هل يؤجل نتنياهو زيارته إلى تركيا بعد طوفان الأقصى؟
تاريخ النشر: 10th, October 2023 GMT
أنقرة (زمان التركية) – تزامن الهجوم المباغت الذي شنته حركة حماس ضد المستوطنات الإسرائيلية تحت شعار “طوفان الأقصى” مع استعداد رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، لإجراء زيارة رسمية إلى تركيا.
ويبدو أن أنقرة التي دعت الطرفين إلى ضبط النفس، تسعى لاتباع سياسة متزنة بعد أن بذلت جهودا في إصلاح العلاقات مع إسرائيل.
وورد أول رد فعل تركي على التطورات في الأاضي المحتلة من الرئيس رجب طيب أردوغان، الذي دعا في كلمته خلال مؤتمر حزب العدالة والتنمية في أنقرة جميع الأطراف إلى ضبط النفس وتجنب الخطوات التحريضية التي تعزز التوترات.
وعلى خطى أردوغان دعا بيان وزارة الخارجية التركية “الأطراف” إلى ضبط النفس، مشددًا على إدانة سقوط مدنيين.
وتضمن البيان دلالات على السياسة التي ستتبعها تركيا في المرحلة المقبلة، إذ ذكر أن تركيا مستعدة لبذل قصارى جهودها لضمان السيطرة على التطورات المشار إليها قبل أن تشهد مزيدا من التصاعد وتمتد لمساحة أكبر، مشيرًا إلى استمرار المباحثات مع الأطراف المعنية بشكل مكثف.
هاكان فيدان يبدأ التحرك
وأجرى وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، مباحثات هاتفية مع نظيره الأمريكي، انتوني بلينكن، ونظيره الفلسطيني، رياض المالكي، بجانب وزراء خارجية كل من قطر والسعودية ومصر وإيران.
ولم يصدر بيان مفصل عن محتوى المباحثات، غير أن المؤتمر الصحفي القصير الذي أجرته الخارجية الأمريكي عقب اتصال فيدان وبلينكن أكد على حث بلينكن تركيا على التدخل.
ورغم إصدار السفارة الأمريكية لدى أنقرة بيانا مقتضبا فإنه لفت الأنظار بدعمه دعوة تركيا الأطراف لضبط النفس، وفي تصريح آخر له يوم الأحد أكد أردوغان أن إقرار السلام الدائم في الشرط الأوسط لن يتحقق إلا بإقرار حل نهائي للصراع الفلسطيني الإسرائيلي.
سياسة متوازنة
التطورات المندلعة منذ صباح يوم السبت الماضي تعكس سعي تركيا لاتباع سياسة متوازنة، فالتأكيد على إدانة العنف ضد المدنيين رغم عدم ذكر اسم حماس في التصريحات الرسمية هو دليل على أن أنقرة لا ترغب في إزعاج إسرائيل، وبجانب هذا وجه أردوغان والمسؤولون الآخرون رسالة بأنهم سيواصلون معارضة تغيير الوضع التاريخي والديني للمسجد الأقصى في القدس.
والجهود الدبلوماسية التي يجريها هاكان فيدان تشير إلى أن أنقرة تسعى للعب دورً مؤثر بالعملية، ويشير الوزير إلى أن التوترات بالمنطقة لا يمكن إخمادها بالجهود الفردية للدول بل بالعمل المشترك، لذا فإن الاتصالات الهاتفية لفيدان مع مصر والمملكة العربية السعودية وإيران مهمة من هذا المنظور، ومن المنتظر أن يتدخل أردوغان أيضًا وفقًا لمجرى الأحداث.
أنقرة على تواصل مع حماس منذ عام 2006
تركيا ترى حركة الحماس عنصرا سياسيا مشروعا على عكس العديد من الدول الغربي، ووتتولى الوساطة فيما يخص تشكيل حكومة مشتركة مع حركة الفتح.
وبدأت الاتصالات الرسمية بين تركيا وحماس في عام 2006 بزيارة وفد رفيع من حماس إلى أنقرة، وتكشفت اتصالات أنقرة مع حماس خلال فترة توتر العلاقات بين تركيا وإسرائيل بفعل الهجوم الإسرائيلي على سفينة مافي مرمرة في عام 2010.
وخلال عملية التطبيع مع تركيا طرحت إسرائيل إنهاء أنشطة حماس كأحد الشروط. وتداولت وسائل الإعلام الدولية أنباء حول تنفيذ تركيا لهذا الشرط حتى ولو لم يكن بشكل كلي.
