بيل غيتس: احتياجات المزارعين جزء لا يتجزأ من أجندة المناخ الدولية
تاريخ النشر: 2nd, December 2023 GMT
قال بيل غيتس، الرئيس المشارك ل «مؤسسة بيل ومليندا غيتس» إن العالم بحاجة مُلحّة إلى ضخ استثمارات كبيرة من أجل تطوير الحلول المبتكرة التي تضمن تزويد المزارعين أصحاب الحيازات الصغيرة في منطقة إفريقيا جنوب الصحراء وجنوب آسيا بالأدوات والموارد اللازمة، حتى يتمكّنوا من تحسين ممارساتهم الزراعية وتأمين الغذاء والتأقلم بمرونة عالية في مواجهة تحديات التغير المناخي، وعلينا أن نؤمن باحتياجات المزارعين واعتبارها جزءاً لا يتجزأ من أجندة المناخ الدولية.
جاء ذلك بمناسبة الشراكة بين الإمارات ومؤسسة «بيل وميليندا غيتس» التي تم الإعلان عنها أمس في COP28 بقيمة 735 مليون درهم لدعم النظم الغذائية، والابتكار الزراعي، والعمل المناخي.
وتضطلع المجموعة الاستشارية للبحوث الزراعية الدولية (CGIAR)، أكبر شبكة أبحاث زراعية دولية مموّلة من القطاع العام، بدور محوري في دعم المنظومة الغذائية المستدامة في عالم يقع تحت وطأة التحديات المناخية.
وفي وقت سابق من الأسبوع الجاري، تم إطلاق خطة استثمارية مدتها ثلاث سنوات بهدف تأمين 4 مليارات دولار بحلول عام 2027 للوصول إلى 500 مليون مزارع بحلول عام 2030 وتزويدهم بحلول مبتكرة للتصدي والتأقلم مع التحديات المناخية والحد من الانبعاثات الكربونية الناتجة عن القطاع الزراعي بمقدار 1 جيجا طن سنوياً - أي ما يُعادل الحد من الانبعاثات الكربونية الناتجة عن أكثر من 200 مليون سيارة.
وقالت البروفيسورة لينديوي ماجيل سيباندا، رئيس مجلس إدارة المجموعة الاستشارية للبحوث الزراعية الدولية: «مستعدون لتوسيع نطاق استخدام الحلول المبتكرة التي أثبتت جدارتها بالفعل في دعم المزارعين في المناطق المعرضة للمخاطر، مثل إفريقيا وجنوب آسيا، ونجحت في تعزيز قدرتهم على التأقلم مع الظروف المناخية القاسية. وكان من بين هذه الحلول المبتكرة توفير المزيد من الأصناف المحسّنة من المحاصيل التي تتحمل الإجهاد والظروف الطبيعية المجهدة، مثل الكسافا والدخن، بالإضافة إلى طرح أدوات واستراتيجيات جديدة مستخدمة في دعم النظم البيئية الصحية من خلال إعادة تأهيل واستصلاح الأراضي المتدهورة، وكذلك تزويد المزارعين بالمعلومات والتوقعات المناخية على الأجل الطويل استعداداً للظواهر المناخية المتطرفة، مثل تغير أنماط هطول الأمطار، ومن ثمّ تجاوز تحدياتها.
وقد أعلنت مؤسسة «بيل ومليندا غيتس» أمس ضخ استثمارات بقيمة 100 مليون دولار، تماشياً مع التزام دولة الإمارات بتكريس 100 مليون دولار، دعماً للمؤسسات الرائدة، مثل «المجموعة الاستشارية للبحوث الزراعية الدولية»، التي تتصدر طليعة المساعي الداعمة لتطوير الابتكارات الزراعية. كما سيشمل تمويل المؤسسة دعم جهود AIM4Scale، وهي مبادرة جديدة للتأقلم مع التحديات المناخية ستعلن عنها دولة الإمارات.
وستواصل المؤسسة توسيع نطاق تعاونها مع شركاء آخرين من الدول والمنظّمات الخيرية والمؤسسات المالية، بهدف تسريع وصول صغار المزارعين إلى الابتكارات الزراعية عبر منطقة إفريقيا جنوب الصحراء وجنوب آسيا من خلال إصلاح السياسات التنظيمية وتخفيف المتطلبات المرتبطة بالتمويل.
