جدلية الفلسفة والأخلاق.. كتاب جديد تأليف محمد بشاري
تاريخ النشر: 20th, September 2023 GMT
صدر حديثاً، الكتاب الفلسفي الموسوم ب(جدلية الفلسفة والأخلاق)، للمفكر والكاتب الدكتور محمد بشاري، عن المركز الثقافي للنشر، مقدماً وجهة نظر فلسفية متعمقة عن الوجود، والإنسان، والقيم، في محاولة لتتبع المسار الأخلاقي الإنساني ونقده.
ويضم هذا المؤلف بين دفتيه ثلاث فصول متسلسلة في طرحها الموضوعي، ليبتدأ الكاتب في أولى فصول الكتاب (الإنسان على خريطة الوجود الأخلاقي)، متحسساً جغرافية الإنسان بين الحتمية والإرادة، موضحاً الإلزامية الحركية التي يعيش فيها الإنسان، والتي تتعارض مع الثبات المستمر، وشارحاً دور الإرادة الإنسانية في توجيه تلك الحتمية، واختيار "مسار التغيير"، ليتبع ذلك مفرقاً ومميزاً بين ما يتداخل مع البناء الأخلاقي الإنساني من كونه عادة، أو فطرة، سيما أن ذلك لا يتوقف على قرار لحظي، بل هو تعبير واضح عن الحاجة لتغذية الوعي والانطلاق من نضج كامن به، إذ يقول المؤلف بين سطور مؤلفه: "إن الإجابة على تساؤلات العادة والفطرة في ظل رؤية عميقة لأبعاد الايدولوجية في الواقع الإنساني، وتتبع سلوكه بعد تفكيكه لفهم مجرياته ونوابعها، لا يتوقف على الملاحظة وحسب، وبخاصة أن الذات القائمة على دراسة نفسها في قوالب مختلفة تنطلق من معرفة بما تمر به من أحاسيس ومشاعر إزاء الأفعال والسلوكيات العابرة أمامها، فالإنسان يحمل بداخله وعي عن وجود جدلية داخلية تسكن خلجاته ما بين الشر والخير، وقياساً عليها يستطيع التفريق بين الممدوح والمذموم من السلوك الذي يعتد بما لديه من حرية يستخدمها لتوجيه ترجمته النفسية والقيمية المكتسبة والفطرية على أرض الواقع".
ويستكمل بشاري تلك النقاط التأسيسية للإجابة عن موقع الإنسان بالنسبة للوجود الأخلاقي، من خلال تتبع ملامح تشكيل الهوية الأخلاقية، ابتداءاً من منبع الأخلاق، ثم أنسنتها من خلال تحرير الإنسان من كافة القيود غير النافعة، وتوجيه طاقته نحو "الفضيلة"، باعتبارها شيفرة الهوية الأخلاقية، وبخاصة، أن : "النظر للكينونة الأخلاقية، والإجابة على أبرز تساؤلاتها، لا يكون من خلال استخدام عدسة خصصت للإمعان في غير ما مجال، وهذا لا يعني الاستنقاص مما يحققه الوجود المعرفي من تكامل وتعاضد، وإنما هو تشجيع وتأكيد على ضرورة تحرير القراءة الأخلاقية من دوائر الاحتجاز المقتصرة على رؤية أخلاقية من منظور ديني بحت، أو تقليدي موروث بحت. وبخاصة أن ذلك يؤول لتصدير العديد من المفاهيم "الأخلادينية"، التي لا تحقق ما تأمله الأخلاق من توسيع معرفتها، ولا الدين فيما يأمر به من استرسال في التفكير والاجتهاد، وهو ذات الأمر الذي شكل ربطة وثيقة على عنق الدراسات الأخلاقية من خلال تحديد نسلها وتقرير مصيرها بقالب الموروث الجامد حين وصوله، مما يحول دون التطوير والإضافة التي مثلها ذلك التراث في عصره وظرفيته الزمانية".
في ثاني فصول الكتاب ينتقل الطرح ل: "تكوين صورة نقدية أخلاقية بين الشرق والغرب"، وبخاصة في ظل ما التقفته الثقافات والتيارات الفكرية من صور نمطية وانطباعات عن كل مجتمع أو حضارة، جعلت منها "ستاندرد" يتسلل عبر التاريخ، دون اعتبار المتغيرات والتطورات الحاصلة، أو أنه على العكس من ذلك يسعى لتحليل وتفسير السلوكات دون التفات لأصلها البنيوي المتأثر بالموروثات.
وبالتالي فقد ضمت هذه الجزئية تحليل ملامح الفسيفساء القيمية بين الشرق والغرب، دارسةً أخلاق الإنسان قبل وبعد مجيء الأديان، ومتحسسةً لأبرز ملامح الكينونة الخُلقية في صلب الأديان السماوية. ليأتي بعدها النقد الأخلاقي العربي ضاماً: (التكامل التكويني للسلوك الإنساني) وأهمية صون الثابت في مسار الحركة الإنسانية، ومستعرضاً( التجربة الأخلاقية بين ما تحمله وما تحظى به من مكانة)، مشيراً الكاتب لدور الاستثمار الإنساني، الذي ينتهي بتوليد فكر أخلاقي عربي أصيل وحداثي، وفي ذلك ورد في المؤلف: "مثل الأساس الأخلاقي، "رأس مال" وموروث لدى معظم الأمم والشعوب القديمة، التي أثبتت محطاتها التاريخية اعتباراتها الحازمة تجاه كل من فضائل القيم الأخلاقية والإنسانية. كما لا يعد من الغريب أو المستهجن ذلك الاتفاق الضمني للشرائع و الرسالات الربانية في تأكيدها وحثها على التحلي بمكارم الأخلاق، فهي صمام الأمان للجانب الاجرائي في شتى المجتمعات البشرية، وإنما تكرار الإشارة إليها يأتي بداعي "إنعاش" الذاكرة الإنسانية بمثل هذا الوجود القيمي السامي على "تشوهات الفكر" المستحدثة والمستهجنة، فالإنسان أخو الإنسان ولا ترتبط بينهما ذات العلاقة القائمة في "قانون الغاب" البتة".