والتطورات الأخيرة بالمنطقة أثارت تساؤلات حول ما إن كانت أنقرة ستتدخل كوسيط، ولا توجد أية أنباء بعد عن تواصل أنقرة مع حماس.
كيف ستتأثر عملية التطبيع بين تركيا وإسرائيل؟
اللافت في الأمر هو تزامن التوترات الأخيرة في المنطقة مع الفترة التي تشكل أهمية كبيرة من ناحية التطبيع بين تركيا وإسرائيل.
وكان من المنتظر أن يجري بنيامين نتنياهو، الذي اجتمع مع أردوغان في سبتمبر/ أيلول في نيويورك الأمريكية، زيارته المؤجلة إلى تركيا في نوفمبر/تشرين الثاني.
وتم اقتراح إجراء لقاءات على صعيد الوزراء لبحث إمكانات التعاون في مجال الطاقة قبيل زيارة نتنياهو، غير أن التطورات الأخيرة ستؤدي بلا شك لإرجاء تلك اللقاءات، هذا وتشير الأحاديث المتداولة إلى أن مستقبل التطبيع بين البلدين سيتشكل وفقًا لما ستؤول إليه الموادم الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، تعازيه لنظيره الإسرائيلي، يتسحاق هرتسوغ، في قتلى عملية طوفان الأقصى، التي أطلقتها حركة حماس ضد مستوطنات غلاف غزة صباح السبت الماضي.
وأجرى الرئيس الإسرائيلي هرتسوغ محادثة هاتفية مع أردوغان، أعرب خلالها الرئيس التركي لنظيره الإسرائيلي عن تعازيه لشعب إسرائيلي في المجزرة التي وقعت خلال عيدهم، وفق بيان للرئاسة التركية
وشكر هرتسوغ الذي زار تركيا العام قبل الماضي أردوغان على تعازيه، وقال إن “إسرائيل ستحمي مواطنيها وستبذل قصارى جهدها من أجل عودة الإسرائيليين المحتجزين كرهائن في غزة إلى بلادهم”.
كما صرح أردوغان أن “جهود تركيا ستستمر بشكل متزايد لإنهاء الصراعات المثيرة للقلق وضمان السلام الدائم”، وفي نفس السياق، تحدث الرئيس التركي، هاتفيا مع نظيره الفلسطيني، محمود عباس.
Tags: أردوغان ونتنياهوالعلاقات التركية الإسرائيليةتركياطوفان الأقصىنتنياهووإسرائيلالمصدر: جريدة زمان التركية
كلمات دلالية: أردوغان ونتنياهو العلاقات التركية الإسرائيلية تركيا طوفان الأقصى نتنياهو وإسرائيل بین ترکیا إلى أن
إقرأ أيضاً:
كيف يغير قرار حل العمال الكردستاني موازين السياسة في تركيا والمنطقة؟
وضعت تركيا نقطة النهاية على صراعها الدموي مع تنظيم حزب العمال الكردستاني والذي كان أحد أطول النزاعات في منطقة الشرق الأوسط، وهو ما يضع المشهد التركي والإقليمي أمام تحول جذري في ما يتعلق بالقضية الكردية.
وتوصل حزب العمال الكردستاني المدرج على قوائم الإرهاب في أنقرة، الاثنين، إلى قرار حل نفسه وإنهاء الصراع المسلح مع الدولة التركية، تاركا الباب مفتوحا أمام الأحزاب السياسية الكردية من أجل "تطوير الديمقراطية الكردية وضمان تشكيل أمة كردية ديمقراطية".
ويأتي الإعلان الذي وصف بالتاريخي عقب جهود قادها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وحليفه زعيم الحركة القومية دولت بهتشلي، لإنهاء ملف الصراع، ضمن مساعي أنقرة لتحقيق هدف "تركيا خالية من الإرهاب".
ويرى باحثون تحدثوا لـ"عربي21" أن حل التنظيم ينعكس بشكل مباشر على العديد من دول المنطقة بما في ذلك العراق وسوريا، التي شهدت خلال السنوات الماضية عمليات عسكرية تركية ضد قوات العمال الكردستاني وامتدادته العسكرية.
وفي سوريا، تعتبر أنقرة قوات سوريا الديمقراطية "قسد"، المتحالفة مع التحالف الدولي، والتي تشكل وحدات حماية الشعب الكردية "YPG"عمادها العسكري، امتدادا لحزب "العمال الكردستاني".
