بينت دار الإفتاء المصرية من خلال صفحتها الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي “فيس بوك” فضل زيارة القبور يوم الجمعة.

هل الموتى يعلمون من زارهم يوم الجمعة ويومًا قبله وبعده؟

وقالت الإفتاء في بيان فضل زيارة القبور يوم الجمعة: نص جماعة من الفقهاء على تأكد زيارة القبور يوم الجمعة وفي عصر الخميس، وهو أمر اعتاده الناس عبر العصور لمزية يوم الجمعة وفضله ولفراغهم فيه، واكتمال حياتهم البرزخية فيه، فقد روى ابن أبي الدنيا أن محمد بن واسع يزور يوم الجمعة وكان يقول: "بلغني أن الموتى يعلمون من زارهم يوم الجمعة ويومًا قبله ويومًا بعده".

هل يجوز زيارة القبور وما هو أفضل وقت لذلك؟.. آراء الفقهاء ما هو أفضل دعاء للميت.. وهذه الكلمات لمن في القبور يوم الجمعة ترغيب الشرع في زيارة القبور وبيان فضلها

استحبَّ الشرع الشريف زيارة القبور ورغَّب إليها؛ لما في زيارتها من تذكر الآخرة، والزهد في الدنيا الفانية، وترقيق القلوب القاسية، والردع عن المعاصي، وتهوين ما قد يلقاه المرء من المصائب.

فعن أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «زُورُوا الْقُبُورَ، فَإِنَّهَا تُذَكِّرُكُمْ الْآخِرَةَ» رواه الإمامان أحمدُ ومسلمٌ، وأصحابُ "السُّنن".

وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «نَهَيْتُكُمْ عَنْ زِيَارَةِ الْقُبُورِ، ثُمَّ بَدَا لِي أَنَّهَا تُرِقُّ الْقُلُوبَ، وَتُدْمِعُ الْعَيْنَ، فَزُورُوهَا، وَلَا تَقُولُوا هُجْرًا» أخرجه الإمام أحمد في "المسند" واللفظ له، والطبراني في "المعجم الكبير".

قال العلَّامة المُناوي في "فيض القدير" (4/ 67، ط. المكتبة التجارية): [ليس للقلوب -سيّما القاسية- أنفعُ من زيارةِ القبور، فزيارتها وذكر الموت يردع عن المعاصي، ويلين القلب القاسي، ويذهب الفرح بالدنيا، ويهون المصائب، وزيارة القبور تبلغ في دفع رين القلب واستحكام دواعي الذنب ما لا يبلغه غيرها] اهـ.

الحكمة من استحباب زيارة المقابر بعد النهي عنها

كان نهيه صلى الله عليه وآله وسلم عن زيارة القبور حينما كان المسلمون قريبي عهد بالجاهلية، وبأفعالها التي كانت من عاداتهم عند زيارتهم للمقابر؛ من الندب والنواح والتلفظ بألفاظ يرفضها الشرع الشريف، فعندما استقر الإسلام في قلوبهم وزالت رواسب الجاهلية عنهم، أمرهم حينئذ بزيارتها، ورغبهم في ذلك، ونهاهم عما كانوا يفعلونه بها من أفعال الجاهلية.

فالأمر بزيارة القبور بعد النهي عنها جاء مطلقًا غير مقيدٍ بوقتٍ دون وقت، ولا حال دون حال، بل جاء مبيِّنًا ما في زيارتها من نفع يعود على زائرها، وهو ممَّا ينبغي أن يحرص عليه المسلم دائمًا؛ فإنَّ في تذكر الآخرة رقةً للقلب وارتداعًا للنفس عن المعاصي والآثام. وعلى استحباب ذلك اتفقت المذاهب الفقهية الأربعة:

فعند الحنفية: قال الإمام السرخسي الحنفي في "المبسوط" (24/ 10، ط. دار المعرفة): [وقيل: إنما نهوا عن زيارة القبور في الابتداء على الإطلاق؛ لما كان من عادة أهل الجاهلية أنهم كانوا يندبون الموتى عند قبورهم، وربما يتكلمون بما هو كذب، أو محال، ولهذا قال صلى الله عليه وآله وسلم: «وَلَا تَقُولُوا هُجْرًا»؛ أي: لغوًا من الكلام، ففيه بيان أن الممنوع هو التكلم باللغو، فذلك موضعٌ ينبغي للمرء أن يتعظ به ويتأمل في حال نفسه، وهذا قائم لم يُنْسَخ، إلا أنه في الابتداء نهاهم عن زيارة القبور لتحقيق الزجر عن الهُجر من الكلام، ثم أذن لهم في الزيارة بشرط أن لا يقولوا هُجرًا] اهـ.

وعند المالكية: قال الإمام أبو القاسم ابن الجَلَّاب المالكي (ت: 378هـ) في "التفريع في فقه الإمام مالك" (1/ 272، ط. دار الكتب العلمية): [ولا بأس بزيارة القبور، وليس لذلك حدٌّ ولا وقتٌ مخصوص] اهـ.

