محمد صالح شاب محارب لسرطان الدماغ، و يلعب شخصية الحكواتي، يقيم فعاليات يحكي فيها قصصاً تعليمية و تثقيفية بطريقة ممتعة و جاذبة للأطفال، و قد برز في هذا المجال، و قد شخص محمد بسرطان الدماغ قبل ٥ سنوات، الأمر الذي جعله يتخذ قرارً جاداً في أن يكون حكّاء، حيث شكلت له هذه الشخصية أملاً مختلفاً.
محمد، هل يمكنك أن تعرف لنا الحكواتي و وظيفته؟ -تاريخياً يعد الحكّاء شخصية تجلس في المقاهي، تقدم الحكم و المواعظ من خلال سرد حكاية للمستمعين الجالسين في المقهى، و ذلك باتفاق مسبق مع صاحب المقهى لجلب الزبائن حتى يستفيد الجميع، أما الآن فيقتصر دور الحكواتي في تقديم الحكايات للأطفال غالباً، و للكبار أحياناً.



لماذا اخترت شخصية الحكواتي؟ -اخترت هذه الكلمة (حكّاء)، رداً على كلمة الطبيب باحتمالية فقداني للنطق و الحركة، كونهما من الأعراض الجانبية لمرضي.
ماذا كان الهدف الأول للحكواتي محمد؟ -رد الإحسان، ففي فترة مرضي استشعرت إحسان الناس إلي، ووقوفهم بجانبي مما جعلني أسعى لإيجاد الوسيلة المناسبة لرد إحسانهم، فوجدت تحقيق ذلك في تقديم المبادئ و القيم السليمة لأطفالهم.
من الداعم الأكبر لك في هذه الرحلة؟ -زوجتي، تقف معي دائماً و ابداً، و لو لا تشجعيها لما استمريت.
ما الدور الذي تلعبه ابنتك الصغيرة «جود» في صناعة شخصية الحكواتي بحكم عمرها المقارب لأعمار جمهورك من الأطفال؟ -تتواجد ابنتي «جود» في فعاليات الحكواتي دائماً، فأقيس مقدار استفادة الأطفال من خلالها، حيث تردد القصة بعد الفعاليات، و تطبق ما تعلمته منها، فأفهم عندها أن الرسالة قد وصلت إلى الأطفال.
من هو قدوة محمد؟ -النبي محمد (ص)، لأنه صاحب أول كتاب للقصص، و هو القرآن الكريم، (نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَذَا الْقُرْآنَ).
هل ينجذب الأطفال لقصص الحكواتي رغم تعلقهم بالوسائل الحديثة في الوقت الراهن؟ -هنا يكون التحدي بين الحكواتي و العنصر الدخيل، فسابقاً لم يعاني الحكّاء هذه الصعوبات التي تحول بينه و بين المستمعين، لكن الإنسان يحب أسلوب القصة بالفطرة، و إلا ما جاء القرآن الكريم بأسلوب سرد القصص.
ماذا تمثل لك شخصية الحكواتي؟ -تحل مكان أدويتي، استشفي من خلالها.
ما سر الزي الذي ترتديه أثناء فعاليات الحكواتي؟ -يشبه الزي لباس شخصيات الحكايات التاريخية، مما يسهل عليّ كسر الحواجز بيني و بين الأطفال، كما أنها تحولني إلى شخصية طفولية، و ما يميزها أكثر بالنسبة لي كونها من صنع أمي.
ما المؤهلات التي تراها ضرورية لتقديم شخصية «حكواتي» ناجحة؟ -إن الحكواتي لا يلقي فقط، بل هو كاتب، قارئ، باحث، مطلع و مواكب، كما أنه يجب أن يكتب القصة بالجو المناسب للفعالية، فبالنسبة لجمهور الأطفال، يجب أن يعود الكبير إلى طفل، و أن يكون سريع البديهة في تقديم الحكاية لهم، و لابد أن تفهم طريقة تفكيرهم، تقرأ مشاعرهم، و استخدام الإيماءات التوضيحية لإيصال الرسالة للمتلقي بشكل واضح.
عالم الأطفال.. بالرغم من سهولة التواصل معه إلا أنه مجال صعب للغاية، ما عوامل نجاحك حتى الآن؟ -عالم أدب الطفل أصعب أدب يكتب فيه، إذ أنك تنقش ولا تكتب، تنقش في ذاكرة و قلب و مشاعر الطفل، فيجب أن تنطق الكلمات بحذر أمامه لأنه في مرحلة استقبال المعلومات و ترديدها، لذا فإنني أحدد الهدف الذي أريد إضافته إلى الطفل قبل سرد الحكاية، كما أطرح أسئلة على الأطفال أقيس من خلالها مستوى إدراكهم، لكن نجد في بعض الجوانب أنه من السهل التعامل معهم، فعالم الطفل يجمع بين الصعوبة و السهولة معاً.
