الراعي: إقفال القصر الجمهوري جريمة موصوفة ولا أحد يريد الحرب
تاريخ النشر: 3rd, December 2023 GMT
ترأس البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي قداس الاحد في كنيسة السيدة في الصرح البطريركي في بكركي.
بعد الانجيل المقدس القى البطريرك الراعي عظة بعنوان: "مباركة أنت في النساء ... فقالت مريم: تعظّم نفسي الربّ" (لو 1: 42 و 46)"، وقال فيها: "أسفنا وتألّمنا لإنتهاك الهدنة في غزّة، والعودة إلى حرب الهدم والقتل والتهجير، وتحميل الشعب البريء الآمن نتائج حرب التدمير والإبادة.
وأكمل: "لا يظنّن أحد ولا سيما الذين في السلطة أو هم من أصحاب النفوذ السياسي، أكانوا برلمانيّين أم وزراء أم رؤساء كتل أو أحزاب، أنّهم بغنى عن ثلاثيّة السماع والتأمّل والنطق. فلو عاشوها لما بلغنا إلى حالة البؤس التي أوصلوا إليها الدولة والشعب وقوانا الحيّة والمؤسّسات. فالسماع هو لصوت الله عبر كلامه في الكتب المقدّسة، ومن خلال صوته الداخلي بالضمير الأخلاقي والوطني". وأضاف الراعي: "نحن نصلّي لكي يدرك المسؤولون عن مصير الدولة والشعب.. أنّهم ملزمون بثلاثيّة السماع والتأمّل والنطق، وهي الطريق الوحيد لخروج كلّ واحد منهم من شرنقة مصالحه وحساباته، وللتلاقي بروح المسؤوليّة الوطنيّة من أجل التباحث في أسباب التعثّر واللاثقة المتبادلة، على أن يتخلّى كلّ فريق عن مشاريعه على حساب لبنان أرضًا وشعبًا ومؤسّسات". وقال: "إنّ أولى ثمار السماع والتأمّل والنطق هي التوجّه الفوريّ إلى البرلمان وانتخاب رئيس للجمهوريّة عبر دورات متتالية يوميًّا وفقًا لمنطوق المادة 49 من الدستور. إنّ عدم انتخابه وإقفال القصر الجمهوري منذ سنة وشهرين تقريبًا جريمة موصوفة آخذة بهدم المؤسّسات الدستوريّة والإدارات العامّة وانتشار الفوضى والفساد وتشويه وجه لبنان الحضاري. إذا تكلّمنا من باب القانون وروحه وفلسفته منذ الشرع الروماني إلى اليوم، كلامًا منزّهًا عن السياسة ومصالحها الخاصّة، نقرّ بأنّ القوانين تُعلّق بقرار من السلطة المختصّة بسبب الظروف القاهرة منعًا لنتائج قد تكون وخيمة، فنقول: يجب في هذه الحالة عدم المسّ حاليًّا بقيادة الجيش، بل تحصين وحدته وتماسكه، وثقته بقيادته، وثقة الدول به. فالجنوب اللبناني متوتّر، والخوف من امتداد الحرب إلى لبنان يُرجف القلوب، والحاجة إلى الجيش متزايدة لتطبيق القرار 1701، واستقرار الجنوب، ولضبط الفلتان الأمني الداخلي، ولسدّ المعابر غير الشرعيّة بوجه تهريب البشر والسلع والمخدّرات وما سواها".
وختم الراعي: "نردّد مرّةً ثانية: إذهبوا، أيّها النواب بموجب ضميركم الوطني، إلى مجلسكم وقوموا بواجبكم الأوّل والخطير، وانتخبوا رئيسًا للجمهوريّة وفق المادّة 49 من الدستور، فتستقيم المؤسّسات، ويسلم الوطن، ويتوقّف كلّ جدال وانقسام".
المصدر: لبنان ٢٤
إقرأ أيضاً:
صناديق الاقتراع ورسائل الأمن.. مساران لترسيخ الشرعية والسيادة.. لبنان يطلق الانتخابات البلدية ويحكم قبضته على «صواريخ الجنوب»
البلاد – بيروت
بين إشراقة الديمقراطية في الداخل وتشدّد أمني عند الحدود، انطلق لبنان في مسارين متوازيين يعكسان عزمه على إعادة بناء مؤسساته وترسيخ سيادته. فقد افتُتحت أولى جولات الانتخابات البلدية والاختيارية في محافظة جبل لبنان، وسط دعوات رسمية إلى اقتراع كثيف، بالتزامن مع تسلم أحد المتورطين في إطلاق الصواريخ من “حماس”، وتحذير الحركة من استخدام الأراضي اللبنانية بما يمسّ أمن الدولة، في مشهد بدا أنه يشكّل نقطة تحوّل في المسار السيادي اللبناني.
