لجريدة عمان:
2025-05-23@07:51:04 GMT

قصة «مفبركة» وصالحة للتعاطف!

تاريخ النشر: 19th, November 2023 GMT

لفتني ما وُصف به الكاتب الياباني هاجيمي إيساياما، مؤلف مسلسل الإنمي الأكثر شهرة في الآونة الأخيرة «هجوم العمالقة»، باعتباره كاتبا مُعاديا للسامية، فلقد «جعل اليهود وحوشا يتحولون إلى عمالقة ويفسدون في الأرض». قرأتُ ذلك وأنا أقطعُ حلقات الجزء الرابع بصحبة أبنائي المشغولين بتحليل نظرياته وأبعاده وأزمانه المتداخلة والعميقة في آن.

فمنذ الحلقات الأولى أربكتنا الدلالات المتعلقة ببناء الأسوار وعزل الناس عن ذكرياتهم وعن علاقتهم بالعالم الأكثر اتساعا، وكيف أنّ مادة الأسوار هي «العمالقة» التي تُشكل تهديدا ساحقا للمحتجزين بداخلها!

كما لا يفوت أحدنا كثافة الترميزات الدينية والأسطورية، وقد برر أحدهم نجاح المسلسل لكونه: «يُغذّي أكثر ما يُحيّرُ وجودنا كبشر ويلتقطَ أكثرَ فصول إنسانيتنا هشاشة».

ولعل عين المشاهد الحذق وحواسه المتقدة، تكشفُ تشابها غامضا بين قصّة «الإلديانيين» في مارلي، وقصّة اليهود في أوروبا الشرقية، فثمّة شروحات تُعيدنا إلى أماكن حقيقية لها أسوار عالية وبوابة ذات حراسة مُشددة -كتلك التي فرضها هتلر- وشارات مُعلقة على الأذرع لتمييزهم عن الآخرين!

إنّ أحد أهم الأسئلة التي تجول في خاطرنا منذ بدء الأحداث المروعة في فلسطين: لماذا يُصدق العالم قصّة إسرائيل؟ رغم أنّه من اليسير على أحدنا بمجرد القراءة العابرة للتاريخ أن يُدرك الضغينة التي زجّت فلسطين إلى منعطفٍ حادٍ كهذا! لكن وكما يبدو فإنّ الذي يُمنح التعاطف العالمي هو الذي يقصُّ سردية جذابة وقابلة للتصديق، وهذا ما فعله الصهاينة باقتدار لأكثر من سبعة عقود، وقد تلقف الخيال الغربي الحكايات «الملفقة» باستحسان هائل. تناول أحمد الغندور على قناته اليوتيوبية «الدحيح» هذه الفكرة اللافتة في حلقة بعنوان: «حكاية الأرض»، وقد ذهب لتفصيل بالغ الدقة حول أنّ اليهودي الذي ينتقد الصهاينة، يُسمى «باليهودي الذي يكره نفسه»، لمجرد أنّه يحاول إفساد قصّة التعاطف التي ينسجونها، قصّة «عودة اليهود الشجعان إلى أرض الأجداد للبدء بتعميرها»!

وجد الغندور مقاربة بين ما يفعله الصهاينة وبين تعاطف الرجل الأبيض معه، ربما لأنّه يستعيد هو الآخر تاريخه عندما غيّر ملامح أمريكا بإبادة الهنود الحمر! فهم يملكون مسوغات فعل ذلك، لبناء حضارة ذات طراز رفيع حتى وإن كانت فوق مقابر بشرية! فما نشرته الصحيفة الأشهر نيويورك تايمز عام ١٩٤٨ بأنّ: «اليهود في خطر مميت على أراضي المسلمين»، يجعلنا نتأكد بأنّ القصّة المفبركة يُراد تصديقها منذ بدء تخلقها!

وضع مسلسل «هجوم العمالقة» أسبابا لإبادة رعايا «يومير» باعتبارهم شياطين في الأرض ولا حق لهم في الحياة، الأمر الذي يُذكرنا بشيطنة بعض الأعراق والحق في إبادتها لتطهير الأرض منها. بينما في الجهة المقابلة تظهر لنا صورة الوالدين الذين يُلقنان ابنهما «زيك» ما يمكن أن نفسره الآن بأنّهم شعب الله المختار! يُضيء المسلسل أيضا تلك الرغبة المحمومة في الحصول على الوقود الأحفوري «الغاز»، فهل يمكن أن تُبنى هذه القصّة على صدفة الأطماع التي تتوحش في العالم بأسره؟

عندما تردد اليهود بشأن فكرة الانتقال إلى فلسطين قبل عام 48 -كما تشير الحلقة- اضطلع صانعو القرار لحبك أسطورة مؤثرة، فالسفر إلى المجهول مخيف دوما، لكن ماذا لو قلنا لهم: «نحن لن نهاجر بل سنعود إلى وطننا»! فالرؤية الصهيونية تُقدم لنا اليهود باعتبارهم حالة فريدة في التاريخ، العداء ضدهم ثابت وقدري «معاداة السامية مرض وراثي بلا شفاء وعدوى عمرها 2000 سنة»، ولذا استُخدم الدين مسوغًا لتحقيق فكرتهم الاستعمارية، وغُرس في أعماقهم أنّ كراهيتهم تتم لمجرد أنّهم يهود، لذا فالحل أن تكون لهم دولة مستقلة ووطن خاص دون اندماج بالآخرين. هذا ما رآه هرتزل مؤسس المنظمة الصهيونية، فاختلاق تصور معاداة العالم للسامية -المستمر حتى اللحظة- هو الحل الذي سيُمكن اليهود من بناء قصتهم الأسمى، ولذا يُجرم أي رأي أو قول أو موقف لمجرد أنّه يثير حساسيتهم!