ومع الإعلان فقد بلغت قيمة تعهدات مؤسسة «بيل ومليندا غيتس» ل«المجموعة الاستشارية للبحوث الزراعية الدولية» 315 مليون دولار، لتواصل بذلك مساهماتها على ساحة الجهود الدولية المتنامية التي تدعو المجتمع الدولي للعمل على مواجهة تحديات التغير المناخي والعمل نحو مستقبل مستدام.
فضلاً عن ذلك، فقد تم تأمين تمويلات جديدة للمجموعة من عدة دول مانحة بقيمة تتجاوز ال 800 مليون دولار خلال الفترة الممتدة بين عامي 2023 - 2024.
(وام)
المصدر: صحيفة الخليج
كلمات دلالية: فيديوهات بيل جيتس كوب 28 الإمارات الاستدامة ملیون دولار
إقرأ أيضاً:
النضال من أجل الحرية كل لا يتجزأ
يمثل الأستاذ أحمد نجيب الشابي الذي تم الزج به أخيرا في السجن عن سن تناهز الـ 81 سنة نموذجا للنضال الكلي الذي لا يتجزأ من أجل الحرية والديمقراطية والتعايش السلمي ووحدة المجتمع ومدنية الدولة، ورفض الاستثناء والإقصاء والاستئصال وتخوين المخالفين أو ظلمهم.
كيف لا وقد باشر النضال منذ ستينيات القرن الماضي في الجامعة التونسية بالانتماء لحزب البعث العربي الاشتراكي وحوكم بـ 11 سنة سجنا قضى منها سنتين وتم وضعه في الإقامة الجبرية بمدينة باجة التي سرعان ما غادرها إلى الجزائر ثم إلى فرنسا حيث انسحب من البعث وخاض تجربته السياسية الثانية مع منظمة آفاق العامل التونسي دفع ثمنها حكما غيابيا بـ 12 سنة سجنا ثم كانت تجربته السياسية الثالثة بتأسيس التجمع الاشتراكي التقدمي الذي تحول بعد 1987 إلى الحزب الديمقراطي التقدمي والذي جسد من خلاله قناعاته بالتنوع الفكري والسياسي داخل البلاد وفي الكيانات السياسية وعلى رأسها الحزب الديمقراطي التقدمي الذي كان رأس حربة في مقاومة استبداد نظام بن علي وفساده وكان لقياداته وعلى رأسهم الأستاذ نجيب الشابي دورا أساسيا في تحرك 18 أكتوبر 2005 وتوحيد المعارضة في هيئة 18 أكتوبر للحقوق والحريات التي صدرت عنها وثائق مهمة حول مدنية الدولة والمرأة والحريات العامة والفردية. والتي مثلت تجربة رائدة في العمل السياسي المشترك وساهمت في تنضيج الاوضاع لقيام ثورة الحرية والكرامة دون أن تتطور إلى جبهة سياسية وطنية بعد أن اختلفت السبل بمكوناتها إثر ثورة الحرية والكرامة.
ويبقى الأستاذ نجيب شخصية محترمة ثابة على المبادى والقيم الإنسانية بقطع النظر عن الاتفاق معه أو الاختلاف لما له من رصيد نضالي ديمقراطي ثري وغني بالدروس والعبر وله من الخيارات والمواقف التي طبعت مسيرته، وقد تعرض لها في كتابه "المسيرة والمسار / ما جرى وما أرى" وهي ككل تجربة بشرية فيها الصواب والخطأ والأكيد أنها نابعة إما من اجتهاد جماعي مع رفاق دربه أثناء كل تجاربه أو اجتهاد شخصي من منطلق تقدير المصلحة الوطنية ودوره في التأثير في الأوضاع وصناعة الأحداث كفاعل سياسي له طموحاته السياسية المشروعة دون ارتباطات أو ارتهانات أو زبونية سياسية.
