«يا صغيرى سوف أحكى... لك عن وحش هو الآخر يبكى»
بثت الشبكة العنكبوتية بكل خيوطها نبأ عودة الروح، بنفس تطبيقاتها التى أفشت بداخل نفوسنا أواصر القطيعة بين أفراد الأسرة الواحدة، بعد أن أصبح لكل فرد داخل الأسرة الواحدة بداخل الجدران الأربعة منفذ وعالم منعزل، لا يعرفه من يشاركه، بحكم الباص ورد الذى يغلق بوابة كل شخص على عالمه الافتراضى، فالدخول مرهون بكلمة السر.
مع بدء تلقى خيوط العنكبوت للنبأ، أدركت الأسرة التى فى البيت الواحد لكنها فى الحقيقة داخل التوابيت المغلقة المسماة بهواتف الأندرويد، أن ثمة أمراً جللاً، طوفان الأقصى، الصغار من أعمار الثامنة للخامسة عشرة لا يعرفون عن الأقصى شيئاً، وربما لو سألت صبياً من داخل العائلة يخبرك بأن الأقصى هو محل البقالة المجاور لبيتهم... هذه هى معلوماته عن الأقصى.
لكن بيت العنكبوت بكل وهنه الداخلى، حمل مجبراً النبأ، «الذى هم فيه يتساءلون»، فتساءل الأبناء وسألوا بيوت البحث العنكبوتية عن حدوتة الأقصى، بيد أن الأمر لا يروى ظمأ أى ناهم ليعرف الخبر «التريند» فكسروا دوائر العنكبوت رويداً ليسألوا الأباء، فيوقظ طوفان الأقصى مرة أخرى صحوة أسرية عائلية داخل جدران بيت الأسرة العريبة الواحدة والعائلة التى فصلها عن بعضها خيوط العنكبوت... ليقصوا عليهم «أحسن القصص» حدوتة الأقصى والطوفان.
الذين أنتجوا العنكبوت فى مختبراتهم وأطلقوه علينا وسمموا حياتنا، لم يكن لديهم سوى هم واحد وهدف محدد «انتشار شعار الرينبو» أن يصبح رجالنا معدومى الذكورة والمروءة والشرف والنخوة، فتغير الأعداء علينا فنجد -لا قدر الله – أبناءنا ساءت عقولهم بالفكرة مجرد الفكرة التى تقشعر الأبدان لسماعها، جل اهتمام العنكبوت أن يزرع داخل العقول سمه الذى يبديه أولاً بالتعاطف ثم التعود على تداول الفكرة ومن ثم -حفظنا الله ورعى ووقى أولادنا- انتشار الفكرة، غير أن فكرة الطوفان أعادت المفهوم مرة أخرى لوجود الرجال، وجود بذرة المقاومة لإحياء القضية والهوية واغتصاب الأرض.
صدحت العقول مرة أخرى، ربما استفاقت بعض الوقت، لتبقى مهمة المثقف العضوى والمثقف الفاعل هى إمداد العقل بعمليات معرفية تذكر رعاة القضية بالأمر، بفعل الاغتصاب والفاعل، وأن الطوفان ما هو إلا ردة فعل متأخرة للصراخ بمقولة الشاعر الفلسطينى محمود درويش: «على هذه الأرض ما يستحق الحياة».
تطلعت إلى الخبر المنتشر أن أبناء فلسطين التى لم تعد تذكر فى خرائط العنكبوت «جوجل» إلا شذراً، أنهم أعلنوا للعالم أنه لا تزال هناك حياة ونضال يضخ فى دمائهم، من نفذوا العملية أعمارهم ما بين العشرين والثلاثين، ما زالوا يحتفظون بلون الهوية..هنا كان لا بد استدعاء أبيات الشاعر الفلسطينى معين بسيسو..
«أنا إن سقطت فخذ مكانى يا رفيقى فى الكفاح
وانظر إلى شفتى أطبقتا على هوج الرياح
أنا لم أمت! أنا لم أزل أدعوك من خلف الجراح
واقرع طبولك يستجب لك كل شعبك للقتال
يا أيها الموتى أفيقوا: إن عهد الموت زال
يا أيها الموتى أفيقوا: إن عهد الموت زال
ولتحملوا البركان تقذفه لنا حمر الجبال
هذا هو اليوم الذى قد حددته لنا الحياة
للثورة الكبرى على الغيلان أعداء الحياة
فإذا سقطنا يا رفيقى فى حجيم المعركة
فإذا سقطنا يا رفيقى فى حجيم المعركة
فانظر تجد علماً يرفرف فوق نار المعركة
ما زال يحمله رفاقك يا رفيق المعركة
ما زال يحمله رفاقك يا رفيق المعركة»
فى حزيران من العام 1967 ولد الصبى حنظلة، من أب هو مداد حبر الفنان الفسلطينى ناجى العلى وأمه كانت الورقة البيضاء وعائلته هى الظلال، حنظلة طفل فى العاشرة من عمره، توقف نموه، توقفت وظائفه الحيوية عن الاكتمال، بعد فقد العرض والأرض، حنظلة أدار ظهره لنا، وظل مطلاً بظهره كناية عن رفضه، لأن يحدق إلى أعيننا فيواجهنا بخيبتنا فى ضياع الأرض، يذكرنا بظهره لا بوجهه، أننا زعمنا أننا سنلقى بإسرائيل فى البحر، بينما إسرائيل هى من أكلت بلاده، واغتصبت هويته، وختمت على ظهر أعمام حنظلة وأخواله، بختم عبرانى مسدس الوجه والملمح.. لا يزال حنظلة مدبب الشعر وظهره فقط لنا...نحن لم نعرف ملامحه إن رأيناه..ربما خاف أن يشى به أحد منا إلى مغتصبى وطنه.
