شاهد: الصين تسحب حيوانات الباندا من حدائق أمريكا وتحوّل الدب اللطيف إلى سلاح سياسي
تاريخ النشر: 3rd, October 2023 GMT
تعود ثلاثة من حيوانات الباندا التي تستضيفها حديقة الحيوان الوطنية بالعاصمة الأمريكية واشنطن إلى الصين أوائل ديسمبر، في خطوة ستنهي اتفاقية تبادل الباندا بين البلدين التي استمرت خمسين عاماً.
فالمعروف أن الصين تستخدم "دبلوماسية الباندا" منذ خمسينيات القرن الماضي، حتى إنها منحت، بين عامي 1957 و1983، 24 من الباندا لتسع دول في سياق سياسة تكوين الصداقات.
لكن ومع تصاعد التوترات بين الصين والغرب عموماً والولايات المتحدة خصوصا، تسقط حيوانات الباندا ضحية جديدة للصراع مع استخدام بكين لها في إطار ما يمكن تسميته بـ"دبلوماسية الباندا" العقابية.
وكانت حيوانات الباندا الأصلية العملاقة هدايا صينية للولايات المتحدة في عام 1972 بعد الزيارة التاريخية التي قام بها الرئيس الأمريكي السابق ريتشارد نيكسون إلى بكين، وحظيت بإعجاب كبير من جانب السيدة الأولى آنذاك، باتريشيا نيكسون.
تعير الصين في الوقت الحالي 65 حيوان باندا إلى 19 دولة عبر "برامج بحثية تعاونية"، بهدف توفير حماية أفضل للأنواع المعرضة للخطر.
شاهد: أول باندا وُلدت في فرنسا تستعد للسفر إلى الصينشاهد: احتفال بعيد ميلاد زوجين من الباندا العملاقة في حديقة الحيوان الوطنية الماليزيةمؤشر توتريرى مراقبون إن سحب الباندا هو اتجاه عام في الصين حالياً، حيث تستمر بكين في سحب الحيوانات العملاقة تدريجياً من العديد من حدائق الحيوان الغربية مع انتهاء اتفاقياتها.
ووصف دينيس وايلدر، وهو زميل بارز في مبادرة جامعة جورج تاون للحوار بين الولايات المتحدة والصين حول القضايا العالمية، خطوة بكين بـ "دبلوماسية الباندا العقابية".
وأوضح وايلدر أنه إضافة إلى الحدائق الأمريكية، تواجه حدائق الحيوان في أسكتلندا وأستراليا نفس المشكلة في ظل عدم وجود أية إشارات على احتمال تجديد اتفاقيات الباندا.
وأضاف وايلدر القول: "الصينيون لا يفعلون الشيء نفسه مع دول أخرى مثل قطر وتايلاندا. يبدو أن أمراً ما يحدث بين الصين وبين الولايات المتحدة والمملكة المتحدة".
وتصاعدت مشاعر العداء لأمريكا في وقت سابق من هذا العام، عندما نفق "لو لي" بشكل مفاجئ، وهو ذكر باندا معار إلى حديقة حيوان مدينة ممفيس بولاية تينيسى.
شاهد: احتفال أكبر باندا عملاقة ولدت في تايوان بعيد ميلادها العاشرشاهد: باندا عملاقة تلد توأمين في كوريا الجنوبيةوأكّد وايلدر أن الذهاب لرؤية الباندا تحوّل إلى ظاهرة ثقافية محبوبة في الولايات المتحدة، وقال: "أصبحت الباندا جزءاً من الحياة في واشنطن، بل والولايات المتحدة بشكل عام. أطفالنا يحبون الذهاب لرؤيتها، لذا فإن هذه الخطوة سيكون لها صدى حقيقي لدى الشعب الأمريكي. أعتقد أن بكين بحاجة إلى إعادة النظر في موقفها حقاً".
