«دسوقي»: أكتوبر 73 لا يُنسى وأنهينا الأسطورة الوهمية
تاريخ النشر: 11th, October 2023 GMT
«عمرى ما أنسى أكتوبر 73، شهر النصر والعزة والكرامة والثأر من الأعادى»، بهذه الكلمات تحدث عبدالعزيز محمد دسوقى، ابن مركز الغنايم بمحافظة أسيوط، البالغ من العمر 74 عاماً، وأحد أبطال حرب أكتوبر 73، عن أيام الحرب ولحظة إطلاق إشارة البدء لأنها كانت أسعد لحظات حياته باعتبارها اللحظة التى انطلق فيها بركان غضب الجنود الكامن منذ عام 67.
وأكد «عبدالعزيز»: «كانت خدمتى بسلاح الجو المصرى بمطار بلبيس، التابع لمحافظة الشرقية، وقبل بدء الحرب بـ48 ساعة تم رفع درجة الاستعداد، لكننا لم نتفهم أى سبب ولم يخطر ببال أحد منا أن الجيش سوف يقوم بحرب فى سيناء، ولم تمر ساعات حتى تم إخطارنا بأن القوات ستتحرك إلى سيناء لتحرير الأراضى المحتلة».
وتابع: «جميع الجنود كانوا متشوقين لهذه اللحظة كونها لحظة رد الاعتبار والكرامة للشعب بعد نكسة 67، وكنا مستعدين نموت بس أرضنا ترجع ونطرد العدو، مش نطرده فقط، لكن نشعره بطعم الهزيمة والانكسار ونهدم أسطورته الوهمية بأنه جيش لا يُقهر، والحمد لله قهرنا العدو وعلمناه الدرس وأنهينا أسطورته».
وواصل: «المطار اللى كنت باخدم فيه كان عاطف السادات، شقيق الرئيس السابق محمد أنور السادات، أحد الضباط الموجودين به، وكان من أشد الضباط تحمساً للحرب، وكان دائماً فى انتظار لحظة بدئها عشان يشفى غليله من الإسرائيليين».
وحول لحظة استشهاد عاطف السادات قال: «عاطف السادات طلع بالطيارة فور وصول الإشارة، لكن القدر شاء أن الطيارة تضرب بعد وصولها السماء بثوانى، وفضل يقاوم والنار والعة فى الطيارة لحد ما نزل على الأرض وفضل يزحف وكانت إصابته خطيرة وفيه بتر فى رجليه».
واختتم حديثه قائلاً: «انتصار أكتوبر كان عيد لكل المصريين مش للجنود بس والفرحة اليى كنت حاسس بيها عمرى ما حستها تانى».
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: حرب أكتوبر حرب الاستنزاف ملحمة العبور خط بارليف الجيش الذي لا يقهر
إقرأ أيضاً:
بلال قنديل يكتب: كأن لم يكن
يمضي الإنسان في حياته وسط الزحام، بين الناس والأماكن والأحلام، يعيش تفاصيل كثيرة، يمر بمواقف لا تُنسى، يقابل أشخاصا يشاركونه الضحك والحزن، النجاح والفشل، الحب والخذلان. أصدقاء كانوا أقرب من النفس، أهل كنا نظن أنهم لن يغيبوا أبدا، مواقف كنا نعتقد أنها خالدة، أياما ضحكنا فيها حتى دمعت عيوننا، ليالٍ بكينا فيها ونمنا في أحضان من نحب. ثم فجأة، كأن لم يكن.
كم من أشخاص كانوا معنا في كل لحظة، نأكل معهم، نسافر، نخطط للمستقبل، نشاركهم أسرارنا، نثق فيهم ثقة عمياء، ثم حدث شيء ما، خلاف بسيط، مسافة زادت، حياة فرقت، اختيارات اختلفت، أو قدر قرر أن يسحبهم من حياتنا دون إنذار.
في لحظة، يختفون، لا رسائل، لا مكالمات، لا لقاءات، فقط غياب، وسكون، وصور باهتة في الذاكرة، كأن لم يكن.
الحياة لا تتوقف، ونحن لا نملك رفاهية التوقف عند كل من غادر. نكمل، نبتسم، نضحك، لكن في القلب فراغ لا يُملأ، ومساحات من الحنين لا تجد عنوانا. نتذكر ضحكاتهم، كلماتهم، تفاصيلهم الصغيرة، ثم نصمت، لأن ما كان، لم يعد له وجود، كأن لم يكن.
ومن جهة أخرى، تمضي حياة الإنسان ككل بنفس الطريقة، يركض خلف أحلامه، يتعب، يجاهد، ينجح، يفشل، يفرح، يحزن، يصنع تاريخا خاصا به، يحاول ترك أثر، يظن أن الزمن سيتوقف له، ثم تأتي النهاية. يتوقف كل شيء، ويصمت كل شيء، وتنطفئ الأضواء، وتُغلق الصفحة، كأن لم يكن.
تلك الحقيقة القاسية تعلمنا الكثير، أن لا نتمسك بالأشياء الزائلة، أن لا نؤجل الحب، ولا نكتم الكلمة الطيبة، أن نتصالح، ونسامح، ونعبر عن مشاعرنا دون خوف. لأن اللحظة القادمة لا نعلم إن كانت ستأتي، ومن نراه أمامنا الآن، قد يكون غدا مجرد ذكرى، أو لا شيء، كأن لم يكن.
ولذلك، علينا أن نعيش كل لحظة بصدق، أن نعطي من نحبهم ما يستحقون، أن لا نتورط في كراهية، ولا نضيع أعمارنا في خلافات تافهة. فالرحيل قادم، سواء رحيل الأشخاص من حياتنا، أو رحيلنا نحن عن الدنيا كلها، والمهم في النهاية ليس من بقى ومن رحل، بل من بقي له في القلوب أثر، ومن ترك شيئا جميلا يُذكر، فلا يُقال عنه كأن لم يكن.