كنا على المقهى، أجالسه ويجالسنى، قال صديقى أمير العبد: طوفان الأقصى حدث أثناء الاحتفال بمولد سيدى أحمد البدوى والذى يعرف عند جمهور المتصوفة بجياب الأسير، ابتسمت وسألته ما العلاقة.. ربما صدفة؟, سألنى صديقى الذى يحدثنى بلغة اجتهد كثيراً فى فهمها: «هل تعتقد أن دولة الباطن وعالم الأولياء قرروا الحرب؟». قلت له: «أنا لا أعلم مما تقوله شيئاً..هل هناك دولة باطن لا نعلمها وصالحين وأولياء يقومون بقرارات الحرب؟» قال الدرويش صديقى: «الإجابة عن أصحاب السر.. نحن فقط نطرح تساؤلات يا دكتور؟
انتهى الحوار مع الصديق، قررنا أن نتجول فى أزقة طنطا، ندلف لساحات الذكر والمدح، الشيخ محسن سلام بصوته العذب يجأر بالحب الذى سلبه نفسه، يتحدث عن الغرام بالمحبوب ويطغى أنين الناى بسكب النبيذ لسقاية من حضر، يظهر مجذوب من خلف الحضرة والمدح، يمسك جذع شجر ربطه بثوب قديم على هيئة بندقية، يمسكه ويضعه على كتفه، يخرج كوفية بعلم فلسطين ويعصب بها رأسه، يلوح بالبندقية الخشب وثوبه الممزق.. من قال إن الدراويش مشغولون عن القضية الفلسطينية؟.. توسط المجذوب ساحة الذكر لوح بالبندقية يميناً ويساراً، كأنما يحارب ظلالاً لم أرها.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: الشبكة العنكبوتية بيت العنكبوت فلسطين ناجي العلي إسرائيل طوفان الأقصى
إقرأ أيضاً:
توريد 158 ألف طن قمح للصوامع والشون داخل بأسوان
تابع اللواء دكتور إسماعيل كمال محافظ أسوان الجهود المبذولة حالياً لإستلام الصوامع والشون والبناكر لكميات القمح الموردة من المزارعيين لموسم الحصاد الحالى 2025 حيث وصل إجمالى الكميات التى تم توريدها حتى الآن إلى 158 ألف و 676 طن وذلك منذ بداية موسم التوريد فى منتصف إبريل الماضى .
وأكد المحافظ على أن هناك تعليمات مشددة لتقديم كافة التسهيلات والإمكانيات للمزارعين وفقاً لتوجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسى ، وبمتابعة من دولة رئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولى للوصول إلى أعلى معدلات من توريد الذهب الأصفر ، مع قيام رؤساء المراكز والمدن بتكثيف المرور الميدانى على القرى والمناطق التى تضم زراعات القمح للتشديد على المزارعيين بعدم تسليم أى كميات من محصول القمح ، إلا من خلال جهات التسويق والتخزين الممثلة فى الصوامع والشون والبناكر المعتمدة.
حصاد القمحومن جانبه أوضح المهندس خالد أبو القاسم مدير عام مديرية التموين بأنه فى ظل التوجيهات وزير التموين والتجارة الداخلية الدكتور شريف فاروق ، واللواء دكتور إسماعيل كمال محافظ أسوان يتم المرور المستمر من الإدارات الفرعية على كافة المزارعين خلال فترة حصاد محصول القمح للتأكيد على أهمية توريده عبر الجهات المعتمدة .
ولفت إلى أن الكميات الموردة من القمح شملت 72 ألف و 674 طن داخل الصوامع والشون والبناكر الخاصة بمحافظة أسوان ، و 86 ألف و 2 طن داخل صوامع المحافظات المجاورة التى يتم التنسيق معها على مدار موسم الحصاد لتوريد الكميات بها فى الترامسة والمراشدة بقنا وإسنا وسوهاج وبنى سويف والفيوم والمنيا .
فيما ترأس اللواء دكتور إسماعيل كمال محافظ أسوان الإجتماع الأول للتعبئة العامة والإحصاء لإستعراض خطة المحافظة للتعامل مع أى أحداث طارئة وذلك فى إطار توجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسى للتجهيز الكامل لمواجهة الأزمات والكوارث .
وحضر الإجتماع اللواء أيمن الشريف السكرتير العام ، وكافة الجهات المختصة بالمحليات ومديريات الخدمات.