وتصاعدت التوترات بين الصين والولايات المتحدة بسبب القيود التي تفرضها إدارة بايدن على المواطنين الصينيين الذين يكافحون من أجل الحصول على تأشيرات، بالإضافة إلى أزمات أخرى مثل العقوبات التي طالت مسؤولين صينيين بارزين والقيود المفروضة على استيراد أشباه الموص
شارك هذا المقالمحادثة مواضيع إضافية شاهد: ألمانيا تحتفل بالذكرى 33 للوحدة شاهد: "أوبرا البنادق" في واشنطن.. عرض يندد بعنف الأسلحة بعد الولايات المتحدة وروسيا والصين والهند.. اليابان تعتزم الهبوط على سطح القمر الصين الولايات المتحدة الأمريكية أزمة دبلوماسية حيواناتالمصدر: euronews
كلمات دلالية: الصين الولايات المتحدة الأمريكية أزمة دبلوماسية حيوانات فرنسا تغير المناخ الشرق الأوسط روسيا إسرائيل نزاع مسلح تاريخ انتخابات مصر سياسة بولندا فرنسا تغير المناخ الشرق الأوسط روسيا إسرائيل نزاع مسلح الولایات المتحدة حیوانات الباندا یعرض الآن Next
إقرأ أيضاً:
أمريكا اللاتينية واتخاذ الخيارات الصحيحة
تجاوزت الغالبية العظمى من دول أمريكا اللاتينية قرنين اثنين من الزمان كجمهوريات مستقلة، ومع ذلك، لم تتمكن أي من هذه الدول من بلوغ مستوى الدول المتقدمة.
شهد عام 1945، نهاية الحرب العالمية الثانية، إعادة تشكيل النظام العالمي على مستوى العلاقات السياسية والاقتصادية الدولية. ففي يوليو 1944، وقبيل انتهاء الحرب، أسفر «مؤتمر بريتون وودز» عن تأسيس مؤسستين محوريتين لدفع عجلة الاقتصاد العالمي وهما: صندوق النقد الدولي والبنك الدولي. وفي عام 1947، أطلقت الاتفاقية العامة للتعريفات الجمركية والتجارة (الجات)، والتي تطورت لاحقًا لتصبح منظمة التجارة العالمية في عام 1995. وقد دعمت الولايات المتحدة هذه المؤسسات بوصفها راعية لحرية التجارة.
في السياق نفسه، برز اقتصاديون بارزون مثل فريدريش هايك (الحائز على جائزة نوبل في الاقتصاد عام 1974) وميلتون فريدمان (نوبل 1976) اللذين روجا للنظرية الليبرالية التي أصبحت تُعرف بالنموذج النيوليبرالي أو الرأسمالي. في المقابل، كانت الدول الاشتراكية تتبع مسارات تنموية مغايرة.
وفي خضم هذا التوجه العالمي، اكتسبت نظرية «الإحلال الصناعي للواردات» أهمية اعتبارًا من عام 1947، بتشجيع من لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية لأمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي. وهدفت هذه الاستراتيجية إلى تقليص الاعتماد على المنتجات المستوردة من خلال تحفيز الإنتاج المحلي، عبر فرض رسوم جمركية لحماية الصناعات الوطنية، وتقديم حوافز مالية، ودعم الدولة للقطاع الصناعي، أي باختصار: الحماية التجارية.
وقد لاقت هذه السياسة حماسًا واسعًا في دول مثل الأرجنتين والبرازيل وتشيلي والمكسيك، التي تبنّتها بين 1950 و1970. إلا أن نتائجها أظهرت، بحلول نهاية الثمانينيات، فشلًا واضحًا بسبب الإفراط في حماية الصناعات الوطنية، وضعف المنافسة، وتدني جودة المنتجات.
خسرت أمريكا اللاتينية وقتًا ثمينًا في مسيرتها التنموية. وعلى الرغم من وجود بعض الإيجابيات، فقد بات من الضروري البدء من جديد وسط فوضى اقتصادية، وتضخم، ومديونية خارجية مرتفعة، وتفشي الفقر.
