لم يكن يوم الغدير لحظة عابرة في التاريخ، بل لحظة فاصلة، على صعيدٍ رملي بين مكة والمدينة، اختار المصطفى محمد صلوات الله عليه وعلى آله مكانًا لم يُعرف من قبل بغير كونه مفترق طرق، فجعل منه مفترقًا للمواقف والولاءات، حين رفع يد الإمام علي -عليه السلام- أمام آلاف الحجاج، وأعلن، بأمر من السماء، نهاية مرحلة النبوة وبداية امتدادها.
في غدير خم، لم يُلقِ المصطفى خطبة وداعية فقط، بل بلّغ أمرًا إلهيًا بحجم الرسالة نفسها، الكلمات التي نطقها كانت فاصلة، لم تكن مجرد وصية، بل تفويض إلهي يُتمم الرسالة، ويوصل الأمانة إلى من يستحقها، ويؤسس لمفهوم القيادة المستمرة بعد النبوة، قيادة للحق والعدل، لا للملك والوراثة.
كانت السماء شاهدة، والجموع شاهدة، والأرض التي عانقت أقدام الحجاج كانت تحفظ صدى ذلك الإعلان الإلهي. لم يكن ذلك يومًا من أيام الفخر، بل يومًا من أيام المحنة للقلوب التي لم تطق سماع اسم الإمام علي مرفوعًا فوق رؤوسهم، فبدأت منذ لحظتها محاولات الطمس، ومحاولات التجهيل، وتدوير النصوص لخدمة الحكم لا للدين.
ومع ذلك، ظل صوت الغدير يتردد في قلوب المؤمنين. في اليمن، هذا الصوت لا يزال حيًّا، يُردَّد في المدارس، في المساجد، في البيوت، وفي جبهات القتال، يرفرف رايةً وولاءً، ويرفع الإمام علي إمامًا كما رفعه المصطفى بيده الشريفة. فكل عام، يجدد اليمنيون عهدهم معه، لا لذكرى فقط، بل كهوية، كقضية، كعقيدة لا تموت.
في المقابل، يقف الأعراب في خندقٍ معاكس، تائهين بين موائد التطبيع، ومبادرات الذل، يسلّمون لفكرة “الوليّ” الجديد الذي يسكن تل أبيب، ويجعلون من أمريكا ربًّا أعلى في قراراتهم، سقطت عنهم آخر أوراق الادّعاء، بينما يرفع اليمنيون راية الغدير سيفًا بوجه العدوان، وموقفًا مع فلسطين، وتجسيدًا لمعنى الولاية التي لا تنفصل عن قضايا الأمة.
غدير خم ليس ماضياً يُروى، بل ضميرٌ حي، ونداءٌ يتجدد، من يزعم محبة المصطفى محمد صلوات الله عليه وعلى آله ثم يعرض عن وصاياه، فقد خان العهد، ومن يتمسك بآل بيته، فقد تمسك بحبل الله المتين.
إنه البيان الختامي، لكنه في وجدان الأوفياء بداية لا تنتهي.
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
حزب الله يعلق على التهديد باغتيال خامنئي.. وجه رسالة للولايات المتحدة
استنكر حزب الله اللبناني بشدّة التهديدات التي أطلقها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، ورئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، والتي ألمحا فيها خلال الأيام الماضية إلى "احتمال اغتيال" المرشد الأعلى للثورة الإيرانية علي خامنئي.
واعتبر الحزب أن "التهديد بالقتل حماقة وتهوّر له عواقب وخيمة"، مؤكدًا أن هذه التصريحات تمثل إساءة مباشرة لمئات الملايين من المؤمنين والمحبين للإمام الخامنئي، ولنهج المقاومة الإسلامية في إيران والمنطقة.
وأضاف البيان: "يبدو أنّ بعض المتصدّين في بلدانهم لا يعرفون المكانة العظيمة والواسعة للمرجع الكبير والولي الإمام القائد الخامنئي (دام ظله) على مستوى إيران والأمة الإسلامية والعالم، وعلى مستوى الشعوب الإسلامية والحرّة".
وشدد حزب الله على أن هذه التهديدات "مستنكرة ومدانة بأبلغ العبارات"، معبّرًا عن تضامنه الكامل مع القيادة الإيرانية والشعب الإيراني، في وجه ما وصفه بـ"العدوان الأميركي-الإسرائيلي المتصاعد".
وفي رسالة إلى الولايات المتحدة، قال الحزب إنه "اليوم أكثر إصرارًا وتمسكًا بنهج الإمام الخامنئي، وأن أمريكا ستكتشف أنها وقعت في هاوية سحيقة بسبب دعمها الطاغوتي للعدوان الإسرائيلي الوحشي على غزة والمقاومة في المنطقة والجمهورية الإسلامية".
وختم حزب الله بيانه بالتأكيد على أن "جولة الباطل خاسرة، ومعالم الإيمان والمقاومة منتصرة"، مشددًا أن "ملايين الأحرار الملتفين حول قيادة الإمام الخامنئي لا يمكن هزيمتهم، ولو اجتمع كفرة العالم ومجرموه".
يشار إلى أن ترامب استبعد اغتيال خامنئي في الوقت الحالي، لكنه ألمح إلى أن المرشد الإيراني مرصود بشكل دقيق، وأن قتله يحتاج إلى قرار فقط.