غارديان: القتل والدمار في السودان يستمران دون أن يلاحظهما أحد
تاريخ النشر: 22nd, November 2023 GMT
وكالات- تاق برس- يقول تقرير نشرته صحيفة “غارديان” البريطانية، إنه في ظل انشغال العالم بالحرب الإسرائيلية على غزة، يواجه السودانيون واقعا مأسويا دون أن يلاحظه أحد، حيث يُجبر المدنيون على ترك منازلهم، ويُقتلون ويُغتصبون ويُستعبدون، وفقا للتقرير.
وأوضحت الصحيفة أن الوضع في السودان انحدر من الوعد بالحرية إلى حافة الإبادة الجماعية بسرعة مذهلة، حسب الصحيفة؛ فالثورة التي أدت إلى الإطاحة بالرئيس السابق عمر البشير في أبريل/نيسان 2019، أعقبها انقلاب أطاح بالقادة المدنيين ثم الحرب في ربيع هذا العام بين الجيش السوداني ومليشيا الدعم السريع شبه العسكرية.
تمدد الاشتباكات في كل البلاد
وأفادت الصحيفة أن الاشتباكات بين الجيش بقيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان، وقوات الدعم السريع بقيادة الفريق محمد حمدان دقلو، المعروف باسم حميدتي، انتشرت بشكل لا هوادة فيه في جميع أنحاء البلاد.
وتشير التقديرات إلى أن أكثر من 10 آلاف شخص لقوا حتفهم حتى الآن، ونزح حوالي 4.8 ملايين داخليا، وفر 1.2 مليون آخرين إلى البلدان المجاورة. وقالت منسقة الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في البلاد، كليمنتين نكويتا سلامي، في وقت سابق من هذا الشهر، إن العنف ضد المدنيين “يقترب من الشر المطلق”، إن الجشع للموارد والسلطة، والمنافسات والكراهية طويلة الأمد، كلها تغذي النار.
وأشارت الصحيفة إلى أنه يُعتقد أن أكثر من 1000 فرد من مجتمع المساليت قُتلوا في أردمتا، غرب دارفور، في أوائل نوفمبر/تشرين الثاني على يد قوات الدعم السريع والميليشيات “العربية” المتحالفة معها. وقد دفع ذلك الاتحاد الأوروبي إلى التحذير من أن العالم لا يمكن أن يسمح بتكرار الإبادة الجماعية التي وقعت في أوائل العقد الأول من القرن 21، التي ظهرت من خلالها ميليشيا الجنجويد، ثم تحولت لاحقا إلى قوات الدعم السريع، خاصة أنه تظهر تقارير جديدة عن استعباد النساء والرجال.
الدعم الخارجي عمّق الصراع
وذكرت الصحيفة أن قوات الدعم السريع حققت مكاسب كبيرة خلال الأسابيع القليلة الماضية في دارفور وأماكن أخرى بغرب البلاد. ويعتقد المسؤولون الأميركيون والأوروبيون والأفارقة أن شحنات الأسلحة من الإمارات وكذلك عبر مجموعة فاغنر كانت أساسية، على الرغم من أن الإمارات تقول، إنها لا تزود أيا من الجانبين بالمعدات.
وأضافت الصحيفة أن الدعم المصري للجيش السوداني، على الرغم من أنه أقل استمرارا، أدى إلى تعميق الصراع، مشددة على ضرورة سعي الحكومات الغربية للضغط على أبو ظبي والقاهرة.
احتمال تقسيم البلاد
وبينت الصحيفة أن أحد الاحتمالات التي تواجه السودان هو أنه يمكن أن ينقسم فعليا إلى منطقتين، كما حدث في ليبيا. وربما يكون هناك سبب آخر أكثر إثارة للقلق وهو ترك أولئك الموجودين على الأرض في خطر متزايد من أي وقت مضى، حيث لا تتمتع قوات الدعم السريع بأي خبرة في الحكم، ويبدو أن الاهتمام به قليل. ويعتقد بعض المتابعين أن هناك تصدعات في التحالف بقيادة البرهان.
وأضافت الصحيفة أن كل هذا يحدث بأقل قدر ممكن من الاهتمام من جانب العالم الخارجي، الذي تنهكه الحروب في غزة وأوكرانيا والمنافسات “الجيوسياسية” الأوسع نطاقا. وقد أدت صعوبات إعداد التقارير من السودان إلى زيادة هذا الإهمال، وحتى المهمة الأساسية المتمثلة في إطعام اللاجئين لم يُتعامل معها بشكل كافٍ؛ فقد حذرت الأمم المتحدة من أن الغذاء لنصف مليون شخص فروا إلى تشاد سوف ينفد الشهر المقبل دون تمويل إضافي. فلا عجب أنهم يشعرون بالتخلي عنهم.
نقص جهود الوساطة
وأوضحت الصحيفة أن المسؤولين والمحللين يحذرون من نقص المشاركة الدولية والعمل على إيجاد مخرج من هذا الصراع رغم توفر النفوذ لدى الوسطاء، ورغبة طرفي الصراع على ما يبدو في استئناف المحادثات ذات التركيز الضيق في جدة.
