كتبت كارين عبد النور في "نداء الوطن": ألف طن من الفحم الحجري والبترولي المحمّلة من إسبانيا ورومانيا دخلت إلى الأراضي اللبنانية نهاية آب الماضي. الغرض: توزيع المادة على شركات الترابة والإسمنت في الكورة والشمال واستخدامها في حرْق الصخور الكلسية بعد طحنها. العملية عادت وأيقظت صرخات أهالي المنطقة. السياسيون صامتون؛ أصحاب المعامل مدعومون؛ والأهالي من الانبعاثات السامة يعانون.

فهل من يُنقذ الأنفاس... والأرواح؟
نعرف أن استخدام الفحم الحجري يعود إلى رجل الكهف في عصور ما قبل التاريخ. وراح يزدهر وينشط شيئاً فشيئاً إلى أن حصلت الثورة الصناعية في أوروبا في القرن الثامن عشر. ويشير الباحث الأكاديمي في علوم البيئة في الأردن، الدكتور أحمد محمود جبر الشريدة، في حديث لـ»نداء الوطن» إلى أن الهدف من استخدامه كان يقتصر حينها على حرْق الإطارات والمراجل وتشغيل المصانع التي أنشئت مع بدء الثورة تلك. أما أصول الفحم الحجري فنباتية غير أنها تحوّلت، مع مرور الزمن، إلى كتلة قابلة للاحتراق والاشتعال متى توافرت الظروف المناسبة، مولّدة بذلك طاقة حرارية تسهم في تحريك الآلات من خلال بخار الماء والضغط الذي ينتج عنه.

ويضيف الشريدة أن الفحم الحجري ما زال يُستخدم في الكثير من الدول الفقيرة وغير الفقيرة - منها في أميركا وأوروبا - بسبب توافره في الطبيعة وسهولة استخراجه الذي لا يتطلب الكثير من الوقت والجهد والمال ولا حتى معدّات فنية. «بِنظر الاقتصاديين، هو بديل رخيص ومتوافر. لكن، ومع وجود الوقود الأحفوري، تراجَع استخدامه في الكثير من الدول، ذلك أن الأخير يمنح طاقة أفضل ويسمح بالتحكم في عملية إنتاج الطاقة الحرارية، رغم أن استخراجه يتطلب الكثير من الجهود الفنية والميكانيكية والهندسية والجيولوجية». وفي حين أكّد الشريدة الأضرار الناجمة عن استخدام الفحم الحجري، نتيجة دخول أجسام مايكرونية إلى الخلايا الهوائية الصغيرة لدى الإنسان مسببة صعوبة في التنفس وتحسساً في الجهازين التنفسي والبصري، نستطلع المزيد من الآراء العلمية والبيئية، انطلاقاً من صرخة أهالي الكورة. من الأردن إلى لجنة كفرحزير البيئية التي اعتبرت في اتصال مع «نداء الوطن» أن طمع البعض ما زال يسمح لشركات الترابة في الكورة باستخدام الفحم الحجري والبترولي القاتل للحياة والحارق للبيئة، رغم توقيع لبنان على اتفاقية كيوتو التي تمنع استخدامه. ووصفت اللجنة واقع أهالي الكورة بالكارثي حيث بلغت نسبة الوفيات بالسرطان وأمراض القلب أكثر من 60%، وهي النسبة الأعلى في الشرق الأوسط. أما الخطورة الأكبر، فتكمن في نوعية الفحم الحجري الذي يتم استيراده حيث تتخطى نسبة الكبريت فيه أحياناً الـ6% (النسبة الطبيعية هي 2.5%) ما يعني عملية قتل وإبادة جماعية لأهالي القرى المحيطة بالمعامل والشركات. وسمعنا من اللجنة أن رماد الفحم الحجري المتطاير هو أحد أسباب التشوهات الجينية لدى الأطفال والأمراض القلبية والسكتات الدماغية وأنواع مختلفة من السرطان. إضافة إلى أمراض الربو والحساسية والأمراض الصدرية الأخرى الموجودة في كل بيت من البيوت المحيطة بشركات الترابة.