وفيما يتعلق بنقد الصورة الأخلاقية الغربية، فالكاتب يضعنا بين خيارين (أخلاقنا أم أخلاقهم)، في خطوة تمهيدية لدراسة السلوك الغربي بين النظرية والواقع، وإلحاقها بقراءة إنسانية بقالب فلسفي يراعي الظروف والتحولات التي أحاطت بها.
ويأتي الفصل الأخير، في سياق متناغم مع ما طرحه الدكتور محمد بشاري فيما تقدم من فصول، ليجيب عن السؤال الكبير الذي تقف على عتبته كبرى مجتمعات العالم، وأكثرها نمواً وتطوراً، سواءاً أكان ذلك التطور اقتصادي، أو ثقافي، أو سياسي وديمقراطي، وغيرها. وعليه، هل على المجتمعات السير مع تيار إضفاء الطابع الأخلاقي (الأخلقة)، أم الالتزام بفحوى العلمانية (العلمنة)؟
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: من خلال
إقرأ أيضاً:
بعد سلسلة من محاولات الاغتيال الفاشلة.. من هو محمد السنوار الذي عُثر على جثته داخل نفق خان يونس؟
أفادت قناة العربية نقلًا عن مصادرها الخاصة، أنه تم العثور على جثة محمد السنوار، قائد لواء خان يونس في كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، مع 10 من مساعديه داخل نفق في خان يونس، جنوب قطاع غزة.
وُجدت جثثهم بعد غارات جوية مكثفة شنّتها إسرائيل على المنطقة، مما أسفر عن استشهاد السنوار ومجموعة من مساعديه.
استشهاد محمد السنوار.. بين الإعلام العربي والإسرائيلي عاجل- استشهاد زكريا السنوار في غارة إسرائيلية مقتل محمد السنوار في الغارات الإسرائيليةأكدت المصادر أن محمد السنوار، الذي كان يشغل منصب قائد لواء خان يونس في كتائب القسام، قد استُشهد في غارات إسرائيلية سابقة على محيط المستشفى الأوروبي شرق خان يونس.
كما استُشهد محمد شبانة، قائد لواء رفح، الذي كان من بين القادة العسكريين الذين استهدفتهم الطائرات الحربية الإسرائيلية في نفس الغارات، والتي أسفرت عن مقتل العديد من القادة البارزين في حماس.
وفي ذات السياق، أظهرت الصور الجوية للغارات الإسرائيلية التي استهدفت خان يونس الأسبوع الماضي، أضرارًا كبيرة في المباني المحيطة بالمستشفى، وتأكيدًا لمصادر إسرائيلية عن مقتل محمد السنوار في تلك الغارات.
من هو محمد السنوار؟محمد السنوار، الذي وُلد في 16 سبتمبر 1975 في مخيم خان يونس، جنوب قطاع غزة، يُعتبر من القادة العسكريين البارزين في حركة حماس، هو الابن الأصغر في عائلة السنوار، وشقيق يحيى السنوار، زعيم حماس في قطاع غزة.
بدأ مسيرته في حماس في وقت مبكر بعد تأثره بفكر عبدالعزيز الرنتيسي، أحد مؤسسي الحركة.
في عام 1991، تعرض للاعتقال من قبل السلطات الإسرائيلية على خلفية نشاطاته في حماس، وكان عمره حينها لا يتجاوز السادسة عشرة.
أمضى ثلاث سنوات في سجون السلطة الفلسطينية قبل أن يهرب في عام 2000 في ظروف غامضة.
اللقب الشهير "رجل الظل"محمد السنوار كان يُلقب بـ "رجل الظل" و"الميت الحي" بسبب نجاته المتكررة من محاولات الاغتيال التي تعرض لها، واختفائه المستمر عن الأنظار.
كان من القلة القليلة الذين عرفوا أماكن اختباء شقيقه يحيى السنوار خلال فترة الحرب، وساعده في التنقل والتخفي عن أعين الجيش الإسرائيلي لأكثر من عام.
أعلنته حماس لأول مرة كقائد رسمي للواء خان يونس، وذلك ضمن مجموعة من سبعة قادة ميدانيين كانوا في مرمى نيران إسرائيل، منذ ذلك الحين، نجا من ثلاث محاولات اغتيال، بما في ذلك قصف صاروخي استهدف منزله وزرع عبوة ناسفة في جداره.
محطات رئيسية في مسيرتهمحمد السنوار كان أحد المشاركين الرئيسيين في الهجوم الواسع على "غلاف غزة" في 7 أكتوبر 2023، الذي أسفر عن إصابات في صفوف الجيش الإسرائيلي.
كما يُنسب إليه دور رئيسي في عملية اختطاف الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط في عام 2006، عندما كان قائدًا ل لواء خان يونس.
تتهمه إسرائيل بالضلوع في تخطيط وتنفيذ العديد من العمليات ضدها، وقد كان أحد الأهداف الكبرى لإسرائيل، التي تسعى للحد من تأثيره العسكري في قطاع غزة، ومع استشهاده، يُتوقع أن يكون له تأثير كبير على تطورات حركة حماس في المستقبل.