الصلاة على النبي يوم الجمعة وليلتها، هي واحدة من أعظم القربات في يوم الجمعة وليلتها، خاصة وأن من الفرائض التي أوجبها الحق سبحانه على أمة الحبيب النبي محمد صلى الله عليه وسلم، فقال جل شأنه:" إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما".

الصلاة على النبي يوم الجمعة

الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم مستحبة على العموم، وفي يوم الجمعة وليلتها على الخصوص؛ فعَنْ أَوْسِ بْنِ أَوْس رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ مِنْ أَفْضَلِ أَيَّامِكُمْ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، فِيهِ خُلِقَ آدَمُ، وَفِيهِ النَّفْخَةُ، وَفِيهِ الصَّعْقَةُ، فَأَكْثِرُوا عَلَيَّ مِنَ الصَّلَاةِ فِيهِ، فَإِنَّ صَلَاتَكُمْ مَعْرُوضَةٌ عَلَيَّ» فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ الله، كَيْفَ تُعْرَضُ صَلَاتُنَا عَلَيْكَ وَقَدْ أَرَمْتَ؟ - يَعْنِي بَلِيتَ - فَقَالَ: «إِنَّ اللهَ قَدْ حَرَّمَ عَلَى الْأَرْضِ أَنْ تَأْكُلَ أَجْسَادَ الْأَنْبِيَاءِ» أخرجه أبو داود وابن ماجه في “سُننيهما”.

قال الملا علي القاري في "مرقاة المفاتيح" (3/ 453، ط. دار الفكر): [«فَأَكْثِرُوا عَلَيَّ مِنَ الصَّلَاةِ فِيهِ»؛ أي: في يوم الجمعة؛ فإن الصلاة من أفضل العبادات، وهي فيها أفضل من غيرها؛ لاختصاصها بتضاعف الحسنات إلى سبعين على سائر الأوقات، ولكون إشغال الوقت الأفضل بالعمل الأفضل هو الأكمل والأجمل، ولكونه سيد الأيام فيصرف في خدمة سيد الأنام عليه الصلاة والسلام] اهـ.

لماذا رفض النبي محمد زواج عليّ على فاطمة؟.. خالد الجندي يجيب دعاء صلاة العصر.. كلمات جبر الله بها خاطر النبي رددها وسترى العجب بحياتك فضل الصلاة على النبي 

الصلاة على النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ من أقرب القربات، وأعظم الطاعات، فمَن تمسّك بها فاز بالسعادة في الدنيا، وغُفر ذنبه في الآخرة، وهي جالبة للخيرات، قاضية للحاجات، دافعة للنقمات، بابٌ لرضاء الله، وجزيل ثوابه ومحبته لعباده؛ فالنبي صلى الله عليه وآله وسلم أصل كل خير في الدارين، وهو شفيع الخلائق في الآخرة، والصلاة على جنابه الشريف شفيع الدعاء في الدنيا؛ لذلك جاء الأمر الشرعي بالصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم بنص الكتاب والسنة وإجماع الأمة، فأما الكتاب؛ فقوله تعالى: ﴿إِنَّ اللهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾ [الأحزاب: 56].

والصلاة على النبي من باب التحية له؛ يقول الإمام فخر الدين الرازي في "مفاتيح الغيب" (3/ 500، ط. دار إحياء التراث العربي): [فالله تعالى أمر الكل بأنهم إذا حيَّاهم أحدٌ بتحية أن يقابلوا تلك التحية بأحسن منها أو بأن يردوها، ثم أمرنا بتحية محمد صلى الله عليه وسلم حيث قال: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾] اهـ.