وتأسس حزب العمال الكردستاني عام 1978 بقيادة عبد الله أوجلان، في أجواء سياسية شديدة الاستقطاب، كانت تركيا تعاني فيها من اضطرابات داخلية وصدامات أيديولوجية بين اليسار واليمين.
وعام 1984، أعلن العمال الكردستاني بقيادة أوجلان "الكفاح المسلح" ضد تركيا، ما أدخل البلاد في دوامة من الصراع والعنف المتبادل.
"تحول جذري في المشهد التركي"
ويرى المحلل التركي عمر أوزكيزيلجيك، أن قرار حل التنظيم يُعد مكسباً كبيراً لتركيا، حيث يمكن توجيه التكاليف والخسائر الناتجة عن الصراع مع الحزب إلى مجالات أخرى.
ويوضح أوزكيزيلجيك في حديثه مع "عربي21"، أن إنهاء الصراع المسلح مع العمال الكردستاني يمكن تركيا من أداء دور أكثر فعالية ونشاطاً على الساحة الإقليمية والدولية.
بدوره، يشير الباحث التركي علي أسمر إلى أن الحدث يشكل تحولا جذريا في المشهد السياسي التركي، موضحا أن هذا القرار يُعد على الصعيد الداخلي التركي "انتصارا رمزيا واستراتيجيا" للرئيس أردوغان، ويُعزز من "سرديته في مكافحة الإرهاب كأحد أعمدة حكمه".
وفي أول تعليق له على الحدث، شدد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان على أن بلاده تسير بخطى ثابتة نحو هدفها المتمثل في "تركيا خالية من الإرهاب".
وأضاف أردوغان في كلمة له عقب اجتماع للحكومة التركية، "مع خروج الإرهاب والعنف من المعادلة ستُفتح أبواب مرحلة جديدة بكل المجالات في مقدمتها تعزيز القدرات الديمقراطية للعمل السياسي".
وشدد الرئيس التركي على أن أنقرة تعتبر قرار حل حزب العمال الكردستاني نفسه شاملا لكل امتدادات التنظيم في سوريا وشمال العراق وأوروبا.
ويلفت أوزكيزيلجيك إلى أن حل العمال الكردستاني من شأنه أن يغير بشكل جذري أرضية النقاش والديمقراطية في السياسة الداخلية التركية. إذ ستنقلب التوازنات السياسية الحالية تماماً، وستُتاح ممارسة السياسة في بيئة أكثر حرية وراحة، بعيداً عن ظلال السلاح والتهديد.
وهو ما يفتح الطريق أمام مرحلة تطبيع أقرب وأكثر احتمالا في الساحة الداخلية التركية، وفقا لباحث التركي.
أصداء إقليمية
إقليميا، يرى أسمر أن حل التنظيم "سيلاقي أصداء مهمة في علاقات تركيا مع الولايات المتحدة وأوروبا، خاصة فيما يتعلق بمستقبل المجموعات الكردية المسلحة في سوريا، ومعايير التعامل مع اللاجئين والمنفيين السياسيين".
ويلفت أسمر في حديثه مع "عربي21"، إلى أن الحدث "سيكون له ارتدادات إقليمية عميقة"، موضحا أن تركيا قد تستغل التطور "لإعادة صياغة المعادلة في سوريا، وفرض شروط جديدة على وحدات الحماية الكردية لحل نفسها، وربما حتى تعزيز التنسيق الأمني مع الحكومة السورية الجديدة".
ودأبت تركيا على تلويح بتنفيذ عملية عسكرية ضد المسلحين الأكراد شمالي شرقي سوريا قبل سقوط النظام، فيما تراقب أنقرة اليوم تنفيذ الاتفاق الموقع بين قوات سوريا الديمقراطية "قسد" والحكومة السورية الجديدة بقيادة الرئيس أحمد الشرع، والذي يقضي بدمج "قسد" ومؤسساتها العسكرية والمدنية في الدولة الجديدة.
وتتقارب وجهات نظر أنقرة ودمشق الجديدة تجاه ملف المسلحين الأكراد ، فقد كان نظام الأسد المخلوع الذي احتضن زعيم العمال الكردستاني عبد الله أوجلان نهاية القرن الماضي، عاملا في توتر العلاقات بين الجانبين.