من هو صديقك المتطفل؟ -هو كائن صغير يسكن في رأسي، يكون مشاغباً أحياناً فيصل بنا العراك إلى أن يرقدني على السرير الأبيض في المستشفى، إنه مرض السرطان.
لماذا تسميه «صديقي المتطفل»؟ -بالنسبة لي، لابد للمريض أن يتعايش مع مرضه، فعندما أرفض فكرة قبول أن المرض جزء من حياتي، فإنني أعيش حالة نكران لجزء موجود بداخلي، ما ينتج ردة فعل سلبية، فقررت أن تكون علاقتي مع المرض تحمل مسمى الصداقة لنتعايش مع بعضنا البعض، مع وجود حدود نلزمها بيننا، فهو صديق و لكنه يتخطى الحدود و يتطفل علي بالوخز و الآلام أحياناً، و اسميته «متطفل» نسبة إلى دخوله جسدي من دون استئذان.
متى علمت بوجود هذا الصديق؟ و كيف كانت ردة الفعل؟ -في عام ٢٠١٨، عندما أخبرني الطبيب بإصابتي بالسرطان، شعرت بالبرد الشديد رغم حرارة الجو آنذاك، لأن التصور الأول في ذهني كان لأشخاص مصابين بالسرطان عاجزين عن الحركة، فتخليت نفسي في مكانهم على الرغم من كوني رياضي، و دخولي لامتحان الحزام الأسود قبل بضعة أيام من الخبر، لكن ردة الفعل هذه لم تتجاوز ٧ دقائق، حيث أدركت أنني جئت إلى المستشفى مشياً، ما يعني أنني لا أزال أملك القدرة على المشي، فرجع جسمي دافئاً كما كان.
كيف أثر الصديق المتطفل إيجابياً عليك؟ -كشف لي من هو الصديق و من القريب فقط، و كسبت منظوراً جديداً للحياة بفضله، و هو من فتح لي باب الحكواتي الذي أعده باب الشفاء، و علمني تسليم الأمور لله بلا خوف.
كلنا نمر بأوقات صعبة، كيف تجتاز هذه الأوقات؟ -بقراءة القرآن، أو تعلم شيء جديد.
كيف تشغل نفسك عن الألم؟ -هذا الصديق قد عزز لدي حالة التمرد على المعرفة، فعندما أشعر بالألم، أبحث عن وسيلة تشغلني عنه، فأحفظ قصيدةً، أو ألخص كتاباً.
ما هي طموحك؟ -ما أطمح إليه يكون وسيلة تحقيقه الحكواتي، فأطمح أن أكون ذكرى حسنة تسكن في ذاكرة الآخرين، و أن أرسم الطريق الصحيح و السليم إلى أطفالهم.
هل سنشهد فعاليات للحكواتي في موسم الشتاء القادم؟ -قريباً بإذن الله، حيث نحضر الآن لفعالية كبيرة، و بانتظار اعتدال الطقس لنقيم الفعاليات في أماكن خارجية، و سنقدم الفعاليات في أماكن جديدة إن شاء الله، كما نحاول استقبال فئات عمرية أكبر في هذا الموسم، و من البرامج الجديدة «صقل الحكواتي».
الإيمان بالله و الأمل هما طوقا الصمود في وجه المحن، كيف تواجه الحياة بهذه العزيمة؟ -نواجه الحياة بالإيمان، و التسليم ، و الأمل، ٣ أسس أبني عليها شخصيتي، إذ تكون حائط صد لما يكون سبباً في توهين و تضعيف الحالة النفسية التي أعيشها، فعند تسليم الأمور لله و شكره، فإن الله سبحانه يقول: (لَئِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ)، كما أن التمسك بالأمل حبل من الحبال التي تربط بين الأرض و بالسماء.
هل ترى في هذا الفن إمكانية لإنشاء أكاديمية متخصصة في البحرين؟ -كل حكّاء يتمنى وجود حاضنة تحتضن هذه المواهب، بل و تصقل مواهب جديدة، كما نتمنى وجود مناهج تعليمية، و تربوية إلى الحكواتي.