من جهتها، لم تسلم المياه الجوفية التي يشرب منها أهالي الكورة وشكا من التلوّث الناتج عن نقل الفحم الحجري وغسله وإحراقه على شاطئ البحر المتوسط، والذي، بحسب اللجنة، تحوّل إلى بحر «ميّت» حيث قُضي على معظم الحياة البحرية فيه. بدءاً من صدفة الموركس، انتقالاً إلى الاسفنج فعشرات فصائل الأسماك والأصداف، وصولاً إلى معظم أصناف الأعشاب البحرية. من هنا، أسفت اللجنة لتمادي الحكومة في إعطاء وتمديد مهل عمل شركات الترابة التي تستخدم الفحم الحجري والبترولي خلافاً للقانون، رغم أن مخاطره الصحية والبيئية باتت معروفة لدى كافة المرجعيات العلمية والطبية والثقافية. «آن الأوان كي تتوقف مجزرة الإبادة الجماعية لأهل الكورة، خاصة وأن الآثار الخطيرة تمتدّ لتشمل كافة المناطق الشمالية. فإن لم تضع الدولة حدّاً لما يحصل سيتحرّك أهل الكورة وسيوقفون هذه المصانع الخارجة عن القانون كما سبق وأوقفوا مقالع التراب الأحمر بالقوة».

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: الکثیر من

إقرأ أيضاً:

الصليب الأحمر لـ"صفا": عملية انتشال جثامين الشهداء بغزة معقدة وتتطلب معدات مناسبة

غزة - خاص صفا

قالت اللجنة الدولية للصليب الأحمر، يوم الاثنين، إن عملية انتشال جثامين الشهداء في قطاع غزة "معقدة وتتطلب معدات مناسبة".

وأوضحت مسؤولة الإعلام في اللجنة أماني الناعوق خلال تصريح لوكالة "صفا"، أن الصليب الأحمر يُقدّم الدعم المادي المستمر الذي ُيمكّن الدفاع المدني من البدء في عملية مهمة لانتشال جثامين في غزة.

وبينت أن اللجنة الدولية تدعم هذه الجهود بالمعدات المتوفرة في غزة حاليًا،  مضيفة "في ظل الركام الهائل والدمار في غزة فهي عملية معقدة وتتطلب وقتًا ومعدات مناسبة وجهودًا مشتركة من جهات متعددة".

وأضافت "البحث عن المفقودين وانتشال الجثامين قضية إنسانية بالغة الأهمية".

وتابعت "آلاف العائلات في غزة عاشت العاميين الماضيين حالة من الألم والترقب من أجل أن تتمكن من انتشال أحبائها والحداد عليهم ودفنهم وفق الشعائر الدينية". 

وشددت على أنه بموجب القانون الدولي الإنساني، يجب التعامل مع الجثامين باحترام وضمان كرامة أصحابها.

وقالت: "إن اللجنة تأمل في أن تساعد هذه الجهود العديد من العائلات على إغلاق هذا الفصل المؤلم".

من جانبه، أكد الناطق باسم الدفاع المدني في غزة محمود بصل لوكالة "صفا"، تواصل عمليات انتشال جثامين الشهداء في المحافظة الوسطى كمرحلة أولى.

وأكد بصل أن العملية ما زالت تجري بحفار واحد، وفي ظل تعقيدات ومعيقات كثيرة، بسبب منع الاحتلال إدخال المعدات الثقيلة اللازمة لإزالة الركام.

ويبلغ عدد شهداء حرب الإبادة على غزة تحت الأنقاض، ما يزيد عن 9 آلاف شهيد.

مقالات مشابهة

  • نائب محافظ الدقهلية يبحث طلبات التصرف الخاصة بمستثمري المنطقة الصناعية بجمصه
  • أبو حسنة: غزة تواجه كارثة إنسانية و”الاحتلال” يحتجز 6 آلاف شاحنة مساعدات تكفي لثلاثة أشهر
  • “تجارة وصناعة غزة”: عدد الشاحنات التي تدخل القطاع لا يتجاوز 220 شاحنة يومياً
  • غرفة تجارة غزة: عدد الشاحنات التي تدخل القطاع يوميا لا يتجاوز 220
  • أبو حسنة: غزة تواجه كارثة إنسانية و”إسرائيل” ماتزال تحتجز 6 آلاف شاحنة تكفي لثلاثة أشهر
  • الصليب الأحمر: آلاف العائلات في غزة تجهل مصير أبنائها
  • الصليب الأحمر لـ"صفا": عملية انتشال جثامين الشهداء بغزة معقدة وتتطلب معدات مناسبة
  • فادي كرم: لوضع خطة سير تحد من السرعة على طرق الكورة
  • الصليب الأحمر: آلاف العائلات في غزة لا تعرف مصير أحبائها
  • س & ج.. كيف أسقطت الإدارية العليا نتيجة «الدقي–العجوزة»؟.. أهم المخالفات الجسيمة التي قلبت النتيجة