صحيفة صدى:
2025-12-08@17:39:22 GMT

مبدأ الصدمة من منظور اقتصادي !!

تاريخ النشر: 22nd, October 2023 GMT

مبدأ الصدمة من منظور اقتصادي !!

إن التعبير الأدق الذي يصف نظاماً ما يُسقط الحدود بين الحكومات الكبرى والأعمال الكبرى ليس الليبرالية أو الرأسمالية، بل المؤسساتية. ومن المميزات الرئيسة التي تتصف بها المؤسساتية التحويلات الضخمة للثروات من القطاع العام إلى يد القطاع الخاص. وهي عملية تترافق غالباً مع ازدياد هائل للدين واتساع كبير ومتزايد للهوّة بين أصحاب الثراء الفاحش وضحايا الفقر المدقع.

كان ميلتون فريدمان المرشد الكبير لحركة الرأسمالية غير المقيدة والرجل  الذي يعود إليه الفضل في وضع نظام الاقتصاد العالمي المعاصر السريع العجلة.

وقد تمثل مفهوم فريدمان للإصلاح الجذري في وجوب استغناء الحكومة عن انفاق جزء من بلايين الدولارات المخصصة لإعادة الإعمار على ترميم أنظمة التعليم الرسمي القائمة وتحسينها والاستعاضة عنه بتقديم قسائم نقدية كافلة للمواطنين، يقومون بإنفاقها في مدارس خاصة تمولها الدولة وتتوخى إدارة العديد منها الربح.

وقد كتب فريدمان في هذا السياق: من الحيوي أن يكون هذا التغيير إصلاحاً دائماً وليس مجرد سد مؤقت للهوة.

وهكذا عمل فريدمان وأتباعه على مدى أكثر من ثلاثة عقود على تعزيز تلك الاستراتيجية عن طريق انتظار وقوع أزمة كبيرة يُعمد في أعقابها إلى بيع أجزاء صغيرة من الولاية (نيو أورلينز) للاعبين من القطاع الخاص، بينما يكون المواطنون لا يزالون في حالة من الذهول إزاء الصدمة ويُسارع بعدها إلى جعل  تلك الإصلاحات دائمة.

وقد أفصح فريدمان في إحدى كتاباته بلاغة عن جوهر الخطة التكتيكية الشافية والمريبة للرأسمالية المعاصرة، وهو ما يمكن أن يطلق عليه مبدأ الصدمة.

وقد قال فريدمان في هذا الإطار: وحدها الأزمة، سواء أكانت الواقعة أم المنظورة، هي التي تُحدث التغيير الحقيقي. فعند حدوث الأزمة تكون الإجراءات المتخذة منوطة بالأفكار السائدة.

ولذا , قام فريدمان وأتباعه على مدى ثلاثة عقود باستغلال منهجي للحظات الصدمة في بلدان عدة من أبرزها: أحداث الحادي عشر من سبتمبر، حيث برزت فرصة أمام الأيديولوجيا والتي نشأت في الجامعات الأمريكية وتعززت في مؤسسات واشنطن، لأن تعود إلى موطنها.

واغتنمت إدارة بوش على نحو فوري، الهلع الذي زرعه الهجوم في النفوس، ليس فقط لشن حرب على الإرهاب، بل لضمان أن تكون هذه الحرب مغامرة هدفها تحقيق أرباح شبه كاملة وصناعة حديثة الولادة تبث الحياة من جديد في الاقتصاد الأمريكي المضطرب.

وقد برز اقتصاد جديد واضح المعالم في خضم تجارة الأسلحة وجنود القطاع الخاص وإعادة الإعمار الهادفة إلى تحقيق الأرباح وصناعة الأمن القومي الأمريكي كنتيجة لنمط معالجة الصدمة الذي انتهجته إدارة بوش بعد الحادي عشر من سبتمبر.

صُمِّم هذا الاقتصاد الجديد في عهد بوش لكنه بات اليوم موجوداً بمعزل عن إدارة أي رئيس قد يأتي وهو سيبقى راسخاً إلى حين تُرصد الأيديولوجيا السيادية التي تدعمه وتُعزل وتُقاوم.

 أ . د /  زيد بن محمد الرماني ــــ المستشار الاقتصادي وعضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية

للتواصل : [email protected]

 

المصدر: صحيفة صدى

إقرأ أيضاً:

بناء عشوائي وأزمة سكن تتفاقم في طرابلس وتكشف عجز الدولة والقطاع الخاص

البناء العشوائي يغزو المدن الليبية وسط توقف مشروعات الإسكان الحكومية

ليبيا – مع مرور أكثر من عقد على توقف مشروعات الإسكان الحكومية في ليبيا، تتفاقم أزمة السكن في العاصمة طرابلس، حيث يشهد السوق توسعًا غير منضبط للبناء العشوائي، في مشهد يعكس أثر غياب التخطيط وضعف التنظيم الحضري.

توقف مشروعات الدولة وتفاقم أزمة السكن
في ظل هذه الأزمة، حاول القطاع الخاص التدخل لتوفير مساكن بديلة تلبي جزءًا من الطلب المتزايد، إلا أن هذه الجهود غالبًا ما استهدفت الفئات ذات القدرة الشرائية المتوسطة والعالية، تاركة الشرائح الأقل دخلًا تواجه صعوبة في الحصول على مسكن مناسب. وقال وزير الإسكان بحكومة الوحدة أبو بكر عويدات إن نحو 255 ألف وحدة سكنية توقفت منذ العام 2011، إضافة إلى تضرر وحدات أخرى بين عامي 2014 و2019 بسبب النزاعات، مؤكدا أن نسب الإنجاز في المشاريع القائمة تتراوح بين 10% و60% فقط.