وأما السنة: فقد تواترت الأحاديث النبوية التي تبيّن فضل الصلاة على النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ؛ فعن أُبَيِّ بن كعبٍ رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا ذهب ربع الليل -وفي رواية: ثلثا الليل- قام فقال: «أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا الله، اذْكُرُوا الله، جَاءَتِ الرَّاجِفَةُ تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ، جَاءَ الْمَوْتُ بِمَا فِيهِ»، قُلْتُ: يَا رَسُولَ الله إِنِّي أُكْثِرُ الصَّلَاةَ عَلَيْكَ، فَكَمْ أَجْعَلُ لَكَ مِنْ صَلَاتِي؟ قَالَ: «مَا شِئْتَ»، قلت: الرُّبُعَ؟ قَالَ: «مَا شِئْتَ، فإِنْ زِدْتَ فَهُوَ خَيْرٌ لك»، قلت النِّصْفَ؟ قَالَ: «مَا شِئْتَ، وَإِنْ زِدْتَ فَهُوَ خَيْرٌ»، قلت فالثُّلُثَيْنِ؟ قَالَ: «مَا شِئْتَ، فإِنْ زِدْتَ فَهُوَ خَيْرٌ لك»، قلت: أَجْعَلُ لَكَ صَلَاتِي كُلَّهَا؟ قَالَ: «إِذًا تُكْفَى هَمُّكَ، وَيُغْفَرُ ذَنْبُكَ» أخرجه الترمذيُّ في "سننه" وحسَّنه، والحاكمُ في "المستدرك على الصحيحين" وصحَّحه، والبيهقي في "شُعب الإيمان"، وفي رواية للإمام أحمد في "المُسند" قَالَ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «إِذَنْ يَكْفِيَكَ اللهُ مَا أَهَمَّكَ مِنْ دُنْيَاكَ وَآخِرَتِكَ».

وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما، أنه سمع النبي صلى الله عليه وآله وسلم يقول: «إِذَا سَمِعْتُمُ الْمُؤَذِّنَ فَقُولُوا مِثْلَ مَا يَقُولُ، ثُمَّ صَلُّوا عَلَيَّ؛ فَإِنَّهُ مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلَاةً صَلَّى الله عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا، ثُمَّ سَلُوا اللهَ لِيَ الْوَسِيلَةَ؛ فَإِنَّهَا مَنْزِلَةٌ فِي الْجَنَّةِ، لَا تَنْبَغِي إِلَّا لِعَبْدٍ مِنْ عِبَادِ اللهِ، وَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَنَا هُوَ، فَمَنْ سَأَلَ لِي الْوَسِيلَةَ حَلَّتْ لَهُ الشَّفَاعَةُ» رواه مسلم في "صحيحه".

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ: «لَا تَجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قُبُورًا، وَلَا تَجْعَلُوا قَبْرِي عِيدًا، وَصَلُّوا عَلَيَّ فَإِنَّ صَلَاتَكُمْ تَبْلُغُنِي حَيْثُ كُنْتُمْ» رواه أبو داود في "السنن".

حكم الصلاة على النبي 

ونقل جمعٌ من الفقهاء والعلماء الإجماع على أن الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم فرض على الجملة، وأنها تجب على كل مسلم مرة في العمر، وعلى استحباب الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم كلما ذكر؛ قال الإمام الحطَّاب في "مواهب الجليل" (1/ 18، ط. دار الفكر): [والصلاة والسلام عليه صلى الله عليه وآله وسلم: فرضان؛ مرة في العمر. قال في "الشفاء": قال القاضي أبو بكر بن بكير: افترض الله على خلقه أن يصلوا على نبيه صلى الله عليه وآله وسلم ويسلموا تسليمًا، ولم يجعل لذلك وقتًا معلومًا، فالواجب أن يكثر المرء منها ولا يغفل عنها، وذكر قبل ذلك أن الإجماع على أن الصلاة عليه صلى الله عليه وآله وسلم فرض على الجملة، وأن المشهور عن أصحابنا: أنها إنما تجب مرة في العمر، وكرر ذلك] اهـ.