المصدر: صحيفة الأيام البحرينية

كلمات دلالية: فيروس كورونا فيروس كورونا فيروس كورونا

إقرأ أيضاً:

محافظ أسوان: مكتبات مصر العامة أصبحت منصات للتنوير وبناء الوعي في الجمهورية الجديدة

شهد اللواء الدكتور إسماعيل كمال، محافظ أسوان، فعاليات الحفل الختامي للملتقى الدوري الثاني عشر لمديري مكتبات مصر العامة، الذي أقيم تحت شعار "مبادرات وتجارب مكتبات مصر العامة"، بحضور السفير رضا الطايفي مدير صندوق مكتبات مصر العامة، والدكتور لؤي سعد الدين القائم بأعمال رئيس جامعة أسوان، والدكتور أحمد أمان المنسق العام للصندوق، والدكتورة نهلة الأنصاري مدير مكتبة مصر العامة بأسوان، إلى جانب عدد من القيادات الأكاديمية والتنفيذية والدينية.

وخلال كلمته، أكد المحافظ أن انعقاد الملتقى على أرض عاصمة الثقافة الإفريقية كما أعلنها الرئيس عبد الفتاح السيسي، يحمل دلالات عميقة على أن الثقافة هي الجسر الحقيقي للتواصل بين أبناء الوطن الواحد، بمختلف ثقافاتهم وفنونهم وتراثهم، مشيرًا إلى أن مكتبات مصر العامة أصبحت اليوم منابر للمعرفة ومراكز لصناعة الوعي في الجمهورية الجديدة، ومواقع مضيئة للتفاعل والحوار وتنمية الفكر والإبداع والابتكار.

وأوضح محافظ أسوان أن منظومة مكتبات مصر العامة حققت نجاحًا بارزًا بفضل الدعم المتواصل من السفير عبد الرؤوف الريدي رئيس مجلس إدارة الصندوق، والمتابعة المستمرة من السفير رضا الطايفي، إلى جانب التعاون المثمر مع الشركاء والمؤسسات الثقافية والتعليمية، ما جعلها نموذجًا رفيعًا في العمل الثقافي والفني والفكري المؤسسي الذي يسهم في تحقيق أهداف رؤية مصر 2030.

أشاد محافظ أسوان بما شهده الملتقى من مبادرات وتجارب رائدة تعكس التطور الكبير الذي وصلت إليه المكتبات العامة في مختلف المحافظات، سواء الثابتة أو المتنقلة، من حيث الأداء والخدمات الرقمية والتفاعل المجتمعي، مؤكدًا أن هذا التطور يعكس روح الابتكار والتجديد لمواكبة التحول الرقمي ومتطلبات العصر الحديث.

ووجّه محافظ أسوان شكره وتقديره لفريق عمل مكتبات مصر العامة على جهودهم المخلصة في إثراء الحركة الثقافية ونشر الوعي، مشيرًا إلى أن ما تضمنه الملتقى من نقاشات وتوصيات مثمرة يمثل انطلاقة جديدة نحو مستقبل أكثر إشراقًا، لتظل مكتبات مصر العامة قاطرة للتنمية المستدامة وجسورًا للتنوير في ربوع مصر.

وتضمّنت فعاليات الحفل الختامي عروضًا مصوّرة عن مكتبة مصر العامة بأسوان والمكتبات المتنقلة وإنجازات المنظومة على مستوى الجمهورية، واختُتمت بتكريم المحافظ ومدير الصندوق للفائزين بالمراكز الثلاثة الأولى على مستوى المكتبات العامة، وتسليم شهادات التقدير والدروع التذكارية لهم.

مقالات مشابهة

  • هل أصبحت منابر الوعظ بلا بوصلة.. وميادين الفهم بلا حكمة؟!..
  • تأجيل محاكمة متهم بهتك عرض طفل من ذوي الهمم بالإسكندرية للنطق بالحكم
  • اليوم.. محكمة جنايات دمنهور تستمع لأقوال الطبيب الشرعي في ثاني جلسات محاكمة المتهم بإنهاء حياة زوجته
  • ترامب: أمريكا أصبحت أغنى دولة بالعالم بفضل الرسوم الجمركية
  • محافظ أسوان: مكتبات مصر العامة أصبحت منصات للتنوير وبناء الوعي في الجمهورية الجديدة
  • هل ترضخ إسرائيل للضغوط وتفرج عن الطبيب حسام أبو صفية؟
  • السيسي يعين 100 شخصية في مجلس الشيوخ.. بينهم ياسر جلال
  • حبيب مايان السيد.. تفاصيل شخصية حسن مالك في هيبتا ٢
  • مدير تعليم بورسعيد يتفقد مدرسة الشهيد محمد صبري عبد العال الأساسية
  • الطبيب محمد حميد والد الشهيد يوسف ضمن المحررين في صفقة التبادل