ظاهرة فلكية نادرة لن تتكرر حتى سبتمبر 2024
تاريخ النشر: 29th, September 2023 GMT
يضيء البدر السماء هذه الليلة في ظاهرة "القمر العملاق"، في مشهد فلكي لن يتكرر حتى 17 سبتمبر 2024.
ويتمتع مراقبو النجوم بفرصة رائعة حيث من المقرر أن يتألق ما يسمى بـ "قمر الحصاد" بعد وقت قصير من غروب الشمس، مساء اليوم الجمعة 29 سبتمبر.
وسيكون هذا البدر الأخير من سلسلة نادرة لأربعة أقمار عملاقة في عام 2023، الأول في يوليو، واثنان في شهر أغسطس (ولن يتم رؤية حدث كهذا مرة أخرى لمدة 14 عاما).
وتحدث ظاهرة القمر العملاق عنما يتزامن البدر مع تواجد القمر في الحضيض أو بالقرب منه، وهي النقطة التي يكون فيها القمر أقرب إلى الأرض في مداره. وفي نقطة الحضيض يكون القمر على بعد 363396 كم (225804 ميل) من الأرض.
ويشبه القمر العملاق البدر النموذجي، ولكنه أكثر سطوعا بنسبة 30% من أضعف بدر في العام ويبدو أكبر بنسبة 14%. وهذا يعني أن القمر يبدو أكثر إشراقا في سماء الليل.
وقال عالم الفلك البروفيسور دون بولاكو من جامعة وارويك إن رؤية القمر مكتملا يبدو أكبر من المعتاد قد يرجع جزئيا إلى الغلاف الجوي للأرض وأيضا إلى الوهم البصري، مثل رؤية القمر بجوار الأشجار.
وعادة ما يحدث القمر العملاق ثلاث إلى أربع مرات في السنة. ويرجع ذلك إلى الظروف المحددة للغاية المطلوبة لحدوث هذه الظاهرة.
وأوضحت البروفيسور سارة راسل، من متحف التاريخ الطبيعي: "خلال القمر العملاق، يكون القمر في مرحلة يكون فيها أقرب إلى الأرض. وسيستمر هذا عادة لمدة تتراوح بين 2 إلى 5 أقمار كاملة، ولهذا السبب يوجد العديد من الأقمار العملاقة على التوالي. وبعد ذلك، يتوجه القمر إلى الجزء الأبعد من مداره".
وارتبطت هذه الظاهرة الفلكية بعدد لا يحصى من الأساطير والتكهنات لعدة قرون. وادعى البعض أن القمر العملاق يمكن أن يؤدي إلى انفجارات بركانية، وتفاقم الزلازل، وحتى التأثير على سلوك البشر على الأرض.
ومنذ ذلك الحين تم فضح هذه النظريات من قبل العلماء، الذين يفضلون في كثير من الأحيان استخدام مصطلح "نقطة الحضيض" لوصف الظاهرة. ويشير هذا على وجه التحديد إلى اكتمال القمر الذي يحدث عندما يكون مركز القمر على بعد أقل من 360 ألف كيلومتر (223 ألف ميل) من الأرض.
ولحسن الحظ، سيكون القمر العملاق الليلة كبيرا ومشرقا بما يكفي لرؤيته بوضوح بالعين المجردة.
المصدر: المشهد اليمني
كلمات دلالية: القمر العملاق
إقرأ أيضاً:
حين يكون المفاوضُ مقاوما!
التفاوضُ مسألة أزلية أبدية، وجُدت منذ خلق اللهُ عز وجل الإنسانَ، وستبقى طالما بقي في الأرض بشرٌ يتصارعون ويتعاركون حتى يصلوا لمرحلةٍ يجدون أنه لا بد من الجلوس إلى طاولة المفاوضات لحل مشاكلهم.
منذ الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين اختلف العرب حول طريقة التعامل مع الاحتلال، منهم من قال "لنجلس مع إسرائيل ونسمع ما تقول"، ومنهم من رفض مطلقا على أساس أن الجلوس مع المحتل يعني ضمنيا الاعتراف به وبشرعيته.
في حالتنا الفلسطينية، وقع بعضنا في فخ المفاوضات بعدما وافق على رمي أوراق القوة في سلة المهملات، ودخل ميدان التفاوض عاريا بدونها، وخاض مع الاحتلال جولات كثيرة من المفاوضات استمرت لعقود دون أي نتيجة مفيدة؛ لأن عدونا ماكرٌ ومماطلٌ ومخادعٌ، وليس له مثيل في تلك الصفات، يرفض البنود التي كان يطرحها هو، ويتم الاتفاق عليها، ثم يتهرب من تنفيذها ويماطل ويضع شروطا جديدة حتى ينفذ شروطا قديمة.