وقال العلامة ابن مازه في "المحيط البرهاني" (1/ 367، ط. دار الكتب العلمية): [قال أبو الحسن الكرخي: الصلاة على النبي واجبة على الإنسان في العمر مرة، إن شاء فعلها في الصلاة أو في غيرها، وعن الطحاوي: أنه يجب عليه الصلاة كلما ذكر، قال شمس الأئمة السرخسي: وما ذكر الطحاوي مخالف الإجماع؛ فعامة العلماء قالوا: إن الصلاة على النبي كلما ذكر مستحبة، وليست بواجبة] اهـ.

الإكثار من الصلاة على النبي يوم الجمعة

وقد تواترت نصوص الفقهاء على استحباب الإكثار من الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم يوم الجمعة:

قال العلامة ابن عابدين في "حاشيته على الدر المختار" (1/ 518، ط. دار الفكر): [نص العلماء على استحبابها في مواضع: يوم الجمعة وليلتها] اهـ.

ونقل الإمام الحطاب في "مواهب الجليل" (1/ 18) قول الشيخ أبي عبد الله محمد الرصاع في كتابه "تحفة الأخيار في فضل الصلاة على النبي المختار": [من المواطن التي يتأكد فيها طلب الصلاة: إذا طنت الأذن، وعند العطاس، وعند الفراغ من الطهارة، وفي الصباح وفي المساء، وفي يوم الجمعة] اهـ.

وقال الإمام الماوردي في "الحاوي" (2/ 457، ط. دار الكتب العلمية): [وتختار الزيادة من عمل الخير، والإكثار من الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم في ليلة الجمعة ويومها؛ لقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «إِنَّ أَقْرَبَكُمْ مِنِّي فِي الْجَنَّةِ أَكْثَرُكُمْ صَلَاةً عَلَيَّ، أَلَا فَأَكْثِرُوا مِنَ الصَّلَاةِ عَلَيَّ فِي اللَّيْلَةِ الْغَرَّاءِ وَالْيَوْمِ الْأَزْهَرِ»، قال الشافعي: يعني ليلة الجمعة ويوم الجمعة] اهـ.

وقال الإمام النووي في "المجموع" (4/ 548، ط. دار الفكر): [يستحب للحاضر قبل الخطبة: الاشتغال بذكر الله تعالى، وقراءة القرآن، والصلاة، والإكثار من الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في يومها وليلتها، ودليل ذلك ظاهر.. قال الشافعي في "الأم"، والأصحاب: ويستحب قراءة سورة الكهف في يوم الجمعة وليلتها، ويستحب إكثار الدعاء يوم الجمعة بالإجماع] اهـ.

وقال الإمام ابن قدامة في "المغني" (2/ 262، ط.  مكتبة القاهرة): [ويستحب أن يُكثر من الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يوم الجمعة؛ لما رُوي عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «أَكْثِرُوا الصَّلَاةَ عَلَيَّ يَوْمَ الْجُمُعَةِ؛ فَإِنَّهُ مَشْهُودٌ تَشْهَدُهُ الْمَلَائِكَةُ» رواه ابن ماجه] اهـ.

استحباب البدء بالصلاة على النبي في مهمات الأمور

يستحب البدء بالصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم في كل ما يهمّ المسلم من أمور، وذلك لما تواتر من فضلها في قضاء الحاجات، وتفريج الكربات، ودفع الملمات؛ قال العلامة العدوي في "حاشيته على شرح كفاية الطالب الرباني" (1/ 10، ط. دار الفكر): [البداءة بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم مستحبة في كل أمر مُهمّ] اهـ.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: الصلاة على النبي الصلاة على النبي يوم الجمعة حكم الصلاة على النبي الصلاة على النبي يوم الجمعة وليلتها الصلاة على النبی صلى الله علیه وآله وسلم رسول الله صلى الله علیه وآله وسلم الصلاة على النبی ص بالصلاة على النبی رضی الله عنه ق من الصلاة على فی یوم الجمعة قال الإمام علیه وسلم دار الفکر ول الله ص أ ک ث ر وا فی العمر اهـ وقال ى الله ع ه وآله وا ع ل ی