حتى لحظة كتابتي لهذا المقال لم أجد للكاتب الياباني «إيساياما» موقفا مُحددا في هذه الديستوبيا المرعبة، فهو يدفعنا لتورط عاطفي ثمّ يسحقنا بحقائق أكثر تعقيدا مما يبدو على السطح المتوتر، لكنه ينفي وجود عالم مثالي وحكاية مكتملة «فمن يمتلك المستقبل يُباح له انتهاك خطوط التاريخ»!

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: الذی ی

إقرأ أيضاً:

أصدقاء في الفضاء يحمون الأرض

في أعلى السماء، هناك عيون صغيرة تراقب كوكبنا الأزرق... لكنها ليست عيونًا مخيفة، بل عيون ذكية جدًا تُدعى الأقمار الصناعية.

يمكننا أن نتخيلها كأنها جنود الفضاء، يراقبون الأرض ليحمونا من الأخطار.

ما هو القمر الصناعي؟

هو ببساطة آلة كبيرة تُطلق في الفضاء وتدور حول الأرض. تقوم هذه الآلة بالتقاط الصور، وجمع المعلومات، ثم إرسالها إلى العلماء هنا على كوكبنا.

بإمكان القمر الصناعي أن يرى الغيوم، والبحار، وحتى أماكن الزلازل والبراكين!

كيف تحمينا الأقمار الصناعية؟

ترى التغيرات الخطيرة:

إذا تحرك جيش بطريقة غريبة، أو ظهرت تجمعات مفاجئة، يستطيع القمر الصناعي إرسال تحذير للقادة.

تراقب الحدود:

تتأكد الأقمار الصناعية أن الدول لا تتعدى على بعضها البعض، وتحافظ على السلام.

تكشف الكوارث قبل أن تصل:

بعض الأقمار تراقب الغيوم والعواصف من الفضاء، وتساعد العلماء في توقع الطقس وتنبيه الناس قبل حدوث الأعاصير أو الفيضانات.

ترشدنا في الطريق:

هل استخدمت يومًا تطبيق الخرائط؟

إنه يعمل بفضل أكثر من 20 قمرًا صناعيًا تتعاون معًا في الفضاء! ترسل هذه الأقمار إشارات لهاتفك لتعرف مكانك بالضبط وتوصلك بأمان.

خمس حقائق مثيرة عن الأقمار الصناعية :

1. الأقمار الصناعية كثيرة حول الأرض

هل تعلم أن هناك آلاف الأقمار الصناعية تدور حول كوكبنا؟ أول قمر أُطلق عام 1957، واليوم يوجد حوالي 9000 قمر صناعي نشط في الفضاء!

٢. تسير بسرعة مذهلة

الأقمار الصناعية تدور حول الأرض بسرعة تزيد عن 28,000 كيلومتر في الساعة! هذه السرعة الكبيرة تمنعها من السقوط بسبب الجاذبية.

٣. بعضها بحجم ملعب

أكبر قمر صناعي هو محطة الفضاء الدولية، ويبلغ طولها حوالي 109 أمتار، أي تقريبًا

بحجم ملعب كرة قدم كامل!

٤. وبعضها صغير جدًا

ليس كل الأقمار كبيرة، فبعضها صغير بحجم علبة حذاء، لكنه يستطيع التقاط الصور وإرسال المعلومات مثل الأقمار الكبيرة تمامًا

٥. تعمل بالطاقة الشمسية

تحصل الأقمار الصناعية على الطاقة من الشمس، فهي تملك ألواحًا خاصة تمتص ضوء الشمس وتحوّله إلى كهرباء لتشغيلها.

مقالات مشابهة

  • الكاتب سمير أيوب: اليمن يعيد فلسطين إلى واجهة العالم ويكسر احتكار الرواية الصهيونية
  • سي إن إن: متهم هجوم متحف اليهود بواشنطن يمثل أمام المحكمة خلال ساعات
  • جريمة كراهية .. تحقيقات فيدرالية تلاحق دوافع مهاجم متحف اليهود بواشنطن
  • مايكروسوف تحظر رسائل البريد التي تحتوي على كلمات فلسطين وغزة
  • غولان يحمّل نتنياهو مسؤولية "تعريض اليهود للخطر"
  • رابطة مكافحة التشهير من الدفاع عن اليهود إلى الدفاع عن جرائم إسرائيل
  • الشي الوحيد الذي أصاب ترامب فيه
  • الكشف عن ظاهرة غريبة في قشرة الأرض
  • أصدقاء في الفضاء يحمون الأرض
  • وزير الدفاع اللواء المهندس مرهف أبو قصرة في تغريدة عبر X: تلقى الشعب السوري اليوم قرار الاتحاد الأوروبي برفع العقوبات المفروضة على سوريا، وإننا نثمن هذه الخطوة التي تعكس توجهاً إيجابياً يصب في مصلحة سوريا وشعبها، الذي يستحق السلام والازدهار، كما نتوجه بال