الصين تدخل مسرح عمليات الشرق الأوسط من أبواب غزة.. ماذا قدمت لإنهاء الصراع؟
تاريخ النشر: 19th, October 2023 GMT
تعتبر الصين من أوائل الدول التي أبدت تضامنها مع الشعب الفلسطيني ودعمت حقه في تقرير مصيره وإقامة دولته المستقلة.
وقد تجلى هذا الدعم في مواقف الحكومة الصينية وتصريحات قادتها ومبادراتها الدبلوماسية، وكذلك في تغطية وسائل الإعلام الصينية للقضية الفلسطينية والصراع مع الاحتلال الإسرائيلي.
الاعتراف بمنظمة التحريركانت الصين من أولى الدول غير العربية التي اعترفت بمنظمة التحرير الفلسطينية عام 1964، ورفضت في الوقت نفسه الاعتراف بإسرائيل، رغم اعتراف الأخيرة بها.
وكانت سياسة الزعيم الصيني ماو تسي تونج تدعم الحركات التحررية الوطنية في العالم الثالث.
فيما بعد عهد ماو، واصلت الصين دعمها منظمة التحرير الفلسطينية في المنتديات الدولية. واعترفت الصين بدولة فلسطين عام 1988.
ومنذ عام 1992، أقامت الصين أيضاً علاقات دبلوماسية مع إسرائيل ومنذ ذلك الحين حافظت على علاقة ودية مع كلا الكيانين.
ثوابت سياسيةتؤكد الصين على ضرورة تحقيق حل عادل وشامل للقضية الفلسطينية على أساس حل الدولتين، وفقاً لقرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة والمبادئ المشار إليها في مؤتمر مدريد للسلام، وخارطة طريق للسلام في منطقة شرق المتوسط، وغيرها من المبادئ ذات الصلة. كما تؤيد رسمياً إقامة "دولة فلسطينية مستقلة وذات سيادة" على أساس حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.
وقد رفضت الصين إدانة طوفان الأقصى والعمليات التي نفذها رجال المقاومة الفلسطينية رغم الضغوط الإسرائيلية والأمريكية، بل أصرت على ضرورة حل الدولتين وإقامة دولة فلسطينية مستقلة.
وتسعي الصين للعب دور الوساطة بشكل نشط بين فلسطين وإسرائيل، وبين فصائل المقاومة الفلسطينية، بهدف استئناف محادثات السلام وإحلال التهدئة. في عام 2017، استضافت بكين رؤساء حزب فتح، جبريل الرجوب وحركة حماس، صالح العاروري، وأجرت محادثات معهما بشأن المصالحة الفلسطينية.
وفي عام 2021، عقدت الصين اجتماعاً ثلاثياً مع فلسطين وإسرائيل على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، ودعت إلى وقف التوسع الاستيطاني والعنف والاستفزازات في القدس.
مساعدات تنمويةكما تقدم الصين مساعدات إنسانية وتنموية لفلسطين، بما في ذلك تبرعات مالية ومواد طبية ولقاحات كوفيد-19. كما تشارك في بناء المشاريع التنموية في فلسطين، مثل مستشفى الصداقة الصينية الفلسطينية في بيت لحم، والمركز الثقافي الصيني في رام الله، والمدرسة الصينية في نابلس.
ماذا قدمت بكين من أجل إنهاء الصراع؟زيارات واتصالات مكثفةذكرت شبكة تلفزيون الصين الدولية الرسمية، اليوم الأحد، أن مبعوث الصين الخاص إلى الشرق الأوسط سيزور المنطقة هذا الأسبوع، لبحث الأزمة بين إسرائيل وحركة المقاومة الفلسطينية، بحسب وكالة "رويترز". وصرح تشاي جون للشبكة بأنه "سيعزز التنسيق مع كل الأطراف في اتجاه وقف إطلاق النار، وحماية المدنيين، وخفض التصعيد، وتشجيع محادثات السلام".
أجري تشاي العديد من الاتصالات الهاتفية مع العديد من القادة الفلسطينيين والإسرائيليين.