إقرأ أيضاً:

هل عذاب القبر حقيقة؟.. الإفتاء توضح

أوضحت دار الإفتاء المصرية أن عذاب القبر ثابتٌ بالنصوص المتكاثرة من الكتاب والسنة؛ منها قولُه تعالى في حَالِ آلِ فرعون: ﴿النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا﴾ [غافر: 46] أي: في القبر، وقولُه صلى الله عليه وآله وسلم: «إِنَّمَا الْقَبْرُ رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الْجَنَّةِ أَوْ حُفْرَةٌ مِنْ حُفَرِ النَّارِ» رواه الترمذي، وغيرُ ذلك كثير، فلا يجوز إنكاره، وعلى ذلك إجماعُ المسلمين.

حقيقة عذاب القبر :

ومن المقرر عقيدةً أن عذاب القبر ونعيمه حقٌّ؛ فقد أخرج البخاري عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «عَذَابُ الْقَبْرِ حَقٌّ»، وهذا ثابت في الإسلام بأدلة متكاثرة، منها قول الله عز وجل عن آل فرعون: ﴿وَحَاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذَابِ • النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ﴾ [غافر: 45، 46]؛ أي إن العذاب السيئ يحيق بآل فرعون، وهو أنهم يعرضون على النار في قبورهم صباحًا ومساءً قبل قيام الساعة، وهي القيامة، فإذا قامت القيامة قيل لملائكة العذاب: ﴿أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ﴾ [غافر: 46]، وهو عذاب النار الأليم.

وقال الله عز وجل عن الفاسقين الكافرين: ﴿وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذَابِ الْأَدْنَى دُونَ الْعَذَابِ الْأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ﴾ [السجدة: 21]، فقد ذكر المفسرون أن العذاب الأدنى -أي الأقرب أو الأقل- هو عذاب القبر، وأن العذاب الأكبر هو عذاب يوم القيامة، قال الله تعالى: ﴿وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا﴾ [طه: 124]، قال أبو سعيد الخدري وعبد الله بن مسعود: "ضنكًا: عذاب القبر".

وقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «إِنَّمَا الْقَبْرُ رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الْجَنَّةِ أَوْ حُفْرَةٌ مِنْ حُفَرِ النَّارِ» رواه الترمذي؛ فقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «أَوْ حُفْرَةٌ مِنْ حُفَرِ النَّارِ» دليل على أن عذاب القبر ثابت.

عذاب القبر 
وروى زِرُّ بن حُبَيش عن علي رضي الله عنه قال:" كنا نشك في عذاب القبر حتى نزلت هذه السورة: ﴿أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ • حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ • كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ﴾ [التكاثر: 1- 3] يعني: في القبور".

أخرج الشيخان وابن أبي شيبة عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «نَعَمْ، إِنَّهُمْ لَيُعَذَّبُونَ في قُبُورِهِمْ عَذَابًا تَسْمَعُهُ الْبَهَائِمُ» "مسند أحمد".

وأخرج الشيخان وابن أبي شيبة عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مرَّ على قبرين، فقال: «إِنَّهُمَا لَيُعَذَّبَانِ وَمَا يُعَذَّبَانِ في كَبِيرٍ، أَمَّا أَحَدُهُمَا فَكَانَ لا يَسْتَتِرُ مِنَ الْبَوْلِ، وَأَمَّا الآخَرُ فَكَانَ يَمْشِي بِالنَّمِيمَةِ»، ثُمَّ أَخَذَ جَرِيدَةً رَطْبَةً فَشَقَّهَا بِنِصْفَيْنِ ثُمَّ غَرَزَ في كُلِّ قَبْرٍ وَاحِدَةً، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ لِمَ صَنَعْتَ هَذَا؟ فَقَالَ: «لَعَلَّهُ أَنْ يُخَفَّفَ عَنْهُمَا مَا لَمْ يَيْبَسَا».