في أواخر السبعينيات، بدأت الصين مسارًا تنمويًا مغايرًا، ممهّدة الطريق لما ستصبح عليه لاحقًا ثاني أكبر اقتصاد في العالم. وبينما كانت الولايات المتحدة تركز على أولويات أخرى حول العالم، كانت دول أمريكا اللاتينية تبحث عن شركاء واستثمارات تساعدها على تحسين وضعها الاقتصادي.
وشهدت التسعينيات قرارات محورية؛ إذ شرعت بعض الدول مثل بيرو في تفكيك مؤسسات القطاع العام وخصخصة الأصول في مجالات مثل التعدين والاتصالات والخدمات، وحققت بذلك نجاحًا ملحوظًا.
وشكّلت بداية الألفية الثالثة نقطة تحول بارزة، حيث برزت الصين بوصفها شريكًا اقتصاديًا رئيسيًا في أمريكا اللاتينية. فقد وقّعت اتفاقيات تجارة حرّة مع تشيلي عام 2005، وبيرو في 2009، وكوستاريكا في 2010.
ومنذ انضمامها إلى منظمة التجارة العالمية في 2001، تنامت علاقات الصين التجارية مع المنطقة بسرعة، متجاوزة السلع الأولية مثل النفط والمعادن، لتشمل استثمارات واسعة في البنى التحتية والطاقة والمعادن والمساعدات الإنمائية.
واليوم، تحافظ الصين على وجود اقتصادي قوي في المنطقة من خلال شركات كبرى مثل (إم. إم. جي) و(تشاينالكو) و(سي. إن. بي. سي) و(كوسكو) والبنك الصناعي والتجاري الصيني. ووفقًا للإحصاءات، استثمرت الشركات الصينية أكثر من 203 مليارات دولار في أمريكا اللاتينية ومنطقة الكاريبي بين عامي 2000 و2023.
وعلى صعيد إيجاد فرص العمل، وزيادة الدخل، ومكافحة الفقر، كان تأثير الاستثمارات الصينية إيجابيًا جدًا. ففي بيرو، على سبيل المثال، من المتوقع أن يسهم افتتاح ميناء (تشانكاي) الذكي في رفع الناتج المحلي الإجمالي بنحو 1% خلال عام 2025. ولا بد من الإشارة إلى أن الاستثمارات الصينية عادة ما تأتي مصحوبة بتقنيات متطورة. فمشروع القطار السريع على الساحل البيروفي سيُنفّذ بتكنولوجيا لا تملكها إلا فرنسا وإسبانيا والصين، والأخيرة هي الرائدة في هذا المجال.
إلا أن تطورات عالمية كبرى مثل الحرب في أوكرانيا والصراع بين إسرائيل وفلسطين، بالإضافة إلى تصاعد القرصنة قرب القرن الإفريقي، قد ألحقت ضررًا كبيرًا بسلاسل الإمداد العالمية، ما أدى إلى شعور متزايد بعدم الاستقرار في أمريكا اللاتينية.
وتفاقم الوضع بسبب الرسوم الجمركية العقابية التي فرضتها الولايات المتحدة على وارداتها من شركائها التجاريين، وخاصة الصين. وقد أضرّ النزاع بين أكبر اقتصادين في العالم بجميع الدول، رغم أن المحادثات الأخيرة في جنيف بين بكين وواشنطن أثارت بعض الآمال.
إن أمريكا اللاتينية بحاجة ماسّة للخروج من هذا المستنقع، فشعوب المنطقة لا ترغب في صراعات جيوسياسية، بل تطمح فقط إلى تعليم جيد، ورعاية صحية لائقة، وفرص حياة أفضل.
وكما قال وزير الخارجية الأمريكي الأسبق هنري كيسنجر في مقابلة مع مجلة «الإيكونوميست» في مايو 2023: «على الولايات المتحدة والصين أن تتعلّما كيف تعيشان معًا، وليس لديهما سوى أقل من عشر سنوات لتحقيق ذلك».