانيا ومصالحها الوطنية، مضيفا في بيان أن الوقت الذي تكرسه الولايات المتحدة، وفريق الرئيس ترامب شخصيا، لتحديد الخطوات الضرورية لإنهاء الحرب، يدل على جدية الجهود المشتركة.
وعبر زيلينسكي عن امتنانه لذلك، موضحا أنه ينتظر تقريرا مفصلا من فريقه خلال لقاء شخصي قريب، ومؤكدا مواصلة العمل على الخطوات اللاحقة في مسار إنهاء الحرب.
وبعد الاجتماع، وصف عميروف المحادثات بالمثمرة. وقال "ناقشنا جميع القضايا المهمة لأوكرانيا والشعب الأوكراني، وتظهر الولايات المتحدة الدعم الشديد".
وعقد مسؤولون أميركيون وأوكرانيون ما وصفوها بأنها محادثات بناءة أمس الأحد حول اتفاق سلام مع روسيا، وقد عبر وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو عن تفاؤله حيال إحراز تقدم رغم التحديات التي تعرقل إنهاء الحرب المستمرة منذ أكثر من 3 سنوات.
وقال روبيو في هالانديل بيتش بفلوريدا حيث انعقد الاجتماع "نواصل التحلي بالواقعية بشأن مدى صعوبة هذا الأمر، لكننا متفائلون، خاصة في ضوء حقيقة أنه مع إحرازنا تقدما، أعتقد أن هناك رؤية مشتركة هنا مفادها أن الأمر لا يتعلق فقط بإنهاء الحرب بل بضمان مستقبل أوكرانيا".
إعلانوتأتي مناقشات فلوريدا بعد أسبوعين تقريبا من المفاوضات التي بدأت بمخطط أميركي للسلام قال منتقدون إنه كان في البداية يصب في مصلحة روسيا، خاصة في ظل أنباء عن ضغوط من فريق ترامب على أوكرانيا لتقديم تنازلات كبيرة، بما في ذلك التخلي عن أراض لروسيا.
وشارك في الاجتماع المبعوث الأميركي الخاص ستيف ويتكوف وجاريد كوشنر صهر الرئيس دونالد ترامب لتمثيل الجانب الأميركي. ومن المتوقع أن يجتمع ويتكوف مع مسؤولين روس هذا الأسبوع.
وتسعى القيادة الأوكرانية، التي تواجه أزمة سياسية داخلية يؤججها تحقيق في اتهامات واسعة بالكسب غير المشروع في قطاع الطاقة، إلى رفض الشروط التي تصب في مصلحة موسكو في وقت تتقدم فيه القوات الروسية على طول خطوط المواجهة في الحرب.