مبادرات حكومية دون نتائج ملموسة
وأشار عويدات إلى أن مصرف ليبيا المركزي خصص خمسة مليارات دينار سنويًا لاستكمال المشاريع السكنية على مدى خمس سنوات، في محاولة لمعالجة الأزمة، لكنه شدد على أن التمويل مجرد خطوة أولى تحتاج إلى إدارة فعالة وخطط واضحة. ويرى المحلل المالي جمعة المنتصر بالله أن التمويل وحده لا يكفي من دون رقابة صارمة والتزام بالمواصفات، لتجنب تكرار أسباب التعثر السابقة.

ضغط متزايد على القطاع الخاص وارتفاع الأسعار
وبحسب المنتصر بالله، فإن استمرار تعطل المشاريع الحكومية يزيد الضغط على القطاع الخاص الذي يقدم وحدات سكنية محدودة وبأسعار مرتفعة لا تتناسب مع غالبية السكان. ويشير المقاولون إلى تحديات تشمل ارتفاع أسعار الأراضي والمواد الإنشائية وتعقيدات قانونية وإدارية تعرقل التنفيذ.

طرابلس.. فوضى عمرانية واتساع البناء العشوائي
في شارع الخلاطات بطريق المطار، قال المواطن عباس القبائلي إن البناء العشوائي مستمر يوميًا، وإن غياب الرقابة أدى إلى اختلاف كبير في ارتفاع وتصميم المباني، ما يجعل المشهد العمراني فوضويًا ويزيد من صعوبة توفير الخدمات الأساسية.

ارتفاع الأسعار يدفع الأسر إلى أطراف المدينة
وذكر رياض الجيلاني، من جنوب طرابلس، أن أسعار الشقق تجاوزت 200 ألف دينار، فيما تعاني المناطق الطرفية من غياب الخدمات الأساسية، ما يضع الأسر محدودة الدخل أمام خيارات صعبة. ويرى وسطاء عقاريون أن القطاع الخاص حاول توفير بدائل، لكنها بقيت خارج القدرة الشرائية للغالبية.

الجنوب الليبي.. الطلب أقل لكن التحديات أكبر
وفي سبها، أوضح الخبير العقاري عبد الرزاق الحسناوي أن قلة الأراضي وغياب الخدمات الأساسية ترفع كلفة البناء، مشيرا إلى أن مشاريع الإسكان الحكومية شبه متوقفة، ما يجعل القطاع الخاص يتقدم ببطء شديد لتجنب الخسائر.

الحاجة إلى تنظيم السوق ووضع استراتيجية وطنية
ويرى المحلل الاقتصادي عبد الله الحضيري أن حل أزمة السكن يتطلب خطة متكاملة تشمل تنظيم السوق العقاري وتشديد الرقابة على البناء العشوائي. وتقدّر وزارة التخطيط العجز التراكمي في الوحدات السكنية بنحو نصف مليون وحدة حتى عام 2020، في ظل توقف الشركات الأجنبية منذ 2011 نتيجة الخسائر والتوتر السياسي.

خبراء: الحلول الجزئية غير كافية دون تخطيط حضري شامل
الخبير العمراني علي قاضي شدد على ضرورة وضع استراتيجية وطنية تشمل دعم القطاع الخاص، وتسهيل إجراءات التراخيص، وتخصيص أراضٍ للبناء المنظم، وفرض رقابة صارمة لمنع الفوضى العمرانية. وأكد أن التنسيق بين الدولة والقطاع الخاص ضروري لضمان وصول المشاريع إلى المستحقين وليس فقط إلى الفئات الأعلى دخلاً.

القطاع الخاص بين ارتفاع التكاليف وتراجع القدرة الشرائية
وقال مفتاح الرحيبي، صاحب شركة عقارية، إن المخططات العمرانية متوقفة، وإن مشاريع الجيل الثالث لم تُستكمل منذ 2011، بينما تتوسع ظاهرة البناء العشوائي على حساب الأراضي الزراعية. وأوضح أن أسعار المساكن قفزت من 75 ألف دينار قبل 2011 إلى أكثر من 200 ألف في الوقت الحالي، لتصل في بعض الأحياء إلى 400 ألف دينار، في ظل تراجع القوة الشرائية للمواطنين.

مقالات مشابهة

  • ميرفت ألكسان: مصر تستهدف ضخ استثمارات فى القطاع الخاص
  • الخط الأصفر.. شريط الموت الذي يعزل سكان غزة عن بيوتهم
  • خبير اقتصادي: مصر حققت معدلات نمو تتجاوز المستهدف في الموازنة العامة الحالية
  • وليد جاب الله: مصر تحقق أعلى نمو فصلي منذ 3 أعوام بفضل القطاع الخاص
  • وليد جاب الله: مصر تحقق أعلى نمو فصلي منذ 3 أعوام بفضل انطلاقة قوية للقطاع الخاص
  • نائب رئيس البنك الأوروبي لإعادة الإعمار يزور مصر غدا
  • الأسرع منذ 11 شهرًا.. تحسن قوي لأداء القطاع الخاص غير النفطي في الإمارات خلال نوفمبر الماضي
  • «السياحة ليست مجرد غرف».. ياسين منصور يوضح دور الدولة في دعم وتشجيع القطاع الخاص
  • نمو القطاع الخاص غير النفطي في دبي خلال نوفمبر الماضي
  • بناء عشوائي وأزمة سكن تتفاقم في طرابلس وتكشف عجز الدولة والقطاع الخاص