لقد ظن هذا البعض أن أمريكا يمكنها لعب دور الوسيط النزيه، أو أن الأنظمة العربية قد تُضحى بمصالحها مقابل خدمة فلسطين، ليتفاجأ هذا البعض بأن المفاوضات ليست إلا فخا نُصب بعناية لإسقاط البندقية والثائر والثورة.
وكانت فلسفة الاحتلال في التفاوض هي أن يضع شروطه، وما على الطرف الثاني إلا التوقيع دون الحق في إبداء الرأي أو الاعتراض، وإلا فالويل والثبور وعظائم الأمور.
حتى وصل الحال إلى أن كان المفاوض الفلسطيني مقاوما، لم يرمِ سلاحه في سلة المهملات، لم يعترف بعدوه، بل دخل ميدان التفاوض وهو يضع سلاحه على كتفه، وحقده على عدوه في قلبه، وأهدافه واضحة لا يخاف من أي تهديد، لا يعطي ردا سريعا أو فرديا، بل يتأنى في الرد ويشاور الجميع، ويؤكد أن ثمة قضايا غير قابلة للنقاش أو التفاوض مثل السلاح الذي هو حق لأي شعب يدافع عن نفسه في وجه الاحتلال.
خاض المفاوض المقاوم جولات عديدة وعنيدة؛ حاول العدو خلالها فرض شروطه التي تطالب المفاوض المقاوم بالتنازل، لكنه قابلها بالثبات والصمود والحنكة السياسية، قال "لا مانع من التفاوض" لكن "لنا رأي ويجب أن تسمعوه، نحن لا نوقع على بياض".
إن خير ما يدلل على ما سبق هو جولة المفاوضات التي تقودها المقاومة الفلسطينية بقيادة حماس منذ بدء العدوان الإسرائيلي على غزة في تشرين الأول/ أكتوبر 2023، والتي بدأها الاحتلال بفرض شروطه والمطالبة بتسليم الأسرى والسلاح دون شروط أو قيود، لكن المفاوض المقاوم قابل الشروط بالثبات على الأهداف والمرونة في الوسائل، وأخضع الشروط للتغيير بما يحقق مطالب المقاومة.
في مقترح ترامب الأخير والذي جاء في 21 بندا، تبنى ترامب الرؤية الإسرائيلية لإنهاء العدوان، وكأنه الناطق باسم الحكومة الإسرائيلية، وكان المقترح مُصمم ليجعل حماس ترفضه، فالشروط مجحفة جدا وتدمر القضية الفلسطينية، ولا خيار أمام المقاومة إلا "إما الرفض وإما الاستسلام"، لكن المفاوض المقاوم نجح في الخروج من مأزق ترامب وقلب السحر على الساحر، وصار نتنياهو هو المأزوم، ونجحت حماس في كسب معركة التفاوض عالميا، لأنها تعاملت معه وفق معطيات دينية أن العدو ماكر ومخادع، ويتلاعب بنصوص أي وثيقة، واستفادت من تجارب التفاوض بين العدو ومن سبقها من الأطراف العربية والفلسطينية بأن التسامح مع العدو مرة يفتح شهيته للمزيد.
حين يكون المفاوض مقاوما، يعني أن الحقوق لن تضيع، وأن المبادئ دونها الدماء والرقاب، وأن كل كلمة مكتوبة تُقرأ على أكثر من وجه لاكتشاف رائحة الغدر منها، وأنه يتم التمييز بين المفاهيم والمصطلحات، فكل كلمة لها معنى ومغزى، ويُدرك ما يرغب الاحتلال بأخذه أولا وما يؤجله العدو، ويعلم كيف يخاطب العالم بلغة لا استجداء فيها ولا ضعف، ولسان حاله يقول: "اطلبوا حوائجكم بعزة الأنفس"، ويعلم أن دماء الشهداء يجب أن يكون لها ثمن يليق بها وليست مجالا للمساومة أو البيع.
يبقى القول واجبا أن المفاوض المقاوم نجح في تأسيس مدرسة تفاوضية لا تمانع التفاوض من حيث المبدأ، لا تعترف بعدوها، وتمنع التفريط بالحقوق والثوابت، ولا يسيل لعابها أمام الإغراءات والوعود المزيفة، ولا يضرها من خذلها ولا من عاداها.
استمر المفاوض المقاوم في مسيرته حتى كتب الله ما كتب في وقف العدوان في تشرين الأول/ أكتوبر 2025، بعد عامين من الإبادة الجماعية، وأقنع العالم بعدالة القضية الفلسطينية..