الرئيس اللبناني جوزيف عون أكد من وزارة الداخلية في بيروت أمس الأحد، أن إجراء الانتخابات في موعدها رغم التحديات هو “رسالة ثقة إلى العالم بأن لبنان بدأ ينهض ويبني مؤسساته”، مشدّدًا على أن الدولة تؤمّن فقط أمن الانتخابات وسلامتها، داعيًا اللبنانيين إلى عدم السماح للعوامل المذهبية أو الحزبية أو المالية بالتأثير على خياراتهم. وقال إن صندوق الاقتراع “هو حقّك الطبيعي والشرعي”، موجّهًا نداء مباشرًا للمواطن: “عليك وحدك تقع المسؤولية”.
عون، الذي تفقد وزارة الداخلية والبلديات، وسراي بعبدا، ووزارة الدفاع، ومبنى تلفزيون لبنان، أشار إلى أن 90 % من البلديات في لبنان قد حُلّت، ما أثّر سلبًا على حياة الناس. ورأى أن “البلدية لها دور أساسي في الإنماء، وها هو هذا الاستحقاق قد بدأ”. وأكد أنه سيتابع العملية الانتخابية بنفسه، إلى جانب وزيري الداخلية والعدل، مشيرًا إلى وجود تعليمات صارمة للأجهزة الأمنية بالتدخل المباشر في حال وقوع أي شائبة.
في موازاة ذلك، سبق ووجّه رئيس الحكومة نواف سلام رسالة مصوّرة إلى المواطنين، دعاهم فيها إلى المشاركة الكثيفة، مؤكدًا أن “إنماء بلدنا يتطلب إنماء بلداتنا”، ومذكّرًا بأن اللامركزية الإدارية الموسّعة أُقرّت منذ اتفاق الطائف لكنها تأخرت أكثر من ٣٥ سنة. وقال سلام: “صناديق الاقتراع بانتظاركم”.
الحدث الانتخابي تزامن مع تطوّر أمني لافت، تمثّل باستدعاء ممثل حركة حماس الفلسطينية في لبنان أحمد عبد الهادي إلى مكتب المدير العام للأمن العام، اللواء حسن شقير. هناك، أُبلغ عبد الهادي تحذيرًا رسميًا من الدولة اللبنانية بعدم استخدام أراضيها لأي عمل يهدد أمنها القومي، في ترجمة عملية لمقرّرات المجلس الأعلى للدفاع الذي انعقد الجمعة الماضية في قصر بعبدا.
وأمس الأحد، أعلنت قيادة الجيش في بيان أن ” مديرية المخابرات تسلمت من حركة حماس الفلسطيني (م.غ.) عند مدخل مخيم عين الحلوة – صيدا، وهو مشتبه بتورطه في عمليتَي إطلاق صواريخ باتجاه الأراضي الفلسطينية المحتلة، وبوشر التحقيق مع الموقوف بإشراف القضاء المختص”.
ورأى مراقبون في هذه الخطوة “رسالة حازمة وغير مسبوقة”، تثبت أن الدولة لن تسمح بعد اليوم بتحويل أرضها إلى منصّة لتصفية حسابات أو رسائل عسكرية. وأثنوا على “التنفيذ السريع لمقرّرات المجلس الأعلى للدفاع التي لم تبقَ حبرًا على ورق”، معتبرين أن تحرّك الدولة تجاه “حماس” قد يكون مقدّمة لفرض سيطرتها الفعلية على كل الأراضي اللبنانية، وحصر السلاح بيدها وحدها، في إشارة إلى سلاح حزب الله.
هذان المساران، البلدي والأمني، يتقاطعان في هدف واحد: استعادة الدولة اللبنانية لمكانتها كمرجعية وحيدة. فصناديق الاقتراع تعبّر عن إرادة الناس، أما الإجراءات الأمنية فتعكس إرادة الدولة في حماية سيادتها من العبث والفوضى.
وإذا نجح اللبنانيون في اختيار من يخدم بلداتهم بعيدًا عن الاستقطابات، وإذا واصلت الحكومة إجراءاتها لضبط الأمن والسلاح، فإن لبنان يكون قد وضع قدمه الأولى على طريق استعادة القرار الوطني المستقل.