إن معرفته من قريب تؤكد عمق إنسانيته وتقديره لغيره والتزامه الصارم بعهوده ووعوده ونزاهة معاملاته والرجولة في تصرفاته التي تعد عملة نادرة في هذا الزمن الرديء كما تدحض عنه عدة انطباعات تبدو سلبية وهي في حقيقتها غير ذلك.وهو الرجل الذي يقبل النقد لمسيرته ومواقفه ويستمع بإنصات ويقبل المراجعة والتصويب وقد حصل ذلك في أكثر من مناسبة في حوارات مطولة معه حول بعض مواقفه وتحالفاته أيام الثورة وأثناء عشرية الانتقال الديمقراطي. ولعل من أبرزها موقفه من الإسلاميين الذين يتباعد عنهم أحيانا حد التناقض والصراع ويتقارب معهم أحيانا أخرى حد التماهي والتحالف فهو ناقد لمنطلقاتهم الفكرية والسياسية ومجادل لهم فيها من داخل نسقها بقطع النظر عن وجاهة آرائه من عدمها ومنافس لهم سياسيا وبشراسة في الاستحقاقات الانتخابية ومدافع عنهم في المحاكم مؤمن بحقهم في المشاركة السياسية، حيث سجل له التاريخ السياسي التونسي الحديث مرافعتة الشهيرة عن حركة الاتجاه الإسلامي وقيادتها في محكمة أمن الدولة سنة 1987 وكتاباته في مجلة الموقف التي كان يديرها سنة 1988 حول ضرورة ضمان الحريات السياسية للجميع بما في ذلك الإسلاميين حد تشبيه بعض خصومه له بنجيب الله آخر حاكم لأفغانستان موالي للاتحاد السوفييتي الذي حصل بينه وبين المجاهدين الأفغان تقارب أثناء إرغامهم للسوفييت على الانسحاب.
إن معرفته من قريب تؤكد عمق إنسانيته وتقديره لغيره والتزامه الصارم بعهوده ووعوده ونزاهة معاملاته والرجولة في تصرفاته التي تعد عملة نادرة في هذا الزمن الرديء كما تدحض عنه عدة انطباعات تبدو سلبية وهي في حقيقتها غير ذلك.
أما بخصوص تعاطيه مع المرحلة الحالية التي يعود فيها إلى السجن بعد ما يقارب النصف قرن من النضال السياسي السلمي الديمقراطي، حيث كان تقديره لما حصل سليم من الوهلة الأولى حين اعتبر أن تدابير 25 تموز / يوليو 2021 انقلابا على الديمقراطية رغم ما صاحب العشرية من سلبيات كان من أشد معارضيها لأن الحل بالنسبة إليه يكمن في إصلاح النظام الديمقراطي من داخله بآليات الديمقراتية نفسها وليس بإجراءات من خارجها.
وقد اعتبر من البداية أن وحدة المعارضة مدخل أساسي لعودة الديمقراطية فانطلق في مشاورات وتنسيق مع بعض الأطراف السياسية والشخصيات التي يلتقي معها في الموقف لتأسيس إطار سياسي نضالي إلا أن المواقف لم تكن ناضجة لتك الخطوة الأمر الذي جعله يتجه لتأسيس جبهة الخلاص الوطني مع بعض مكونات مواطنون ضد الانقلاب الذين تقدموا أشواطا في العمل السياسي والميداني المشترك ومع أطراف وشخصيات أخرى، وقد مثلت خير تعبير عن قناعته الراسخة بالنضال السلمي مع جميع مكونات الساحة السياسية بما في ذلك الإسلاميين (النهضة / ائتلاف الكرامة / العمل والانجاز) من أجل عودة النظام الديمقراطي والاحتكام لإرادة الشعب وقد جعل الجبهة إطارا مفتوحا للجميع انخراط أو تنسيقا إلا من استثنى نفسه.
لهذه الأسباب يتم سجنه رغم أنه أحد أبرز شيوخ النضال الديمقراطي في تونس وأحد أهم مدارسه المخضرمة وذات المرجعيات الفكرية والسياسية المتنوعة دون اعتبار لسنه الذي قضى منه ما يزيد عن النصف قرن من النضال دون كلل أو ملل أو تردد أو تراجع، وتجاوز كل العقبات والمطبات وهو اليوم يضرب مثالا حيا للتضحية من أجل المبادئ والأفكار والقناعات التي لا تتجزأ ولا تقبل المساومة .
*كاتب وناشط سياسي تونسي