وأشار المبعوث الصيني في اتصالاته إلى أهمية دور مجلس الأمن في حل المشكلة وأهمية تشجيع المجتمع الدولي على تقديم مزيد من المساعدات لفلسطين، مضيفًا أن "الجانب الصيني سيفي بالتزاماته كرئاسة دورية لمجلس الأمن وسيواصل العمل مع جميع الأطراف المعنية لتسهيل وقف إطلاق النار وتخفيف التوتر".
وخلال اتصاله بالسفير الإسرائيلي في الصين، إيريت بن عبا، قال تشاي إن "الجانب الصيني يدعو إلى وقف فوري للعنف والتصعيد وحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية للشعب الفلسطيني"، وشدد على أن "الجانب الصيني يحترم حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها، لكنه يعارض استخدام القوة المفرطة ضد المدنيين".
وأعرب مبعوث الصين في الشرق الأوسط عن أمله في أن تظهر إسرائيل تروٍ وحكمة وتتخذ خطوات فعالة للحد من التوتر والحفاظ على السلام والاستقرار في المنطقة.
وفي هذا الصدد، قال وانج وينبن، المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية، يوم السبت، خلال مؤتمر صحفي، إن المبعوث الخاص للحكومة الصينية لقضية الشرق الأوسط، أجري في الأيام القليلة الماضية، اتصالات هاتفية مكثفة مع وزارات خارجية فلسطين وإسرائيل ومصر والمملكة العربية السعودية ودول الشرق الأوسط الأخرى للتواصل مع جميع الأطراف بشأن التوترات الحالية بين فلسطين وإسرائيل.
قال عميد كلية الدراسات الشرقية والأفريقية، جامعة شيان للدراسات الدولية الصينية، ما فو، أن الصين أكدت في مناسبات مختلفة أن السبب الأساسي وراء تطور الوضع الفلسطيني الإسرائيلي إلى هذه النقطة هو أن حق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته قد تم تجاهله لفترة طويلة، ولم يحصلوا على حقوقهم المشروعة لسنوات طويلة.
وشدد ما على ضرورة إنهاء هذا الظلم التاريخي ومنح الشعب الفلسطيني حقوقه المشروعة.
وفي هذا الصدد قال وزير الخارجية الصيني، وانج يي خلال مؤتمر صحفي، "لقد أثبتت الحقائق مرة أخرى أن السبيل الوحيد لحل القضية الفلسطينية هو ضمان التنفيذ الفعال لقرارات مجلس الأمن وتنفيذ حل الدولتين بشكل حقيقي".
ويري عميد كلية الدراسات الشرقية والأفريقية، جامعة شيان للدراسات الدولية الصينية، أن الدول العربية يمكنها أن تلعب دوراً مهماً في حل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، عن طريق تنسيق خطواتها بشكل أكبر، ومواجهة حقيقة تجاهل حق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: الصين الحكومة الصينية الاحتلال الاسرائيلي منظمة التحرير منظمة التحرير الفلسطينية فلسطين طوفان الأقصى المقاومة الفلسطينية حل الدولتين الشعب الفلسطینی فلسطین وإسرائیل الشرق الأوسط
إقرأ أيضاً:
دراسة تكشف مشروع الشرق الأوسط الجديد في رؤية ترامب ونتنياهو
بعد مرور عقدين على فشل مشروع "الشرق الأوسط الجديد" الذي روجت له إدارة جورج بوش الابن إبان غزو العراق وحرب لبنان عام 2006، تعود الرؤية ذاتها ولكن بثوب جديد – هذه المرة عبر تحالف وثيق بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ورئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، واللذَان يسعيان لتشكيل "شرق أوسط جديد" تكون فيه إسرائيل القوة المهيمنة بدعم أمريكي مطلق، بينما يتم تحييد إيران ومحور المقاومة عبر سلسلة من الحروب والاستنزاف العسكري، بحسب الدراسة التي نشرها مركز الأبحاث المجلس الأطلسي.
منذ حرب 7 أكتوبر 2023، شنت إسرائيل سلسلة من الهجمات التي طالت غزة ولبنان وسوريا واليمن، وصولاً إلى قلب إيران في يونيو 2025. هذه الحروب، التي وفرت لها واشنطن غطاءً سياسيًا ودعمًا عسكريًا، لم تحقق أهدافها الاستراتيجية حتى الآن، حيث ما زالت قوى المقاومة – رغم الخسائر الكبيرة – صامدة ميدانيًا وسياسيًا.