حكم عذاب القبر 
وقال أبو هريرة رضي الله عنه: "يُضَيَّق على الكافر قبره حتى تختلف فيه أضلاعه، وهو المعيشة الضنك"، وروى أبو هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «أتدرون ما المعيشة الضنك»؟ قالوا: الله ورسوله أعلم. قال: «عذاب الكافر في القبر، والذي نفسي بيده إنه ليسلط عليه تسعة وتسعون تنينًا، أتدرون ما التنين؟ تسعة وتسعون حية، لكل حية تسعة أرؤس ينفخن في جسمه ويلسعنه ويخدشنه إلى يوم القيامة، ويحشر في قبره إلى موقفه أعمى».

ولقد أخرج أحمد والحاكم والترمذي في "نوادر الأصول"، والبيهقي في كتاب "عذاب القبر"، عَنْ حُذَيْفَةَ رضي الله عنه قَالَ: كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وآله وسلم فِي جَنَازَةٍ، فَلَمَّا انْتَهَيْنَا إِلَى الْقَبْرِ قَعَدَ عَلَى شَفَتِهِ، فَجَعَلَ يَرُدُّ بَصَرَهُ فِيهِ، ثُمَّ قَالَ: «يُضْغَطُ الْمُؤْمِنُ فِيهِ ضَغْطَةً تَزُولُ مِنْهَا حَمَائِلُهُ، وَيُمْلأُ عَلَى الْكَافِرِ نَارًا»، ثُمَّ قَالَ: «أَلا أُخْبِرُكُمْ بِشَرِّ عِبَادِ اللهِ: الفظ الْمُسْتَكْبِرُ، أَلا أُخْبِرُكُمْ بِخَيْرِ عِبَادِ اللهِ: الضَّعِيفُ الْمُسْتَضْعَفُ ذُو الطِّمْرَيْنِ لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللهِ لأَبَرَّ اللهُ قَسَمَهُ». والحمائل هنا: عروق الأنثيين.

وأخرج أحمد والحاكم والترمذي والطبراني والبيهقي عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِي رضي الله عنهما قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم يوْمًا إِلَى سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ رضي الله عنه حِينَ تُوُفِّيَ، قَالَ: فَلَمَّا صَلَّى عَلَيْهِ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم َووُضِعَ في قَبرِهِ وَسُوِّيَ عَلَيْهِ سَبَّحَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم، فسَبَّحْنَا طَوِيلًا، ثُمَّ كَبَّرَ، فَكَبَّرْنَا، فَقِيلَ: يَا رَسُـولَ اللهِ، لِمَ سَبَّحْتَ ثُمَّ كَبَّرْتَ؟ قَالَ: «لَقَدْ تَضَايَقَ عَلَى هَذَا الْعَبْدِ الصَّالِحِ قَبْرُهُ حَتَّى فَرَّجَهُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ عَنْهُ».

 

مقالات مشابهة

  • معنى الصلاة الواردة في قوله تعالى صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا وبيان شبهة في ذلك
  • حكم الصلاة على النبي ﷺ لتذكر شئ منسي
  • المراد من حديث النبي: «إِذَا صَلَّيْتُمْ عَلَيَّ فَأَحْسِنُوا الصَّلَاةَ»
  • حكم التوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم
  • اليمن.. بين حديث النبي وواقع ميادين المواجهة
  • هل عذاب القبر حقيقة؟.. الإفتاء توضح
  • فضل صلاة الضحى
  • حكم أداء صلاة الجنازة على الميت الغائب.. الإفتاء تجيب
  • فتاوى وأحكام| ما حكم إخراج الزكاة لأسر شهداء غزة؟.. هل يكفي رفع اليدين في الصلاة وعدم نطق تكبيرة الإحرام؟.. هل الصلاة على النبي لتذكر الشيء المنسي بدعة؟
  • هل الصلاة على النبي لتذكر الشيء المنسي بدعة؟.. الإفتاء توضح