وختمت بأن الآمال في تحقيق انفراج منخفضة؛ حيث إنه ليس لدى قوات الدعم السريع أي سبب لتقديم تنازلات أثناء تقدمها، وأن الجنرال البرهان ينفي الحاجة إلى تقديم تنازلات. وفي خضم كل هذا، يُروّع الأبرياء، ويبدو أن التطلع إلى الحكم المدني أصبح حلما يتضاءل، لكن الجنرالات أظهروا أنهم غير مؤهلين لحكم السودان، وغير قادرين على القيام بذلك.
المصدر: تاق برس
كلمات دلالية: قوات الدعم السریع الصحیفة أن
إقرأ أيضاً:
كيف تحاول المسيرات تغيير خريطة الصراع في السودان؟ وهل تنجح في قلب موازين الحرب؟
بعد أكثر من عامين من الصراع المتواصل في السودان، شهدت الحرب تطورًا جديدًا مع زيادة وتيرة هجمات قوات الدعم السريع على المناطق الخاضعة لسيطرة الجيش باستخدام الطائرات المسيّرة، الأمر الذي أثار مخاوف من دخول البلاد مرحلة أكثر خطورة، بحسب تقديرات بعض المحللين.
فعلى مدى الأسبوع المنصرم، استهدفت طائرات مسيّرة أطلقها الدعم السريع مناطق يسيطر عليها الجيش، كانت حتى أيام خلت تعتبر آمنة وفي منأى عن المعارك التي اندلعت منذ العام 2023، ومنها بورتسودان.
ما صعد التساؤلات حول إمكانية أن تقلب تلك الاستراتيجية الجديدة موازين الحرب، أو تهدد طرق إمداد الجيش؟
وفي السياق، رأت المحللة السودانية، خلود خير، أن الضربات تهدف إلى “تقويض قدرة الجيش على حفظ الأمن في مناطق سيطرته”، بما يتيح لقوات الدعم السريع توسيع رقعة الحرب من دون تحريك عديدها، وفق ما نقلت فرانس برس.
“تكيّف استراتيجي”
فيما وصف مايكل جونز، الباحث في المعهد الملكي للخدمات المتحدة في لندن، تحركات الدعم السريع الأخيرة بأنها “تكيّف استراتيجي ضروري وربما يائس”.
كما رأى أن خسارة الخرطوم تعتبر “تراجعا استراتيجيا ورمزيا” للدعم السريع. وأضاف أن المسيّرات والأسلحة الخفيفة تمكن الدعم السريع من “الوصول لمناطق لم تنجح سابقا في التوغل فيها”.
من جهته، اعتبر الباحث في شؤون السودان حامد خلف الله أن قوات الدعم السريع باتت في حاجة إلى أن تبعث رسالة “بأن الحرب مستمرة” عبر استهداف مواقع حيوية.
ترهيب وتشتيت
لكنه استبعد حتى مع الاستراتيجية الجديدة، أن تستعيد الدعم السريع الخرطوم ومدن وسط البلاد، أو تبلغ المقر المؤقت للحكومة مدينة بورتسودان (شرقا)، عن طريق العمليات البرية بسبب التقدم النوعي للجيش السوداني وخاصة في القدرات الجوية.
كما أشار إلى أن التحول للهجوم بالمسيرات هدفه فقط “ترهيب وعدم استقرار” في مناطق الجيش.
بدوره، رأى مهند النور الباحث في شؤون السودان في معهد التحرير لسياسات الشرق الأوسط أن الهدف الأساسي للدعم السريع من الهجمات الأخيرة هو تشتيت الجيش وإشغاله لمنعه من التقدم نحو دارفور أو كردفان في الغرب. وأوضح أن الأسهل لقوات الدعم السريع “أن تهاجم بسرعة وبعدها تنسحب، بدلا من البقاء في الأراضي التي تتطلب الدفاع عنها”.
نوعان من المسيرات
في حين كشف لواء متقاعد في الجيش أن مقاتلي الدعم السريع اعتمدوا على نوعين من المسيّرات: انتحارية خفيفة وبسيطة الصنع تحمل قذائف وتنفجر عند الاصطدام، ومتطوّرة بعيد المدى قادرة على حمل صواريخ موجهة.
كما أشار إلى أن تلك القوات تمتلك مسيّرات من طراز “سي إتش 95” صينية الصنع.
علما أن عبور المساحة الشاسعة بين معقل الدعم السريع في دارفور، ومقر الحكومة في بورتسودان، والبالغة 1500 كلم، يتطلب استخدام مسيرات بعيدة المدى.
وفي الوقت الحالي ينخرط طرفا الصراع في “سباق تسليح مكلف جدا”، حيث يستهدف كل منهما “تدمير ممتلكات الآخر من الطائرات المسيرة”، بحسب خير.
يذكر أنه خلال عامَي الحرب، اعتمد الدعم السريع بشكل رئيسي على الهجمات البرية الخاطفة التي أفضت مرارا إلى كسر دفاعات الجيش وخسارته مدنا رئيسية.
لكن منذ إعلان الجيش طردها من الخرطوم، لجأت قوات الدعم السريع إلى المسيرات والأسلحة البعيدة المدى.
فيما تسببت الحرب التي دخلت عامها الثالث قبل أسابيع في قتل عشرات الآلاف من المدنيين ونزوح 13 مليونا، وأزمة إنسانية تعتبرها الأمم المتحدة من الأسوأ في التاريخ الحديث