وتؤكد الحكومة السورية الجديدة على رفضها "اللامركزية" وتشديدها على وحدة البلاد ورفض المشاريع الانفصالية، وهو توجه دأبت أنقرة على دعمه خشية أن تمتد أي نزعة انفصالية إلى داخل حدودها.
ويوضح الباحث في مركز جسور للدراسات رشيد حوراني أن "حزب العمال الكردستاني تنظيم قائم على الدعم الخارجي ويعتبر مؤسسه الحقيقي نظام الأسد الأب من خلال ما قدمه من دعم مادي وعسكري له بهدف استخدامه لمناكفة تركيا، وبالتالي فإن حل التنظيم لنفسه يؤكد على استخدام نظام الأسد هذه الأذرع للمتاجرة بها والابتزاز لتحقيق نفوذه الإقليمي".
ويشير في حديثه لـ"عربي21"، أن "حل التنظيم لنفسه أول ما ينعكس على المكون الكردي في تركيا وسوريا بشكل خاص ويكف أنشطة الحزب عن تعبئة الشباب الكرد في حرب عبثية لا طائل منها مع حكومات المنطقة، وبالتالي كف يد التنظيمات دون الدولة عن أنشطتها في الإقليم والتحول تدريجيا لبسط السلام والاستقرار في المنطقة، والتوجه الى الحوار لحل كافة المشاكل".
ويشير حوراني إلى أن "النزاعات في المنطقة أخذت بعد سقوط الأسد تميل إلى اعتماد لغة الحوار والتفاوض وصولا الى حل يرضي الأطراف المعنية، والابتعاد عن العنف والسلاح لما له من آثار كارثية أول ما تنعكس على الدول الأوربية وأمريكا لما تحمله عليها من كلفة تلك الحروب، وهذا الأمر ينطبق على حزب العمال الكردستاني وذراعه السوري قسد".
كما يشدد أوزكيزيلجيك بدوره على أهمية تأثير القرار على سوريا ووحدتها، مشيرا إلى أن "دمج وجود قوات YPG وقوات سوريا الديمقراطية في شمال شرق سوريا وشرق الفرات ضمن الدولة السورية، بات الآن أكثر واقعية وإمكانية، بل وأسهل من ذي قبل".
ما الخطوات القادمة؟
في حين يعد القرار التاريخي منعطفا محوريا في المشهد الإقليمي بشكل عام والتركي الداخلي بشكل خاص، إلا أن مراحل تنفيذه قد يواجه العديد من الصعوبات، حسب أسمر.
وكان وزير الخارجية التركي هاكان فيدان، الذي وصف إعلان حزب العمال الكردستاني حل نفسه وإلقاء السلاح بأنه "قرار تاريخي"، أوضح في تصريحات صحفية هناك الكثير من التفاصيل بشأن تنفيذ قرار إلقاء السلاح.
ويرى أسمر أن إعلان حل التنظيم "لا ينهي الأمر"، موضحا أن "مخلفات العمال الكردستاني من شبكات تمويل وخلايا نائمة وبيئات حاضنة ما تزال قائمة، وتتطلب عملا طويل الأمد، أمنيا وفكريا واجتماعيا، لضمان عدم تجدد الظاهرة بمسميات جديدة".
ولا تزال تفاصيل تنفيذ عمليات تسليم السلاح إلى تركيا دون جدول زمني أو مواقع معلن عنها. ويقول أوزكيزيلجيك إن المسألة الأساسية تتمثل في تحديد المواقع التي سيتم فيها ذلك.
ويضيف أنه "من المرجح اختيار بعض النقاط داخل العراق لهذا الغرض، حيث يُتداول الحديث عن مدن مثل أربيل ودهوك والسليمانية، وقد يكون سنجار أيضاً من بين الاحتمالات المطروحة".
وفي هذه المناطق، بحسب الباحث التركي، يمكن تتبع عملية التسليم من خلال تنسيق مشترك بين الجيش العراقي وقوات البيشمركة الكردية وجهاز الاستخبارات التركي.
بينما يشدد أسمر على أن العراق "سيواجه تحديا أمنيا وسياسيا كبيرا، خصوصا في مناطق مثل سنجار وقنديل"، مشددا على أن "الحكومة العراقية، ومعها إقليم كردستان، ستكونان مطالبتين بلعب دور مباشر في تنفيذ الاتفاق وضبط الحدود ومنع ظهور أي بدائل مسلحة".