وقال العلامة أبو عبد الله الخرشي المالكي في "شرح مختصر خليل" (2/ 135، ط. دار الفكر): [(ص) وزيارة القبور بلا حدّ (ش) يعني أنه يجوز، بل يندب زيارة القبور بلا حدّ في المقدار من الأيام كيوم في الأسبوع أو أكثر، أو في قدر المكث عندها، أو في التعيين كيوم الجمعة، أو فيما يدعى به، أو في الجميع] اهـ.

وقال العلامة الدردير المالكي في "الشرح الكبير لمختصر خليل" (1/ 422، ط. دار الفكر): [وجاز (زيارة القبور) بل هي مندوبة (بلا حد) بيوم، أو وقت، أو في مقدار ما يمكث عندها، أو فيما يدعى به، أو الجميع، وينبغي مزيد الاعتبار حال الزيادة والاشتغال بالدعاء والتضرع، وعدم الأكل والشرب على القبور خصوصًا لأهل العلم والعبادة] اهـ.

وعند الشافعية: قال الإمام الشافعي في "الأم" (1/ 317، ط. دار المعرفة): [ولا بأس بزيارة القبور، أخبرنا مالك، عن ربيعة يعني ابن أبي عبد الرحمن، عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «ونَهَيْتُكُمْ عَنْ زِيَارَةِ الْقُبُورِ فَزُورُوهَا، وَلَا تَقُولُوا هُجْرًا»، قال الشافعي: ولكن لا يقال عندها هُجر من القول، وذلك مثل: الدعاء بالويل والثبور، والنياحة، فأما إذا زرت تستغفر للميت، ويرق قلبك، وتذكر أمر الآخرة: فهذا ممَّا لا أكرهه] اهـ.

وعند الحنابلة: قال الإمام ابن قدامة الحنبلي في "المغني" (2/ 422، ط. مكتبة القاهرة): [لا نعلم بين أهل العلم خلافًا في إباحة زيارة الرجال القبور. وقال علي بن سعيد: سألت أحمد عن زيارة القبور، تركها أفضل عندك أو زيارتها؟ قال: زيارتها] اهـ.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: زيارة القبور دار الإفتاء المصرية صلى الله علیه وآله وسلم قال الإمام ویوم ا

إقرأ أيضاً:

دار الإفتاء ورابطة العلماء تدعوان الشعب اليمني للاستسقاء يوم غد الجمعة

يمانيون/ صنعاء

دعت دار الإفتاء ورابطة علماء اليمن، الشعب اليمني كافة للاستغفار والتوبة النصوح وتقوى الله وأداء صلاة الاستسقاء عقب صلاة الجمعة.
وأكدت الدار والرابطة في بيان ، أهمية الاستقامة القلبية والعملية والعودة الحقيقة للقرآن الكريم والسنة النبوية الصحيحة والثبات على الدين والتسليم لأحكام الله وتعظيم شعائر دينه والبعد عن المعاصي والفواحش الظاهرة والباطنة.
وشددتا على أهمية رفع المظالم وإنصاف المظلومين ورد الحقوق إلى أهلها وتفقد الضعفاء والمساكين وقضاء حوائج المحتاجين وتنفيس كرب المكروبين وتفعيل مبدأ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والفساد أينما كان وممن كان فذلك كله من أسباب النصر والرزق والغيث والرحمة.
ودعتا، العلماء والخطباء لأداء صلاة الاستسقاء عقب صلاة الجمعة والدعاء بضراعة والالتجاء وحسن الظن بالله.
وحث البيان على الخروج في مسيرة يوم غد والمشاركة فيها، داعياً اللجنة المنظمة للمسيرات إلى رفع أكف الضراعة إلى الله والإكثار من ذكره بوعي وتعظيم واستشعار واستحضار لعظمة الله وسعة رحمته.

مقالات مشابهة

  • يسري جبر: زيارة المريض مستحبة شرعًا.. لا يثقل عليه ولا يحرجه أو يزعجه
  • ما حكم تأخير صلاة العشاء حتى منتصف الليل؟ الإفتاء تجيب
  • هل يجب على الإمام قول آمين بعد قراءة الفاتحة؟.. الإفتاء توضح
  • سنن يوم الجمعة.. أمور يسيرة تجلب لك خيرا كثيرا
  • لماذا يوم الجمعة خير يوم طلعت عليه الشمس؟
  • دار الإفتاء ورابطة العلماء تدعوان الشعب اليمني للاستسقاء يوم غد الجمعة
  • الإفتاء ورابطة العلماء تدعوان إلى أداء صلاة الاستسقاء غداً الجمعة
  • هل تقبل توبة من اقترف الفاحشة عدة مرات؟.. الإفتاء تجيب
  • حكم البسملة لمن بدأ القراءة من وسط السورة.. الإفتاء تجيب
  • هل يجوز للحاج مغادرة عرفات قبل غروب الشمس؟.. الإفتاء تفند خلاف الفقهاء