غزة: دمار هائل دون نصر حاسمبعد عشرين شهرًا من العدوان على غزة، تخطى عدد الشهداء الفلسطينيين 57 ألفًا، في واحدة من أسوأ الكوارث الإنسانية في تاريخ الصراع. وعلى الرغم من تدمير البنية التحتية وتهجير السكان، لم تنجح إسرائيل في القضاء على حركة حماس، التي لا تزال قادرة على شن هجمات نوعية تُربك الجيش الإسرائيلي.
إيران: الضربة الاستراتيجية التي لم تنجز المهمةفي يونيو 2025، شنت إسرائيل والولايات المتحدة حملة جوية مكثفة على منشآت إيران النووية، مع وعود ترامب بـ"تحطيم المشروع النووي الإيراني بالكامل". لكن التقييمات العسكرية تشير إلى أن الضرر كان كبيرًا، لكنه غير كافٍ لتفكيك القدرات النووية الإيرانية. بل وقد تؤدي هذه الهجمات إلى تسريع طهران لمساعيها نحو امتلاك سلاح نووي ردًا على التهديدات الوجودية.
لبنان: حزب الله يتراجع تكتيكيًا... دون هزيمةفي لبنان، ورغم الخسائر الفادحة الناتجة عن الهجمات الإسرائيلية، لا يزال حزب الله قوة قائمة، ولم يسلم سلاحه كما تطالب إسرائيل والولايات المتحدة.
ورغم التراجع إلى شمال الليطاني، فإن أمينه العام بالوكالة، نعيم قاسم، يتوعد برد قاسٍ حال اجتياح إسرائيل للجنوب اللبناني. أما الحكومة اللبنانية الجديدة، بقيادة الرئيس جوزيف عون، فتواجه مأزقًا سياسيًا بين الضغوط الخارجية والاحتمالات الكارثية لأي صدام داخلي مع حزب الله.
اليمن: صمود الحوثيين رغم القصفعلى الرغم من القصف الأمريكي والإسرائيلي على مواقع الحوثيين في صنعاء وصعدة وموانئ الحديدة، فإن جماعة أنصار الله (الحوثيين) ما تزال تمتلك قدرات هجومية، وتحتفظ بترسانات استراتيجية قد تستخدم في حال عودة الحرب ضد إيران.
اتفاق الهدنة المؤقت مع واشنطن في مايو 2025 عزز من موقف الحوثيين داخليًا وأضعف خصومهم في المجلس الرئاسي.
المشروع الحالي لإعادة تشكيل الشرق الأوسط يعتمد، كما في اتفاقيات "أبراهام" التي وقعت في عهد ترامب عام 2020، على تطبيع العلاقات بين إسرائيل والدول العربية دون أي اعتبار للحقوق الفلسطينية. وتفترض الخطة أن الرخاء الاقتصادي كفيل بتجاوز عدالة القضية الفلسطينية – وهي فرضية أثبتت المعطيات الأخيرة فشلها، بل وساهمت في تأجيج الصراع.
وتشير الدراسة إلى أن هناك طريقين لا ثالث لهما في المرحلة المقبلة: إما دبلوماسية خلاقة تنقذ ما تبقى من فرص السلام، أو استمرار لحرب مفتوحة ومتعددة الجبهات. غير أن تمسك كافة الأطراف بمواقفها القصوى يرشح السيناريو الثاني كالأقرب، ما يعني أن "الشرق الأوسط الجديد" وفق رؤية ترامب ونتنياهو قد يتحقق شكليًا عبر تطبيع اقتصادي جزئي، لكنه سيكون محفوفًا بمزيد من الحروب، الانهيارات، والتشظي السياسي.
التحالف الأمريكي-الإسرائيلي يسير نحو فرض واقع جديد بالقوة، لكن التصدعات الإقليمية، وصمود الخصوم، وغياب أي تسوية سياسية متوازنة، كلها عوامل تضعف الرؤية الترامبية-النتنياهوية لـ"شرق أوسط جديد". ما يتم رسمه حتى الآن ليس مستقبلًا مستقرًا، بل خريطة من الدمار والتوتر الدائم، تراكم الغضب أكثر من السلام، وتبني واقعًا لا يدوم.